أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت «يطلبون الموت» للقاء أحبائهم

المرفأ يعيد إعمار نفسه بنفسه!

إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
TT

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت «يطلبون الموت» للقاء أحبائهم

إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)

قبل 3 أشهر فقدت ماريا زيتون (38 عاماً)، ابنة منطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، والدها إثر أزمة قلبية. عادت من عملها لتجده ملقى على الأرض. نادته فوجدته ميتاً. ماريا كانت قد بدأت تتعايش مع فكرة الموت الذي هزها بقوة في أغسطس (آب) 2020 حين انهار منزلهم المتاخم لمؤسسة كهرباء لبنان والمواجه للمرفأ على رؤوسهم؛ ما أدى إلى وفاة والدتها التي كان تقف قربها، فوراً. هي أصيبت إصابات بالغة ووالدها فقد إحدى عينيه.

خضعت الصبية لعلاج جسدي ونفسي طويل. وهي تقرّ أنها لم تشف بعد خاصة أن جرحها الذي لم يلتئم بعد فُتح من جديد مع موت والدها وتحولها يتيمة الأم والأب ووحيدة من دون أشقاء. هي تعيش اليوم في منزل والديها الذي أعادت إحدى الجمعيات ترميم نصفه. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحتاج أصلاً إلى القسم المدمر. فالوحدة قاتلة وأنا بت أعدّ هذا المنزل بمثابة مقبرة. ففيه ماتت أمي وأبي».

ماريا كما كل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت لا تزال تعول على أن تتحقق العدالة في يوم من الأيام، قائلة: «صحيح أن تحقيق العدالة لا يعيد الميت إلى الحياة، لكنه على الأقل يعطي الميت حقه كما يعطينا نحن كضحايا أصبنا وعانينا ما عانيناه حقنا». وتضيف: «أتمنى شيئين في هذه الحياة. إما أن أذهب للقاء أمي وأبي مجدداً لأن لا شيء أعيش لأجله اليوم أو أن أتمكن من تأسيس عائلة عسى ذلك يخفف قليلاً من أوجاعي».

ميراي خوري والدة الشاب الضحية إلياس خوري في زيارة لروما (الشرق الأوسط)

أوجاع ماريا تماماً كأوجاع ميراي خوري والدة الشاب الضحية إلياس خوري والذي توفي عن عمر ناهز الـ17 عاماً نتيجة إصابات بالغة تعرّض لها جراء انفجار المرفأ أثناء تواجده في غرفته. تقول خوري لـ«الشرق الأوسط»: «الوجع لا يخف مع مرور السنوات. هو إما يبقى كما هو أو يزيد في بعض الأحيان». تخون ميراي دموعها قبل أن تضيف بغصة: «كلما فكرت أنه في مثل هذا اليوم كان ليتخرج مع أصدقائه أو أن في هذا التاريخ ذكرى مولده، وغيرها كثير من المناسبات التي كان يفترض أن تكون مناسبات سعيدة، يعود الجرح لينزف بقوة والوجع ليشتد».

وتشير خوري إلى أن «الشعور بالوجع لا يوازيه إلا الشعور بالظلم نتيجة عدم تحقيق العدالة حتى اليوم»، قائلة: «أنا أصلاً أعيش على هذا الأمل. وإذا كنت أتنفس وأقف على قدمي لضمان تحقيق العدالة لابني». وتُعدّ خوري من أبرز أهالي الضحايا الذين يتابعون من كثب الملف القضائي داخل لبنان وخارجه. وهي ترى أن أبرز ما أنجزه الأهالي هو «منع تحويل الملف إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما منع تعيين قاضٍ رديف لقاضي التحقيق العدلي (الموقوف عن عمله بسبب دعاوى رفعها سياسيون ولم يتم البت فيها بسبب تعطيل المناقلات القضائية)، لافتة إلى أن «المجتمع الدولي بات أقرب ليقتنع بأن لا أمل بالتحقيق المحلي، وأن المطلوب إطلاق تحقيق دولي بهذه الجريمة». وتضيف: «المهم أن يدرك الشعب اللبناني أن هذه القضية ليست قضية 200 عائلة فقط. نحن حياتنا انتهت. عدم تحقيق العدالة اليوم يعني أنه لن يكون هناك أي أمل ببناء بلد حقيقي. فهل هذا ما يريده اللبنانيون؟».

تماماً كجروح الأهالي التي لم تشف، لا يزال مرفأ بيروت يحمل تشوه الرابع من أغسطس. الإهراءات المشلّعة والتي انهار قسم منها عام 2022 تذكّر يومياً آلاف من يسلكون الأوتوستراد المواجه للمرفأ بحجم الكارثة التي ألمّت بالعاصمة قبل 3 سنوات. أما من يقترب أكثر من موقع المرفأ أو من تسنح له فرصة التنقل داخله فقد يصدمه بعض الدخان المتصاعد قرب مبنى الإهراءات، ليتبين أنه نتيجة تخمر القمح المتناثر بسبب درجات الحرارة المرتفعة. كذلك تستوقفه سيارة لدفن الموتى محطمة ومركونة مع مئات السيارات التي تحولت لـ«الكسر». كما أن كميات هائلة من الحطام والردميات تم تجميعها في القسم المتاخم للإهراءات.

وقد طلب وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية من إدارة المرفأ في 11 يوليو (تموز) الماضي إعداد دفاتر الشروط اللازمة لملفات التلزيم الخاصة بأعمال التأهيل والصيانة لبعض مرافق مرفأ بيروت على أساس دراسات تفصيلية وفقاً لأحكام قانون الشراء العام، وذلك ضمن خطة إعادة إعمار المرفأ. على أن تلحظ أعمال: تعزيل وصيانة الأحواض، صيانة الأرصفة، وإزالة الردميات. كما طلب إعداد دفتر شروط لزوم تلزيم مزايدة عمومية لتأهيل وتشغيل وإدارة محطة المسافرين. ويقول حمية لـ«الشرق الأوسط»: «بهذا يمكن القول إن عملية إعادة الإعمار انطلقت فعلياً وبأن مرفأ بيروت يعيد إعمار نفسه بنفسه بعدما ذهبت كل الوعود الدولية بالمساعدة بإعادة الإعمار أدراج الرياح». ويرد ما قد يعدّه البعض تأخيراً بهذه العملية للانكباب على «زيادة إيرادات المرفأ بشكل يمكّن من إعادة الإعمار وبالوقت نفسه من تأمين مداخيل لخزينة الدولة لتأمين مصاريف القطاع العام».

ووفق أحدث الأرقام، ارتفعت إيرادات مرفأ بيروت في العامين الماضيين بشكل كبير مقارنة بالأعوام التي تلت الانفجار. ففي حين كانت الإيرادات نحو 181 مليون دولار عام 2019، انخفضت بعيد الانفجار لتبلغ نحو 42 مليون دولار عام 2020 و15 مليون دولار عام 2021 قبل أن تعاود الارتفاع لتبلغ نحو 69 مليوناً عام 2022 و64 مليونا خلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023.

هذه الأرقام تعكسها الحركة الكبيرة في محطة الحاويات التي يديرها ويشغّلها القطاع الخاص لمدة محددة، كما الأشغال في قسم الـ«كارغو»، حيث يتم تحميل وتفريغ الأخشاب والحديد وكل المواد التي لا تحتاج إلى أن توضع في صناديق كبيرة. ولعل أبرز ما يتوجب التوقف عنده في مجال النهضة التي يشهدها المرفأ هي حركة المسافنة التي تعدّ بحسب حمية، «معياراً أساسياً لثقة الشركات العالمية بالمرفأ»، فبعد أن انخفضت في الأعوام الماضية عادت لترتفع بشكل كبير بالعام الحالي لتبلغ 86.12 في المائة.



ألمانيا تؤيد تخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا

خلال لقاء القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق 3 يناير 2025 (رويترز)
خلال لقاء القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق 3 يناير 2025 (رويترز)
TT

ألمانيا تؤيد تخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا

خلال لقاء القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق 3 يناير 2025 (رويترز)
خلال لقاء القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق 3 يناير 2025 (رويترز)

أفادت مصادر دبلوماسية، الثلاثاء، بأن ألمانيا تؤيد تخفيف بعض العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وبعد شهر من سقوط الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أرسلت الحكومة الألمانية طلباً بهذا المعنى إلى مكتب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس لإجراء محادثات أولية خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في 27 يناير (كانون الثاني) في بروكسل، بحسب المصادر.

وطرحت برلين في رسالتها بعض الإمكانات على الطاولة منها تسهيل المعاملات المالية مع السلطات السورية الجديدة وحتى نقل رؤوس الأموال الخاصة، لا سيما العائدة للاجئين السوريين في الخارج. والاحتمال الآخر هو رفع بعض العقوبات المتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل الجوي، وفق المصادر الدبلوماسية.

خلال لقاء القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق 3 يناير 2025 (رويترز)

وفرض الاتحاد الأوروبي سلسلة عقوبات على سوريا تستهدف «نظام الأسد ومؤيديه». وتطول هذه العقوبات أيضاً قطاعات من الاقتصاد السوري، وتحديداً القطاع المالي الذي كان النظام يستفيد منه.

بعد 13 عاماً من الحرب، سيطرت فصائل مسلحة بقيادة «هيئة تحرير الشام» على العاصمة السورية دمشق في 8 ديسمبر (كانون الأول) وفرّ بشار الأسد إلى روسيا.

وتدعو الحكومة الانتقالية في دمشق إلى رفع العقوبات الدولية عن سوريا، لكن العديد من العواصم ومنها واشنطن قالت إنها تتريث لترى نهج السلطات الجديدة في الحكم قبل رفع القيود.

وتوجه وزيرا الخارجية الفرنسي جان نويل بارو والألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق في 3 يناير والتقيا قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

ومن المقرر أن يجتمعا مع وزراء خارجية إيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، الخميس، في روما لمناقشة الوضع في سوريا.