قال مسؤول فلسطيني: إن السلطة الفلسطينية لن تحل نفسها أمام «الحرب الشرسة» التي تشنها إسرائيل عليها، لكن تواجه فعلاً خطر الانهيار إذا استمر الوضع على الأرض كما هو عليه.
وأضاف المسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «السلطة وجدت من أجل نقل الشعب الفلسطيني من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة إقامة الدولة الفلسطينية، ولا يوجد نية بمنح إسرائيل انتصاراً مجانياً عبر حل السلطة، إنها ملك الشعب ووجدت من أجله ومن أجل إقامة دولته».
واتهم المسؤول إسرائيل بالعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية حتى تنهار، عبر حرب متعددة الأوجه، سياسياً ومالياً وعسكرياً، وقال: إن لجهات فلسطينية أخرى مصلحة في هذا الأمر؛ إذ «تحافظ على التهدئة في غزة وتريد مواجهة أوسع في الضفة الغربية وصولاً إلى الفوضى». وأضاف: «إنهم لا يريدون سلطة قوية، بل ضعيفة ومنهارة».
والاتهامات لإسرائيل وفصائل فلسطينية جاءت في ذروة تصعيد كبير في الضفة ينذر باتساع المواجهات الدموية.
وعادت إسرائيل إلى عمليات الاغتيال الموجه عبر الجو في الضفة بعد نحو 17 عاماً على وقف هذه العمليات، في مواجهة تطور أدوات المقاتلين الفلسطينيين في شمال الضفة، بما في ذلك، استخدام عبوات متطورة، وشنّ هجمات قوية في قلب المستوطنات الإسرائيلية.
وتقول إسرائيل إنها تكثّف وتوسّع هجماتها شمال الضفة الغربية؛ لأنها مضطرة إلى الدخول إلى الفراع الذي تركته السلطة هناك.
واجتمع رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، رونين بار، بمسؤولين أميركيين وفي الأمم المتحدة، قبل نحو أسبوعين، كما كشفت هيئة البث لإسرائيلية «كان 11»، وأخبرهم بأن الجيش الإسرائيلي مضطر إلى العمل بقوة أكبر في شمال الضفة بسبب فقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على هذه المناطق.
وقال بار في الاجتماعات التي وصفت بالاستثنائية: إن على إسرائيل التحرك وملء الفراغ.
وكان تقرير إسرائيلي قد أشار إلى أن بار زار واشنطن يوم الخميس الأول من يونيو (حزيران) الماضي، وعقد سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الأميركيين، في ظل القلق المتصاعد بشأن «الوضع الأمني في الضفة الغربية وتدهور واقع السلطة الفلسطينية»، كما التقى مسؤولين في منظمة الأمم المتحدة في مقرها الرئيسي في نيويورك.
وفي هذه الاجتماعات أقر بار بأن السلطة الفلسطينية تعاني خطر الانهيار.
والقلق من انهيار السلطة الفلسطينية هو الذي يمنع خروج إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة، إضافة إلى المخاوف من أن تفتح هذه العملية جبهات أخرى متعددة.
وأكد مسؤول إسرائيلي، الجمعة، أن حكومته ستنفذ ضربات لإحباط القنابل «الموقوتة»، لكنها لن تذهب في عملية واسعة.
وقال المسؤول بحسب وسائل إعلام إسرائيلية: «لن نقوم بخطوة دراماتيكية من شأنها تفكيك السلطة الفلسطينية. هذا ليست لمصلحة إسرائيل».
وارتفعت الأصوات في إسرائيل خصوصاً من قِبل اليمين المتطرف في الأسبوع الماضي من أجل خروج الجيش إلى عملية واسعة في شمال الضفة، وهي مطالبات فجّرت خلافاً بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل وأثار جدلاً واسعاً حول جدوى مثل هذه العملية.
وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، الجمعة: إن أي عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة، ستأتي بنتائج محدودة، مثل شل عمل بعض الخلايا المسلحة لفترة محددة، لكنها مقابل ذلك قد تؤدي إلى تصعيد محتمل على جبهات أخرى، وستفاقم التوتر مع الإدارة الأميركية، وستضر بجهود التطبيع مع الدول العربية، وقد تنتهي بتجنب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض في مجلس الأمن ضد أي قرار يدين إسرائيل. وبحسب «هآرتس»، فإن الجيش الإسرائيلي لا يزال يدعم خيار تكثيف الهجمات المركزة من دون الدخول في عملية عسكرية واسعة، على الرغم من أن زيادة وتيرة الهجمات، وتطور أدوات المقاتلين في جنين، والعجز التام للسلطة الفلسطينية، يحشر الجيش الإسرائيلي في الزاوية، ويقوي الدعوات إلى عملية واسعة النطاق.
ورد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، على الاتهامات الإسرائيلية للسلطة بالضعف، قائلاً في تغريدة على «تويتر»: «أصوات مسؤولة في حكومة الاحتلال تدعي أن السلطة غير قادرة على السيطرة في الضفة الغربية وأنها في طريقها للانهيار، ناسين أو متناسين أننا شعب تحت الاحتلال ومشكلة شعبنا المركزية هي بقاء هذا الاحتلال على أرضنا. ومن جهة أخرى، أسأل هذه الجهات الإسرائيلية هل أنتم قادرون على لجم وكبح جرائم وعنف المستوطنين المسلحين ضد المواطنين الفلسطينيين الأبرياء وحرق بيوتهم وممتلكاتهم». وأضاف: «على إسرائيل أن تعترف بأن المشكلة في احتلالها ولا خيار إلا الحل السياسي الذي ينهي هذا الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».
وألمح الشيخ إلى أن دور السلطة ليس القيام بما تريده إسرائيل في شمال الضفة الغربية (مواجهة المسلحين)، وإنما «إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحماية الشعب الفلسطيني ولم ولن ترضى بغير هذا الدور الوطني والتاريخي». وأضاف: «على المجتمع الدولي التحرك العاجل قبل فوات الأوان».