مصر لإلغاء الإعفاء الضريبي على القطاع العام بهدف «المنافسة العادلة»

مجلس النواب يناقش مشروع القانون الحكومي

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس النواب)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس النواب)
TT

مصر لإلغاء الإعفاء الضريبي على القطاع العام بهدف «المنافسة العادلة»

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس النواب)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس النواب)

يناقش مجلس النواب المصري (البرلمان)، الاثنين، مشروع قانون حكومي لإلغاء «الإعفاء الضريبي» على القطاع العام، في خطوة يراهن عليها المشرعون لـ«تحسين مناخ الاستثمار»، وخلق «منافسة عادلة» مع القطاع الخاص، عبر إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة. ويقول برلمانيون إن هذه الخطوة «تتسق مع مطالب دولية ومحلية لتعزيز قدرة القطاع الخاص على المساهمة في الاقتصاد».

تقضي المادة الأولى من المشروع، بإلغاء «الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقررة بموجب نصوص القوانين واللوائح والقرارات الصادرة لجهات الدولة، من وحدات الجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والكيانات والشركات المملوكة للدولة، أو التي تساهم في ملكيتها، وذلك فيما يتعلق بالأنشطة الاقتصادية، أو الاستثمارية التي تباشرها، وتخضع للقوانين المنظمة لهذه الأنشطة».

ووفق المادة نفسها، فإن هذا الإلغاء يسري «مع عدم الإخلال بالاتفاقات الدولية المعمول بها في مصر، والإعفاءات المقررة للأعمال والمهام العسكرية، ومقتضيات الدفاع عن الدولة، وحماية الأمن القومي، وكذلك الإعفاءات المقررة عن أنشطة تقديم الخدمات المرفقية الأساسية».

ووفق تقرير برلماني، بشأن المشروع، فإن التشريع الجديد «يأتي في إطار حرص الدولة على تحسين مناخ الاستثمار، والعمل على تشجيعه، عن طريق كفالة فرص عادلة لجميع الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لتلك الأنشطة، ودعم التنافس في إطار من الحيدة والشفافية، واقتصادات السوق الحرة، لما في ذلك من أثر في خلق بيئة استثمارية تنافسية صحية تشجع المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات ينهض بها الاقتصاد القومي، وتتحسن مؤشراته».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال وكيل لجنة الخطة والموازنة، النائب ياسر عمر، إن هذا التشريع يأتي استجابة لمطالب تحسين مناخ الاستثمار، مشيراً إلى أن إلغاء الإعفاءات المنصوص عليها في القانون «كان محل نقاش دائم مع المستثمرين». ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الخطوة تتسق مع المطالب الدولية في هذا الصدد، أجاب بالإيجاب، قائلاً: «تتسق مع مطالب الجهات الدولية والداخلية».

وشرح البرلماني المصري جوهر القانون بالقول إن كل الجهات التابعة للدولة «ستدفع ضرائب ورسوماً أسوة بالقطاع الخاص تماماً، فيما عدا ما يختص بالتسليح أو الأمن القومي». ورداً على سؤال حول توقيت دخول القانون حيز التنفيذ، توقع عمر أن يكون ذلك قريباً «بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، بعد إقراره، وإصداره من رئيس الجمهورية، ثم إعداد لائحته التنفيذية التي لن تستغرق وقتاً طويلاً».

وبالمثل، قال وكيل لجنة الخطة والموازنة، النائب مصطفى سالم، إن الدولة بكل مؤسساتها، التشريعية والتنفيذية «مهتمة بزيادة حجم الاستثمار، وتمكين الصناعة المحلية، وحل مشكلات المستثمرين». وأضاف، في لقاء تلفزيوني مساء السبت، أن المشروع الجديد «سيدخل حيز التنفيذ بمجرد إقراره وصدوره ونشره في الجريدة الرسمية»، متوقعاً أن يستغرق سريانه «بضعة أسابيع».

ووفق تقرير سابق من صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج مصر الإصلاحي، فإن سياسات الإصلاح الهيكلي تتطلب «تكافؤ الفرص أمام جميع الوكلاء الاقتصاديين (وذلك على سبيل المثال من خلال إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة) (...) بما يعزز قدرة القطاع الخاص على المساهمة بشكل أفضل في النمو الاقتصادي في مصر». ويشمل البرنامج، وفق الصندوق، عدداً من التدابير الرامية إلى التشجيع على زيادة شفافية المالية العامة، ومنها «الإفصاح عن الدعم المقدم إلى الشركات المملوكة للدولة»، عبر إجراءات محددة، ومن هذه الإجراءات «نشر تقرير سنوي شامل عن التخفيف الضريبي، والإعفاءات، والحوافز الضريبية».



التمديد لقائد الجيش اللبناني... «حزب الله» يدرس تعديل موقفه بتأييده

العماد جوزف عون (رويترز)
العماد جوزف عون (رويترز)
TT

التمديد لقائد الجيش اللبناني... «حزب الله» يدرس تعديل موقفه بتأييده

العماد جوزف عون (رويترز)
العماد جوزف عون (رويترز)

يطوي لبنان صفحة الحرب ويستعد للدخول في مرحلة سياسية جديدة مع بدء سريان مفعول وقف النار في الجنوب برعاية دولية تتيح للجيش اللبناني، بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)، الانتشار في عمقه وصولاً إلى الحدود الدولية للبنان مع إسرائيل لتطبيق القرار 1701 للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 من دون شريك محلي أو إقليمي؛ وهذا ما يعبّد الطريق لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية يأخذ على عاتقه، بالتعاون مع حكومة فاعلة، مواكبة تنفيذه بكل مندرجاته.

تطبيق الـ«1701»

فانتشار الجيش يشكّل خطوة لتطبيق الـ«1701»، ويمهد لإعادة إنقاذ مشروع الدولة وتفعيله بوصفه ممراً إلزامياً للعبور بلبنان إلى مرحلة التعافي وإخراجه من أزماته المتراكمة التي تسببت بانهياره على المستويات كافة، شرط أن تبادر القوى السياسية إلى التلاقي في منتصف الطريق ومراجعة حساباتها والتدقيق فيها، وهذا يتطلب من «حزب الله» عدم استقوائه بفائض القوة على شركائه في الوطن، في مقابل عدم استضعافه؛ لأنه من غير الجائز لبعض خصومه بأن يوظف لمصلحته ما آلت إليه الحرب في الجنوب بدلاً من إعادة تركيب البلد تحت سقف الالتزام باتفاق الطائف واستكمال تطبيقه بعد تنقيته من الشوائب التي أصابته في تنفيذ بعض بنوده.

ومع بدء انتشار الجيش، فإن المرجعية الأمنية في الجنوب محصورة بقيادته لتطبيق الإجراءات التنفيذية التي نص عليها الـ«1701» بغطاء سياسي من السلطة التنفيذية؛ لأنه لم يعد ممكناً، كما يقول مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط»، الحفاظ على الأمن وحماية السلم الأهلي بالتراضي، على غرار ما كان يحصل طوال المرحلة السابقة التي حالت دون تطبيقه.

ورأى المصدر أن هناك ضرورة إلى الالتزام بخريطة الطريق التي كانت ثمرة تفاهم بين الوسيط الأميركي آموس هوكستين وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتفويضٍ من قيادة «حزب الله» للتوصل لوقف النار في الجنوب، وبالتالي لا يمكن الالتفاف عليها؛ كونها تحظى بدعم دولي غير مسبوق قادته الولايات المتحدة الأميركية بالتنسيق مع فرنسا، ولا يمكن للبنان الرسمي التفلُّت من الالتزامات التي قطعها على نفسه بعدم عودة الوضع في الجنوب إلى المربع الأول.

مرحلة سياسية جديدة

لذلك؛ يقف لبنان، مع استعداده للدخول في مرحلة سياسية جديدة، أمام جدول أعمال يجب التقيد به ويتصدّره التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية بناءً لاقتراح قانون تقدم به عدد من النواب لإقراره في الجلسة التشريعية المقررة، الخميس، على أن يتفرغ النواب لاحقاً للانخراط في مشاورات تؤدي إلى التوافق على رئيس للجمهورية لا يشكّل تحدياً لأي فريق ويقف على مسافة واحدة من الجميع، على حد قول بري الذي أخذ على عاتقه تحريك الملف الرئاسي فور التوصل إلى وقف النار.

ويؤكد المصدر النيابي بأن لا مشكلة في التمديد للعماد عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري. ويقول بأن الطريق سالكة نيابياً للتصويت على اقتراح القانون بغياب نيابي يقتصر، بشكل أساسي، على النواب المنتمين إلى «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، مع فارق يعود إلى أن النواب الذين خرجوا أو أخرجوا من التيار سيحضرون الجلسة، ويميلون بأكثريتهم الساحقة مع حلفائهم في «اللقاء التشاوري» لتأييد التمديد.

ويلفت إلى أن غياب نواب «التيار الوطني» ليس بجديد، ويأتي تكراراً لموقفهم السابق بمقاطعتهم الجلسة التشريعية التي أقرَّت التمديد الأول للعماد عون وقادة الأجهزة الأمنية، ويقول بأنهم يقودون المعركة ضد التمديد لقائد الجيش، الذي من شأنه أن يرفع من حظوظه في السباق إلى رئاسة الجمهورية، بخلاف إحالته إلى التقاعد الذي يبعده عن المنافسة.

تبدل بموقف «حزب الله»

ويرى بأن الجديد في الجلسة التشريعية يكمن في موقف «حزب الله» الذي نأى نوابه في جلسة التمديد الأولى عن التصويت على اقتراح القانون الرامي للتمديد لقادة الأجهزة الأمنية، مع أنهم لم يقاطعوا الجلسة وأمنوا النصاب لانعقادها؛ ما تسبب بتعميق الخلاف بين الحزب وحليفه اللدود باسيل. في حين يكشف المصدر عن أن النواب المنتمين لكتلة «الوفاء للمقاومة» يدرسون حالياً إعادة النظر في موقفهم بتأييد التمديد.

ويضيف بأن الظروف السياسية التي أملت على الحزب في جلسة التمديد الأولى تأمين النصاب لانعقادها، من دون تصويت نوابه على التمديد، بدأت تتغير مع استعداد لبنان للدخول في مرحلة سياسية جديدة تتطلب تحصين المؤسسة العسكرية وتوفير كل الدعم لها لتسهيل الدور الذي أنيط بها بإجماع دولي لنشر الجيش في الجنوب بمؤازرة «يونيفيل» لإنهاء الحرب» إفساحاً في المجال أمام تطبيق الـ«1701» الذي بقي عالقاً منذ صدوره في أغسطس (آب) 2006، تحت ضغط تبادل الخروق بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويؤكد بأن لا مصلحة لـ«حزب الله» بامتناعه عن التمديد للعماد عون؛ لتفادي تمرير رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي الذي يولي أهمية لدور الجيش في تثبيت وقف النار بالانتشار في جنوب الليطاني مع انكفاء الحزب بترسانته العسكرية إلى شماله. ويقول بأن الحزب مضطر إلى مراعاة المزاج الشعبي للجنوبيين المؤيد حضور الجيش الفاعل في بلداتهم لإعادة الاستقرار إليها، خصوصاً وأن الحزب لن يكون محرجاً لأن التمديد لن يدخل في الحسابات الرئاسية على حد مطالبة حليفه الرئيس بري بالفصل بينه وبين انتخاب رئيس للجمهورية، وبذلك يكون الحزب قد قطع الطريق على ما يتردد بأن علاقته به تمرّ في حالة من الفتور على خلفية مساءلة أمينه العام الشيخ نعيم قاسم قيادة الجيش، مستوضحاً إياها الظروف التي أدت إلى خطف إسرائيل القبطان البحري عماد أمهز في البترون.

ويبقى السؤال: هل يترك «حزب الله» حليفه السابق جبران باسيل وحيداً في معارضته التمديد، خصوصاً وأنه ليس مضطراً إلى مراعاته بعد أن افترق عنه باعتراضه ونوابه على إسناده غزة واتهامه إيران بأنها تقاتل باللبنانيين وبالحزب، وأن دوره يجب أن يقتصر على الدفاع عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية، ولا يرى من مبرر لوحدة الساحات بالربط بين جبهتي الجنوب وغزة؟