مشاورات القاهرة: «قائمة تحفيزية» مقابل «التهدئة» وأفكار مصرية للمصالحة

التنسيق لاستغلال «غاز غزة» وتيسير الحركة بمعبر «رفح»

أطفال فلسطينيون يلقون في بحر غزة زجاجات داخلها رسائل تعبر عن تطلعاتهم  (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يلقون في بحر غزة زجاجات داخلها رسائل تعبر عن تطلعاتهم (أ.ف.ب)
TT

مشاورات القاهرة: «قائمة تحفيزية» مقابل «التهدئة» وأفكار مصرية للمصالحة

أطفال فلسطينيون يلقون في بحر غزة زجاجات داخلها رسائل تعبر عن تطلعاتهم  (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يلقون في بحر غزة زجاجات داخلها رسائل تعبر عن تطلعاتهم (أ.ف.ب)

التقى وفد من قيادات حركة «حماس» برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات العامة المصري، الوزير عباس كامل، في العاصمة المصرية؛ القاهرة؛ حيث دار نقاش معمق حول التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

ضم الوفد كلا من نائب رئيس الحركة صالح العاروري، ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية، وعضو المكتب السياسي للحركة المهندس روحي مشتهى.

واستعرض وفد «حماس» خلال اللقاء، المخاطر والتحديات الجارية التي تواجه القضية الفلسطينية، وكيفية مواجهتها بهدف حماية الشعب الفلسطيني. وثمن الوفد حرص مصر على وحدة الموقف الفلسطيني وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة.

وكان رئيس جهاز المخابرات العامة المصري، قد التقى في وقت سابق، وفي اجتماع منفصل، وفدا من حركة «الجهاد» برئاسة أمينها العام زياد النخالة، ووصفت الحركة (الاثنين)، اللقاء بأنه «كان إيجابيا ومثمرا».

وقال القيادي في الحركة، داود شهاب في تصريح صحافي، إن اللقاء جرى بحضور عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، وعدد من كبار مسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصري.

في السياق ذاته، شهدت المشاورات التي تستضيفها مصر حاليا مع قادة حركتي «حماس» و«الجهاد»، مجموعة من التوافقات مع المسؤولين المصريين، تتعلق في معظمها بالوضع الأمني والاقتصادي في القطاع، كما شهدت المشاورات طرحا مبدئيا لـ«تحريك» ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي يشهد جمودا منذ سنوات.

اهتمام حمساوي

وكشف مصدر مطلع على المشاورات التي تجريها الفصائل الفلسطينية في القاهرة، عن أن اللقاءات الأخيرة بين قادة «حماس» والجهاد»، ومسؤولين أمنيين مصريين بارزين، شهدت طرح جملة من الأفكار، من بينها «قائمة تحفيزية» تحصل عليها الفصائل الفلسطينية لتحسين الأوضاع في غزة، في مقابل تثبيت التهدئة، لافتا إلى أن حركة حماس «أبدت اهتماما كبيرا بتلك القائمة».

صيادون في بحر غزة 14 مايو بعد وقف إطلاق نار بين إسرائيل و«الجهاد» (أ.ف.ب)

وأوضح المصدر التي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن «القائمة التحفيزية» التي جرت مناقشتها مع المسؤولين المصريين، تتضمن السماح للصيادين في قطاع غزة بحرية أكبر للعمل دون استهدافهم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تيسيرات فيما يتعلق بحركة دخول وخروج الأفراد والسلع من معبر رفح، مشيراً إلى أن المعبر المصري الوحيد مع قطاع غزة «صار قادرا بعد تطويره على استقبال حركة السلع، وهو ما طالب به قادة الفصائل الجانب المصري».

وأضاف المصدر أن المسؤولين المصريين «وعدوا بالتجاوب مع مطالب قادة الفصائل في هذا الصدد»، خاصة فيما يتعلق بدخول مستلزمات الإنتاج التي تحتاج إليها المصانع والشركات بالقطاع، وتواجه تضييقا من جانب السلطات الإسرائيلية في السماح بدخولها، إضافة إلى تقديم تيسيرات فيما يتعلق بتصدير المنتجات من قطاع غزة عبر معبر (رفح).

ضابط فلسطيني يتحقق من وثائق سائق شاحنة عند معبر كرم أبو سالم الحدودي في رفح 14 مايو (أ.ف.ب)

وأشار المصدر إلى أن المناقشات تطرقت إلى مجموعة من المساعي المصرية لتحسين الحياة في قطاع غزة، إذ طلب قادة الفصائل زيادة كميات الكهرباء للقطاع، وأوضح أنه تم الاتفاق على زيادة الكميات بنحو 100 ميغاوات بعد انتهاء جولة المشاورات الحالية، كما طلب قادة «حماس» ربط شبكة الكهرباء في غزة بنظيرتها المصرية عبر رفح. وتم التطرق إلى موقف محطة إنتاج الكهرباء بالقطاع، وسبل توفير التمويل لاستمرارها في العمل، وتلبيتها قدرا أكبر من متطلبات الطاقة التي يحتاج إليها سكان غزة.

لقاء رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية ونظيره المصري مصطفى مدبولي في القاهرة 31 مايو (د.ب.أ)

وتابع المصدر أن المسؤولين المصريين أبلغوا قادة الفصائل بأن إتمام بعض الاتفاقات لتحسين الأوضاع في القطاع «يتطلب توقيع اتفاقيات مع السلطة الفلسطينية»، وأن بعض الترتيبات تمت مناقشتها في هذا الصدد خلال زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إلى القاهرة الأسبوع الماضي، ومن بينها الربط الكهربائي بين مصر وقطاع غزة.

في السياق، نوه المصدر إلى أنه تم كذلك التطرق إلى بحث إمكانية الاستفادة من استكشافات الغاز أمام سواحل غزة، وهو الأمر الذي أوضحت القاهرة أنه «يتطلب توافقا مع عدة جهات منها السلطة الفلسطينية». مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على منح الجانب المصري حرية التحرك في هذا الأمر.

المصالحة الوطنية

وأضاف المصدر أن مصر أبلغت قادة الفصائل بأن لجانا مصرية ستقوم خلال الآونة المقبلة بزيارات مكثفة لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة، للعمل على إدخال تلك البنود موضع التنفيذ في أقرب فرصة ممكنة.

وأشار إلى أن الجانب المصري طرح ضرورة تحريك ملف «المصالحة الوطنية»، لكن تم التوافق على أن تقوم مصر عبر زياراتها للضفة وغزة، ببلورة مجموعة من الأفكار في هذا المسار، عبر الحوار مع مختلف الأطراف.

وأوضح المصدر أنه «لن تكون هناك وثيقة أو مسودة مصرية مكتوبة بشأن التفاهمات في ملف المصالحة، إلا بعد التوصل إلى رؤية متماسكة ومقبولة من كل الأطراف»، مشيراً إلى أن قادة الفصائل وجهوا الشكر لمصر على مساعيها من أجل تقريب وجهات النظر بين القوى الفلسطينية ودورها الذي وصفوه بأنه «لا غنى عنه» في دعم صمود الشعب الفلسطيني.

يذكر أن وفدي «حماس» و«الجهاد»، قد وصلا إلى القاهرة مطلع الأسبوع الحالي، تلبية لدعوة رسمية من مصر، هي الثانية من نوعها هذا العام، من أجل التشاور بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، الذي استمر 5 أيام، واغتالت إسرائيل خلاله 6 من أبرز القيادات العسكرية لـ«سرايا القدس»، الجناح المسلح لحركة «الجهاد».


مقالات ذات صلة

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

المشرق العربي فلسطيني يبكي طفله الذي قتل في غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

أعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية أنّ التوصّل لاتفاق مع إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بات «أقرب من أيّ وقت مضى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

تخوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معارك مع مقاتلين إسلاميين في مدينة جنين منذ أيام، في محاولة لفرض سيطرتها على أحد المعاقل التاريخية للفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تحمل طفلاً مصاباً في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

غزاويون غاضبون من إطلاق صواريخ وسط الناس... وفتوى تؤيدهم

علا صوت الغزيين تعبيراً عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد مطلقي الصواريخ، خصوصاً أن إسرائيل ترد بقصف وقتل الناس في محيط الأماكن التي تُطلق الصواريخ منها.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي رجال أمن فلسطينيون في مخيم جنين (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تشتبك مع مسلحين في جنين

قال سكان ومسعفون إن شخصا واحدا على الأقل قُتل عندما اشتبكت قوات الأمن الفلسطينية مع مسلحين فلسطينيين في جنين.

«الشرق الأوسط» (جنين (الضفة الغربية))

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة، مما أجبر المسعفين على البحث عن طريقة لإجلاء مئات المرضى والموظفين بأمان، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وقال مدير مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، حسام أبو صفية، للوكالة في رسالة نصية إن الامتثال لأمر الإغلاق «شبه مستحيل» بسبب نقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل المرضى. وأضاف: «لدينا حالياً ما يقرب من 400 مدني داخل المستشفى، بما في ذلك الأطفال في وحدة حديثي الولادة الذين تعتمد حياتهم على الأكسجين والحاضنات. لا يمكننا إجلاء هؤلاء المرضى بأمان دون المساعدة والمعدات والوقت». وأوضح: «نرسل هذه الرسالة تحت القصف الشديد والاستهداف المباشر لخزانات الوقود، والتي إذا أصيبت ستتسبب في انفجار كبير وإصابات جماعية للمدنيين في الداخل».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على تصريحات أبو صفية. وكان الجيش قال، أول من أمس، إنه أرسل وقوداً وإمدادات غذائية إلى المستشفى، وساعد في إجلاء أكثر من 100 مريض ومقدم رعاية إلى مستشفيات أخرى في غزة، بعضهم بالتنسيق مع الصليب الأحمر، حفاظاً على سلامتهم. والمستشفى هو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال قطاع غزة، وهي منطقة تحاصرها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر تقريباً في واحدة من أكثر العمليات قسوة في الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وقال أبو صفية إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر وضعه أسوأ. وأظهرت صور من داخل المستشفى تكدس المرضى على أسرّة في الممرات لإبعادهم عن النوافذ. ولم يتسنَّ للوكالة التحقق من صحة هذه الصور بعدُ.

وتقول إسرائيل إن حصارها لثلاث مناطق في شمال غزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، يأتي في إطار عملية لاستهداف مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس). ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قتال من أماكن قريبة

وبثت حركة «حماس»، اليوم، مقطعاً مصوراً قالت إنه جرى تصويره في شمال قطاع غزة. وظهر في المقطع مقاتلون متمركزون داخل مبانٍ مدمرة ووسط أكوام من الحطام، وكانوا يرتدون ملابس مدنية ويطلقون مقذوفات على قوات إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن القوات التي تنفذ عمليات في بيت حانون قصفت مسلحين وبنى تحتية تابعة للحركة. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد» إنهما تسببتا في خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، ذكرت البطريركية اللاتينية في القدس ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن إسرائيل سمحت لبطريرك القدس للاتين بدخول غزة اليوم. وجاء ذلك بعد أن قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس إن البطريرك مُنع من الدخول.

وفي مناطق أخرى في قطاع غزة، قال مسعفون إن غارات عسكرية إسرائيلية في أنحاء قطاع غزة أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً على الأقل. وقُتل ثمانية، بعضهم أطفال، في مدرسة تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت مسلحين من «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وتنفي «حماس» وجود مقاتليها بين المدنيين.

وكثف الوسطاء جهودهم في الأسابيع القليلة الماضية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من تعطل المحادثات. وشنت إسرائيل الحملة العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ويُعتقد أن نحو نصف عدد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وعددهم 100، لم يلقوا حتفهم بعدُ. وتقول السلطات في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة قتلت حتى الآن أكثر من 45259 فلسطينياً، وأسفرت عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.