عمّق الخلاف على الحوار بين الأفرقاء اللبنانيين، الأزمة الرئاسية، حيث يضغط «حزب الله» وحلفاؤه باتجاه حوار «لا يستثني أحداً» من المرشحين للرئاسة، في مقابل رفض معارضي ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، إدراجه ضمن المرشحين المحتملين على جدول الحوار، وهو ما يبعد فرص تحقيق أي اختراق في الأزمة الرئاسية القائمة.
ويدعم «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفاء آخرون لهما، ترشيح فرنجية للرئاسة، بينما يعارض حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الكتائب اللبنانية» وآخرون من المستقلين، وصول فرنجية، ويدعم هؤلاء الوزير الأسبق جهاد أزعور، ويبدي «الوطني الحر» انفتاحاً على أي مرشح آخر يستطيع أن يؤمّن ثلثي أصوات أعضاء البرلمان في الدورة الانتخابية الأولى (86 نائباً)، أو حضور ثلثي أعضاء البرلمان في الدورة الثانية وانتخاب الرئيس بأكثرية «النصف زائد واحد» (65 نائباً)، وهو أمر لا يزال متعذراً.
وبينما ترفض القوى المسيحية «فرض رئيس علينا»، كما يقول ممثلوها في البرلمان، ينفي «حزب الله» فرض رئيس على أحد، ويدعو لحوار «غير مشروط». وقال رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد في تصريح: «نحن لا نريد أن نفرض رئيساً على أحد الآن. من لا يعجبه المرشح الذي تدعمه المقاومة والثنائي الوطني (حزب الله وحركة أمل) يقولون إننا لا نريد رئيساً يفرضه الثنائي». وأضاف: «نقول لهم ناقشونا، لكنهم يقولون لا نناقشكم إلا إذا سحبتم تأييدكم لهذا المرشح». وسأل رعد: «وعليه، مَن يمارس الإرهاب والفرض؟ أنتم من تمارسونه».
وإذ أكد رعد «أننا لن نقبل شروطاً مسبقة للنقاش معكم»، قال: «نحن منفتحون على النقاش، تعالوا وقولوا لنا لماذا لم يعجبكم مرشحنا، ونحن نقول لكم لماذا لا يعجبنا مرشحكم، وتعالوا لنتناقش حول حاجات المرحلة الراهنة ومتطلباتها، لنقنعكم بأن خيارنا هو أفضل من خياركم»، معتبراً أن «من لا يريد أن يتفاهم فإنما يريد أن يلعب بأخلاق الناس ومصالحهم».
وتابع رعد: «إننا صابرون ونَفَسنا طويل، ونصبر حرصاً منا على الاستقرار والعيش الواحد مع شركائنا الذين نختلف معهم في الرؤية في هذا الوطن»، مضيفاً: «أما الرهان على تدخل قوى دولية ضاغطة من أجل أن تضغط علينا للتخلي عن مرشح لمصلحة مرشح لسنا مقتنعين به، فهذا الأمر لن يجدي نفعاً ولن يوصل إلى أي نتيجة».
وتقول القوى المسيحية إن «حزب الله» يفرض شرطاً مسبقاً للحوار، حين يضع اسم فرنجية ضمن قائمة الأسماء المزمع التحاور حولها، وتعتبر أن الحزب يريد الحوار على اسم فرنجية، ويرفض المرشحين الآخرين، وهو ما كرره «حزب الله» خلال الأسابيع الماضية بالقول إنه لا وجود لخطة بديلة عن ترشيح فرنجية. وفشلت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت في الأسبوع الماضي بتحقيق أي خرق في المشهد المعقد، لجهة إصرار كل فريق على مقاربته للملف الرئاسي.
وقال النائب غسان سكاف، الذي قاد مبادرة في الأسابيع الماضية لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية، ودعم ترشيح أزعور: «إننا لا نريد حواراً بشعارات ولا بشروط مسبقة». وقال في تصريح إذاعي السبت: «مستعدون للحوار ونحاول التحرّك لكسر الحواجز بين مكونات الوطن، وكنا قد كسرناه في جلسة 14 يونيو (حزيران) للانتخابات الرئاسية، حيث استطعنا استقطاب العديد من النواب حول اسم المرشح جهاد أزعور، ولكن المطلوب مبادرة حوارية وليس مناورة حوارية بشروط مسبقة ليكون أساس الحوار طمأنة اللبنانيين ولتكون فرنسا راعية لهذا الحوار».
وبينما يتمسك ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» بدعم فرنجية، يتمسك معارضوه في المقابل بترشيح أزعور. وقال عضو كتلة «الكتائب» النائب سليم الصايغ، إن «ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور جدّي جداً ولو ذهبنا إلى دورة ثانية في 14 يونيو لكان جهاد أزعور رئيساً اليوم». وقال: «هناك منع لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان من قبل السلطة». ولفت الصايغ، في حديث تلفزيوني، إلى «أننا نصحنا الموفد الفرنسي جان إيف لودريان كما سننصح الرئيس القادم، بعدم تضييع الوقت والتحدث مع الفرقاء. هناك فريق واحد يجب التحدث معه وهو (حزب الله)، فمعروف ما يريده كل الفرقاء في لبنان». ورأى أن «من واجبات رئيس مجلس النواب نبيه بري ترك جلسات انتخاب الرئيس مفتوحة، ولكن بري دعا ولم يدعُ حقيقة إلى جلسة لأن المحور الذي يتبع له عطّل النصاب في الجلسة الأخيرة»، معتبراً أن جلسة الانتخاب لتكون مكتملة يجب أن تستمر إلى حين انتخاب رئيس.