مصر وموريتانيا تدعوان إثيوبيا إلى حل «وسط» بشأن «سد النهضة»

السيسي بحث مع الغزواني المستجدات الإقليمية والدولية

الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وموريتانيا تدعوان إثيوبيا إلى حل «وسط» بشأن «سد النهضة»

الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

أكدت مصر وموريتانيا، اليوم (الأحد)، «أهمية حث إثيوبيا على الأخذ بأحد الحلول الوسط بشأن (سد النهضة)». وجدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التأكيد على ما وصفه بـ«التبعات الخطيرة» للسد الإثيوبي على الأمن المائي لدول المصب، داعياً إلى «إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد».

وبين مصر والسودان وإثيوبيا نزاع مائي ممتد لأكثر من عقد، بشأن السد الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر في حصتها من مياه النهر.

الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر صحافي اليوم (الأحد) عقب لقائه ونظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: «إن الأمن المائي المصري جزء لا يتجزأ من الأمن المائي العربي»، مشيراً إلى أنه ونظيره الموريتاني «شددا على أهمية حث إثيوبيا على التحلي بالإرادة السياسية للأخذ بأي من الحلول الوسط التي جرى طرحها على مائدة التفاوض، والتي تلبي مصالحها دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب، بهدف إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد».

وتوقفت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد، منذ يناير (كانون الثاني) 2021، ولجأت مصر إلى مجلس الأمن في يوليو (تموز) 2020، إلا أن الأخير حث الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، بدعوة من رئيس الاتحاد الأفريقي، بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف، وعلى وجه السرعة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

الرئيس المصري خلال لقائه ونظيره الموريتاني في القاهرة (الرئاسة المصري)

واتفق الرئيسان المصري والموريتاني على «تعزيز الجهود على الساحة الأفريقية، في هذا الشأن (سد النهضة)»، وفق السيسي، الذي أكد «استمرار التنسيق والتعاون في إطار الاتحاد الأفريقي ومواصلة جهود دعم بنية السلم والأمن والتنمية في القارة، ما يمكنها من تجاوز التحديات، وتحقيق الرخاء والاستقرار».

وأشار الرئيس المصري إلى أن المباحثات مع الرئيس الموريتاني تناولت مختلف الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية، وقال إن «المشاورات عكست إرادة سياسية مشتركة نحو تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين، والارتقاء بها في مختلف المجالات، أخذاً في الاعتبار التحديات المشتركة التي تواجه مصر وموريتانيا ومنها تحديات تحقيق التنمية الشاملة، ومواجهة التدخلات الخارجية في المنطقة، ومكافحة (الإرهاب) والفكر المتطرف، وصون الدولة الوطنية ومؤسساتها».

وفي هذا السياق، اتفق الرئيسان على تطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، والإعداد لعقد الدورة المقبلة، للجنة العليا المشتركة المصرية - الموريتانية، خلال العام الحالي، «بما يخدم جهود دعم العلاقات، وتعميق الشراكة الثنائية بين البلدين، وتعزيز أطر التعاون والتنسيق، إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك»، وفق السيسي.

وتناول آخر المستجدات المطروحة على الساحة العربية، وقال الرئيس المصري إنه «جرى التوافق على أهمية دفع آليات العمل العربي المشترك، بهدف الحفاظ على الأمن القومي العربي، وحماية وحدة وسيادة ومقدرات الدول العربية».

وأشار الرئيس المصري إلى أن اللقاء تطرق للقضية الفلسطينية، ومستجدات الأزمة الليبية، وقال إن «هناك توافقاً في الرؤى على ضرورة عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، دون استثناء وفى مدى زمني محدد، تنفيذاً للمقررات الدولية ذات الصلة».

وبشأن تطورات الأوضاع في السودان، قال الرئيس المصري إنه «جرى التأكيد على أهمية التوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار والحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية، ومنعها من الانهيار وتكثيف الجهود لإنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، للتخفيف من معاناة المتضررين، وحث جميع الأطراف، على تغليب صوت الحكمة، للحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، ومصالح شعبها».



اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق، وهذا ما تترجمه الزيارات التي يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، الجمعة، لتهنئة الرئيس عون والرئيس المكلف.

وفي حين جال وزير خارجية إسبانيا والاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل ألباريس على المسؤولين اللبنانيين، الأربعاء، بالتزامن مع لقاءات مماثلة لوزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن، من المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت إلى بيروت، ثم يبدأ مسؤولون عرب وأجانب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، أن «لبنان مهمّ جداً للمنطقة والعالم، والتغييرات التي تحصل الآن في لبنان هي جزء من المتغيرات التي تحصل على مستوى المنطقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاهتمام الدولي بلبنان لم يبدأ اليوم، بل تبلور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وكان للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا الدور الأكبر في التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار». وأشار السفير شديد إلى أن «الاستقرار في لبنان وانتظام العمل الدستوري مسألة مهمة جداً لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتجلَّى ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق عجلة تأليف الحكومة».

ضمانة عون وسلام

ويشكّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الآن، ضمانة إطلاق مسيرة الدولة وعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وذكّر السفير أنطوان شديد بأن «زيارة الرئيس الفرنسي هي فاتحة زيارات عدد من القادة الدوليين والعرب؛ للتعبير على الدعم المطلق للدولة اللبنانية برئيسها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها الدستورية». وقال: «نحن أمام مرحلة من الدعم الدولي غير المسبوق للعهد وللدولة، والمهم أن يتلقف لبنان هذا الدعم بإيجابية، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس عون أمام الوفود التي زارته، عن هجمة عربية دولية تجاه لبنان لتقديم الدعم والمساعدة في عملية بناء الدولة يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الرئيس عون، عمّا ينتظر لبنان من الأشقاء والأصدقاء في المرحلة المقبلة».

من جهته، عدَّ الوزير السابق رشيد درباس أن «الاهتمام الدولي بلبنان، يؤشر بوضوح إلى أن لبنان خرج من حالة الاضطرابات والاختلال الأمني، ولم يعد منصّة للتخريب على أمن المنطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس الفرنسي وما يليها من توافد لقيادات عربية وعالمية إلى بيروت، يعطي انطباعاً بعودة الثقة إلى اللبنانيين بمجرد أن انتخبوا رئيساً للبلاد وشكَّلوا حكومة»، مشيراً إلى أن «هذا الانفتاح مقدمة لمساعدة لبنان على الاستثمار في عوامل الأمان والتنمية وتخفيف النزاعات وخروجه من العدمية والفوضى».

وقال: «إن مجيء الرئيس ماكرون أو غيره من الشخصيات العالمية، دليل على أنهم باتوا شركاء مع اللبنانيين في بناء الدول ومؤسساتها، ومنخرطين في عملية تعامي لبنان عن الأمراض التي كانت تسكنه».

ويقرأ البعض في هذه الزيارات تدخلاً في الشؤون اللبنانية، إلّا أن درباس رأى أن «بعض اللبنانيين وتحديداً الثنائي الشيعي لم يقرأوا المتغيرات في المنطقة ولا التقلبات في موازين القوى، بل أصروا على خطاب حماسي يعمي البصيرة»، لافتاً إلى أنه «عندما كان لدى هذا الفريق (الثنائي الشيعي) الحقّ بالشراكة القوية في تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، رفضوا كلّ العروض وأصروا على إضاعة الفرص، إلى أن فُرضت الخيارات عليهم من الخارج»، متمنياً «الانتهاء من مرحلة تضييع الفرص على البلد وانتهاك الدستور تحت حجّة الحفاظ على السيادة التي بذريعتها أصبحنا على عداء مع كل الأشقاء والأصدقاء، ومزاعم تحرير فلسطين ومقولة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

مقاطعة شيعية غير مطمئنة

وعكست مقاطعة كتلتي الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) الاستشارات أجواء سلبية عشية توافد المسؤولين الدوليين والعرب على لبنان، ورأى المحلل السياسي توفيق هندي أن «الخيار الذي ذهب إليه الثنائي الشيعي بمقاطعة الاستشارات غير الملزمة لا يطمئن ولا يلاقي إرادة اللبنانيين في الداخل وإرادة الأشقاء والأصدقاء في الخارج»، مبدياً أسفه كيف أن «هذا الفريق يعلن مقاطعته الاستشارات غير الملزمة، وبالوقت نفسه يؤكد على رغبته المشاركة في الحكومة»، مشدداً على أن «خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون جاء على قدر آمال اللبنانيين، وشكَّل بارقة رجاء لدول العالم، ولاقاه بذلك كلام الرئيس المكلف نواف سلام من القصر الجمهوري عندما وضع الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة».