«الثنائي الشيعي» لن يتراجع عن دعم فرنجية لرئاسة لبنان

اتفاق المسيحيين على مرشح لن يغير موقفه

السفير السعودي وليد البخاري خلال لقائه أمس مع النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي (الشرق الأوسط)
السفير السعودي وليد البخاري خلال لقائه أمس مع النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي (الشرق الأوسط)
TT

«الثنائي الشيعي» لن يتراجع عن دعم فرنجية لرئاسة لبنان

السفير السعودي وليد البخاري خلال لقائه أمس مع النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي (الشرق الأوسط)
السفير السعودي وليد البخاري خلال لقائه أمس مع النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي (الشرق الأوسط)

فيما تبذل المعارضة جهودها للاتفاق على مرشّح في مواجهة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مرشّح «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله)، لا يبدو أن «الثنائي» مستعدّ للتراجع للتلاقي مع أي توافق قد يحصل، بل أنه لا يزال حتى الساعة متمسكاً بمرشحه، ويدعو الفريق الآخر إلى المنافسة الديمقراطية في البرلمان، وفق ما تؤكد مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، لـ«الشرق الأوسط».

وفي حين تبدي أكثر من جهة معارضة تفاؤلها بإمكان التوافق على مرشح مع وصول المحادثات إلى مرحلة متقدمة من البحث بالأسماء، فإن تصلّب «الثنائي» قد يعقّد مهمّة المعارضة التي تحاذر بدورها المواجهة في البرلمان خوفاً من تبدّل الوضع لمصلحة فرنجية إذا تأمن نصاب الجلسة، أي الثلثين. وسبق أن أعلن صراحة رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، أنه «إذا لم يسحبوا اسم فرنجية لن نذهب إلى البرلمان ولن نسمح بانعقاد جلسة»، داعياً «الثنائي» «إلى الملاقاة عند منتصف الطريق والنزول عن الشجرة».

وتصف المصادر النيابية في كتلة بري، جهود المعارضة للتوافق بـ «الدينامية الإيجابية»، لكنها ترفض اعتبار أن نجاحها في ذلك قد يحرج «الثنائي»، وتقول: «التوافق لا يحرج أحداً»، مذكرة بأن رئيس البرلمان نبيه بري سبق أن دعا إلى الحوار مرتين ولم يلق تجاوباً».

وفي رد على سؤال عما إذا كان «الثنائي» قد يتراجع عن دعم فرنجية إذا اتفقت المعارضة على مرشح واحد، وعلى رأسهم الفرقاء المسيحيون، بعدما كان بري قد اعتبر أن المشكلة عندهم بسبب انقسامهم، تردّ المصادر بالقول: «التراجع ليس وارداً ولتكن المنافسة الديمقراطية في جلسة الانتخاب»، وتضيف: «الثنائي قال كلمته وهو لن يتراجع، ليست هناك خطة ألف وخطة باء، ترشيح فرنجية هو كل الأبجدية في هذه الانتخابات».

يأتي ذلك في وقت تستمر الاتصالات واللقاءات السياسية على أكثر من خط. وبعد الزيارة التي قام بها الخميس رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، الذي التقى أيضاً «تكتل الاعتدال الوطني»، اجتمع البخاري، أمس، بكتلة «تجدد» التي تضم النواب ميشال معوض (مرشّح جزء من المعارضة)، وفؤاد مخزومي وأشرف ريفي وأديب عبد المسيح.

وفيما لم يدل البخاري بأي تصريح، قال النائب معوض بعد اللقاء: «مصرّون على أن تكون هذه المرحلة لطيّ صفحة الإفقار وانحلال المؤسّسات واستعادة الحقوق. والمدخل لذلك هو الاستحقاق الرئاسي». وأضاف: «موقف السعودية أصبح واضحاً، وهي تعد أنّ الاستحقاق الرّئاسي هو استحقاق سيادي لبناني، وأنّ على اللّبنانيّين أن يختاروا أيّ طريق يريدون وبالتّالي يتحمّلون مسؤوليّة خيارهم».

وشدد: «موقفنا ككتلة هو أن نواجه بكلّ ما أوتينا من قوّة، أيّ مرشح مفروض من (مشروع الممانعة) الّذي أوصلنا إلى هنا. ويدنا ممدودة للجميع، للوصول معاً إلى منطق بناء الدّولة والاستقرار والازدهار»، مؤكداً: «المعركة هي بين مشروعين، وليس بين شخصين».

وفي وقت تتجه الأنظار إلى ما ستنتهي إليه جهود المعارضة التوافقية، أعلن أمس النائب عبد المسيح أن الأسماء الثلاثة المطروحة اليوم لدى أفرقاء المعارضة هي قائد الجيش العماد جوزيف عون، والوزير السابق جهاد أزعور، والنائب السابق صلاح حنين»، معتبراً أن أزعور هو الأوفر حظاً، لأن «التيار الوطني الحر» لا يعارضه.

وأكد في حديث تلفزيوني العمل على توحيد موقف المعارضة والاتفاق على اسم واحد. من جهته، قال النائب سجيع عطية من كتلة «الاعتدال الوطني» التي التقى أعضاؤها، الخميس، السفير السعودي، إن «البخاري كان واضحاً خلال اللقاء بأنه لا فيتو على اسم سليمان فرنجية، ولا خصومة للرياض مع أي شخصية في لبنان الذي تتمنى أن يعود إلى الحضن العربي، كما كان تأكيد على أهمية التوافق على شخصية وازنة، لكن إذا تعذّر ذلك لا مشكلة في التصويت داخل مجلس النواب لمرشحين أو ثلاثة، مع التشديد على ضرورة حسم وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في غضون أسبوعين».

وقال عطية في حديث إذاعي: «نحن اليوم في موقع المترقب ولا فيتو لدينا على أي اسم»، ورد على سؤال حول إمكانية التصويت لقائد الجيش العماد جوزيف عون إذا تبنّته المعارضة، بالقول: «كل شيء وارد»، متوقعاً حصر المنافسة بين اسم واثنين تتبناهما قوى المعارضة التي تعقد لقاءات مكثفة للتوصل إلى اسم موحّد.

وكان «الاعتدال الوطني» قد تعهّد بعدم مقاطعة أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وأنه «سيدعم أي مرشح يلتزم بوثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف، ويحافظ على العلاقات مع العرب والخليج العربي، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية والانفتاح على جميع الدول لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين».



ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

عجلت فرنسا في الإعراب عن سرورها بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في الجولة الثانية من جلسة مجلس النواب، وعدّت أن وصوله إلى «قصر بعبدا» يأتي «في لحظة تاريخية وحاسمة بالنسبة إلى لبنان، هذا الانتخاب يضع حداً لسنتين من الشغور الرئاسي الذي أضعف لبنان. ويفتح صفحة جديدة للبنانيين، وينبغي أن يكون الانتخاب مصدر أمل لهم ولجميع شركاء لبنان وأصدقائه»، فيما أعلن «الإليزيه» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور «لبنان قريبا جدا»، بعد اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس عون وتمنّى فيه الرئيس الفرنسي «كل النجاح» لنظيره اللبناني.

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية، قد قالت بعد دقائق قليلة من انتهاء العملية الانتخابية، في بيان قرأه كريستوف لوموان، الناطق باسمها، إن انتخاب الرئيس الجديد «مصدر تشجيع لفرنسا، التي عملت جاهدةً على إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية عبر التعبئة الكاملة للوزير جان نويل بارو، وبعثة المساعي الحميدة التي يقودها منذ يونيو (حزيران) 2023 الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في لبنان، جان إيف لودريان، بالتعاون الوثيق، بالطبع، مع شركائنا في (اللجنة الخماسية)».

هذا وذكرت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ماكرون «أبلغ الرئيس عون بأنّ فرنسا ستواصل جهودها الرامية للتوصل سريعاً إلى تشكيل حكومة قادرة على جمع اللبنانيين وتلبية تطلعاتهم واحتياجاتهم وإجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار والاستقرار والأمن وسيادة لبنان».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً لسفراء بلده عبر العالم الاثنين الماضي... وقد لعب دوراً ميسِّراً ساهم في انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية (أ.ف.ب)

بيد أن الدور الفرنسي لم يتوقف عند بارو وبعثة لودريان؛ إذ إن الرئيس إيمانويل ماكرون أدى درواً خاصاً وفاعلاً عبر الاتصالات الكثيرة التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، الذين دعا بعضهم إلى باريس، والبعض الآخر تواصل معه عبر الهاتف، حتى في الأيام الأخيرة. فضلاً عن ذلك، أجرى ماكرون مشاورات عدة مع الجانب الأميركي ومع أطراف عربية، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، وكذلك مع مصر والأردن وقطر والإمارات. كذلك لعبت الخلية الدبلوماسية في «قصر الإليزيه» دوراً مهماً، ممثلة في مانويل بون، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية، وآن كلير لو جاندر، مستشارته لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي.

باريس تدعو لتعجيل تشكيل حكومة داعمة للرئيس الجديد

لم تكتف باريس بالتهنئة؛ بل وجهت مجموعة من الرسائل؛ أولاها دعوة السلطات والسياسيين اللبنانيين إلى «الانخراط في إنهاض مستدام» للبنان الغارق منذ سنوات في أزمات متعددة الأشكال سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فضلاً عن إعادة إعمار ما تهدم بسبب الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» وما نتج عنها من دمار مخيف. والطريق إلى ذلك، يمر، وفق «الخارجية» الفرنسية، عبر «تشكيل حكومة قوية، وداعمة لرئيس الجمهورية، وقادرة على لمّ شمل اللبنانيين والاستجابة لتطلعاتهم واحتياجاتهم، وإجراء الإصلاحات اللازمة لانتعاش لبنان الاقتصادي واستقراره وأمنه وسيادته».

وسبق لفرنسا أن أسدت، مع دول رئيسية أخرى، هذه النصائح للبنان منذ سنوات كثيرة وقبل الشغور الرئاسي؛ لا بل إنها دعت منذ عام 2018 السلطات اللبنانية إلى القيام بإصلاحات سياسية (الحوكمة) واقتصادية يحتاجها لبنان، ويطالب بها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والاقتصادية الإقليمية والدولية؛ لمد يد العون والمساعدة للبنان. ويتعين التذكير بأن مؤتمر «سيدر» الذي دعت إليه فرنسا واستضافته في عام 2018، وعد بتقديم 11 مليار دولار للبنان قروضاً ومساعدات؛ شرط إتمام الإصلاحات، وهو الأمر الذي لم يحدث.

الرئيس اللبناني الجديد مستعرضاً الحرس الجمهوري لدى وصوله إلى قصر بعبدا الخميس (د.ب.أ)

دعم غير مشروط للبنان

ترى باريس أن انتخاب العماد عون يمكن أن يساهم في أمرين؛ الأول: الذهاب إلى استقرار لبنان من جهة؛ وثانياً، من جهة أخرى، «التنفيذ السليم، في المستقبل القريب، لوقف إطلاق النار» بين لبنان وإسرائيل بموجب الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي دفعت باريس إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

بيد أن الرسالة الأخرى التي شددت عليها وزارة الخارجية الفرنسية عنوانها أن باريس «ملتزمة بحزم» بتحقيق هذا الأمر (احترام وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي رقم «1701»)، وذلك «إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية و(قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل)».

وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة يتحدثان للصحافة بمقر وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء (أ.ف.ب)

وبكلام قاطع، أرادت فرنسا أن تقول إنها إذا كان لها دور عبر مشاركتها في «اللجنة الخماسية» وفي دفع الطبقة السياسية اللبنانية إلى الوصول لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، إلا إنها لن تتخلى عن لبنان مستقبلاً. وجاء في بيان «الخارجية» أن فرنسا «وقفت إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، وستواصل القيام بذلك، وهو الأمر الذي يعلم به رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد جوزيف عون».