الاعتراضات على «مناورات الأحد» تتصاعد... و«حزب الله» يرد بأنها «لا تقدم ولا تؤخر»

ميقاتي ينتقد بخجل ويصف سلاح الحزب بأنه «واقع يحتاج إلى وفاق وطني شامل»

من مناورات «حزب الله» الأحد الماضي (أ.ف.ب)
من مناورات «حزب الله» الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاعتراضات على «مناورات الأحد» تتصاعد... و«حزب الله» يرد بأنها «لا تقدم ولا تؤخر»

من مناورات «حزب الله» الأحد الماضي (أ.ف.ب)
من مناورات «حزب الله» الأحد الماضي (أ.ف.ب)

لا تزال مناورة «حزب الله» العسكرية التي نفذها يوم الأحد في منطقة عرمتى، بجنوب لبنان، تأخذ حيزاً من الاهتمام اللبناني، حيث رأى فيها معارضوه تعدياً فاضحاً على السيادة اللبنانية، فيما قال نائب أمين عام الحزب نعيم قاسم، إن المناورة وهي الأولى من نوعها من قبل الحزب في لبنان، رسالة ثبات وجهوزية، وردّ على المعترضين قائلاً: «كلامهم لا يقدّم ولا يؤخر».

وفي أول موقف رسمي من المناورة، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن الحكومة اللبنانية «ترفض أي مظهر يشكل انتقاصاً من سلطة الدولة وسيادتها»، لكنه استدرك قائلاً إن «الإشكالية المتعلقة بموضوع سلاح (حزب الله) ترتبط بواقع يحتاج إلى وفاق وطني شامل»، وكان ميقاتي يتحدث رداً على «استفسار» من قبل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي زارته في السراي الحكومي.

وتطرق رئيس الحكومة إلى الأوضاع في الجنوب، مشدداً على «التعاون القائم بين الجيش وقوات اليونيفيل ضمن منطقة عمليات الأمم المتحدة، والتزام لبنان القرار الدولي رقم 1701»، وطلب أن «يبذل مجلس الأمن الدولي جهوده لتثبيت وقف دائم لإطلاق النار في الجنوب، والضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية».

وأكد ميقاتي، بحسب بيان، أن «الحكومة اللبنانية ترفض أي مظهر يشكل انتقاصاً من سلطة الدولة وسيادتها، إلا أن الإشكالية المتعلقة بموضوع سلاح (حزب الله) تحديداً ترتبط بواقع يحتاج إلى وفاق وطني شامل، وهو أمر يجب أن يكون من أولويات المرحلة المقبلة. وفي الوقت الحاضر فإن الحكومة تشدد على الحفاظ على الاستقرار الأمني على كامل الأراضي اللبنانية وعدم القيام بأي عمل يتسبب بزعزعته».

وكان «حزب الله» قد نفذ المناورة يوم الأحد، بحضور مراسلي وسائل إعلام محلية وأجنبية، حيث استخدم الأسلحة الحية والثقيلة من الدبابات وراجمات الصواريخ، وتضمنت محاكاة لعملية اقتحام أراضٍ إسرائيلية عبر تفجير الجدار الفاصل والدخول عبره.

«حزب الله» أجرى مناورة بالذخيرة الحية في ذكرى «عيد المقاومة والتحرير» (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن المناورة العسكرية التي أجراها «حزب الله»، مرفوضة تماماً، وقال في بيان له: «في الوقت الذي يصارع فيه اللبنانيون ليل نهار وفي كلّ لحظة لإعادة بناء دولتهم واستعادة الثقة العربية والدولية بهذه الدولة، وجّه (حزب الله) رسالة واضحة أمام اللبنانيين جميعهم، والمجتمعين العربي والدولي، مفادها أنّه مهما حاولتم وسعيتم لن نسمح بقيام دولة فعلية في لبنان».

وأضاف: «في الوقت الذي شهدت فيه المنطقة في الشهرين الأخيرين بعض الخطوات الإيجابية التي تؤشر إلى إمكان عودة الأوضاع إلى طبيعتها، كانت آخر الإشارات على هذا الصعيد ما صدر في البند السادس من مقررات القمة العربية في جدة التي عقدت يوم الجمعة الماضي لجهة (الرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة)، وفي الوقت الذي تذهب فيه الأمور بالمنطقة نحو هذا الاتجاه، بشّر (حزب الله) الجامعة العربية بما تضم من دول، كما المجموعة الدولية، بأنّه غير معني بكلّ ما يحدث على مستوى المنطقة، وأنّه مستمر فيما كان عليه في السنوات العشرين الأخيرة».

ورأى جعجع أنه «إذا كان (حزب الله) يعتقد أن هذه المناورة بإمكانها أن تزيد من حظوظ مرشحه الرئاسي، فهو مخطئ تماماً»، خاتماً بالقول: «بالخلاصة؛ المناورة تصرف أرعن لن يتضرّر منه سوى لبنان وآمال شعبه في قيام دولة فعلية تخفِّف من عذاباته، كما أنه لن يؤثر سلباً إلا على بعض أجواء الانفراجات التي سادت مؤخراً على المنطقة العربية، وبالتالي خطوة (المناورة) لن تستفيد منها إلا إسرائيل».

من جهته، كتب النائب في «القوات» جورج عقيص عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «مناورات حزب الله العسكرية تأتي في هذه اللحظة في محاولة لإثبات أن الاتفاق السعودي - الايراني لن يغيّر في المعادلة الداخلية ولن يقوّض أركان الدويلة». وسأل: «حزب الله يرسل الرسائل التي تناسبه، فماذا عن السياديين، كيف يحضرون الرد؟ وكيف سينفذون وكالتهم الشعبية التي أعطيت لهم للوقوف بوجهه؟»، مؤكداً أن «الرد المناسب يكون باختيار مرشح لرئاسة الجمهورية يمثل طموحات المعارضة ويضمن سيادة الدولة وحصرية السلاح فيها، والذهاب إلى معركة ديمقراطية قادرة على إثبات خيار أكثرية اللبنانيين وفرضه ليس على حزب الله وحسب، بل على دول العالم أجمع التي لن يكون أمامها سوى احترام إرادة أكثرية اللبنانيين».

الرفض نفسه عبّر عنه نائب «القوات» سعيد الأسمر، متوجهاً إلى «حزب الله» عبر «تويتر»: «استعراض القوة الذي قمتم به لا يعنينا ولا يُخيفنا، بل يزيدنا قناعة وتمسكاً بخياراتنا في بناء دولة قادرة وقوية وعادلة، لا سلاح فيها خارج الشرعية، ولا مصلحة تعلو فوق مصلحة وطننا وشعبنا ولا معادلة تحمي وتصون لبنان واللبنانيين سوى جيش وشعب ودولة».

ووصف النائب إبراهيم منيمنة مناورة «حزب الله»، بأنها «رسالة فارغة المعاني»، وقال عبر «تويتر»: «في زمن ترسيم الحدود البحرية والمصالحة الإيرانية - السعودية، تصبح المناورات واستعراض القوة لزوم ما لا يلزم، ورسالة فارغة المعاني».

وأضاف منيمنة: «مجدداً ندعو إلى انتهاز اللحظة الإقليمية والدولية لوضع أسس لتوافق داخلي - لا مفر منه - حول السياسة الدفاعية والخارجية بما يضمن مرجعية الدولة، يتقاطع مع مشروع لإعادة بناء الدولة المنهوبة اقتصادياً».

بدوره، تحدث «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» و«لقاء سيدة الجبل» في بيان، إثر عقدهما اجتماعاً مشتركاً عن تهميش لدور الجيش اللبناني والقرار 1701، وبعد أقل من شهر على زيارة وزير الخارجية الإيراني للجنوب للقول إن إيران على حدود إسرائيل، وقال: «ها هو حزب الله ينفّذ مناورة بالذخيرة الحيّة وبحضور إعلاميين لبنانيين وغير لبنانيين، في استعراض غير مسبوق للقوة أراد الحزب من خلاله توجيه الرسائل للداخل والخارج».

ورأى أن «مناورة حزب الله تُقرأ في توقيتها في لحظة إقليمية تشهد متغيّرات متسارعة يحاول الحزب أن يوظفها بتكريس غلبته في الداخل اللبناني، وبالأخص في معركة رئاسة الجمهورية، وذلك على قاعدة أن أي رئيس جديد للبنان ليس عليه أن يعترف بسلاح الحزب فقط، بل أيضاً أن يضمن حريته في استخدامه خارج أي إجماع لبناني، أي أن هذه المناورة تؤكد المؤكد لجهة أن حزب الله يريد أن يشكل دولة تابعة له في لبنان، بدءاً من رئاسة الجمهورية، تحمي سلاحه وتغطي حركته في الداخل والخارج».

وجدد البيان التأكيد على أن «لبنان تحت الاحتلال الإيراني واليوم أكثر من أي وقت مضى، ولذلك فإن معركة رئاسة الجمهورية ليست معركة حول أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، بل هي معركة لإسقاط المفاعيل السياسية للاحتلال الإيراني من خلال منع حزب الله من فرض خياراته الاستراتيجية على لبنان بدءاً من رئاسة الجمهورية، وبقوّة سلاحه الذي ترفضه الغالبية العظمى من اللبنانيين».

ورغم كل هذه الانتقادات، ردّ نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم على منتقديه، وقال: «المناورة هي الأولى من نوعها من قبل (حزب الله) في لبنان، وهي رسالة ثبات وجهوزية، ثبات حقق الانتصارات وجهوزية رادعة ومتأهبة لوقت التحرير، وبالتالي على الكيان الإسرائيلي والعالم الداعم له أن يعرِف تماماً أن مقاومة حزب الله ليست مقاومة عابرة، بل هي متجذرة في الأرض، وتطمح أن تحقق التحرير والاستقلال، وهي حاضرة لأن تبذل الغالي والرخيص لاستعادة الأرض والمعنويات والعزة والكرامة».

وقال قاسم في احتفال بجنوب لبنان في «عيد المقاومة والتحرير»: «الإسرائيلي يفهم معنى هذه المناورة وبعض من انتقدها في الداخل، (اتركوهن) عادة لا بد أن يتكلموا ونحن مع حرية الرأي (يحكوا ما يريدون)، طالما أن هذا الكلام لن يقدم ولن يؤخر، وهم في الأساس لم يحموا المقاومة بل دائماً يرمونها».

وأضاف: «نحن لم نمتلك السلاح للبحث عن دور سياسي في الداخل، فشعبيتنا تتكفل بهذا الدور، لكن من أجل المقاومة التي من دونها لم يكن لبنان ليتحرر، بل كانت إسرائيل ستقطع منه مستوطنات.


مقالات ذات صلة

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

آسيا زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ) play-circle 01:13

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مدفع يتبع الجيش الفنلندي يطلق قذيفة خلال التدريبات (صفحة الجيش الفنلندي عبر فيسبوك)

فنلندا تستضيف لأول مرة تدريبات مدفعية لـ«الناتو»

تستضيف فنلندا، بدءاً من الأحد، مناورات مدفعية واسعة النطاق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) للمرة الأولى منذ انضمامها إلى التحالف العسكري العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (روفانييمي )
العالم قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)

أستراليا والولايات المتحدة واليابان تعزز تعاونها العسكري

تعهدت أستراليا واليابان والولايات المتحدة التعاون عسكرياً بشكل وثيق في تدريب قواتها، بينما تعمّق هذه الدول علاقاتها في محاولة لمواجهة القوة العسكرية للصين.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
شمال افريقيا عناصر من القوات البرية والجوية والبحرية والقوات الخاصة للسعودية ومصر تشارك في تدريب «السهم الثاقب» (المتحدث العسكري المصري)

«السهم الثاقب»... انطلاق فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك

انطلقت في مصر فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك «السهم الثاقب»، الذي تستمر فعالياته على مدار أيام عدة، بنطاق «المنطقة الجنوبية العسكرية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.