بري: عدم الجدية في خوض الاستحقاق الرئاسي العائق الأكبر

قال لـ«الشرق الأوسط»: هناك مسارات تفاهمنا عليها وننتظر تنفيذها

الرئيس نبيه بري يراقب عد الأصوات في إحدى الجلسات التي فشلت في انتخاب رئيس (أ.ف.ب)
الرئيس نبيه بري يراقب عد الأصوات في إحدى الجلسات التي فشلت في انتخاب رئيس (أ.ف.ب)
TT

بري: عدم الجدية في خوض الاستحقاق الرئاسي العائق الأكبر

الرئيس نبيه بري يراقب عد الأصوات في إحدى الجلسات التي فشلت في انتخاب رئيس (أ.ف.ب)
الرئيس نبيه بري يراقب عد الأصوات في إحدى الجلسات التي فشلت في انتخاب رئيس (أ.ف.ب)

لعل السؤال الأكثر تداولاً في لبنان، بين ساسة البلاد، واللاعبين الدوليين والإقليميين هو إذا كان رئيس البرلمان نبيه بري سيدعو إلى الجلسة 12 لانتخاب رئيس للجمهورية، أم لا، ومتى.

الجلسات الـ11 التي عقدت قبل الفراغ الرئاسي في أول نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبعده، لا تشجع رئيس المجلس على «تكرار المهزلة»، والضغوط المحلية... ولاحقاً الدولية، لن «تجبر بري على الدعوة من أجل الدعوة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط». فالرئيس بري يريد جلسة مثمرة... وبمرشحين جديين اثنين على الأقل. «فلو أردنا تكرار سيناريو الجلسات السابقة، لدعوت إلى جلسة كل أسبوع. لكن مع غياب الجدية، واحتراماً للمجلس الذي أصبح موضع سخرية الكثيرين، لن أفعل. وبعض (الوشاة) في الداخل والخارج لن يجعلوني أفعل».

عادة لا يعطي بري أذناً صاغية لـ«مزايدات بعض السياسيين» حتى لو استفزوه بأنه لن يعقد جلسة ولو بعد 300 سنة، فهي «تدخل من أذن وتخرج من أخرى»، لكن الكلام الأميركي عن عقوبات على معرقلي الانتخابات ومحاولة بعض اللبنانيين الإيحاء بأن بري هو المقصود بها، دفع بري إلى إصدار بيان «يضع النقاط على الحروف».

موقف بري لا يزال على حاله قبل البيان الأميركي وبعده، «فهو لا يعد أن عدم الدعوة عرقلة، بل عدم الجدية في خوض هذا الاستحقاق العائق الأكبر. أنا سأدعو إلى جلسة فور توفر (الترشيح الجدي)، وليس فقط من أجل مرشحنا الذي ما زلنا نرى فيه الخيار الأفضل للخروج من الأزمة، بل لأي مرشح آخر، حتى لو كان خصماً لنا، علماً بأني لا أرى بين المطروحة أسماؤهم خصوماً».

ولا ينسى بري أن يستذكر تصريحات معلنة لرئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» اللذين جاهرا بنيتهما مقاطعة الجلسة لمنع وصول «مرشح الممانعة» على حد وصفهما الحرفي، «أما نحن، فكنا نقول دائماً، إن موازين القوى في البرلمان لا تسمح بحصول مرشح ما على الأصوات اللازمة لانتخابه، وبالتالي مع استعصاء الانتخاب دعونا إلى التفاهم، وهو ما يرفضونه ويضعون الانتخابات في حال من المراوحة المميتة والمؤذية». ويضيف: «في ظل هذا الواقع، ما الذي يمكن أن نفعله؟ هل نستمر في إرهاق الناس بإجراءات الأمن حول البرلمان وجعل أنفسنا محط سخرية القريب والبعيد بعقد جلسات لا جدوى منها ولا هدف؟ أم السعي إلى الوصول إلى حلول؟ وهو ما نفعله يومياً».

ترشيح فرنجية، لا يزال الخيار الأوضح. «هو مرشح تبنينا ترشيحه في فريقنا السياسي، ولديه خيارات معلنة، واستعداد للتعاون مع الجميع. أما ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور فلا يزال أسير النوايا. وعندما يصبح ترشيحه جدياً، سأدعو إلى جلسة فوراً». لا ينظر بري بجدية إلى بعض (الأرقام) التي يتم تداولها عن حصول أزعور على 68 صوتاً. فحتى التيار الوطني الحر لم يصدر بياناً واضحاً، وبعض نواب التكتل يجاهرون بمعارضته.

المعادلة واضحة، كما يراها بري، هناك شبه توازن سيحصل، إذا تم تبني ترشيح أزعور، وبالتالي يبقى صوت النواب السنة الحاسم. وهؤلاء لم يذهبوا في اتجاه واحد، ويتوزعون في مواقفهم، بما يوحي بأن الأمور صعبة من دون تفاهم وطني عام.

دولياً وإقليمياً، يرتاح الرئيس بري إلى الموقف الفرنسي. فباريس لا تزال متمسكة بترشيح فرنجية وتعمل من أجل تأمين تفاهم إقليمي ومحلي. أما المملكة العربية السعودية فهي لا تمانع وصول فرنجية، ولا تضع فيتو على أحد. هي تدعو إلى انتخاب رئيس وبرنامج إصلاحي وستحكم - كما بقية الدول - على هذا البرنامج وتطبيقه. الدول الخمس، تقول إنها تريد الخير للبنان وتعمل من أجل مساعدته في الوصول إلى طريق الخلاص، وهذا يستوجب تعاوناً لبنانياً داخلياً وجدية في مقاربة الملفات. «وأنا قلت لسفراء هذه الدول عندما زاروني إننا نريد منهم لا أن يختاروا لنا رئيساً، بل أن يساعدوا من سنختاره. هناك أمور توافقنا عليها، ومسارات تفاهمنا عليها، ونحن لا نزال ننتظر تنفيذ هذه التفاهمات التي تأخر بعضها لأسباب لا أعرفها».



لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

وصف موقع «أكسيوس» الأميركي وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني بالإنجاز الدبلوماسي صعب المنال، لكنه قال إن منع انهياره قد يكون أكثر صعوبة، في النهاية.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستُكلّف بالحفاظ على الهدوء على طول واحدة من أكثر الحدود تقلباً في الشرق الأوسط، بين إسرائيل ولبنان، أثناء انتقال الرئاسة وفي خِضم أزمة إقليمية أوسع نطاقاً لم تنتهِ بعد.

وتطلّب الاتفاق شهوراً من المفاوضات المعقدة، والتي شارك فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وفريقه الذين سيرثون الاتفاق في الأيام الأخيرة.

وإذا نجح، فإن الاتفاق سيُنهي عاماً من إراقة الدماء، ويسمح لمئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم.

لكن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة المهامّ الشاقة المتمثلة في مراقبة الانتهاكات، وربما كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعهّد، حتى قبل الانتهاء من الاتفاق، بالتخلي عنه إذا تجاوز «حزب الله» أحد الخطوط الحمراء الكثيرة.

ولفت الموقع إلى أنه بعد يوم واحد من إعلان مبادرة وقف إطلاق النار الأميركية الفرنسية في سبتمبر (أيلول) الماضي، فاجأت إسرائيل البيت الأبيض والعالم باغتيال زعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله.

وبينما لم يذرف الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مستشاريه أي دموع على وفاة نصر الله، فإن قرار نتنياهو إبقاء بايدن دون علم خَلَق توترات، كما قال مسؤولون أميركيون لـ«أكسيوس».

لكن بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأ كبير مستشاري بايدن أموس هوكستين العمل مع كل من إسرائيل ولبنان لصياغة معايير اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي 31 أكتوبر، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأميركية، سافر هوكستين إلى إسرائيل، والتقى نتنياهو الذي قال له، وفقاً لمسؤول أميركي حضر الاجتماع: «أعتقد أن هناك فرصة».

وقال المسؤول الأميركي: «لقد رأينا في ذلك الوقت تغييراً في الموقف وتوافقاً في كل من إسرائيل ولبنان بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار».

وبعد خمسة أيام من الانتخابات، التقى رون ديرمر، المقرَّب من نتنياهو، ترمب في منتجعه مار إيه لاغو.

وقال مصدران مطّلعان على المحادثة إن ديرمر أخبر ترمب بمفاوضات لبنان أثناء سيرهما معاً في ملعب ترمب للغولف.

ولم يُبدِ ترمب أي اعتراضات، بل أشار إلى دعمه عمل نتنياهو مع بايدن للتوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وناقش ديرمر اتفاق لبنان على مدار اليومين التاليين مع أموس هوكستين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك.

وفي تلك المرحلة، رأى هوكستين «ضوءاً في نهاية النفق»، وقرر إطلاع فريق الأمن القومي لترمب على احتمال التوصل إلى اتفاق في غضون أيام، وفقاً لمسؤول أميركي.

وكانت إحدى نقاط الخلاف الكبيرة الأخيرة هي ما إذا كانت إسرائيل ستتمتع بالحق في الرد على انتهاكات «حزب الله».

ونصحت فرنسا القادة اللبنانيين بعدم قبول هذا البند؛ لأنه سيكون انتهاكاً لسيادة لبنان، وفقاً للمسؤول الأميركي، الذي قال، لـ«أكسيوس»: «لديه القدرة على إفشال الصفقة بأكملها».

وقال المسؤول إن وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن سحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جانباً، في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وأخبره بأن الموقف الفرنسي يُعرّض الصفقة للخطر. وفي هذا اللقاء القصير وافق ماكرون على أن تتوقف فرنسا عن توصيل هذه الرسالة إلى لبنان.

ونفى مسؤول فرنسي ذلك.

وابتداءً من يوم الخميس الماضي، كانت الصفقة مكتملة تقريباً، لكن بينما كان أموس هوكستين يلتقي نتنياهو، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضده.

وكان نتنياهو غاضباً، خاصة بعد أن قالت فرنسا إنها ستنفّذ مذكرة الاعتقال، وانشغل تماماً بمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام أخرى، ووساطة بايدن بين نتنياهو وماكرون، وتهديداً من أموس هوكستين بالانسحاب قبل أن تعود المفاوضات إلى مسارها الصحيح.

وجرى التوصل إلى اتفاق، مساء الأحد، ووافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد 36 ساعة.

وفي يوم الاثنين، قدَّم هوكستين إحاطة ثانية لفريق ترمب، وأخبرهم بالالتزامات التي تعهدت بها الولايات المتحدة بوصفها جزءاً من الاتفاق - بشكل أساسي الإشراف على آلية المراقبة، وتوجيه قدرة إسرائيل على الاستجابة للانتهاكات.

وقال مسؤول أميركي: «اتفق فريق ترمب على أن هذا أمر جيد لإسرائيل ولبنان وللأمن القومي للولايات المتحدة، وأن القيام بذلك الآن وليس لاحقاً سينقذ الأرواح».

رجل يلوِّح بعَلم لبنان وهو يقف وسط أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار (رويترز)

وادعى مسؤول انتقالي في إدارة ترمب أن «حزب الله» وافق على الصفقة بعد فوز ترمب، لأنه كان يعلم أن شروط الصفقة لن تصبح أكثر صرامة في عهد ترمب.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الخطوة التالية هي أن ينتقل الجيش اللبناني إلى جنوب لبنان، وهي المنطقة التي تفوّق فيها «حزب الله» تاريخياً، وضمان تحركه شمالاً، وإزالة أي أسلحة ثقيلة متبقية.

وفشل الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق مماثل بعد حرب 2006 بين إسرائيل و«حزب الله».

وزعم مسؤول أميركي أن الجيش اللبناني، هذه المرة، في وضع أقوى.

وبينما لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض في جنوب لبنان، فإن الضباط العسكريين الأميركيين سيعملون من السفارة في بيروت، بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين والإسرائيليين واللبنانيين والأمم المتحدة. وسوف يتلقون الشكاوى ويعالجون الانتهاكات.

والاتفاق يمنح إسرائيل ترخيصاً للرد على التهديدات الأمنية المباشرة من الأراضي اللبنانية، لكن المسؤولين الأميركيين يأملون أن يخفف نظام المراقبة من الحاجة إلى القيام بذلك.

وقال مسؤول أميركي: «نريد أن تكون لدينا رسائل فورية للتأكد من أنه كلما كان هناك انتهاك خطير، يجري التعامل معه على الفور، وإذا لم يجرِ التعامل معه وتطوَّر إلى تهديد مباشر، فسيتعيّن على إسرائيل معالجته».

وفي غضون ثمانية أسابيع، سيكون اتفاق هذه الهدنة الهشة على عاتق ترمب، وفقاً لـ«أكسيوس».