تصعيد بالطيران في منطقة التسويات بجنوب سوريا

قصف طفس بمسيّرة... ومقتل شاب وإصابة آخر بالسلاح العشوائي

مركز التسوية بقصر الحوريات في درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
مركز التسوية بقصر الحوريات في درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
TT

تصعيد بالطيران في منطقة التسويات بجنوب سوريا

مركز التسوية بقصر الحوريات في درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
مركز التسوية بقصر الحوريات في درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)

هز انفجار عنيف مدينة طفس في الريف الغربي من محافظة درعا ليلة الأحد/ الاثنين الماضية، بعد أن استهدفت طائرة مسيرة منزلاً في جنوب غربي المدينة. وعلى الفور، اندلعت حالة من التوتر وشهدت المنطقة إطلاق نار كثيف، لكن لم يتم تسجيل أي إصابات بشرية واقتصرت الأضرار على الماديات.

وذكر أحد السكان المحليين لـ«الشرق الأوسط»، أن المنزل الذي تم استهدافه في مدينة طفس يعود لأحد عناصر مجموعة المطلوبين للنظام السوري، وأن الطيران المسير نفذ الاستهداف بعد أن خرج من الثكنة العسكرية الواقعة شرق مدينة طفس باتجاه الحي الجنوبي الغربي الذي شهد في الآونة الأخيرة عمليات عسكرية انتهت بانسحاب القوات الحكومية من أطراف مدينة طفس قبل أيام.

قصف لطيران مسيّر في مدينة طفس فجر الاثنين

وكانت تلك العمليات قد تسببت في تدمير مقرات عسكرية لمجموعة محلية في المدينة، بالإضافة إلى تدمير 7 منازل تعود لأشخاص مطلوبين ومدنيين، بينهم منزل القيادي خلدون الزعبي الذي اتهمته قوات النظام بأنه كان يوفر ملاذاً لعناصر تنظيم «داعش» في تلك المقرات.

وأشار الناشط مهند العبدالله من درعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذه الحادثة هي الثانية خلال أقل من شهر لاستهداف الطيران المسير لمدينة طفس؛ إذ سبقها في 10 من الشهر الحالي استهداف منزل محمد الزعبي شقيق القيادي خلدون الزعبي.

وتكررت أخيراً عمليات الاستهداف بواسطة الطيران المسير في مناطق التسويات بريف درعا الغربي، حيث سُجلت خمس عمليات استهداف بواسطة الطيران المسير خلال الشهر الماضي حتى اليوم، اثنتان منها في مدينة طفس، وأخرى في بلدة اليادودة وخراب الشحم ومنطقة حوض اليرموك غرب درعا.

كما سُجلت في محافظة درعا غارتان جويّتان شنتهما طائرة حربية في 27 من يونيو (حزيران) الماضي، استهدفتا موقعين في ريف درعا الغربي، الأول في منطقة سهلية بين مدينة طفس ومدينة درعا، والثاني كان بين بلدات اليادودة وعتمان، في حين لم تسجل إصابات بشرية في تلك الغارات.

وعُد هذا التصعيد الأول من نوعه باستخدام الطيران المسير والحربي في منطقة التسويات جنوب سوريا منذ تطبيق اتفاق التسوية في المنطقة عام 2018.

صورة أرشيفية لقوات النظام في درعا (المرصد السوري)

رسالة للجوار

وأضاف العبدالله، أن القصف الجوي الذي تعرضت له مناطق التسويات الغربية من درعا، لم يتعرض لأهداف استراتيجية أو شخصيات بارزة، مرجحاً أن مثل هذه الهجمات يمثل رسالة إلى الدول الإقليمية في المنطقة الجنوبية، حيث يُعتقد أن النظام السوري يرغب في إظهار تدخل جديد له في المنطقة.

من جهة أخرى، قُتل الشاب عبد النور العنتبلي وأصيب آخر في بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي، متأثراً بجراحه التي أُصيب بها يوم الأحد، جراء مشاجرة بين شبان تم فيها استخدام السلاح سريعاً، في حين تشهد محافظة درعا حالات انفلات أمني أدت إلى مقتل وإصابة أشخاص نتيجة استخدام السلاح وانتشاره العشوائي وغياب الرقابة والمحاسبة وتطبيق القانون.

ويقول عبد الرحمن الحوراني، وهو ناشط من مدينة درعا لـ«الشرق الأوسط»، إن محافظة درعا من المناطق التي تعاني من انفلات أمني كبير وعدم الاستقرار، وانتشار السلاح والقتل والاستهداف العشوائي، مضيفاً أن السلاح المنتشر، بعضه اشتراه أصحابه دفاعاً عن النفس «بحسب ما يقولون»، مع غياب المحاسبة القانونية والمحلية والعشائرية، وانتشار الفوضى الأمنية، إضافة إلى السلاح الذي حصلت عليه الفصائل المعارضة حين كانت تسيطر على المنطقة.

بلدة الجيزة بدرعا شهدت مشاجرة استُخدم فيها السلاح

وسمحت اتفاقية التسوية التي رعتها روسيا مع فصائل المعارضة بالمنطقة، ببقاء السلاح الخفيف حينها مع الفصائل، إضافة إلى تسليح النظام السوري لمجموعات محلية رغبة بإشاعة الفوضى لإعادة سيطرته عليها.

ظاهرة انتشار السلاح برزت في محافظة درعا نتيجة زيادة حالات العنف والجرائم التي تشمل القتل العشوائي، والسطو المسلح، والخطف، وقطع الطرق. ويحصل الأفراد في المنطقة على السلاح من خلال تجار محليين، سواء كانوا مرتبطين بالجماعات المتعاونة مع الأجهزة الأمنية، أو مع فصائل المصالحات، أو عن طريق شراء أسلحة مسروقة ومبيعة للتجار. وتنتشر هذه الظاهرة بسبب غياب الرقابة القانونية على شراء السلاح في المنطقة، وتحكمه أعراف السوق السوداء، إضافة إلى عدم وجود جهة مركزية تضبط أمن المنطقة، مع انتشار المحسوبيات والرشى بين المجموعات الحالية المسؤولة عن أمن المنطقة.


مقالات ذات صلة

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».