لبنان يعرض الحوار مع الاتحاد الأوروبي لإعادة النازحين السوريين

«الوطني الحر» يرفع سقف المواجهة

من الوقفة الاحتجاجية لـ«الوطني الحر» أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت (الشرق الأوسط)
من الوقفة الاحتجاجية لـ«الوطني الحر» أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان يعرض الحوار مع الاتحاد الأوروبي لإعادة النازحين السوريين

من الوقفة الاحتجاجية لـ«الوطني الحر» أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت (الشرق الأوسط)
من الوقفة الاحتجاجية لـ«الوطني الحر» أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت (الشرق الأوسط)

جدد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بوحبيب، استعداد لبنان لإطلاق حوار مع الاتّحاد الأوروبي يهدف إلى وضع خريطة طريق للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم، شاجباً قرار البرلمان الأوروبي حول ملف النازحين، وذلك في أحدث موقف لبناني بعد عاصفة جدل ضد القرار الذي صدر في الأسبوع الماضي.

وكان البرلمان الأوروبي صوت في 12 يوليو (تموز) الماضي، بغالبيّة ساحقة، على قرار يدعم بقاء النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، ولفت إلى «عدم تلبية الشروط للعودة الطوعية والكريمة للاجئين في المناطق المعرضة للصراع في سوريا». وشدّد على الحاجة إلى «توفير تمويل كافٍ للوكالات التي تعمل مع اللاجئين من أجل ضمان الخدمات الأساسية كاملة لمخيمات اللاجئين في البلاد». ورأى أنّ «عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية وكريمة وآمنة، وفقاً للمعايير الدولية»، وحضّ على «استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للسكان اللبنانيين واللاجئين، مع ضوابط صارمة؛ وعلى انضمام لبنان إلى اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967».

وأثار القرار رفضاً لبنانياً واسعاً، وتصدرت الرافضين القوى المسيحية في لبنان التي رأت في القرار مساساً بالسيادة اللبنانية، وفق ما أعلن «التيار الوطني الحر».

ووجّه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الأربعاء، رسالة إلى نائب رئيس المفوّضيّة الأوروبية، مفوّض الشؤون الخارجية وسياسة الأمن، جوزيب بوريل، شجب خلالها قرار البرلمان الأوروبي. وشدد بوحبيب في رسالته على «ضرورة إطلاق حوار بنّاء وشامل بين لبنان والاتّحاد الأوروبي حول الملفّات كافة، وبالأخصّ ملف النزوح السوري، الذي بدأ يُشكّل تهديداً ليس فقط للتركيبة الاجتماعية اللبنانية والاستقرار الاقتصادي بل أيضاً لاستمرار وجود لبنان ككيان».

وعبّر الوزير بوحبيب في رسالته عن تمسّك لبنان بحقوقه ومسؤولياته في تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين إلى ديارهم، وبالأخصّ إلى المناطق الآمنة منها، وذلك بما يتماشى مع مبادئ القانون الدولي، وبما لا يتعارض مع الدستور اللبناني الذي ينصّ على أنّ لبنان ليس بلد لجوء.

وأشار بوحبيب إلى ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على معالجة أسباب النزوح السوري كما ورد في قرار البرلمان الأوروبي، وتسريع التعافي المبكر بما فيه تأمين البنى التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية في سوريا من أجل تسهيل عودة النازحين. وأعاد بوحبيب التأكيد على استعداد لبنان لإطلاق حوار مع الاتّحاد الأوروبي يهدف إلى وضع خريطة طريق للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم.

وفي ختام رسالته، شجّع الوزير بوحبيب على المضي بفكرة تشكيل بعثة استشارية إدارية شاملة تابعة للاتّحاد الأوروبي تبحث في الحاجات الطارئة للقطاع العام اللبناني، وتوفير الخدمات الأساسية، وختم الوزير بوحبيب آملاً إطلاق حوار لبناني - أوروبي شامل وبنّاء يشمل المجالات كافّة وتحديداً قضية النازحين الحسّاسة.

وكان نواب من «التيار الوطني الحر» رفعوا سقف الانتقادات لتوصية البرلمان الأوروبي، وقالوا يوم الثلاثاء: «لا لاجئ ولا نازح سيبقى في لبنان مهما كان الثمن، وهذا قرار سيادي». وأشار التيار إلى أنه «راسل سفراء أجانب والمجتمع الدولي والدول الداعمة لنا والرافضة أن يتم التعاطي بأزمة النزوح بهذا الشكل». ورأى «أن سياسة الاتحاد الأوروبي هي سياسة تآمر، وعمليا كنا لا نقبل أن يقوم الاتحاد الأوروبي بهذه الخطوة»، مشيراً إلى «أن منظمات المجتمع المدني تحركت في الفترة الأخيرة عندما تم إقرار عودة بعض النازحين السوريين إلى سوريا»، وقال: «الدول الأوروبية التي تتحدث عن الديمقراطية والإنسانية تدفع الأموال لعودة النازحين، كل الدول تدعي حقوق الإنسان وتنتهج سياسات تحافظ على وجودهم».

ويدعم حزب «القوات اللبنانية» مواقف لبنانية أخرى تنتقد توصيات البرلمان الأوروبي. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب بيار بوعاصي الأربعاء: «البرلمان البريطاني يقرّ مشروع قانون الهجرة غير النظامية المقدم من الحكومة والذي يقضي باعتقال وترحيل طالبي اللجوء ممن يصلون إلى البلاد بطرق غير قانونية». وأضاف «نضع الأمر برسم من يعطينا دروساً في القيم الإنسانية وضرورة حماية مصالح النازحين حتى تكتمل شروط العودة، أي إلى الأبد».

وكان «التيار الوطني الحرّ» نفذ الثلاثاء وقفة احتجاجية أمام مركز بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، وسط بيروت، وذلك اعتراضاً على ما اعتبره بمثابة «مساع لتوطين النازحين السوريين». ورفع المشاركون لافتات كُتب عليها: «لبنان لأولادي، مش للنازح السوري».



ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.