عراقيات يحلمن بالخروج من «مخيم الكذب» شمال شرقي سوريا

العراق يجلي 168 عائلة و50 «داعشياً» من أصل 3500 محتجز لدى «قسد»

عوائل «داعش» المحتجزون في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
عوائل «داعش» المحتجزون في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
TT

عراقيات يحلمن بالخروج من «مخيم الكذب» شمال شرقي سوريا

عوائل «داعش» المحتجزون في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
عوائل «داعش» المحتجزون في مخيم الهول (الشرق الأوسط)

في مخيم الهول شرق سوريا، ومن داخل قطاعاته المقسمة بأسلاك شائكة، ومن تحت أنظار كاميرات مراقبة علقت فوق أبراج عالية، شبّهت كثير من اللاجئات العراقيات هذا المكان بـ«المعسكر المغلق». وذهبت لاجئة عراقية تدعى سديم (43 عاماً)، بوصف هذا التجمع الذي تحول لمدينة خيام مترامية الأطراف بــ «مخيم الكذب»، لكثرة الوعود التي تلقتها على مدار الأعوام الخمسة الماضية من جهات عراقية رسمية بإعادتها وآخرين إلى الوطن، بعد الانتهاء من العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» شرق الفرات.

تنتظر هذه اللاجئة على أحر من الجمر أن يسمحوا لها بالعودة لبلدها، كحال بقية اللاجئات العراقيات، ولقاء عائلتها المشتتة. وأكدت سديم التي كانت ترتدي ثوباً وغطاء رأس أسود اللون، أنها سجلت اسمها عشرات المرات لدى مكتب التسجيل الخاص بعودة اللاجئين العراقيين الراغبين في العودة للعراق، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «في كل مرة أرجع لتسجيل اسم عائلتي، يقولون لي إن القوائم المسجلة قديماً ستسافر تباعاً، لكن اسمي مدون منذ صيف 2020 والجانب العراقي يرفض استقبالنا».

دورية للقوات الكردية في مخيم الهول في محافظة الحسكة 19 أبريل 2023 (أ.ب)

من أمام خيمة ثانية مجاورة بنفس القطاع نقش عليها شعار «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» الأممية، ذكرت مهيرة، اللاجئة ذات (27 سنة) والمنحدرة من بلدة الحديثة العراقية، وتقطن في مخيم الهول منذ 4 سنوات، أن زوجها واثنين من أعمامها محتجزان بـ«تهمة الانتساب والقتال» في صفوف تنظيم «داعش»، وأكدت رغبتها في العودة لبلدها، شريطة تحديد مصير زوجها وبقية أهلها، على أن يجري نقلهم تحت إشراف ومراقبة وضمان الأمم المتحدة وهيئات إنسانية دولية. أضافت مهيرة: «نخشى من عمليات انتقامية ومن الميليشيات المسيطرة على مناطقنا، وحقيقةً ما يخيفنا أكثر إحالة ملف المحتجزين بتهمة التنظيم للحكومة العراقية، والحكم عليهم بأحكام جائرة»، على حد تعبيرها.

أما نوران المنحدرة من مدينة الموصل شمال العراق، فقد أعربت عن خشيتها من العمليات الأمنية التي تصاعدت داخل المخيم، بعد أن شهد أكثر من 150 جريمة قتل ومئات حالات الاعتداء خلال السنوات الماضية، غالبيتهم من اللاجئين العراقيين.

وقالت في حديثها: «نخاف من الموت ومن العمليات الإجرامية التي تنفذها أذرع وخلايا (الدواعش)، أخاف من الجيران ومن الغرباء ومن كل شيء، لا أصدق متى أخرج من هذا المعسكر المغلق».

صعوبة الحياة للأطفال في المخيم (الشرق الأوسط)

هذه الشهادات جاءت بعد ساعات من إجلاء الحكومة العراقية وسلطات «الإدارة الذاتية» والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، السبت، 168 عائلة عراقية تضم 658 فرداً، عبر معبر اليعربية (تل كوجر) الحدودي مع العراق.

كما تسلمت السلطات العراقية 50 سجيناً عراقياً متهمين بالانتماء لـ«داعش»، من بين قرابة 3500 سجين عراقي محتجزين لدى «قوات سوريا الديمقراطية» شمال شرقي سوريا، بتهمة القتال في صفوف التنظيم. وهذه كانت خامس دفعة مطلوب أن يجري تسليمها إلى بغداد منذ عام 2020، بالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا والعراق.

استجابة خجولة

يضم مخيم الهول الذي يقع شرق محافظة الحسكة على مسافة نحو 45 كيلو متراً، نحو 25 ألف لاجئ عراقي. وتقول جيهان حنان مديرة المخيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات إجلاء العراقيين تأتي في سياق جهود مشتركة عالية التنسيق بين سلطات «الإدارة الذاتية» والحكومة العراقية، وبإشراف مفوضية اللاجئين الأممية.

تتابع: «لكن استجابة الحكومة العراقية خجولة للغاية لأنها تجلي في كل دفعة نحو 100 عائلة، وهذا الرقم مقارنةً مع العدد الكلي للاجئين العراقيين يحتاج لأكثر من 5 أعوام مقبلة حتى ينتهي الملف».

طفل في مخيم الهول من دون أفق لمستقبله (أ.ب)

عن أعداد المواليد الجدد بين اللاجئين العراقيين، ذكرت المسؤولة الكردية أنهم يسجّلون شهرياً بشكل وسطي 75 حالة، «في الشهر الماضي سجلت النقاط الطبية 61 حالة ولادة في أقسام العراقيين، وهناك ولادات شبه يومية بينهم». وشددت على أن الإدارة الذاتية، مع العودة الطوعية لهؤلاء اللاجئين العراقيين «غالبيتهم يطالبون بضمانات دولية تحفظ أمنهم وسلامتهم، ونحن مع العودة الطوعية لأي لاجئ عراقي يعيش في مخيم الهول».

في حين يرى خالد إبراهيم، المسؤول عن الملف الإنساني بـ«دائرة العلاقات الخارجية» بالإدارة، أن معظم الأطفال العراقيين في المخيمات، كحال بقية الأطفال من الجنسيات الثانية، «لم يعرفوا شيئاً في حياتهم سوى الحروب والمخيمات المغلقة، بعضهم ولد بالمخيم واليوم عمره 5 أو 6 سنوات، وآخرون يكبرون ويرحلون لمراكز التأهيل بعد سن الـ 12». هذا هو العمر الذي يمنع على العائلة الاحتفاظ بابنها معها في الخيمة نفسها.

وأوضح المسؤول، الذي شارك في غالبية الاجتماعات مع مسؤولين عراقيين وبعثات دبلوماسية غربية أجنبية لديها رعايا في مخيمات «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، أن تلك المخيمات ليست مكاناً مناسباً ليعيش فيه الأطفال؛ «يفتقرون للوصول لأبسط الاحتياجات، مثل التعليم والخدمات الطبية والصحية والغذاء والمياه النظيفة».

وحذر من تباطؤ عمليات إعادة هؤلاء العراقيين، والأجانب عموماً، إلى أوطانهم، «في ظروف تشكل خطراً على مستقبل الأطفال كونهم يكبرون في ظل بيئات راديكالية، وهم بأعداد كبيرة وازدياد مستمر».


مقالات ذات صلة

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

السفير الإيراني يعود إلى بيروت بعد تعافيه من إصابة «البيجر»

شيباني مع رئيس البرلمان نبيه برّي في زيارة وداعية (رئاسة البرلمان)
شيباني مع رئيس البرلمان نبيه برّي في زيارة وداعية (رئاسة البرلمان)
TT

السفير الإيراني يعود إلى بيروت بعد تعافيه من إصابة «البيجر»

شيباني مع رئيس البرلمان نبيه برّي في زيارة وداعية (رئاسة البرلمان)
شيباني مع رئيس البرلمان نبيه برّي في زيارة وداعية (رئاسة البرلمان)

يعود سفير إيران لدى لبنان مجتبي أماني يوم الأحد إلى بيروت لاستئناف عمله في سفارة بلاده، بعد تعافيه من إصابة بتفجيرات «البيجر» التي وقعت في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي في لبنان.

وقبل مغادرته بيروت، زار السفير محمد رضا شيباني الذي حل مكان السفير مؤقتاً، رئيس مجلس النواب نبيه برّي مودعاً و«مشيداً بالانتصار الكبير الذي حققه لبنان بمختلف مكوناته من حكومة وشعب ومقاومة، والذي أفضى إلى إفشال آلة الحرب الإسرائيلية»، وأثنى على «الدور الحاسم والحازم الذي لعبه برّي في تحقيق وقف العدوان الصهيوني على لبنان وإحباط أهدافه العدائیة»، بحسب بيان صادر عن مكتب برّي.

صورة نشرها السفير أماني في وقت سابق من داخل أحد مستشفيات طهران (إكس)

وتشير المعلومات إلى أن أماني خضع لعدة عمليات جراحية في عينيه نتيجة إصابته بهجمات «البيجر» التي أصابت أكثر من 3 آلاف عنصر في «حزب الله» وقتلت العشرات. وكانت السلطات الإيرانية قد نقلت أماني وأكثر من 100 عنصر تعرضوا لإصابات خطرة في عيونهم وأيديهم إلى طهران للمعالجة.