إسرائيل: «الجهاد» لديها 6 آلاف صاروخ في ترسانتها

واصلت غاراتها على غزة... والفصائل الفلسطينية ردت برشقات صاروخية

TT

إسرائيل: «الجهاد» لديها 6 آلاف صاروخ في ترسانتها

صواريخ أطلقتها حركة «الجهاد» الفلسطينية في مدينة غزة (إ.ب.أ)
صواريخ أطلقتها حركة «الجهاد» الفلسطينية في مدينة غزة (إ.ب.أ)

شنت الطائرات الإسرائيلية سلسلة غارات على قطاع غزة في ساعات الفجر الأولى وصباح اليوم (السبت)، وردّت الفصائل الفلسطينية بإطلاق رشقات صاروخية، في النزاع المستمر بين الطرفين منذ خمسة أيام.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، اليوم، أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت 6 منصات صواريخ وهاون تابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة.

وقال أدرعي عبر حسابه على «تويتر» إن «حركة الجهاد استخدمت هذه المنصات في إطلاق صواريخ على إسرائيل خلال الأيام الماضية».

«6 آلاف صاروخ»

وقال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي اليوم السبت، إن حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية لديها ستة آلاف صاروخ في ترسانتها، وإن حركة حماس لديها أربعة أضعاف ذلك الرقم.

وأضاف هنجبي أن إسرائيل تركز على إطلاق النار على مسلحين في غزة في الوقت الراهن أكثر من التركيز على التوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي الجولة الأحدث من القتال عبر الحدود الذي بدأ يوم الثلاثاء.من جهتها، ذكرت وكالة «معاً» الفلسطينية اليوم، أن «الطائرات الإسرائيلية قصفت منزلاً لعائلة أبو العطا بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، ومنزلاً آخر لعائلة ياسين بشارع اليرموك، وسط المدينة، ليرتفع عدد المنازل المدمرة خلال العدوان إلى 20 منزلاً، وأرضاً زراعية قرب مقبرة الفلوجا شرق جباليا، وأرضاً أخرى شرق غزة».

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة جوية إسرائيلية وسط القتال بين إسرائيل وغزة في بلدة دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم، إن فلسطينيين قُتلا في غارة شنتها إسرائيل على مشارف مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية؛ حيث اندلعت اشتباكات.

وأضافت وزارة الصحة الفلسطينية أن 33 فلسطينياً قُتلوا، منهم 6 أطفال و3 سيدات، وأصيب147 مواطناً بجروح مختلفة، حتى نهاية اليوم الرابع من الغارات الإسرائيلية.

وبدأ الجيش الإسرائيلي الثلاثاء الماضي غارات على قطاع غزة، رداً على إطلاق الفصائل الفلسطينية صواريخ صوب إسرائيل، احتجاجاً على وفاة المحتجز الفلسطيني خضر عدنان في السجون الإسرائيلية، بعد إضرابه عن الطعام لنحو 3 أشهر.

وفي سياق متصل، ردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق رشقات صاروخية منذ الساعة الخامسة وحتى السابعة صباحاً، ودوت صفارات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة، حسب وكالة «معاً».

من جهة أخرى، دعا رياض منصور مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات جادة وسريعة لحماية الشعب الفلسطيني وضمان أمنه، «وإنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي غير الشرعي، ونظام الفصل العنصري الذي تسبب في كثير من المعاناة الإنسانية لعقود طويلة، وحال دون تحقيق سلام وأمن عادل ودائم في المنطقة».

فلسطينيون يتفقدون منزلاً مدمراً بعد غارات إسرائيلية في بيت لاهيا (د.ب.أ)

وشدد منصور على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي لحماية السكان المدنيين الفلسطينيين، «وردع ارتكاب مزيد من الجرائم من قِبل إسرائيل، الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير ملموسة للمساءلة»، كما حث جميع الدول على السعي لتحقيق هذين الهدفين، بشكل جماعي وفردي، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة، ولضمان احترامه في جميع الظروف.

جاء ذلك في 3 رسائل متطابقة بعث بها منصور أمس (الجمعة) إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (سويسرا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن الهجوم العسكري الذي تواصل إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) شنه على قطاع غزة المحاصر.

وذكرت وكالة «وفا» الفلسطينية اليوم، أن منصور نوه في رسائله إلى استشهاد ما لا يقل عن 33 مواطناً فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 106 مواطنين فلسطينيين، من بينهم 32 طفلاً و17 امرأة، البعض منهم في حالة حرجة، إلى جانب تدمير المنازل وبنى تحتية مدنية أخرى على نطاق واسع، وتهجير للعائلات الفلسطينية وفقدانها للمنازل وسبل عيشهم.

وأشار منصور إلى أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى تفاقم الحالة الإنسانية المؤلمة للسكان المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في غزة منذ 16 عاماً، في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وإلى تشريد العائلات الفلسطينية في غزة مرة أخرى من منازلهم بسبب الهجمات الإسرائيلية المدمرة.

وقال منصور إنه منذ بداية عام 2023، «استشهد على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين، أكثر من 140 مواطناً فلسطينياً في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ما يظهر نمطاً منهجياً من الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل لحقوق الأطفال الفلسطينيين، ولا سيما حقهم في الحياة، التي يجب أن تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عنها، بما في ذلك من خلال إدراج قوات الاحتلال الإسرائيلي وجماعات المستوطنين الإرهابية في القائمة الخاصة بمنتهكي حقوق الطفل».

وتحاول مصر التوسط للتوصل إلى هدنة للمواجهة التي أسفرت حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 33 فلسطينياً وإسرائيلي واحد.



انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
TT

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

رغم أنها بنايات متضررة أو منهارة جزئياً، لم يجد كثير من الغزيين بُداً من العيش فيها، غير مكترثين لجدرانها الآيلة للسقوط، ولا جوانبها المهدمة، فهي في عيونهم أفضل من خيام مكدسة تتقاذفها الرياح، وتغرقها الأمطار، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة الآمنة.

ومع شدة الريح وغزارة المطر الذي انهمر على القطاع أياماً، سقطت مبانٍ ومنازل على رؤوس قاطنيها؛ إذ انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل في غضون 10 أيام؛ ما تَسَبَّبَ في وفاة أكثر من 15 فلسطينياً؛ وحذر المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة في حديث لـ«الشرق الأوسط» من تداعيات «المماطلة» في ملف إعادة الإعمار.

وفجر الأحد، انهارت بناية سكنية جديدة في حي الشيخ رضوان بشمال مدينة غزة؛ ما أدى لوفاة 5 فلسطينيين، هم رجل وزوجته وابنتاه وحفيدته التي كانت قد فقدت أباها وإخوتها في قصف إسرائيلي خلال الحرب. وتمكنت طواقم الدفاع المدني من إنقاذ 3 من أفراد العائلة من تحت أنقاض المبنى المتضرر جزئياً والذي كان مكوناً من عدة طوابق.

خلال الأيام العشرة الماضية، انهار في حي الشيخ رضوان وحده ما لا يقل عن 6 بنايات؛ بينما انهارت بنايات ومنازل أخرى جميعها في مدينة غزة، وغالبيتها في مناطقها الغربية والشمالية، مثل حي النصر، ومخيم الشاطئ، وكذلك حي تل الهوا.

عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة (إ.ب.أ)

ويرجح مختصون أن تكون عمليات النسف، التي تنفذها القوات الإسرائيلية باستخدام عربات متفجرة في مناطق متفرقة من القطاع، أحد أسباب ازدياد وتيرة التصدعات والانهيارات، حيث تُوضع أطنان من المتفجرات داخل العربات قبل تفجيرها عن بُعد؛ ما يُحدث هزات قوية يمتد أثرها كيلومترات عديدة، وصلت في مرات إلى وسط إسرائيل.

وتستمر هذه العمليات على جانبي الخط الأصفر، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مراكز الإيواء «خطرة»

يقول المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة، محمود بصل، إن أكثر من 90 بناية سكنية تواجه خطر الانهيار بفعل تضررها الجزئي، مشيراً إلى أن تلك البنايات يقطنها آلاف من أهالي القطاع لا يجدون مأوى للعيش فيه.

وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن طواقم مختصة من الجهاز وجهات أخرى أجرت جولات تفقدية واسعة، وطالبت سكان تلك البنايات بإخلائها، وحذرت قاطني مبانٍ أخرى من أنها قد تنهار في أي لحظة.

ولفت إلى أن الجهاز يعاني نقصاً حاداً في الإمكانات يعرقل قدرته على مساعدة السكان عند انهيار تلك المباني، خصوصاً مع اعتماده على أدوات بدائية في محاولات إنقاذ السكان وانتشالهم من تحت الأنقاض.

كما أشار إلى أن مراكز الإيواء تتعرض هي الأخرى للغرق نتيجة الأمطار الغزيرة، الأمر الذي يثير مخاوف النازحين فيها من احتمال انهيار أي أجزاء منها، لا سيما أن غالبيتها متضررة بالفعل.

ودعا إلى ضرورة العمل على إغاثة سكان القطاع، وتوفير الاحتياجات الطارئة وإدخال الكرافانات «تمهيداً لبدء عملية إعادة إعمار حقيقية»، محذراً من المماطلة في هذا الملف الذي قد يطول ويتسبب في سقوط مزيد من الضحايا.

كانت المديرية العامة للدفاع المدني قد ناشدت أهالي غزة إخلاء المباني والمنازل التي استهدفتها القوات الإسرائيلية سابقاً وصُنفت بأنها خطرة «غير صالحة للسكن». وأشارت في بيان إلى أن 22 منزلاً وبناية تعرضت لانهيارات جزئية أو كلية منذ بدء المنخفض الجوي بالقطاع في العاشر من الشهر الحالي؛ ما أسفر عن وفاة 18 شخصاً بينهم 4 لا يزالون مفقودين تحت الأنقاض، بينما ذكرت وزارة الداخلية أن عدد البنايات والمنازل بلغ 46.

خروقات متواصلة ومنظومة صحية متهاوية

يتزامن ذلك مع استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار؛ إذ قتلت طائرة مسيرة 3 فلسطينيين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الأحد، بعد استهدافهم بقنبلة، بينما أصيب آخران بالرصاص، أحدهما بالحي نفسه، والآخر في جباليا البلد بشمال القطاع.

ويوم السبت، شيع فلسطينيون 7 قتلى من عائلة واحدة بعد أن أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذيفتين تجاه مركز إيواء بحي التفاح شرق مدينة غزة، في أثناء احتفالهم بزفاف أحد أبناء العائلة.

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين في غزة السبت (أ.ب)

وقُتل ما يزيد على 400 فلسطيني منذ العاشر من أكتوبر الماضي، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، نتيجة الخروقات الإسرائيلية المستمرة.

وفي سياق الوضع الإنساني، قالت وزارة الصحة في غزة إن المنظومة الصحية تشهد «استنزافاً خطيراً وغير مسبوق بعد عامين من الحرب والحصار المطبق» أدى إلى انخفاض حاد في قدرتها على تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية وانخفاض في أرصدة الأدوية والمستهلكات الطبية والمواد المخبرية.

وبينت أن عدد الأصناف الصفرية من قائمة الأدوية الأساسية بلغ 321 صنفاً دوائياً وبنسبة عجز 52 في المائة، في حين بلغ عدد الأصناف الصفرية من قائمة المستهلكات الطبية 710 أصناف وبنسبة عجز 71 في المائة، بينما بلغت نسبة العجز في قوائم الفحوصات المخبرية وبنوك الدم 59 في المائة.

شاب يحتضن جثمان شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل مع آخرين من عائلته في قصف إسرائيلي استهدف مركز إيواء بمدينة غزة قبل تشييعه السبت (أ.ف.ب)

وقال علاء حلس مدير دائرة الصيدلة بوزارة الصحة بغزة في مؤتمر صحافي، الأحد، إن نسبة العجز من خدمة الطوارئ والعناية المركزة بلغت 38 في المائة «وقد يؤدي ذلك إلى حرمان 200 ألف مريض من خدمة الطوارئ، و100 ألف مريض من خدمة العمليات، و700 مريض في خدمة العناية المركزة».

وأضاف: «70 في المائة من أدوية خدمات الأورام غير متوفرة، وما يقدَّم من بروتوكولات علاجية لمرضى الأورام لا يمكن استكماله؛ ما يسبب انتكاسة في الحالات»، مؤكداً وفاة عدد من المرضى جراء نقص الأدوية.

ووجَّه حلس نداءً عاجلاً إلى جميع الجهات المعنية «لممارسة دورها الكامل» بما يضمن وصول الإمدادات الطبية ومقومات تقديم الرعاية الصحية.


جدل في العراق بعد شكر القضاء للفصائل المسلحة على «نزع السلاح»

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
TT

جدل في العراق بعد شكر القضاء للفصائل المسلحة على «نزع السلاح»

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

في خضم الحديث المتصاعد في العراق حول قبول بعض قادة الفصائل المسلحة بمبدأ «حصر السلاح بيد الدولة»، أثار البيان المقتضب الذي أصدره رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، وقدم فيه الشكر إلى قادة الفصائل لاستجابتهم لنزع السلاح، أسئلة وانتقادات من متابعين ومراقبين للشأن العراقي، كما أثار ردة فعل غاضبة من النائب الأميركي جو ولسن.

وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان مقتضب، السبت، إن «رئيس مجلس القضاء الأعلى يشكر الأخوة قادة الفصائل على الاستجابة لنصيحته المقدّمة إليهم بخصوص التعاون معاً لفرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة والانتقال إلى العمل السياسي بعد انتفاء الحاجة الوطنية إلى العمل العسكري».

وتمحورت معظم الاعتراضات والنقاشات المحلية حول «الوظيفة الطبيعية للقضاء» التي، حسب المنتقدين، تقوم على تحقيق العدالة لا على «تقديم الشكر للخارجين عن القانون».

ويبدو أن اللغط والانتقادات التي رافقت البيان قد وصلت إلى مسامع مجلس القضاء، ودفعته إلى إصدار إيضاح يشرح الأمر مفصلاً.

وقال المجلس في إيضاح نشره على موقعه الرسمي، إن ما صدر عن القاضي زيدان «يعكس تأكيده ضرورة التزام جميع الأطراف بمسار سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة، توجهاً مؤسساتياً راسخاً ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العراقية الحديثة».

وأضاف أن شكره لقادة الفصائل على استجابتهم لدعوته بالتعاون في هذا المسار يأتي «بوصفه تعبيراً عن مقاربة قانونية مسؤولة، لا تنطوي على أبعاد سياسية ظرفية، بل تستند إلى مرجعيات دستورية وتشريعية واضحة وملزمة».

رئيس الحكومة العراقية يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشار الإيضاح إلى أن الدستور العراقي ينص في المادة الخامسة على أن «السيادة للقانون»، كما «تؤكد المادة التاسعة منه حظر تكوين الميليشيات المسلحة خارج إطار الدولة»، الأمر الذي يجعل حصر السلاح بيدها «التزاماً دستورياً واجب النفاذ، لا خياراً سياسياً خاضعاً للتقدير».

ورأى المجلس أن دعوة رئيسه، فائق زيدان، «إلى الانتقال من منطق العمل المسلح إلى فضاء العمل السياسي المشروع تكتسب أهميتها الخاصة لصدورها عن السلطة القضائية المستقلة».

وخلص إلى القول إن «هذا التوجّه (الشكر) يؤسس لرؤية قانونية تهدف إلى ترسيخ سلطة الدولة وتعزيز الأمن والاستقرار، عبر إدماج جميع القوى الفاعلة ضمن الإطار الدستوري، وتكريس مبدأ حاسم مفاده أن القرار السيادي واحتكار استخدام القوة لا يكونان إلا بيد الدولة».

مع ذلك، لم يحل إيضاح القضاء دون استمرار الانتقادات وعلامات الاستفهام المحلية. وكتب الناشط السياسي موسى رحمة الله عبر صفحته في «فيسبوك» أن «القضاء مرجع محايد، وأي اشتراك له في محادثات مع أطراف مسلحة أو منتهكي القانون يفقده حياده ويضعه في موقع الانحياز».

وأضاف أن «القاضي لا يوجّه النصح إلى المخالف ولا يشاركه النقاش، بل يحاسبه وفق القانون. فلا يجوز إرشاد من يُفترض محاسبته، ولا فتح حوار مع من ينتهك حقوق الإنسان أو يحمل السلاح خارج الدولة. إن هيبة القضاء تُصان حين يكون القانون هو اللغة الوحيدة».

انتقادات جو ولسن

ووجّه النائب الأميركي الجمهوري جو ويلسون، المعروف بانتقاداته المتواصلة لرئيس مجلس القضاء، فائق زيدان، انتقادات شديدة للأخير على خلفية تقديمه الشكر للفصائل المسلحة العراقية لموافقتها على إلقاء السلاح.

وكتب ويلسون في منشور على منصة «إكس» أن «رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي وجّه الشكر علناً للفصائل المسلحة على نيتها المعلنة بنزع السلاح. إن هذا الكلام لا يعكس سلوك مؤسسة دولة ولا حياد القضاء، بل يُظهر بوضوح وجود قناة اتصال وعلاقة مستمرة بين قيادة القضاء والفصائل المسلحة».

وأضاف أن «القضاء المستقل لا يقدم الشكر للجماعات المسلحة على اتباع نصائحه، ولا يقيّم تحركاتها السياسية أو العسكرية. هذا السلوك خارج تماماً عن نطاق صلاحياته الدستورية».

واعتبر ويلسون أن «هذا الخطاب يؤكد أن المسألة لا تتعلق بسيادة القانون، بل بتداخل الأدوار ومحاولة توجيه رسائل سياسية تحت غطاء القضاء. هذا السلوك يُعد من أخطر التهديدات التي تواجه العدالة والدولة».

وتواصل الفصائل المسلحة استجابتها لدعوات حصر السلاح بيد الدولة، وقد صدرت خلال اليومين الأخيرين مواقف رسمية بهذا الشأن من الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، والأمين العام لـ«كتائب الإمام علي»، شبل الزيدي، وقائد فصيل «أنصار الله الأوفياء»، حيدر الغراوي، إضافة إلى المتحدث الرسمي باسم «كتائب سيد الشهداء».


عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

عناصر الأمن السوري في داريا بريف دمشق (سانا)
عناصر الأمن السوري في داريا بريف دمشق (سانا)
TT

عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

عناصر الأمن السوري في داريا بريف دمشق (سانا)
عناصر الأمن السوري في داريا بريف دمشق (سانا)

فكَّك الأمن الداخلي السوري خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، وألقى القبض على أفرادها، وذلك خلال عملية أمنية محكمة في منطقة داريا بريف دمشق.

ونقلت الوكالة الرسمية (سانا) تصريح العميد أحمد الدالاتي قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، الذي قال فيه إن الوحدات المختصة في الأمن الداخلي، نفّذت بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عمليةً أمنية محكمة في منطقة داريا، استهدفت وكراً لتنظيم «داعش» الإرهابي، بعد تحريات ومعلومات استخبارية دقيقة ومتابعة مستمرة لتحركات عناصره خلال الأسابيع الماضية.

وأضاف العميد الدالاتي: «أسفرت العملية عن تفكيك الخلية الإرهابية بالكامل، وإلقاء القبض على متزعمها، إضافة إلى 6 من أفرادها، وضبط أسلحة وذخائر متنوعة بحوزتهم، معدّة لاستخدامها في أنشطتهم الإرهابية». وأوضح أنه جرى تنفيذ العملية، وفق أعلى درجات التخطيط والدقة، مع الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية لضمان سلامة المدنيين.

عنصر من قوات الأمن بريف دمشق في أثناء الحملة على خلية إرهابية في داريا (سانا)

ورأى المسؤول الأمني أن العملية تعكس مستوى التنسيق بين وحدات الأمن والاستخبارات، وقدرتها على تفكيك الخلايا الإرهابية. وتأتي هذه العملية ضمن استراتيجية مستمرة لتجفيف منابع الإرهاب، ومنع أي تهديد لأمن المجتمع، وتحقيق السلم والاستقرار فيه.

من عملية ضد «داعش» في ريف إدلب (وزارة الداخلية السورية)

وكانت قيادة الأمن الداخلي في محافظة إدلب قد تمكنت في السادس عشر من الشهر الحالي، بالتعاون مع إدارة مكافحة الإرهاب بجهاز الاستخبارات العامة، وخلال عملية أمنية محكمة، من إلقاء القبض على خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب.

وتجدر الإشارة إلى أن الغارات الجوية المكثفة التي شنتها الولايات المتحدة على سوريا، مساء الجمعة، أبرزت التحديات التي يواجهها الرئيس السوري أحمد الشرع، في سعيه الحثيث لفرض سيطرته على البلاد، وإدارة علاقته الناشئة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أن طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية أميركية قصفت أكثر من 70 موقعاً يُشتبه بأنها تابعة للتنظيم في وسط سوريا، مستهدفةً البنية التحتية ومواقع الأسلحة التابعة للتنظيم. وشاركت طائرات حربية أردنية في العملية.

ومنذ انضمام سوريا إلى التحالف الدولي، كثّف التنظيم هجماته في البلاد، وفقاً لمسؤولين أميركيين وسوريين، فضلاً عن خبراء أمنيين. وصرّحت الحكومة السورية، يوم السبت، بأنها تُكثّف عملياتها العسكرية ضد التنظيم. وجاء في البيان السوري: «تدعو الجمهورية العربية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي إلى دعم هذه الجهود؛ ما يُسهم في حماية المدنيين، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

القبض على أحد عناصر «خلية داعش» في داريا بريف دمشق (سانا)

ويواجه الشرع مهمة صعبة تتمثل في توحيد الجماعات المتباينة والأقليات الدينية تحت قيادته، بما في ذلك فصائل تحمل أفكاراً متطرفة، وأخرى كانت تابعة لتنظيم «القاعدة»، كما كان هو نفسه.

ولم يستبعد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل عملياتية، إمكانية شنّ مزيد من الغارات الجوية الأميركية. وقال المسؤول إن قوات الأمن السورية، بدعمٍ من الاستخبارات الأميركية، ستُكثّف جهودها في الوقت الراهن لشنّ غاراتٍ على عناصر تنظيم «داعش»، وقطع إمدادات الأسلحة عنهم.

وبعد الهجوم الدامي على أميركيين، جدد ترمب دعمه للزعيم السوري. وشنّت الولايات المتحدة هجمات واسعة النطاق ضد التنظيم عندما كان الأسد لا يزال يحكم سوريا. ورغم تراجع قوة التنظيم في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك في معظمه إلى الهزائم العسكرية وفقدان الأراضي، فإنه لا يزال موجوداً في صحاري وسط سوريا النائية، حيث يشن هجمات متفرقة.

عملية لقوات الأمن السوري اعتقلت فيها منفذي استهداف عناصر أمن في معرة النعمان بمحافظة إدلب (سانا)

وفي هذا الشهر، أعلن التنظيم مسؤوليته عن مقتل 4 ضباط حكوميين سوريين في محافظة إدلب شمال غربي البلاد. كما أعلنت السلطات السورية مسؤوليتها عن هجومين في محافظة دير الزور شرق البلاد، استهدف أحدهما مركبة عسكرية بعبوة ناسفة.

وخلال الأسبوع الماضي، صرّحت السلطات السورية بأنها ألقت القبض على عدد من الأشخاص المنتمين إلى خلية تابعة لتنظيم الإرهابي في إدلب، بالإضافة إلى عضو في التنظيم بالعاصمة دمشق، عُثر بحوزته على مواد متفجرة وطائرات مسيّرة انتحارية.

ويوم السبت، كان المحللون العسكريون لا يزالون يقيّمون مدى تأثير هذه الضربات على قدرات التنظيم. وقال أندرو تابلر، الذي شغل منصب مدير مكتب البيت الأبيض لشؤون سوريا خلال إدارة ترمب الأولى: «يُظهر عدد الضربات أن وجود تنظيم (داعش) لا يزال أقوى مما كان يُعتقد سابقاً».