لحوم الأضاحي هذا العام حلم عند الفقراء والنازحين شمال غربي سوريا

صورة لإحدى المنظمات الإنسانية التي تذبح الأضاحي لتوزيعها على النازحين في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة لإحدى المنظمات الإنسانية التي تذبح الأضاحي لتوزيعها على النازحين في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

لحوم الأضاحي هذا العام حلم عند الفقراء والنازحين شمال غربي سوريا

صورة لإحدى المنظمات الإنسانية التي تذبح الأضاحي لتوزيعها على النازحين في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة لإحدى المنظمات الإنسانية التي تذبح الأضاحي لتوزيعها على النازحين في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

خلافاً للأعوام السابقة وأعياد الأضحى المباركة، تراجعت حصة النازحين في هذا العيد من لحوم الأضاحي بسبب موجة الغلاء الشديدة التي طرأت على أسعار المواشي، وتوقف بعض الجمعيات والمنظمات الإنسانية عن ذبح أعداد كبيرة منها، وكذلك عدم قدرة الكثيرين من المواطنين على شرائها وتوزيعها. الحاجة مريم (58 عاماً)، وهي نازحة من ريف حلب، ومعيلة لخمسة أطفال من أحفادها (قُتل والدهم بقصف سابق في سوريا)، اتخذت من حجر كبير إلى جانب باب خيمتها، مقعداً لها في أحد مخيمات النازحين المحيطة بمدينة الدانا شمال إدلب، وهي تراقب أو تتلقف أي خبر عن تقديم لحوم الأضاحي لها وللنازحين، كما اعتادت في السنوات الماضية، ولكن هذه المرة من دون جدوى.

من توزيع الأضاحي في «مخيم كللي» (الشرق الأوسط)

وتقول: «هذا اليوم الثاني للعيد، ولم نحصل على أي حصة من اللحوم حتى الآن... ننتظر من العيد إلى العيد لنتذوقها ونأكلها أنا وأطفالي، وأخشى هذا العام من أن ينتهي عيد الأضحى ولا نحصل على أي كمية من اللحوم، خلافاً للأعوام والأعياد السابقة التي كنا نحصل خلالها على ما يقارب 5 كيلوغرامات من أهل الخير والجمعيات، وأعمل على طبخها لمدة 4 أيام مع الباذنجان والكوسا وورق العنب تباعاً، ونتناولها ونحن بحالة من الفرح والسعادة، ولكن يبدو هذا العيد غير مبشر، ولن نحصل على أي حصة».

في مخيم كللي بريف إدلب، تعيش عائلة أبو يحيى (44 عاماً)، وهو مقعد جراء إصابة سابقة بعموده الفقري وساقيه... عندها حالة من الفرح والسرور مع انبعاث راحة شواء اللحمة من الخيمة، بعد أن حالفها الحظ وحصلت على حصة من لحوم الأضاحي تقدر بحوالي 2.5 كيلوغرام من أحد فاعلي الخير.

تسليم عائلة مستورة حصتها من الأضحية (الشرق الأوسط)

وتقول زوجته: «نشكر الله أنه سخر لنا أحد أبناء الحلال وفاعلي الخير، ليقدم لنا حصة لا بأس بها من لحوم الأضاحي في اليوم الثاني من عيد الأضحى، وذلك بعد أن فقدنا الأمل بتذوقها هذا العام، بعد مرور اليوم الأول على العيد»... وأشارت: «عيد الأضحى هذا العام يختلف تماماً عن الأعياد السابقة خلال السنوات الماضية بالنسبة للحوم الأضاحي التي تبدو شحيحة للغاية، فاليوم الأول بالأعياد الماضية كنا نحصل فيه على 5 إلى 8 كيلوغرامات من اللحوم، ويستمر فاعلو الخير والجمعيات بتقديم اللحوم لنا طيلة أيام العيد بكميات متفاوتة، وحتى لا تفسد كنت أقوم بفرمها كثيراً وطبخها وتحوليها إلى قاورما (لحمة مطبوخة) وتعبئتها في أوعية زجاجية لإضافتها إلى الوجبات بعد انقضاء العيد... ولكن هذا العام لا يقارن بالأعوام الماضية».

أضاحي العيد (الشرق الأوسط)

من جهته، تحدث علاء الأسعد وهو أحد العاملين في إحدى الجمعيات الإنسانية لـ«الشرق الأوسط» عن الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تراجع ذبح الأضاحي بأعداد كبيرة قائلاً: «واضح جداً أن عيد الأضحى هذا العام مختلف تماماً عن الأعياد السابقة في الأعوام الماضية بالنسبة لأعداد الذبائح والأضاحي التي تراجعت إلى النصف تقريباً، وحرمت آلاف العائلات النازحة في المخيمات من حصص الأضاحي هذا العيد، والسبب في ذلك هو الغلاء الكبير الذي طرأ على أسعار المواشي التي وصل سعر الرأس منها إلى ما يقارب 350 دولارا أميركيا، وهذا مبلغ يشكل حاجزاً أمام المواطنين وفاعلي الخير الذين يرغبون بذبح أكثر من رأس من الأضاحي كل عيد، فضلاً عن عدم كفاية أموال المتبرعين من السوريين المغتربين لشراء أكبر عدد من الأضاحي». ولفت «في العام الماضي ذبحت الجمعية التي يعمل لديها ما يقارب 200 رأس من الأضاحي التي قدمت للنازحين والفقراء في شمال غربي سوريا، بينما هذا العام اقتصر العدد على 75 رأسا فقط بسبب محدودية المبلغ المخصص للأضاحي من جهة وغلاء أسعارها في الأسواق من جهة ثانية، مع العلم أن لدينا في القوائم نحو 400 عائلة (نازحة وفقيرة) مسجلة على قوائم الجمعية».



إسرائيل تطبق «حرية التحرك» بغارات شمال الليطاني

جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تطبق «حرية التحرك» بغارات شمال الليطاني

جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)

واصلت إسرائيل محاولاتها لفرض مفهومها لوقف إطلاق النار، عبر تنفيذها غارات في منطقة شمال الليطاني التي لا يشملها القرار «1701»، في أحدث اختبار للاتفاق الذي أنهى حرباً عاتية بين تل أبيب و«حزب الله»، فيما تصدت قواتها للبنانيين حاولوا التوجه نحو قرى حدودية توجد قربها قوات إسرائيلية. وفي إشارة لافتة، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن بلاده «أبلغت الولايات المتحدة الأميركية مسبقاً بالضربة الجوية التي استهدفت (حزب الله)، في أول تطبيق لما تردد عن بند سري في الاتفاق يسمح لها بالتحرك في لبنان إذا رصدت مخاطر».

وقال الجيش اللبناني في بيان الخميس إنه «بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروقات الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة»، مشيراً إلى أن «قيادة الجيش تتابع هذه الخروقات بالتنسيق مع المراجع المختصة»، فيما اتهم النائب في كتلة «حزب الله»، حسن فضل الله، إسرائيل بأنها «تنتهك الاتفاق»، وقال بعد جلسة للبرلمان: «العدو الإسرائيلي يعتدي على العائدين إلى القرى الأمامية»، متحدثاً عن خروقات إسرائيلية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية ومصادر أمنية لبنانية أن الدبابات الإسرائيلية قصفت 6 مناطق داخل الشريط الحدودي. وأصابت نيران الدبابات بلدات مركبا والوزاني وكفرشوبا والخيام والطيبة والسهول الزراعية حول مرجعيون، وجميعها تقع على بعد اثنين من الكيلومترات من الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل. وأوضح أحد المصادر الأمنية أن شخصين أصيبا في بلدة مركبا.

وحاولت عائلات لبنانية نازحة من منازلها قرب الحدود الجنوبية العودة للاطمئنان على ممتلكاتها. لكن القوات الإسرائيلية لا تزال متمركزة داخل الأراضي اللبنانية في بلدات على الحدود؛ حيث يسمع صوت طائرات مسيّرة استطلاعية تحلق فوق أجزاء من جنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه قصف جواً منشأة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان ببلدة العيساوية القريبة من صيدا، مؤكداً تواصل انتشاره في المنطقة غداة بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار. وقال إنه «رُصد نشاط في منشأة يستخدمها (حزب الله) لتخزين الصواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان، واُحبطَ التهديد بواسطة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي».

ولفت إلى أنه «جرى التعرف على عدد من المشتبه فيهم الذين وصلوا بمركباتهم إلى عدد من المناطق في جنوب لبنان، منتهكين شروط وقف إطلاق النار. وأطلق أفراد الجيش الإسرائيلي النار باتجاههم».

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الهجوم وقع شمال نهر الليطاني في منطقة صيدا. ونقلت عن مصدر عسكري قوله إن «الحادث لم يتضمن أي استعداد فوري لإطلاق صواريخ على الأراضي الإسرائيلية». وقال المصدر إن النشاط الذي نفذه عناصر «حزب الله» داخل المنشأة المستهدفة يشكل «تهديداً غير مباشر يتطلب من الجيش الإسرائيلي اتخاذ إجراءات ضده». كما أعلن في بيان وجّهه إلى سكان جنوب لبنان حظر التجوال ليلاً. وقال: «يُمنع بتاتاً التنقل أو الانتقال جنوب نهر الليطاني ابتداء من الساعة الخامسة مساء».

وتقول إسرائيل إنها نفذت عبر قصفها بلدات جنوبية بنداً من بنود اتفاق وقف إطلاق النار، «الذي يتيح لها حق الدفاع عن النفس ومنع (العدو) من خرق وقف النار»، عادّةً أن «خرق الاتفاق وقع من (حزب الله) الذي أراد جس نبضنا وفحص مدى جديتنا في عدم التساهل مع وقف النار». وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه العمليات أدت إلى «تصفية إحدى خلايا (حزب الله) واعتقال 4 أفراد من خلية أخرى، وقد نُفذت لتحافظ على وقف النار وتمنع (قوات الرضوان) من العودة إلى الجنوب»، وأوضح أنه لا يعترض على «وجود مدنيين في الجنوب اللبناني، بمن فيهم عناصر من (حزب الله) قرروا التوقف عن العمل المسلح. لكن أي مسلح ينوي النزوح جنوباً لإعادة بناء الوجود العسكري، سيمنع بالقوة وسيُطلق عليه الرصاص القاتل».

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، إنه «في الساعة الأخيرة، رُصد وصول مشتبه فيهم، بعضهم كان على مركبات، إلى مناطق عدة في جنوب لبنان، وهو ما يُعدّ خرقاً (لوقف إطلاق النار)»، وأضاف: «أطلقت القوات النار باتجاههم. ومن جهتنا، فإن الحدث قد انتهى».

آليات عسكرية إسرائيلية عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)

ووفق ما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي، فقد استهدفت طائرة مسيّرة منطقة مجاورة لسيارة في قرية مركبا جنوب لبنان، بهدف «إبعادها عن المنطقة المحظورة»، مما أدى إلى إصابة أشخاص بجراح متفاوتة الخطورة.

وكانت الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان قد بدأت بعد ساعات من إعلان وقف النار في الرابعة من فجر الأربعاء. فقد استهدفت القوات الإسرائيلية قرى وبلدات عدة في المنطقة، مما أسفر عن إصابات بين المدنيين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن «حزب الله» هو الذي يخرق الاتفاق؛ «لأنه يرسل المسلحين إلى الجنوب كي يجسوا نبض إسرائيل ويفحصوا ما إذا كانت هناك يقظة إزاء خرق الاتفاق». وهدد بأنه سيطلق النار دون تردد على كل هدف مشتبه فيه.