دون وداع أخير... الفلسطينية نورا صب لبن تفقد منزل الذكريات والأحلام في القدس وتعلنه «أسيراً»

ردة فعل نورا صب لبن وابنيها أحمد ورأفت بعد طرد الأسرة من منزلها في البلدة القديمة في القدس في 11 يوليو 2023 (رويترز)
ردة فعل نورا صب لبن وابنيها أحمد ورأفت بعد طرد الأسرة من منزلها في البلدة القديمة في القدس في 11 يوليو 2023 (رويترز)
TT

دون وداع أخير... الفلسطينية نورا صب لبن تفقد منزل الذكريات والأحلام في القدس وتعلنه «أسيراً»

ردة فعل نورا صب لبن وابنيها أحمد ورأفت بعد طرد الأسرة من منزلها في البلدة القديمة في القدس في 11 يوليو 2023 (رويترز)
ردة فعل نورا صب لبن وابنيها أحمد ورأفت بعد طرد الأسرة من منزلها في البلدة القديمة في القدس في 11 يوليو 2023 (رويترز)

هو ليس وداعاً لجدران وحجارة، إنما لتاريخ وذكريات وحق وتفاصيل تكدّست كلها على مر السنين... ينتهي الأمر في لحظة، (بقرار قضائي إسرائيلي)، خاطفاً عقوداً من الذكريات في ذلك المنزل الذي يكاد يعانق المسجد الأقصى، وفق «وكالة أنباء العالم العربي».

«هنا تراكمت الأفراح والأحزان»... كلمات قالتها نورا صب لبن التي أجبرتها الشرطة الإسرائيلية، (الثلاثاء) الماضي، على إخلاء منزلها في مدينة القدس وتسليمه للمستوطنين بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية.

وعلى الرغم من إجبارها على إخلاء المنزل، فإنها تقول: «نَفَسي سيكون أطول من نَفَسهم، 47 سنة وأنا في المحاكم ولم أنهزم، سأواصل مسيرتي لمحاولة استعادة البيت».

كانت عائلة نورا صب لبن تتلقى تباعاً قرارات بإخلاء المنزل، لكنها دوماً ترفض الانصياع وتتمسك بالبيت. وتلقت نوراً (68 عاماً) خلال العام الحالي 5 قرارات بإخلاء المنزل بموجب الحكم القضائي، وكل مرة تُظهر شكلاً جديداً من التحدي والرفض.

تقول لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «كانوا يرسلون لنا أوامر الإخلاء ونحن نرفض الاستجابة. في المرة الأخيرة أُرسل أمر إخلاء نهائي للتنفيذ بتاريخ 19 يوليو (تموز)، لكنهم باغتونا فجأة وهرعوا إلى المنزل».

لم تكن نورا في تلك الليلة بمنزلها. قالت: «داهموا بيتنا فجراً، أخرجوا زوجي المريض بالقلب وأمهلوه دقيقتين فقط للمغادرة، كما أخرجوا المتضامنين الذين كانوا في بيتنا، وأغلقوا الباب على كل المقتنيات بداخله».

البيت الأسير

تحدثت نورا صب لبن عن مساومات كثيرة تعرضت لها من أجل تسليم المنزل للمستوطنين، قائلة: «عرضوا على أخي الحصول على هوية إسرائيلية مقابل البيت وأخي رفض، فأخرجوه من القدس دون عودة، وبعد زواجي عشت في البيت للحفاظ عليه».

تقول إن البيت ليس للمستوطنين، وإنما استأجرته عائلتها من الحكومة الأردنية التي كانت تتولى رعاية الأملاك الفلسطينية في القدس. وتضيف: «إسرائيل لا توجد لها في القدس ذرة تراب، وبيتي سيظل أسيراً إلى أن يتم تحريره».

ولفتت إلى أنها تعيش في حي أغلبه مستوطنون، وقالت: «المستوطنون يراقبون البيت 24 ساعة، من خلال 7 كاميرات حوله، وأخرى عند مدخله».

وشبّهت طردها من البيت بـ«النكبة الثالثة»، إذ ترى فيه مثيلاً لأحداث نكبة 1948 ثم نكسة عام 1967، مشددة على أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تطهير عرقي لكل ما هو فلسطيني في القدس ومحيطها.

وتشير في حديثها إلى أن البيت قديم، وتسقط منه الأتربة والحجارة، وأن العائلة طلبت الإذن بإصلاحه مرات عديدة من الجهة الإسرائيلية المعنية، لكن في كل مرة كان الطلب يُقابل بالرفض كي تتركه هي وزوجها.

وتكمل قصتها مع المستوطنين: «خلال شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي، ذهبت إلى العمرة، وبعد أن انتهينا وعدنا إلى البيت، فوجئت بأن المستوطن إيلي إيتال المسؤول عن البيوت التي هي من أملاك الغائبين قد رفع ضدي قضية بأن لي بيتاً في شعفاط، وهذا ليس بيتي... هذا كله بتخطيط من الحكومة الإسرائيلية».

وأضافت: «لم ننفذ الإخلاء، والمستوطن إيلي طلب مني تسليم المفتاح بسلام دون أي مشكلات، مقابل أن تعطيني المحكمة 10 آلاف شيقل، ورفضت ذلك». ويساوي المبلغ المعروض 2764 دولاراً.

قانون الجيل الثالث

خليل التفكجي، المختص في شؤون الاستيطان، يوضح أن كثيراً من الأملاك في القدس كانت تديرها الحكومة الأردنية قبل عام 1948 تحت مُسمى «أملاك الغائبين»، مشيراً إلى أن هذه المنازل كان يتم تأجيرها للفلسطينيين.

وواصل حديثه لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، قائلاً إن هذه الأملاك مسجلة بأسماء يهود، وبالتالي استغل المستوطنون ما يُسمى «قانون الجيل الثالث» الذي يحق بموجبه إخلاء المنزل من المستأجر، إذا تعاقبت 3 أجيال عليه.

وقال: «عام 1968 تم رفع الحماية عن كل المستأجرين، وهو قرار يهدف لتهجير الفلسطينيين وإحلال إسرائيليين، باستخدام مجموعة من القوانين الإسرائيلية، من بينها قانون يعدّها أملاكاً يهودية قبل 1948».

ونوّه إلى أن قضية عائلة صب لبن مثال لما يتعرض له الفلسطينيون في القدس، مضيفاً: «هناك عملية إحلال وطرد، يتم إحلال إسرائيليين وطرد الفلسطينيين، وهناك عملية أسرلة التعليم، وهناك أزمة إسكان بالنسبة للفلسطينيين، وأهل القدس يدفعون ثمناً غالياً لوجودهم في القدس».

وقال محافظ القدس، عدنان غيث، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «المؤسسات الحكومية الإسرائيلية كلها مسخّرة لخدمة المشروع الصهيوني وخدمة المستوطنين. هذا الاحتلال يجيز ويسنّ التشريعات والقوانين التي تسهّل عملية سرقة أملاك المواطنين والاستيلاء على عقاراتهم».

وأشار إلى أن عائلة صب لبن «تقطن هذا المنزل قبل احتلال القدس، وقبل نكبة 1948».

وأردف قائلاً إن القدس تشهد «تطهيراً عرقياً» من خلال إجلاء الناس عن منازلهم بحجة أنها أملاك يهودية، وهدم منازل أخرى بحجة عدم الترخيص. وأضاف أن هناك أحياء بأكملها في المدينة أصحابها مهددون بالتهجير القسري كما جرى مع عائلة صب لبن، واختص بالذكر حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى والبستان.

ومضى قائلاً: «في سلوان وحدها، الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى، هناك أكثر من 6 أحياء أصحابها مهددون بالتهجير القسري تحت ذرائع واهية».


مقالات ذات صلة

نقابات فلسطينية سترفع دعوى لتعويض العمال الممنوعين من العمل في إسرائيل

المشرق العربي بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش خلال اجتماع حكومي في تل أبيب 7 يناير الماضي (رويترز)

نقابات فلسطينية سترفع دعوى لتعويض العمال الممنوعين من العمل في إسرائيل

أعلنت نقابات عمّال فلسطين أنها سترفع دعوى ضد إسرائيل للمطالبة بتعويض العمال الفلسطينيين عن إلقائهم في سوق البطالة بسبب منعهم من العمل في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد أعضاء مجموعة المتطوعين الأجانب يتلقى العلاج بمستشفى رفيديا بنابلس بعد أن تعرضوا لهجوم مع الفلسطينيين الذين كانوا يساعدونهم في زراعة أراضيهم من قِبل المستوطنين الإسرائيليين بقرية قصرة بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

بقضبان حديدية وحجارة... مستوطنون يعتدون على متطوعين أجانب في الضفة الغربية (صور)

لم يكن المتطوع ديفيد همل، وهو ألماني يعيش في الولايات المتحدة، يتوقع أن يتعرض للضرب بقضبان حديدية وحجارة بسبب موقفه من القضية الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (نابلس)
المشرق العربي فلسطيني ينظر إلى وادٍ يتم فيه بناء بؤرة استيطانية جنوب القدس يوم 8 يوليو الحالي (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: الاستيطان يواجه تحديات... ويفشل في مواجهتها

كشفت دراسة لمجموعة الأبحاث الإسرائيلية «تمرور» أن مشروع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية يواجه تحديات كبيرة ويفشل في مواجهة كثير منها.

شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (إكس)

أميركا تدعو إسرائيل إلى محاسبة المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية

أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، فرض قيود جديدة على تأشيرات الدخول للإسرائيليين الذين ارتكبوا انتهاكات في الضفة الغربية المحتلة، داعية إسرائيل إلى محاسبتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وسموتريتش (رويترز)

أصدقاء إسرائيل في الغرب ينصحونها بكبح سموتريتش

تلقّت الحكومة الإسرائيلية رسائل تحذير من «حكومات صديقة» لها في الغرب، بشأن الخطوات الاستيطانية التي يقودها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو: «حزب الله» سيدفع ثمناً غالياً جراء الهجوم الصاروخي على الجولان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
TT

نتنياهو: «حزب الله» سيدفع ثمناً غالياً جراء الهجوم الصاروخي على الجولان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، إن «حزب الله سيدفع ثمناً غالياً مقابل الهجوم الصاروخي الذي قتل أطفالاً».

وسقط صاروخ على ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل؛ ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً، السبت، واتهمت إسرائيل «حزب الله» اللبناني بتنفيذ الهجوم، بينما نفى الأخير مسؤوليته عنه.

واتهم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، السبت، تنظيم «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران بأنه «هاجم وقتل بوحشية» أطفالاً في هجوم صاروخي على مرتفعات الجولان المحتلة.

وقال هرتسوغ، في بيان، إن «إرهابيي (حزب الله) هاجموا وقتلوا بوحشية أطفالاً اليوم، جريمتهم الوحيدة أنهم خرجوا لممارسة لعبة كرة القدم. لم يعودوا».