لبنان ينهي دعم خدمات الاتصالات بالتوجه نحو رفع أسعار «الإنترنت»

وزير الاتصالات لـ«الشرق الأوسط»: ستتضاعف الكلفة 7 مرات

شعار «أوجيرو» على أحد مبانيها في بيروت (أ.ب)
شعار «أوجيرو» على أحد مبانيها في بيروت (أ.ب)
TT

لبنان ينهي دعم خدمات الاتصالات بالتوجه نحو رفع أسعار «الإنترنت»

شعار «أوجيرو» على أحد مبانيها في بيروت (أ.ب)
شعار «أوجيرو» على أحد مبانيها في بيروت (أ.ب)

تتوجّس يولا (58 عاماً) من المعلومات عن اتجاه لرفع أسعار خدمة الإنترنت التي تقدمها شركة «أوجيرو». فمنذ ارتفاع أسعار الاتصالات الخلوية، أوقفت خدمة الإنترنت على «الموبايل»، لأنها «باتت تتخطى قدراتنا»، وحصرت الخدمة بالمنزل، حيث تحصل عليها مقابل 180 ألف ليرة (دولارين) شهرياً. «لا يزال إنترنت أوجيرو متنفساً لنا في ظل الغلاء الفاحش»، كما تقول، لكن هذا الواقع لن يستمر كما هو، ما يهدد مئات العائلات بتوقف الاتصال بالشبكة العنكبوتية.

وأكد وزير الاتصالات جوني القرم لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك اتجاهاً لرفع الأسعار، مشيراً إلى أن القرار يتم تحضيره في الوزارة، «لكننا لسنا من يتخذ القرار، بل يحتاج إلى موافقة مجلس شورى الدولة بداية، ثم إقراره في مجلس الوزراء»، مشيراً إلى أن الاقتراح يقضي برفع الأسعار نحو 7 مرات عما هي عليه الآن. وقال: «إننا مجبرون على رفع الأسعار بعدما باتت الأسعار الحالية لا تغطي الكلفة»، مضيفاً: «لا نريد لقطاع الاتصالات أن يصبح عاجزاً مثل قطاع الكهرباء، بعدما لم تعد سياسة الدعم قائمة في الدولة».

وكانت أسعار الإنترنت تضاعفت بداية في يوليو (تموز) الماضي، مرتين ونصف، إذ كانت مسعرة على سعر صرف 3700 ليرة للدولار الواحد، بينما يصل سعر صرف الدولار الآن إلى نحو 95 ألف ليرة. وإذ أكد القرم «أن لا علاقة لنا بموزع الإنترنت في الأحياء الذي يتقاضى بالدولار الأميركي»، أوضح أن الباقات الجديدة التي تُباع بنحو 60 ألف ليرة الآن (0.7 دولار)، وهي باقة الـ80 غيغابايت من الإنترنت، سيصبح سعرها نحو 420 ألف ليرة (4.5 دولار)، نافياً في الوقت نفسه أن تؤثر الأسعار على أصحاب الدخل المحدود. وقال: «المشتركون بباقتي 80 و100 غيغابايت، يشكلون الآن 50 في المائة من مشتركي الإنترنت عبر أوجيرو، وبالتالي لن يتأثروا بالأسعار الجديدة».

والإنترنت من آخر الخدمات الحكومية التي لا تزال شبه مدعومة، إذ تقدمها الدولة للمستخدمين بأسعار زهيدة، مقارنة بأسعار خدمات أخرى، مثل الاتصالات الخلوية أو الكهرباء، أو حتى المياه التي ارتفعت أسعارها على مراحل منذ الصيف الماضي. ولا يزال سعر الإنترنت منخفضاً، بالنظر إلى أن «أوجيرو» تعدّ المزود الأساسي لكل الشركات الأخرى، وهي، بحكم القانون، اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات، وتشكل البنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات، بما في ذلك مشغلو شبكات الهاتف الجوال، ومقدمو خدمات البيانات (DSP)، ومقدمو خدمات الإنترنت (ISP) وغيرها.

ويتمسك اللبنانيون بهذه الخدمة الرسمية، كونها البديل الوحيد عن خدمات الإنترنت الأخرى التي تقدمها شركات أو شبكات محلية في الأحياء، ويناهز اشتراكها الشهري 10 دولارات للباقات الصغيرة. ويحصل مزودو الخدمات البديلة على الإنترنت، من مصادر غير رسمية، وبعضها غير شرعي، مما تترتّب عليه مخاوف أمنية متصلة بانتهاك الخصوصية، في مقابل «أمان» توفّره الخدمة الشرعية.

تدهورت الخدمة وتدهورت خدمة الإنترنت خلال الأيام الأخيرة بشكل كبير، مع توقف سنترالات الهيئة عن العمل، لانقطاع مادة المازوت عنها. وعالجت الحكومة الأمر بشكل جزئي، إثر صرف 13.25 مليون دولار، من أصل 26.5 مليون، لحلّ أزمة الصيانة لمدة 6 أشهر، فيما صرفت المالية مبلغ 129 مليار ليرة للموظفين، بعد إضرابهم خلال الفترة الماضية. وأعلنت وزارة المال الجمعة، أنها حوّلت إلى مصرف لبنان كامل المبالغ التي طلبتها وزارة الاتصالات لصالح هيئة «أوجيرو».

وفي حال رفع سعر باقات الإنترنت، سيكون هذا القطاع قد دخل فعلياً في إطار الدولرة، رغم أن 60 في المائة من المشتركين الآن الذين يحصلون على الإنترنت من شركات خاصة تبيع الإنترنت الذي تحصل عليه من «أوجيرو»، بالدولار الأميركي، بينما تدفع ثمن الباقات للشركة الوطنية بالليرة اللبنانية.

ويحذر مدير المحتوى الرقمي في منظمة «سميكس» المعنية بأمن الإنترنت عبد الغني قطايا، من أن رفع الأسعار بطريقة غير مدروسة «سيؤثر على محدودي الدخل وصغار المستخدمين، ويهدد بانقطاع بعضهم عن الشبكة»، لافتاً إلى أن هناك في لبنان نحو 800 ألف مستخدم لشبكة الإنترنت الأرضية، لا يزال نحو 40 في المائة منهم يدفعون فاتورة الإنترنت على الليرة اللبنانية. ويشرح قطايا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رفع الأسعار سيؤثر على الناس، حيث سيتجه بعضهم إلى باقات أقل سرعة مثلاً، لتخفيف الأعباء، كما سيتقاسم بعضهم الشبكة مع آخرين، مما سيؤثر على سرعة الإنترنت وعلى الاتصال بالشبكة، وعلى موثوقية الإنترنت وإتاحته»، متسائلاً إذا كانت باقات الإنترنت عبر الجوال سيرتفع سعرها، وستصدر باقات أخرى، بالنظر إلى أن الشركتين المشغلتين للاتصالات الخلوية تحصلان على الإنترنت من شبكة «أوجيرو».

وتراكمت الملفات المتصلة بالإنترنت خلال الأسبوع الأخير دفعة واحدة، من إضراب موظفي «أوجيرو» إلى انقطاع المازوت عن محطات التوزيع والإرسال، مما أدى إلى توقّف عدد من السنترالات.

ويضع قطايا، وهو خبير في «أمن الإنترنت»، ما جرى ضمن إطار «ابتزاز المواطنين»، حيث «أُخذ المستخدمون رهينة لموظفين ولانقطاع المازوت»، ويوضح: «لا نعارض زيادة الرواتب، لكن ما يجري يكشف أن لا خطة استراتيجية لتوفير استدامة للقطاع، وتُؤخذ القرارات على شكل ردود أفعال»، مشدداً على «ضرورة أن يكون رفع الأسعار ضمن إطار وخطة لتأمين الاستدامة».

وإذ أكد أن هناك موظفين لا يتوقفون عن العمل، يسأل في الوقت نفسه عن جدوى زيادة رواتب لموظفين «لا يقومون بأي عمل، وحصلوا على توظيف ضمن آلية المحاصصة السياسية في السابق»، مشدداً على ضرورة «ترشيق الإدارة وترشيد الموظفين والنفقات التي يُدفع بعضها لشركات خاصة»، إلى جانب «وضع خطة تطوير مستدامة قائمة على الطاقة البديلة لقطاع حيوي، في ظل انقطاع الكهرباء والتعثر في تأمين المازوت لتوليد الطاقة للمحطات»، موضحاً أنها «جزء من خطط مستدامة لتوفير الصيانة والطاقة لقطاع لا يمكن له الاعتماد على المازوت».

وكانت وزارة الاتصالات من أبرز الوزارات اللبنانية التي تدر على الخزينة أموالاً قبل الأزمة المالية التي بدأت في عام 2019، لكن هناك تقارير عن هدر حققت به الهيئات الرقابية، وصدر تقرير في السابق عن «ديوان المحاسبة» يبرز هذا الجانب ويحدد المسؤوليات.



كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
TT

كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)

طلب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة في أسرع وقت ممكن لإلحاق هزيمة كاملة بحركة «حماس» في قطاع غزة، إذا لم تخرج صفقة التبادل إلى حيز التنفيذ حتى موعد تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في الـ20 من الشهر الحالي.

وأكد كاتس أنه أصدر تعليماته بهذا الشأن لرئيس هيئة الأركان، هيرتسي هاليفي، في اجتماع أمني عقد، الخميس، وأوضح له أنه لا ينبغي لإسرائيل الانجرار إلى حرب استنزاف مع «حماس» في غزة؛ لأنها ستكون مكلفة، ولن تحقق الهدف الاستراتيجي للحرب، وهو هزيمة «حماس» المطلقة، فيما يبقى المختطفون في الأنفاق معرضين لخطر الموت.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يحذر الجيش من الانجرار لحرب استنزاف (أرشيفية - د.ب.أ)

وطلب كاتس من هاليفي توضيح أي نقاط تجعل تنفيذ الخطة صعباً، بما في ذلك الموضوع الإنساني أو أي قضايا أخرى، حتى يقرر المستوى السياسي.

وأكد كاتس أن الحل السياسي في غزة ليس ذي صلة بطلبه؛ «لأنه لن يتحمل أي طرف عربي أو غيره مسؤولية إدارة الحياة المدنية في غزة ما دام لم يتم سحق (حماس) بشكل كامل». ورأى وجوب تغيير طريقة عمل الجيش حتى يتسنى القضاء على «حماس»، وإنهاء الحرب.

ولم يعرف ما المقصود بالهزيمة الكاملة، على الرغم من أن القضاء على البنية التحتية العسكرية لـ«حماس» وإنهاء حكمها في القطاع كانا هدفين محددين لإسرائيل منذ بداية الحرب.

وقال محرر الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش، دورون كدوش، إن كاتس يعتقد أن الجيش الإسرائيلي لم يتصرف بشكل صحيح حتى الآن لهزيمة «حماس»، وتم جره إلى حرب استنزاف، ولذا يريد تغيير السياسة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، ويعتقد أن ذلك قد يساعد على هزيمة الحركة. وأضاف: «لا يُعرف ما الخطة التي سيقدمها الجيش لكاتس بهدف هزيمة (حماس) بالكامل. لكن في مناقشات مغلقة كانوا يتحدثون بشكل واضح عن أنه من دون إيجاد بديل لحكم (حماس) سيكون من المستحيل الإطاحة بحكمها». وبحسبه، من الممكن أيضاً نشر ثلاث فرق عسكرية أخرى في القطاع، وتنفيذ مناورة برية في وقت واحد في عدة مناطق.

مظاهرة في تل أبيب بعنوان «أنتم تقتلونهم» تطالب حكومة نتنياهو بالتحرك لإنقاذ جميع الرهائن الجمعة (أ.ف.ب)

وفيما يعتقد كاتس، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لا يوجد حالياً مجال لخلق بديل حاكم لـ«حماس»، وفيما يخشى الجيش الإسرائيلي من تعميق مناورته البرية في مناطق في وسط القطاع قد يودي بحياة مختطفين، فإن التركيز أغلب الظن سيكون على تغيير السياسة المتعلقة بالمساعدات.

وتعتقد إسرائيل أنه مع دخول ترمب إلى السلطة، يمكن تقليص المساعدات لقطاع غزة، وهذا سيشكل مفتاحاً رئيسياً لإضعاف وإنهاء حكم «حماس».

وأعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الأسبوع الماضي، أنه بعد تنصيب ترمب، ستقلص إسرائيل المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة إلى «الحد الأدنى المطلوب بموجب القانون الدولي».

ويدعم سموتريتش سيطرة مدنية إسرائيلية في قطاع غزة، وإدارة توزيع المساعدات الإنسانية، ويعتقد أن ذلك هو الطريق الوحيد لإعادة المحتجزين.

طفلة فلسطينية تبكي وهي تنتظر دورها للحصول على وجبة طعام من مطيخ تديره جمعية خيرية في خان يونس جنوب قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)

مفاوضات الدوحة

ويحاول الوسطاء في العاصمة القطرية الدوحة دفع اتفاق قبل وصول ترمب الذي هدد الشرق الأوسط «بجحيم» إذا وصل إلى البيت الأبيض دون صفقة منجزة. ويوجد تقدم كبير في المفاوضات لكن بعض القضايا ما زالت بحاجة إلى حلول.

وقال المسؤول عن المختطفين والمفقودين، جال هيرش، لعائلات محتجزين التقاهم، الخميس، إن المفاوضات جارية من أجل اتفاق لعودة جميع المختطفين، لكن على مراحل.

وأوضح هيرش أن جميع المناقشات تتركز حالياً على المرحلة الأولى. وبحسبه، فإنه بعد أسبوعين من الاتفاق ستبدأ المفاوضات حول المرحلة التالية من الصفقة.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المفاوضات مستمرة في الدوحة وليست عالقة، على الرغم من الصعوبات والفجوات.

وزعمت الصحيفة أن الأطراف تحرز تقدماً، ولكن في كل مرة يتم حل قضية واحدة تعيد «حماس» فتح النقاط، التي تم الاتفاق عليها بالفعل.

جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)

ووصفت الصحيفة المفاوضات بالمرهقة بسبب صعوبات الاتصال بين «حماس» في الخارج وقائد الجناح المسلح في قطاع غزة محمد السنوار. وأشارت إلى أن «حماس» ترفض حتى الآن تقديم قائمة بأسماء المختطفين الأحياء، فيما يحاول الوسطاء إيجاد حلول وسط لذلك.

وفي إسرائيل ثمة إصرار على أنه دون قائمة المختطفين لا توجد إمكانية للتقدم، وهي ترى أن رفض «حماس» توضيح من هو حي ومن هو ميت بمثابة لعبة منها لمحاولة إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المعتقلين الفلسطينيين، مقابل أقل عدد ممكن من المختطفين على قيد الحياة.

وبحسب «يديعوت أحرونوت»، فإن الخلاف حول نهاية الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي لا يزال قائماً. وعلى الرغم من أن «حماس» لا تضع ذلك شرطاً فورياً، فإنه في كل مرة تعود القضية إلى السطح. وقالت: «إسرائيل تصر على ترك منطقة عازلة بعرض كيلومتر في شرق القطاع وجنوبه على محور فيلادلفيا، وهذا سيحد من عودة السكان إلى منازلهم».

وخلصت «يديعوت أحرونوت» إلى القول إن الوسطاء يأملون في أن يساعد انضمام مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، إلى الوسطاء في خلق ديناميكية جديدة ويحرك «حماس»، ويجعلها تفهم أن ترمب جاد في تهديداته بـ«فتح أبواب الجحيم» إذا لم يتم إطلاق سراح المختطفين.