توتر وترقب في القدس عشية «مسيرة الأعلام»... وواشنطن تدعو لضبط النفس

إسرائيل تدفع تعزيزات شرطية وتكنولوجية... والرئاسة تحذر من اشتعال المنطقة

إسرائيليون يلوّحون بالأعلام أمام باب العامود خارج البلدة القديمة للاحتفال بيوم القدس مايو 2022 (أ.ب)
إسرائيليون يلوّحون بالأعلام أمام باب العامود خارج البلدة القديمة للاحتفال بيوم القدس مايو 2022 (أ.ب)
TT

توتر وترقب في القدس عشية «مسيرة الأعلام»... وواشنطن تدعو لضبط النفس

إسرائيليون يلوّحون بالأعلام أمام باب العامود خارج البلدة القديمة للاحتفال بيوم القدس مايو 2022 (أ.ب)
إسرائيليون يلوّحون بالأعلام أمام باب العامود خارج البلدة القديمة للاحتفال بيوم القدس مايو 2022 (أ.ب)

حذّرت الرئاسة الفلسطينية من «حرائق» و«عواقب وخيمة» لمسيرة الأعلام الاستفزازية المنوي إقامتها في القدس، الخميس، ويفترض أن تخترق الحي الإسلامي في البلدة القديمة، قائلة إن «الفلسطينيين قادرون على حماية أنفسهم ومقدساتهم من المتطرفين اليهود»، في حين هدّد وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، باسمهم، من التعرض للمسيرة بأي شكل، والرد بحزم على أي محاولة.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، الأربعاء، إن إصرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي على تنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازية للمستوطنين في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، لن تقود إلا إلى «التوتر وتفجير الأوضاع».

وحذّر أبو ردينة من دعوات المتطرفين لاقتحام المسيرة للمسجد الأقصى المبارك، سيشعل المنطقة وستكون العواقب وخيمة لمثل هذه المحاولات، محملاً حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الذي سيؤدي إلى تفجير الأوضاع.

وأكد أبو ردينة، أن الفلسطينيين قادرون على حماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. وجاءت تحذيرات الرئاسة الفلسطينية بعد يوم من تهديدات الفصائل الفلسطينية لإسرائيل إذا ما سمحت للمسيرة بالوصول إلى الأقصى، وهي تهديدات رد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بقوله إن كل من يحاول اعتراض المسيرة سيكون دمه مهدوراً.

وينوي المتطرفون اليهود حشد 200 ألف في المسيرة التي تأتي احتفالاً بـ«توحيد» القدس، وسيكون ذلك أكبر تجمع إذا ما تحقق منذ بدأت المسيرة قبل عقود.

وحولت الشرطة الإسرائيلية القدس، إلى «ثكنة عسكرية» قبل يوم من موعد المسيرة. وأعلنت عن جهوزيتها لمنع «حوادث الاحتكاك والعنف»، مع ارتفاع التهديدات الفلسطينية، وانتشار دعوات فلسطينية لإطلاق مسيرة أعلام مضادة.

وقالت الشرطة الإسرائيلية، إنها ستعمل على نشر ما يزيد على 3200 ضابط شرطة وقوات أمن ومتطوعين في جميع أنحاء القدس، الخميس «للحفاظ على النظام العام وسلامة الناس والممتلكات وتوجيه حركة المرور»، مؤكدة أن المسيرة لن تمر عبر باحات الأقصى رغم «محاولات التحريض».

تشمل الاستعدادات، اعتماد التكنولوجيا وكذلك ضباط الشرطة العلنيين والسريين، الذين «سيتصرفون بحسم ضد أي محاولة لانتهاك النظام والقانون». بحسب البيان.

يشارك في المسيرة الاستفزازية وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، وعلى رأسهم، وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي ترأس جلسة مشاورات أمنية موسعة الأربعاء مع قيادة الشرطة، وهدد بالتصدي لـ«كل التهديدات الإرهابية، وكل البلطجة وكل تهديدات بالاستفزاز». وقال بن غفير «لا شك أن هناك من سيحاول تعكير الفرحة، لكن سنتواجد بحزم ومن دون تردد».

وأمام التصعيد والتهديدات المتبادلة، حثت الولايات المتحدة على «الهدوء» و«ضبط النفس»، قبل المسيرة التي يفترض أن تمرّ عبر الحي الإسلامي بعد أقل من أسبوع من توصل إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بعد خمسة أيام من القتال.

وقال النائب الرئيسي للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، إن واشنطن «ستواصل حث الأطراف على الامتناع عن الأفعال ولغة الخطاب والأنشطة التي من شأنها تأجيج التوترات»، خلال مؤتمر صحفي. وأضاف باتيل، أن الولايات المتحدة «تحثّ جميع الأطراف على الحفاظ على الهدوء وضبط النفس وتجنب أي تصعيد للتوترات».

وبالإضافة إلى بن غفير الذي أبقته أجهزة الأمن الإسرائيلية، العام الماضي بعيداً عن مدخل باب العامود، من المتوقع أن يشارك أيضاً وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في المسيرة، وهو أيضاً شخصية يمينية متطرفة، ونواب من حزب «الليكود» ووزير شؤون القدس المتطرف مئير بوروش.

يذكر أنه في العام 2021، ضربت الفصائل الفلسطينية القدس، أثناء تقدم المسيرة، وكانت بداية حرب اندلعت في القطاع استمرت 11 يوماً، والعام الماضي تم توجيه المسيرة بعيداً عن الأقصى بعد نقاشات طويلة ومعمّقة وجدلية في إسرائيل؛ لتجنب تصعيد محتمل.

لكن هذا العام تعتقد إسرائيل أنها ردعت القطاع قبل قليل من هذه المسيرة. ويرى مسؤولون أمنيون أن فرص إطلاق الصواريخ من غزة خلال المسيرة، ستكون ضئيلة، بحسب ما أفادت «القناة 13»، لكن بعض المسؤولين يخشون تكرار ما حدث عام 2021، خصوصاً مع إصرار بعض المستوطنين الوصول إلى الأقصى.

جرافة إسرائيلية تهدم منزل نصار الحسيني في حي وادي قدوم في القدس الشرقية الأربعاء (إ.ب.أ)

وأكدت صحيفة «هآرتس»، أن بعض نشطاء اليمين يخططون لمحاولة الوصول إلى الأقصى مع أعلام إسرائيلية على الرغم من أن الشرطة قالت، إنها لن تسمح للمشاركين في المسيرة بالوصول إلى المنطقة.

واقتحم مستوطنون الأقصى، الأربعاء، على شكل مجموعات كبيرة ومتتالية، وأدَّوا طقوساً تلمودية عند الأبواب وفي الساحات. وجاء الاقتحام في وقت اعتقلت فيه الشرطة الإسرائيلية مقدسيين وأبعدت آخرين عن المسجد قبل مسيرة الأعلام؛ ما فاقم التوترات التي غذاها أيضاً هدم بلدية الاحتلال منازل لـ7 عائلات في حي وادي قدوم في بلدة سلوان.

وقال مركز معلومات وادي حلوة، إن الشقق السكنية التي هدمتها قوات الاحتلال، بذريعة عدم الترخيص، تؤوي 50 شخصاً من عائلة الحسيني، حيث حاصرت محيط الهدم، وأغلقت الطرقات؛ لمنع الوصول إلى الموقع، حتى الانتهاء من تدميرها.



«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
TT

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)

أفادت تقارير إسرائيلية، الأحد، بأن المفاوضات بشأن وقف النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر إرسال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي «الموساد»، ديفيد برنياع، الذي يترأس فريق التفاوض الإسرائيلي، الاثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة لإتمام بنود الصفقة.

وقالت مصادر سياسية إن هناك توقعات بأن يشهد منتصف الأسبوع الجاري إنجاز معظم، وربما كل الملفات، بين «حماس» وإسرائيل، وأشارت إلى أن هذه المفاوضات شهدت أجواء إيجابية وتقدماً، بفضل قيام وفد حركة «حماس» بالتعاطي بإيجابية ومرونة في ملف الرهائن لديها. وجاء هذا وسط حديث عن تمسك «حماس» بإنهاء الحرب والإفراج الشامل عن أسراها.

«المرحلة الإنسانية»

لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن التقدم يتركز في المرحلة الأولى من الصفقة، التي تسمى بـ«المرحلة الإنسانية»، والتي كان يبدو أنه تم التوصل إلى تفاهمات حول معظم تفاصيلها خلال الأشهر الماضية. ونقلت الصحيفة عن «مصدر رفيع في إحدى الدول الوسيطة» (لم تسمه) قوله إن «إسرائيل تحاول مجدداً إتمام صفقة جزئية تشمل عدداً محدوداً من الرهائن مقابل عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين تشمل وقف إطلاق نار لأسابيع قليلة، وربما قليلة جداً».

وذكرت الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسعى لإبرام صفقة على غرار جميع الصفقات التي أبرمتها إسرائيل لتبادل الأسرى خلال الخمسين عاماً الماضية، «أسرى مقابل أسرى» في عملية «سريعة نسبياً»، وتهدف إلى تنفيذها قبل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وأفادت بأن إسرائيل تهدف إلى «تأجيل النقاشات المركزية التي تبدو حالياً غير قابلة للحل، إلى المرحلة التالية»؛ ولفتت الصحيفة إلى تحذيرات صادرة عن الدول الوسيطة وكبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية: «صفقة كهذه قد تعرض حياة سائر الرهائن إلى خطر أشد».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إن صفقة كهذه قد تفتح الباب أمام مزيد من الصفقات المستقبلية، «لكن قد يحدث العكس كذلك، ولدى معظمنا، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو أن الصفقة الصغيرة، إذا تم التوصل إليها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جداً. إذ يستبعد أن يبقى من نحررهم».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

«توافق واسع»

ولفتت الصحيفة إلى «توافق واسع» في أوساط كبار المسؤولين والمفاوضين والجهات الاستخباراتية المعنية بجمع معلومات عن الأسرى في غزة على أنه «من الأفضل السعي فورياً إلى صفقة شاملة، (الجميع مقابل الجميع)، حتى لو شمل ذلك إنهاء الحرب على صعيد الإعلان».

ويرى مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية أنه «لن تكون هناك مشكلة للعودة إلى القتال في غزة في حال انتهاك (حماس) للاتفاق»، وقال مسؤول رفيع إنه إذا تم التوصل إلى صفقة على عدة مراحل، «لن تنفذ منها إلا مرحلة واحدة»، وذلك في ظل إصرار تل أبيب على مواصلة الحرب.

وقال مسؤول رفيع إنه «حتى في حال التوصل إلى صفقة جزئية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ومن المحتمل أن يكون من الصعب على إسرائيل العودة إلى القتال وستقلص وجودها في الميدان. وبالنتيجة سيتراجع الضغط على (حماس) التي ستمتنع عن تقديم تنازلات».

وذكرت الصحيفة أن جزءاً من الأزمة يكمن في القيود التي تفرضها القيادة السياسية في إسرائيل على فريق المفاوضات، بحيث يصر نتنياهو على التوصل إلى صفقة متعددة المراحل، مع الامتناع عن مناقشة الجزء الحاسم الذي يتضمن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب.

وقال مصدر رفيع في الدول الوسيطة: «كل ما عليك فعله هو الاستماع إلى خطب قادة إسرائيل من جانب، وقادة (حماس) من الجانب الآخر. في إسرائيل يقولون: سنعود إلى القتال بالتأكيد، وفي (حماس) يقولون إنهم مستعدون للمرونة في الجدول الزمني». وتابع: «بمعنى أن (حماس) لا تهتم بمعرفة عدد القوات التي ستنسحب وفي أي يوم، لكنها لن تقبل بصفقة إذا لم تكن شاملة، حتى لو كانت على مراحل، تتضمن تفاصيل واضحة تشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أو غالبيته، وإنهاء الحرب، والإفراج الشامل عن الأسرى». ولفت التقرير إلى أن نتنياهو يصر على عدم مناقشة هذه الملفات الجوهرية بالنسبة لحركة «حماس» إلا في منتصف المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة، وبالتالي سيكون بإمكانه أن يقول لشركائه في اليمين المتطرف إنه «لم يكن ينوي المضي إلى ما بعد المرحلة الأولى».

فلسطينيات ينعين أقارب لهن قُتلوا بالقصف الإسرائيلي خارج «مستشفى شهداء الأقصى» في دير البلح وسط قطاع الأحد (أ.ف.ب)

اجتماع حكومي مصغر

لكن نتنياهو، بحسب مصدر سياسي مقرب من الحكومة الإسرائيلية، دعا إلى اجتماع مصغر مع شركائه في الائتلاف، للبحث في التطورات الجديدة، على أن يضم الاجتماع كلاً من «وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس حزب شاش أرييه درعي». وفي ضوء هذه المداولات يسافر رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي يعد كبير المفاوضين ورئيس الفريق الأعلى للمفاوضات. ويفترض أن يقدم الرد الإسرائيلي الأخير على مسودة اتفاق.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، قوله إنه والوزراء من حزب الليكود سيؤيدون صفقة تبادل أسرى «التي يقودها رئيس الحكومة نتنياهو»، ودعا باقي الوزراء إلى تأييدها، وأضاف أن «هذا واجبنا الأخلاقي ولا توجد فريضة أهم من افتداء الأسرى».

وكان نتنياهو قد تحدث إلى والدي الجندية الإسرائيلية الأسيرة لدى «حماس»، ليري الباغ، التي ظهرت في شريط بثته الحركة، وقال إنه يعمل بكل قوته حتى يحررها مع بقية الرهائن. لكن عائلة أخرى قالت إنها التقت أحد أعضاء فريق التفاوض الذي قال لها إن «الرهائن ليسوا على رأس سلم الأولويات لدى الحكومة». وأضاف: «نحن نعرف هذه الحقيقة المرة ونصعق كل مرة من جديد ونحن نشاهد كيف تهمل حكومتنا الأبناء. لكن أن يؤكد لنا هذه الحقيقة مسؤول في وفد المفاوضات، فذلك يزعزعنا ويطير النوم من عيوننا».