ائتلاف نتنياهو يخطط لدفع خطة «إصلاح القضاء» من طرف واحد

المعارضة الإسرائيلية تتوعد: «الديكتاتورية لن تمر بوجودنا»

جلسة الكنيست لانتخاب لجنة تعيين القضاء الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
جلسة الكنيست لانتخاب لجنة تعيين القضاء الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

ائتلاف نتنياهو يخطط لدفع خطة «إصلاح القضاء» من طرف واحد

جلسة الكنيست لانتخاب لجنة تعيين القضاء الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
جلسة الكنيست لانتخاب لجنة تعيين القضاء الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

يخطط الائتلاف الحكومي الإسرائيلي لدفع خطة «إصلاح القضاء» من طرف واحد، بعدما وصف أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي والمعارضة فرص التوصل إلى اتفاقات في المحادثات بأنها «ضئيلة».

وقال وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، عبر حسابه على تطبيق «تلغرام»، إنه «مصمم أكثر من أي وقت مضى على بذل كل ما في وسعه لتمرير خطة الإصلاح القضائي»، كما شكر مؤيديه «على الدعم المهم الذي قدموه من أجل نظام عدالة عادل».

وجاءت تصريحات ليفين بعد أيام على توقف المحادثات حول خطة «الإصلاح القضائي» في ديوان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

وكانت المعارضة قد علّقت مشاركتها في المفاوضات في مقر الرئيس، الأربعاء المنصرم، وحذرت على لسان رئيس كتلة «المعسكر الرسمي» زئيف الكين من مغبة مضي الحكومة في خطة الإصلاح القضائي بصورة أحادية الجانب.

وقال الكين: «خطوة من هذا القبيل سيكون لها ثمن سياسي وأمني واقتصادي».

وبينما عقّب عضو الكنيست عن «المعسكر الرسمي»، حيلي تروبر، الذي شارك عن حزبه في المحادثات بديوان هرتسوغ، على تصريح ليفين بالقول إن «إسرائيل الآن بحاجة إلى اتفاقات واسعة وقليل من الهدوء، وليس إلى انقلاب على القضاء بشكل أحادي الجانب»، اعتبر منظمو الاحتجاجات أن ليفين «أعلن الحرب على الديمقراطية الإسرائيلية مرة أخرى»، وأكدوا أن «أوهام ليفين الديكتاتورية ستصطدم بشعب إسرائيل المصمم على دعم قيم إعلان الاستقلال والمساواة والحرية».

ويفترض أن ينظم الإسرائيليون، السبت، مظاهرات واسعة ضد الحكومة وتصريحات ليفين بعنوان «الديكتاتورية لن تمر بوجودنا».

والخلاف الرئيسي بين الحكومة والمعارضة متعلق بلجنة اختيار القضاة (ميزان القوى).

وأوقفت المعارضة المحادثات بعد انتخاب عضو الكنيست عن حزب «ييش عتيد»، كارين الهرار، الأربعاء الماضي، مندوبة عنها في لجنة تعيين القضاء.

وأعلن رئيس المعارضة، يائير لبيد، ورئيس «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، عن تجميد المفاوضات مع الائتلاف في ديوان هرتسوغ حتى يتم تشكيل لجنة تعيين القضاة.

نتنياهو يدلي بصوته خلال التصويت لانتخاب لجنة تعيين القضاء في الكنيست الأربعاء الماضي (رويترز)

ورد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على تصريحات لبيد وغانتس بأنهما «لا يريدان مفاوضات جادة».

وفجّر انتخاب الهرار اتهامات بين أعضاء الائتلاف الحاكم، بزعامة نتنياهو، حول وجود منشقين.

ووجه الكثير من أعضاء الائتلاف انتقاداتهم إلى حزب «الليكود» الذي يترأسه نتنياهو، وهو الفصيل الأكثر اعتدالاً في الائتلاف اليميني الديني.

ونقلت أخبار القناة 12 عن مشرّع من حزب «الليكود» قوله إنه دعم الهرار في الاقتراع السري، وسط تكهنات واسعة النطاق بأن نتنياهو سعى لتهدئة المعارضة، التي هددت بالانسحاب من المحادثات التي تهدف إلى سد الفجوات الواسعة حول التغييرات في السلطة القضائية إذا لم يكن هناك ممثل لها في اللجنة.

وأضاف المشرّع، الذي لم يذكر اسمه: «نتنياهو علم أنه سيتم اختيارها ولم يفاجأ بالنتيجة. أنقذنا نتنياهو من (وزير العدل) ياريف ليفين».

وتم انتخاب الهرار بتصويت 58–56، ما يعني أن 4 أعضاء على الأقل من الائتلاف قد انشقوا عن صفوفهم للتصويت لها. والاسم الآخر الوحيد على بطاقة الاقتراع، تالي غوتليف من «الليكود»، هُزمت بعد أن تسببت بفوضى سياسية لرفضها سحب ترشيحها المنشق.

وستُجرى انتخابات ثانية منفصلة في غضون 30 يوماً لاختيار النائب الثاني، على الأرجح عضو الكنيست يتسحاق كرويزر من «عوتسما يهوديت».

وكانت النتائج محرجة لرئيس الوزراء، وتدل على فقدانه السيطرة على نوابه.

مظاهرة ضد خطة حكومة نتنياهو لـ«إصلاح القضاء» بتل أبيب في 3 يونيو الحالي (رويترز)

وقالت تالي غوتليف بعد هزيمتها: «الخونة في (الليكود) لم يصوتوا لممثلي المعارضة من تلقاء أنفسهم. المسألة أكبر من هذا. هذا بالضبط ما أراده رئيس الوزراء... ظهرت الحقيقة واكتشفنا الوجه الحقيقي للتحالف».

وقال عضو الكنيست عن «الليكود»، موشيه سعدة، إن من الواضح أن «المنشقين» هم أعضاء في حزبه. ووصف ميكي زوهار من حزب «الليكود» أعضاء التحالف الذين دعموا الهرار بـ«الخونة» في مقابلة مع القناة 12.

ويحاول أعضاء في «الليكود» دفع نتنياهو للتخلص من خطة ليفين باعتبار أنه أضر بالحزب إلى أبعد حد، لكن التراجع عن الخطة قد يعني انهيار الائتلاف.



إسرائيل جمعت قاعدة معلومات استخباراتية من معتقلي غزة

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
TT

إسرائيل جمعت قاعدة معلومات استخباراتية من معتقلي غزة

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)

حوّلت إسرائيل المعتقلين الفلسطينيين الذين اقتادتهم من قطاع غزة إلى المعتقل المؤقت في قاعدة «سديه تيمان» بالنقب إلى المصدر الاستخباراتي الأول والأهم في الكثير من مراحل الحرب الحالية، وهو ما ساعد إلى حد ما في الوصول لقيادات من «حماس» وحتى لجثث مختطفين كانوا داخل أنفاق.

وتعمدت القوات البرية الإسرائيلية اعتقال أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من غزة إلى داخل إسرائيل، خصوصاً إلى سجن قاعدة «سديه تيمان» الذي خصص لمعتقلي غزة مع بدء الحرب الحالية المستمرة منذ 11 شهراً، وذاع صيته في العالم في الآونة الأخيرة بسبب الانتهاكات غير العادية بحق المعتقلين فيه.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أحد أسباب وصول إسرائيل للمكان الذي يعتقد أنه اغتيل فيه محمد الضيف قائد «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، بمنطقة مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، هو بعض المعتقلين من أقارب قيادات كانوا في المكان.

وحسب المصادر، فإن جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» حصل على صور حديثة جداً للضيف ورافع سلامة، قائد لواء خان يونس، من معتقلين أدلوا خلال التحقيق معهم تحت التعذيب الشديد بمواقع كان يتردد إليها سلامة ومنها المكان الذي اغتيل فيه، الذي يعود لأقاربه.

وعززت الصور التي قدمها معتقلون صورة كان حصل عليها جهاز «الشاباك» للضيف ورافع سلامة معاً في مقطع فيديو لهما سوياً في أرض زراعية داخل أحد مواقع «كتائب القسام». واعتقلت إسرائيل خلال العمليات البرية الكثير من عناصر «حماس» والنشطاء في جناحها العسكري وكذلك فصائل أخرى، دون أن يعرف العدد النهائي للمعتقلين بشكل كلي من قطاع غزة، رغم الإفراج عن العشرات منهم على فترات متباعدة.

أسرى فلسطينيون في جباليا يوم 14 ديسمبر (رويترز)

6 آلاف أسير

ووفقاً لتقديرات مؤسسات مختصة بالأسرى، فإن العدد يفوق 6 آلاف أسير، يتعرضون لأنواع شتى من التعذيب، ما أثر على بعضهم عقلياً وجسدياً، وظهر ذلك على من أفرج عنهم وهم يعانون من صدمات نفسية رهيبة سيحتاجون معها لسنوات من العلاج النفسي.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً كبيراً من المعتقلين استخدمتهم القوات الإسرائيلية في نصب كمائن لمقاومين تم قتلهم أو اعتقالهم، كما استخدمت بعضهم دروعاً بشريةً بعد أن كانت تدخلهم للأنفاق للكشف عن أي عبوات ناسفة أو كمائن قد تكون منصوبة لهم حتى لا يقتلوا أو يصاب بها الجنود الإسرائيليون.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن بعض المقاتلين أسروا بعد إصابتهم، وتم لاحقاً جلبهم لأماكن أنفاق عثر فيها على جثث لأسرى إسرائيليين في خان يونس. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في 20 أغسطس (آب) الماضي عثوره على جثث 6 أسرى دفنوا في نفق شمال غرب خان يونس، فيما أعلن في نهاية يوليو (تموز) العثور على 5 جثامين أخرى في شرق المدينة.

وتقول المصادر الميدانية إن الأسرى الستة كانوا قتلوا في سلسلة هجمات إسرائيلية عندما كانوا فوق الأرض، وبعضهم قتل في حادث إطلاق نار من آليات عسكرية توغلت في محيط مدينة حمد، وهو المكان الذي عثر فيه على جثامينهم بنفق في المنطقة لم تكتشفه القوات الإسرائيلية مسبقاً رغم أنها دخلت قبل ذلك في المنطقة نفسها.

وبينت أن أحد المقاومين الذي أُسر بعد إصابته اعترف بمكان دفنهم بعد تعرضه لتعذيب قاس. أما الأسرى الخمسة فكانوا قد دفنوا في نفق بمنطقة بني سهيلا شرق خان يونس، وقتلوا بغارتين سابقتين في مكانين منفصلين. وبعد اعتقال أحد المقاومين من مبنى بالمدينة وبعد التحقيق معه لأكثر من شهر وتحت التعذيب الشديد اعترف على مكانهم.

قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)

معلومات استخباراتية دقيقة

وتشير المصادر إلى أنه لم تكن هناك أي فرصة لنقل الجثث من هناك في ظل الظروف الميدانية الصعبة. وأظهر مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي بعد ساعات على اكتشاف جثامين الأسرى الخمسة معتقلاً فلسطينياً مكبل اليدين ويرتدي زياً عسكرياً إسرائيلياً وسترة واقية، وحذاءً رياضياً، يقود القوات الإسرائيلية إلى هناك.

وادعى الجيش الإسرائيلي قبل ساعات من الفيديو من خلال بيانه أن معلومات استخباراتية دقيقة أوصلت قواته إلى جثامين الأسرى الخمسة، وهو الأمر الذي كرره لاحقاً في الوصول لجثث الأسرى الستة شمال غرب خان يونس. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن المعتقل كان من نشطاء «حماس»، وقد أدلى بمعلومات أوصلت الجيش إلى جثث الأسرى.

وحسب مصادر من «حماس»، فإن الأسرى الذين يتعرضون لتعذيب وتنكيل شديدين يضطرون أحياناً لتقديم معلومات. وهذا مفهوم لدى قادة الحركة ومتوقع كجزء من الحرب. ولم تساعد معلومات المعتقلين في الوصول إلى جثث فقط، بل أيضاً بعض القيادات في أنفاق. لكن أيضاً المعلومات تحت التعذيب قادت إلى مجازر مدنيين.

وقالت المصادر إن الاحتلال أجبر مواطنين لا علاقة لهم بالمقاومة على تقديم اعترافات مزيفة أدت لتنفيذ عمليات استهدفت في مراكز إيواء بحجة استخدامها مراكز قيادة ما أدى إلى مجازر. وروت المصادر قصة أحد الشبان الذي اعتقل قبل نحو شهرين لدى تنقله من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر محور نتساريم مع أفراد من عائلته، وتم اعتقاله وبعد التحقيق معه وتعذيبه الشديد اعترف على أن أحد أقاربه ناشط في «حماس» ما دفع جيش الاحتلال لقصف منزله وأدى لمقتل عائلته وأقاربه النازحين لديهم، فيما لم يكن المطلوب بالأساس داخل البيت الذي لم يصله منذ الحرب.

وتؤكد المصادر أن جيش الاحتلال يعتمد على اعترافات الأسرى تحت التعذيب من أجل تحديث بنك أهدافه الذي أثبت في الكثير من المرات أنه كان مجرد بنك خالٍ من أهداف حقيقية وثمينة. وحسب إحصاءات رسمية قتلت إسرائيل أكثر من 37 أسيراً من قطاع غزة «تحت التعذيب»، في سجن «سديه تيمان». وكشفت اعترافات أسرى وتحقيقات سابقة عن انتهاكات جسيمة تمارسها إسرائيل ضد المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك موتهم تحت التحقيق القاسي.