نتيجة الثانوية العامة بمصر... «ضجة» معتادة لم تُغيرها «مشاريع التطوير»

نسبة النجاح بلغت 78.8 %

الدكتور رضا حجازي لدى تكريمه أحد الطلاب الأوائل في الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
الدكتور رضا حجازي لدى تكريمه أحد الطلاب الأوائل في الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

نتيجة الثانوية العامة بمصر... «ضجة» معتادة لم تُغيرها «مشاريع التطوير»

الدكتور رضا حجازي لدى تكريمه أحد الطلاب الأوائل في الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)
الدكتور رضا حجازي لدى تكريمه أحد الطلاب الأوائل في الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

لا صوت يعلو فوق صوت نتيجة «الثانوية العامة»، المناسبة التي تجمع قلوب المصريين كل عام، وتأخذ بمشاعرهم، في ترقب وقلق، لا تُهدهده طمأنة رسمية، ولا تبدده تجارب تعليمية متعاقبة تستهدف تغيير شكل الامتحانات، أو طرق احتساب الدرجات.

وفي وقت متأخر من مساء الأحد، اعتمد وزير التربية والتعليم المصري الدكتور رضا حجازي، نتيجة الثانوية العامة لعام 2023. ومثلما يتبادل المصريون السؤال عن المجموع عند ظهور النتيجة، كتب الوزير رسالة للطلاب، نشرها عبر حسابه على «فيسبوك»: «أود أن أذكركم بأن النجاح في الحياة العملية ليس مرتبطاً بالمجموع في الثانوية العامة، فاجتهدوا، وثابروا، واكتسبوا المهارات، والمعرفة، والقدرات، فهي سبيلكم لتحقيق آمالكم ومواكبة تطورات العصر الذي بات فيه العلم والمعرفة وتطوير المهارات من الركائز الأساسية لوظائف المستقبل».

وفي رسالة لأولياء الأمور، قال الوزير: «ثقوا في أبنائكم، وفروا لهم الحب والطمأنينة، وادعموا اختياراتهم أياً كانت، وساهموا في تطوير قدراتهم، ومهّدوا لهم السبل، فصناعة النجاح والتفوق لا تتوقف عند النتائج فقط، ولكن بامتلاك القدرات واستدامة تطويرها على أسس سليمة من التعلم والمعرفة».

وأعلن حجازي بلوغ نسبة النجاح في امتحانات هذا العام 78.81 في المائة مقارنة بـ75.04 في المائة العام الماضي، و74 في المائة في عام 2021.

وللمصريين في المدن المختلفة، طقوس متنوعة في الاحتفاء بكلمة «ناجح» في الثانوية العامة؛ منهم من يوزع الشوكولاته، أو يقيم حفلة للابن الذي تكللت حكايته مع تلك المرحلة الفارقة بالنجاح، ومنهم من يزيد، خاصة في أرياف الصعيد، فيذبح الولائم، ويُقيم الليالي بدعوة المقرئين والمداحين، في أجواء مفاخرة اجتماعية، لا تغيب عنها زخات الرصاص في السماء، على وقع الآيات القرآنية، والابتهالات التي تحتفي بالمال والبنون، وزينة الحياة الدنيا.

وفي وقت متأخر من مساء الأحد، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، عبر «فيسبوك»، و«واتساب»، نسخة مسربة من الكشف الكامل لنتيجة الثانوية العامة، في واقعة لم يتطرق إليها المؤتمر الصحافي للوزير بشأن النتيجة، الاثنين. وذكر حجازي، في مؤتمره الذي شهد تكريم أوائل الثانوية العامة، أن تصحيح الامتحانات «تم بشكل إلكتروني مع عمل مطابقة، وتصحيح بعض الأوراق يدوياً، لضمان الدقة البالغة للتصحيح هذا العام».

ولا تقتصر هذه المشاعر والأجواء على طلاب الثانوية العامة، وذويهم، وحدهم، بل تتخذ مناسبة الإعلان عن النتيجة طابعاً قومياً، يشترك فيه الجميع، يوجهون النصائح، ويتذكرون تجاربهم. كما تسارع وسائل الإعلام المحلية إلى تسجيل الأحاديث مع الأوائل وذويهم للإضاءة على الجهود التي كانت خلف تحقيقهم معدلات نجاح قياسية.

ومن بين الذين خاضوا «معركة الامتحانات»، بعددهم الذي يتجاوز ربع مليون طالب، وبما يمثلونه من تشابكات اجتماعية لملايين الأسر، هناك 118605 طلاب «باقين للدور الثاني»، و42348 راسباً للعام المقبل، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.


مقالات ذات صلة

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية بالقاهرة)

المدارس السودانية في مصر بانتظار انفراجة بعد 3 شهور من إغلاقها

تأمل الجالية السودانية في مصر انفراجة في أزمة المدارس السودانية العاملة في البلاد، والمغلقة منذ نحو 3 أشهر لحين استيفائها الشروط المطلوبة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق حظي المنتدى بجلسات علمية بين الجانبين (وزارة التعليم)

شراكة سعودية – أميركية لدعم تعليم اللغتين العربية والإنجليزية بين البلدين

السفير الأميركي مايكل راتني: المنتدى هو نتيجة عامٍ من التعاون بين سفارتنا ووزارة التّعليم السعودية.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد مسؤولو الذراع الاستثمارية لشركة «إي إف جي هيرميس» ومجموعة «جي إف إتش» المالية خلال إطلاق صندوق التعليم السعودي (إكس)

«هيرميس» تطلق صندوقاً للتعليم بـ300 مليون دولار في السعودية

أطلقت شركة «إي إف جي هيرميس» صندوقاً للتعليم السعودي (SEF) بقيمة 300 مليون دولار لبناء مشغل تعليمي عالمي المستوى في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تحت زخات من رصاص الابتهاج وأمطار الخريف اللبناني، عاد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع ساعات الصباح الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، لتعود معهم زحمة السير التي لطالما طبعت أيام الضاحية ذات الكثافة السكانية العالية.

لكن حيوية العودة لا تعكس حقيقة المشهد، فالغارات الإسرائيلية حولت المئات من المباني إلى «أشلاء» متناثرة وأكوام من الحجارة التي طحنتها الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية. نحو 450 مبنى دمرتها الغارات خلال مدة الحرب، وفق إحصاءات غير رسمية، يضاف إليها أكثر؛ من مثيلاتها من الأبنية المجاورة التي تضررت بفعل الغارات. ورغم أن عدد الأبنية المدمرة في الضاحية لم يصل إلى ما وصل إليه عام 2006 الذي بلغ حينها 720 مبنى، فإن توزع الغارات على رقعة جغرافية أوسع من ساحة الحرب السابقة، رفع عدد المباني المتضررة.

ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضاحية من آثار الدمار الكبير، حيث بدت واضحة آثار القصف في كل زوايا المنطقة التي تفوح منها روائح كريهة من آثار الحرائق، وما يقول الأهالي إنها مواد غريبة احتوتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية.

يقف عابد، وهو شاب سوري يعمل حارساً لأحد هذه المباني، يجمع ما تبقى من أثاث غرفته التي تأثرت بصاروخ أصاب 3 طبقات من مبني مرتفع تعرض لغارة لم تسقطه، لكنها هشمت الطبقات الأولى من المبنى، فعزلت الطوابق العليا ومنعت الصعود إليها بعد أن دمرت الدرج وغرف المصاعد. يقول عابد إن ثمة لجنة من المهندسين تفحصت المبنى ورجحت عدم القدرة على ترميمه بشكل آمن. ويشير إلى أن لجنة أخرى رسمية ستكشف على المبنى نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار نهائي بالترميم... أو «الموت الرحيم». حينها سيتاح لسكان الطبقات العليا سحب ما يمكن من أثاثها ومقتنياتها قبل الشروع في الهدم.

وحال هذا المبنى تشبه أحوال كثير من مباني الضاحية، فقرب كل مبنى منهار ثمة مبنى آخر تضررت أعمدته أو فُقدت أجزاء منه بفعل عصف الانفجار. وهو أمر من شأنه أن يفاقم أزمة النازحين. يقول محمد هاشم، وهو ستيني من سكان الضاحية، إن منزله تضرر شديداً بعد سقوط مبنى ملاصق لمبناه في آخر يوم من أيام القصف. يضيف: «عندما نرى مصيبة غيرنا (جيرانه) تهون علينا مصيبتنا. لكن في جميع الأحول لا نستطيع أن نسكن المنزل قريباً، فدرج المبنى متضرر، وفي داخل المنزل لا يوجد زجاج سليم ولا نوافذ صالحة لأن تقفل، والشتاء قاسٍ وبدأت تباشيره اليوم بنزول قياسي للحرارة». يقيم محمد في منزل مستأجر بـ1500 دولار شهرياً، ودفع الإيجار حتى أواخر الشهر المقبل، لكنه يتوقع أن يحتاج شهراً إضافياً قبل أن يتمكن من العودة للسكن في منزله.

وخلافاً لما حدث في عام 2006، عندما سارع «حزب الله» إلى الكشف على الأضرار ودفع تعويضات سخية لإصلاح الأضرار الخفيفة، ودُفعة بلغت 12 ألف دولار لكل من فقد منزله لشراء أثاث للمنزل، ومن ثم تكفله بالإيجارات الشهرية... لم يتصل أحد بالنازحين بعد. ومحمد كما غيره، متردد، ولا يعرف إن كان سوف يباشر الإصلاحات أم لا.

وقرب المباني المتضررة، كان ثمة إصرار على إبداء المظاهر الاحتفالية. يقول أحد المعنيين بملف الأمن إن «حزب الله» باشر قبل 3 أيام من وقف النار طباعة آلاف اللافتات والأعلام لنشرها في الضاحية، وغيرها من المناطق التي تعرضت للتدمير والقصف. وقد أثمر هذا المجهود، على ما يبدو، مشهداً «سوريالياً» لمواطنين يتجولون بالسيارات رافعين أعلام لبنان ورايات «حزب الله» محتفلين بـ«النصر» وسط ركام مدينتهم التي لن يقدر معظمهم على أن يبيتوا ليلتهم فيها بانتظار تأمين بدائل لشققهم المدمرة، أو إصلاح تلك المتضررة.

أجواء الاحتفال هذه انعكست في إطلاق رصاص غزير بمعظم أوقات النهار، مما دفع بكثيرين إلى الهرب تلافياً لسقوط الرصاص الطائش، ويقول شاب مسرع على دراجة نارية شاتماً مطلقي النار: «لقد نجونا من صواريخ إسرائيل، ويريدون أن يقتلونا برصاصهم الغبي...».