محور الممانعة يستنفر نيابياً لمنع اقتراب أزعور من الـ65 صوتاً

الثنائي الشيعي يترقب بقلق موقف «اللقاء الديمقراطي»

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
TT

محور الممانعة يستنفر نيابياً لمنع اقتراب أزعور من الـ65 صوتاً

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)

يشهد البرلمان اللبناني، مع دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة تُعقد الأربعاء من الأسبوع المقبل، أعنف مواجهة رئاسية بين مرشح محور الممانعة زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور المدعوم من قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» وعدد من النواب التغييريين والمستقلين تكاد تكون شبيهة بالمعركة الرئاسية التي فاز فيها الرئيس سليمان فرنجية على منافسه إلياس سركيس بفارق صوت واحد. هذا في حال أن جلسة الانتخاب الثانية عشرة ستتوّج بانتخاب أحدهما.

فدعوة الرئيس بري لانتخاب رئيس للجمهورية لا تعني أن الطريق أصبحت سالكة سياسياً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بمقدار ما أنه أراد أن يعفي نفسه من اتهام قوى المعارضة له بأنه يقفل أبواب البرلمان أمام انتخابه ما لم يضمن إيصال مرشح الثنائي الشيعي إلى سدة الرئاسة الأولى، بخلاف ربطه الدعوة بوجود مرشح منافس لفرنجية، وهذا ما حصل بترشيح أزعور.

ويبدو أن المشهد الرئاسي، قبل نحو أسبوع على موعد انعقاد جلسة الانتخاب، أخذ يتبدّل، بحسب المصادر في المعارضة، لمصلحة أزعور الذي يتقدّم حتى الساعة على منافسه فرنجية، ما يدعو للسؤال عن رد فعل الثنائي الشيعي إذا لم يتمكن من تعديل ميزان القوى بكسبه تأييد العدد الأكبر من النواب المتردّدين لفرنجية، وكيف سيتصرف في جلسة الانتخاب، وإن كان يراهن حتى الساعة على أن المرشَّحَيْن يتعادلان سلباً.

ويبقى التعادل السلبي، كما تقول مصادر نيابية، قائماً إلا في حال حصول مفاجأة بانضمام نواب «اللقاء الديمقراطي» إلى مؤيدي أزعور، وهذا ما يفسر ترقُّب الثنائي الشيعي بقلق، رغم أن اللقاء لا يزال يدرس موقفه الذي سيصدره في نهاية اجتماعه الذي يعقده مساء الخميس برئاسة النائب تيمور وليد جنبلاط، فإنه من السابق لأوانه أن يذهب الثنائي الشيعي إلى إبداء قلقه قبل أن يتأكد من حقيقة الموقف الذي سيصدره اللقاء في ظل ارتفاع منسوب الاصطفاف السياسي الذي يغلب عليه الطابع المذهبي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن قلق الثنائي من تأييد نواب في «اللقاء الديمقراطي» لم يبقَ في داخل الغرف المغلقة وتسرّب إلى العلن، ما استدعى تحرّك أكثر من مسؤول في الحزب «التقدمي الاشتراكي» باتجاه الرئيس بري في محاولة لتبريد الأجواء بين الحليفين اللذين لم يجتمعا تحت سقف واحد في مقاربتهما لرئاسة الجمهورية.

ويبقى السؤال: هل يؤجل «اللقاء الديمقراطي» اتخاذ قراره لئلا يكون طرفاً في الاشتباك الرئاسي؟ أم أنه سيمضي في ترشيحه لأزعور، خصوصاً أن اللقاء باعتراف حلفائه وخصومه يشكل بيضة القبّان في حسم الخيار الرئاسي؟

وفي هذا السياق، تعترف المصادر النيابية بأن مجرد حصول أزعور على تأييد الغالبية النيابية المطلقة في دورة الانتخاب الأولى سيؤدي حكماً إلى فتح الباب أمام انعقاد دورة الانتخاب الثانية التي يتطلب انعقادها حضور أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، على أن يُنتخب رئيساً مَنْ يحصل على 65 صوتاً، وهذا ما يشكل إحراجاً لمحور الممانعة الذي لا يزال يتمسك بترشيح فرنجية، رافضاً التخلي عنه إفساحاً في المجال للانتقال إلى الخطة (ب) للتفاهم حول رئيس توافقي كشرط لوضع حد لتصاعد المواجهة بين المعارضة على اختلافها والثنائي الشيعي.

وعليه، فإن خيار الاقتراع بورقة بيضاء يبقى قائماً، لكن لا شيء نهائياً حتى الساعة ريثما ينتهي الثنائي الشيعي من تعداده لتوزّع أصوات النواب على المرشَّحَيْن، في ضوء الإنجاز الذي تحقق من وجهة نظر المعارضة بكسب تأييد عدد لا بأس به من المستقلين والتغييريين.

لذلك، فإن محور الممانعة أعلن الاستنفار العام بالتزامن مع دعوة الرئيس بري النواب لانتخاب الرئيس في محاولة لإقناع المترددين بالاقتراع بورقة بيضاء لحجب أصواتهم عن أزعور، بما يتيح له قطع الطريق عليه لمنعه من تسجيل رقم لا يتجاوز بفارق كبير الرقم الذي سيحصل عليه منافسه.

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن النواب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد باشروا اتصالاتهم بعدد من النواب، على رأسهم المنتمون إلى «قوى التغيير»، وأبرزهم إبراهيم منيمنة، وحليمة قعقور، وفراس حمدان، وسنتيا زرازير وآخرون من المستقلين بغية تشكيل قوة نيابية تتموضع خارج التجاذبات الرئاسية الآخذة إلى التصعيد بين الثنائي الشيعي وقوى مسيحية رئيسية.

ويدرس هؤلاء النواب الامتناع عن التصويت لأي من المرشَّحَيْن في محاولة للضغط لإخراج المنافسة الرئاسية من التجاذبات الطائفية لمصلحة التفاهم على مرشح توافقي.



اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق، وهذا ما تترجمه الزيارات التي يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، الجمعة، لتهنئة الرئيس عون والرئيس المكلف.

وفي حين جال وزير خارجية إسبانيا والاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل ألباريس على المسؤولين اللبنانيين، الأربعاء، بالتزامن مع لقاءات مماثلة لوزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن، من المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت إلى بيروت، ثم يبدأ مسؤولون عرب وأجانب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، أن «لبنان مهمّ جداً للمنطقة والعالم، والتغييرات التي تحصل الآن في لبنان هي جزء من المتغيرات التي تحصل على مستوى المنطقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاهتمام الدولي بلبنان لم يبدأ اليوم، بل تبلور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وكان للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا الدور الأكبر في التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار». وأشار السفير شديد إلى أن «الاستقرار في لبنان وانتظام العمل الدستوري مسألة مهمة جداً لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتجلَّى ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق عجلة تأليف الحكومة».

ضمانة عون وسلام

ويشكّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الآن، ضمانة إطلاق مسيرة الدولة وعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وذكّر السفير أنطوان شديد بأن «زيارة الرئيس الفرنسي هي فاتحة زيارات عدد من القادة الدوليين والعرب؛ للتعبير على الدعم المطلق للدولة اللبنانية برئيسها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها الدستورية». وقال: «نحن أمام مرحلة من الدعم الدولي غير المسبوق للعهد وللدولة، والمهم أن يتلقف لبنان هذا الدعم بإيجابية، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس عون أمام الوفود التي زارته، عن هجمة عربية دولية تجاه لبنان لتقديم الدعم والمساعدة في عملية بناء الدولة يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الرئيس عون، عمّا ينتظر لبنان من الأشقاء والأصدقاء في المرحلة المقبلة».

من جهته، عدَّ الوزير السابق رشيد درباس أن «الاهتمام الدولي بلبنان، يؤشر بوضوح إلى أن لبنان خرج من حالة الاضطرابات والاختلال الأمني، ولم يعد منصّة للتخريب على أمن المنطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس الفرنسي وما يليها من توافد لقيادات عربية وعالمية إلى بيروت، يعطي انطباعاً بعودة الثقة إلى اللبنانيين بمجرد أن انتخبوا رئيساً للبلاد وشكَّلوا حكومة»، مشيراً إلى أن «هذا الانفتاح مقدمة لمساعدة لبنان على الاستثمار في عوامل الأمان والتنمية وتخفيف النزاعات وخروجه من العدمية والفوضى».

وقال: «إن مجيء الرئيس ماكرون أو غيره من الشخصيات العالمية، دليل على أنهم باتوا شركاء مع اللبنانيين في بناء الدول ومؤسساتها، ومنخرطين في عملية تعامي لبنان عن الأمراض التي كانت تسكنه».

ويقرأ البعض في هذه الزيارات تدخلاً في الشؤون اللبنانية، إلّا أن درباس رأى أن «بعض اللبنانيين وتحديداً الثنائي الشيعي لم يقرأوا المتغيرات في المنطقة ولا التقلبات في موازين القوى، بل أصروا على خطاب حماسي يعمي البصيرة»، لافتاً إلى أنه «عندما كان لدى هذا الفريق (الثنائي الشيعي) الحقّ بالشراكة القوية في تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، رفضوا كلّ العروض وأصروا على إضاعة الفرص، إلى أن فُرضت الخيارات عليهم من الخارج»، متمنياً «الانتهاء من مرحلة تضييع الفرص على البلد وانتهاك الدستور تحت حجّة الحفاظ على السيادة التي بذريعتها أصبحنا على عداء مع كل الأشقاء والأصدقاء، ومزاعم تحرير فلسطين ومقولة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

مقاطعة شيعية غير مطمئنة

وعكست مقاطعة كتلتي الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) الاستشارات أجواء سلبية عشية توافد المسؤولين الدوليين والعرب على لبنان، ورأى المحلل السياسي توفيق هندي أن «الخيار الذي ذهب إليه الثنائي الشيعي بمقاطعة الاستشارات غير الملزمة لا يطمئن ولا يلاقي إرادة اللبنانيين في الداخل وإرادة الأشقاء والأصدقاء في الخارج»، مبدياً أسفه كيف أن «هذا الفريق يعلن مقاطعته الاستشارات غير الملزمة، وبالوقت نفسه يؤكد على رغبته المشاركة في الحكومة»، مشدداً على أن «خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون جاء على قدر آمال اللبنانيين، وشكَّل بارقة رجاء لدول العالم، ولاقاه بذلك كلام الرئيس المكلف نواف سلام من القصر الجمهوري عندما وضع الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة».