رفع مكانة بطريرك القدس لكردينال رسالة من البابا لوقف مضايقة المسيحيين

أول زيارة قام به بعد تعيينه زيارة مخيم جنين

الكاردينال بيتسبالا بطريرك القدس للاتين والوفد المرافق له يصلون إلى مخيم جنين (وفا)
الكاردينال بيتسبالا بطريرك القدس للاتين والوفد المرافق له يصلون إلى مخيم جنين (وفا)
TT

رفع مكانة بطريرك القدس لكردينال رسالة من البابا لوقف مضايقة المسيحيين

الكاردينال بيتسبالا بطريرك القدس للاتين والوفد المرافق له يصلون إلى مخيم جنين (وفا)
الكاردينال بيتسبالا بطريرك القدس للاتين والوفد المرافق له يصلون إلى مخيم جنين (وفا)

أثار قرار بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، اختيار بطريرك القدس بالذات، بيير باتيستا باتسبالا، لتعيينه في مجلس الكرادلة، أعلى مؤسسة دينية في الفاتيكان، لأول مرة في تاريخ الكنيسة اللاتينية، اهتماماً بالغاً في الساحة الدينية والمجتمعية وحتى السياسية في إسرائيل والمناطق الفلسطينية، وعُدَّ رسالة من رئيس الكنيسة إلى كل المعنيين، بأنه ينوي العمل ضد ظاهرة هجرة المسيحيين من فلسطين ومكافحة الاعتداءات والمضايقات التي يتعرضون لها.

الكاردينال بيتسبالا يتحدث إلى سكان مخيم جنين (وفا)

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن «الأوساط المعنية في الحكومة الإسرائيلية تدرس هذا القرار لمعرفة مغازيه السياسية، خصوصاً وأن البطريرك اختار أن يكون أول نشاط له بعد هذا التعيين هو زيارة جنين ومخيم اللاجئين فيها وما تعرضت له البيوت وكنيسة دير اللاتين من دمار»، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي عليها، في الأسبوع الماضي.

وكان البابا فرنسيس قد عين البطريرك بيير باتيستا باتسبالا، بطريرك اللاتين في الأراضي المقدسة، كاردينالاً للكنيسة الكاثوليكية. وأفاد الناطق باسم البطريركية اللاتينية في القدس، بأن الكنيسة الكاثوليكية وأبناءها الفلسطينيين «يشكرون قداسة البابا على هذا التعيين»، مؤكداً أنه أدخل الفرحة والسرور في جموع أبناء الكنيسة. وأكد أن هذه أول مرة في تاريخ الكنيسة يعين بطريرك القدس والأراضي المقدسة بهذا المنصب الكنسي الرفيع.

وربطت مصادر سياسية في تل أبيب ورام الله والقدس، هذا التعيين، بوضع المسيحيين في الأراضي المقدسة. ففي حين يشكل المسيحيون نسبة 20 في المائة من أبناء الشعب الفلسطيني، انخفضت نسبتهم داخل فلسطين إلى 1 في المائة فقط (غالبيتهم يعيشون في المناطق التي تقوم عليها إسرائيل).

وفي الآونة الأخيرة، تعرض المسيحيون الفلسطينيون لمضايقات شديدة بلغت حد منع الكثير منهم من المشاركة في احتفالات عيد الفصح في كنيسة القيامة، في القدس الشرقية، والاعتداء الجسدي للشرطة الإسرائيلية على مسيرتهم التقليدية على درب الآلام في المدينة، بدعوى زيادة العدد عن المسموح. ويتعرض رجال الدين من الرهبان والراهبات لاعتداءات وإهانات من مستوطنين يهود متطرفين، وتتعرض الكنائس والأديرة والمقابر لاعتداءات تخريب ودمار.

بطريرك القدس للاتين يتفقد الأضرار التي لحقت بالكنيسة في جنين (وفا)

وقد لفت النظر اختيار البطريرك بيتسابالا، زيارة جنين أول نشاط له بعد تعيينه كردينالاً. وقد حضر على رأس وفد كبير وتفقد الأضرار التي لحقت بكنيسة دير اللاتين في جنين، خلال الهجوم الإسرائيلي، واطّلع على أوضاع مخيم جنين للاجئين، وتجول في شوارعه ودخل عدداً من بيوته، واطلع على الدمار الذي تسبب به الهجوم في مستشفى جنين.

مواجهات الجيش الإسرائيلي مع شباب مخيم جنين في اليوم الثاني لعملية عسكرية بالضفة (إ.ب.أ)

وكانت القوات الإسرائيلية قد اقتحمت الكنيسة في السادس من الشهر الحالي، وتركت وراءها أضراراً مادية جسيمة، من بينها اشتعال النيران في الكنيسة، وتضرر غرفة الصلاة. وروى رعاة الكنيسة أنها «تعرضت لاستهداف قوات الاحتلال لها بشكل مباشر».

وقال البطريرك للصحافيين: «زيارتي للمخيم ليس فقط لتفقد الأضرار التي لحقت بالكنيسة، بل لنعبر عن تضامننا مع المواطنين في جنين ومخيمها، اللذين يشكلان رمزاً ونموذجاً للتآخي الإسلامي المسيحي». وأكد التزامه العمل سوياً لتحقيق الأهداف المشتركة، وأن يعم الأمن والسلام والمحبة الأراضي الفلسطينية.

واستقبل البطريك بحفاوة بالغة من السكان ومن محافظ جنين اللواء أكرم الرجوب، ومن رئيس البلدية نضال عبيد وأعضائها، وأمين سر إقليم حركة «فتح»، عطا أبو أرميلة، والقيادي في الحركة جمال حويل، والعديد من فعاليات المخيم.

وأوضح بيتسابالا، أن هذا العنف قد أصاب الجميع بدون استثناء، وأعرب عن تخوفه من تكرار ذلك، في ضوء ما تتعرض له الكنائس في الأراضي المقدسة من اعتداءات إسرائيلية متكررة. وأكد على مواصلة العمل من أجل السلام، مشدداً على ضرورة عدم المساس بالأماكن المقدسة، التي ستظل مكاناً لنشر روح التسامح.

واختتم قائلاً: «رسالتي إلى جنين ومخيمها بأنهم أصبحوا عنواناً ورمزاً للمقاومة، ولهذا نقول لهم لا تفقدوا الأمل، لأننا نريد أن نبني الحياة، ونحن شعب واحد موحدون حول أهدافنا، ونعيش التحديات ذاتها».

يذكر أن البابا فرنسيس سيترأس قداساً خاصاً في 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، لترسيم الكرادلة الجدد الذين عينهم الأحد، وبينهم بطريرك القدس.


مقالات ذات صلة

عمليات هدم إسرائيلية لأبنية في القدس الشرقية تثير قلق فلسطينيين وناشطين وحكومات

المشرق العربي عمليات هدم إسرائيلية لمبانٍ في القدس (أرشيفية)

عمليات هدم إسرائيلية لأبنية في القدس الشرقية تثير قلق فلسطينيين وناشطين وحكومات

نفّذت إسرائيل عمليات هدم لمبان في حي بالقدس الشرقية يقع بالقرب من بعض أهم الأماكن المقدسة في المدينة، ما أثار قلق السكان الفلسطينيين إضافة إلى ناشطين وحكومات.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية رجال شرطة إسرائيليون يعتدون الخميس على عنصر أمني فرنسي عند مدخل مجمع «إليونا» الديني في القدس (أ.ف.ب)

تحذير فرنسي شديد اللهجة لإسرائيل بشأن القدس

حذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إسرائيل من تكرار واقعة دخول قوات أمن إسرائيلية إلى المواقع التي تديرها في القدس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن ممتلكات فرنسا في القدس الشرقية وإسرائيل؟

خيّم إشكال دبلوماسي جديد بين إسرائيل وفرنسا على زيارة وزير الخارجية الفرنسي، بعد دخول عناصر من الشرطة الإسرائيلية «دون إذن» لموقع ديني في القدس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«حادث دبلوماسي» يفاقم توتر العلاقات بين تل أبيب وباريس

تسببت الشرطة الإسرائيلية بـ«حادث دبلوماسي» جديد مع فرنسا التي أدانت محاولة الدخول بالسلاح ومن غير إذن إلى موقع ديني في القدس تمتلكه فرنسا ومولجة بحمايته.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية «نطاق الإيليونة» بالقنصلية الفرنسية العامة في القدس 20 مارس 2018 (أ.ف.ب)

فرنسا ستستدعي سفير إسرائيل بعد المشكلة الدبلوماسية في القدس

تخلَّل خلاف دبلوماسي بين فرنسا وإسرائيل، زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى القدس، الخميس، بعد دخول أفراد «مسلحين» من الشرطة الإسرائيلية كنيسة تديرها باريس.

«الشرق الأوسط» (القدس)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».