بغداد: نحتاج إلى مساندة دولية لضمان حصولنا على حصص مائية عادلة من دول الجوار

جفاف بحيرة عنه في الأنبار غرب البلاد

بغداد: نحتاج إلى مساندة دولية لضمان حصولنا على حصص مائية عادلة من دول الجوار
TT

بغداد: نحتاج إلى مساندة دولية لضمان حصولنا على حصص مائية عادلة من دول الجوار

بغداد: نحتاج إلى مساندة دولية لضمان حصولنا على حصص مائية عادلة من دول الجوار

في حين دعا وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله إلى موقف دولي مساند للعراق لضمان بلاده الحصول على حصص مائية عادلة ومنصفة من دول الجوار، أظهرت صور نشرها موقع «مركز ماء عنه» عبر «فيسبوك»، جفاف بحيرة عنه الواقعة بالقرب من منابع نهر الفرات العابر إلى محافظة الأنبار غرب البلاد، ما يكشف حجم الصعوبات المائية التي يعانيها العراق، جراء السدود المائية التي أقامتها تركيا على منابع نهري دجلة والفرات مواسم الجفاف وانحسار هطول الأمطار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

بحيرة عنه الواقعة بالقرب من منابع نهر الفرات ( فيسبوك)

وعقد في بغداد، السبت الماضي، مؤتمر بغداد الدولي الثالث للمياه، لمواجهة المصاعب التي تواجهها البلاد، خاصة مع تراجع مناسيب مياه النهرين، دجلة والفرات، واحتمالات تفاقم الأوضاع المائية وتأثيرات فصل الصيف شديد الحرارة والجفاف، في العراق الذي يتصدر لائحة الدول الأكثر تضررا بالتغيرات المناخية بحسب تقارير دولية.

وقال وزير الموارد المائية ذياب، اليوم الخميس، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، إن «العراق بحاجة إلى موقف دولي لإسناده باتجاه تحقيق حصوله على حصصه العادلة والمنصفة من دول الجوار المشاركة معنا في الأنهر المشتركة في دجلة والفرات وروافدهما، ونسعى إلى إيصال الرسائل للمجتمع الدولي».

وكشف عن أن بلاده «أمام موقف فيه تحد صعب خاصة أننا في فصل الصيف الحار والجاف، مع عدم وجود مصادر خزين لسدودنا وخزاناتنا بشكل كاف بسبب الكميات التي تطلقها تركيا من الأنهر وإيران بالنسبة للروافد، مع التأكيد أن تركيا هي المؤثر الرئيسي».

وشدد على «ضرورة مواجهة هذا التحدي بشجاعة، وبدأت الوزارة بأعمال كبيرة لمواجهة الموضوع، وأهمها بدأنا بإجراءات لمنع التجاوزات وإزالتها بشكل رئيسي، وكان أحد قرارات الاجتماع الوزاري إزالة بحيرات الأسماك غير المجازة لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه خصوصا في موسم الصيف».

وأشار إلى أن «البحيرات ليست فقط لحاجة الأسماك، بل يضاف إليها التبخر الهائل وتشكيلها لأهوار واسعة ومسطحات مائية واسعة، إذ سيتم إيقافها جميعها حتى البحيرات المجازة، وطالبنا بعدم زراعة الأصبعيات فيها خلال هذا الموسم، لمواجهة احتياجات المستهلكين كافة وخاصة احتياجات مياه الشرب والاحتياجات البشرية، مع العمل على تأمين مياه سقي البساتين والخضر، وهذا يعد تحدياً كبيراً إزاء الخزين المتاح لدينا الذي يجب أن نستخدمه بشكل عقلاني لعبور هذه الفترة الصعبة».

وكشف الوزير عن أن «هناك بعض التفاهمات مع الدول المجاورة، والوفد التركي مهمته تفعيل مذكرة التفاهم التي وقعت سنة 2021، وهذي المذكرة فيها مساهمة من الجانب التركي في تطوير المشروعات الإروائية في العراق وعلى وجه التحديد مشروع ري العمارة، أما مع الجانب الإيراني فقد أَثَرت مواضيع أخرى مهمة مثل مشروع أواسط دجلة».

وأعلن عن «حملة كبيرة ستنطلق في الأيام المقبلة، بقيادته والفريق العامل والمديرين العامين لمواجهة الواقع الصعب، بوجود إسناد عال جداً من قيادة العمليات المشتركة بتوجيه من رئيس الوزراء، في كل المواقف، مع ضرورة وجود إسناد من الحكومات المحلية والجهات الأمنية لمنع التجاوزات بأي شكل من الأشكال».

وكان رئيس الوزراء محمد السوداني، قال في كلمة خلال مؤتمر مياه الذي عقد السبت الماضي، إن «العراق واحد من البلدان التي تعاني من آثار اجتماعية واقتصادية بسبب شح المياه، وخطر أزمة المياه بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان من أسبابها السلوك العدائي للنظام الديكتاتوري وعدم تنظيم الوضع المائي مع دول الجوار».


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».