أعاد هدم إسرائيل مدرسة في المنطقة «ج» في الضفة الغربية، إلى الواجهة، «الحرب الباردة» بينها وبين الاتحاد الأوروبي الذي يمول عادة مشاريع فلسطينية في المنطقة بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية العتيدة، وهي مشاريع عادة ما تهدمها إسرائيل على أساس أن المنطقة تقع تحت سيطرتها بالكامل.
وقال الاتحاد الأوروبي، الأحد، إنه يجب على إسرائيل وقف جميع عمليات الهدم والإخلاء التي لن تؤدي إلا إلى زيادة معاناة الفلسطينيين، وتصعيد بيئة متوترة أصلاً.
وأعرب الاتحاد الأوروبي في بيان عن صدمته بسبب قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم مدرسة «جب الذيب» الممولة منه، وتخدم 60 طفلاً.
وأكد أن عمليات الهدم غير قانونية بموجب القانون الدولي، وأنه يجب احترام حق الأطفال في التعليم.
وكانت سلطات الاحتلال قد هدمت صباح الأحد مدرسة «التحدي 5» الأساسية المختلطة بمنطقة «جب الذيب» في بيت تعمر شرق بيت لحم، وهي سادس مدرسة في المنطقة «ج» تهدمها إسرائيل منذ عام 2016.
وتمثل المدرسة التي هُدمت رمزاً للمعركة الدائرة في المنطقة «ج» التي تقوم على «البناء والهدم».
وبنى الفلسطينيون المدرسة قبل أن تهدمها إسرائيل أول مرة عام 2017، ثم أعادوا بناءها مرة أخرى قبل أن تُهدم ثانية اليوم.
وتضم المدرسة نحو 60 طالباً من الصف الأول وحتى الرابع، يعيشون في مناطق قريبة في المنطقة «ج»، ولم تأخذ المحكمة الإسرائيلية حقهم في التعلم بعين الاعتبار عندما أصدرت قرارها في مارس (آذار) الماضي بهدم المدرسة، بعد رفض التماس قدمته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومؤسسة «سانت إيف» الحقوقية لوقف هدم المدرسة.
وأكد المشرف العام لمنظمة «البيدر» للدفاع عن حقوق البدو، المحامي حسن مليحات، أن هدم مدرسة «جب الذيب» جريمة حرب موصوفة، تحرم المواطنين من حق أصيل من حقوق الإنسان، وتهدف إلى تطهير المنطقة من الوجود الفلسطيني من أجل مصادرة الأرض وتحويلها إلى وحدات استيطانية جديدة.
وأضاف: «ما يحدث هو إحلالٌ للمستوطنين مكان السكّان الأصليين».
ولا ينوي الفلسطينيون التسليم بالأمر الواقع الإسرائيلي، وقالت وزارة التربية والتعليم إنها ستقوم بكل ما يلزم لتوفير التعليم لطلاب المدرسة التي كانت مبنية من كرفانات.
وينوي الفلسطينيون نصب خيام في المكان لاستكمال العام الدراسي، وقالت مديرة المدرسة شيرين أبو طه إنه سيجري استكمال العام الدراسي ولو في خيمة واحدة.
الحرب على المنطقة «ج» حرب فلسطينية إسرائيلية قديمة، لكنها تأججت في الأعوام الماضية، وأخذت أبعاداً أكبر بعدما دخل الاتحاد الأوروبي على خط التحدي هناك.
ففي عام 2019 أعلنت الحكومة الفلسطينية إلغاء تصنيفات المناطق في الضفة الغربية المعروفة «أ» و«ب» و«ج»، بعد 26 عاماً من التوقيع على اتفاقيات أوسلو التي قسمت الضفة إلى 3 مناطق، المنطقة «أ» وتتضمّن المراكز السكانية الفلسطينية الرئيسية، وتقع تحت السيطرة الفلسطينية أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 18 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ فيما تقع مناطق «ب» تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية، والسيطرة الأمنية لإسرائيل، وتبلغ مساحتها 21 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ أما مناطق «ج» فتقع تحت السيطرة الإسرائيليّة أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 61 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
لكن شيئاً لم يتغير على الأرض بعد الإعلان الفلسطيني، بل هدمت إسرائيل في خطوة اعتيادية ومكررة ممتلكات فلسطينية في المنطقة «ج»، وأسست لبناء مستوطنات جديدة في كل عام تلا ذلك.
وفي المنطقة «ج» توجد مستوطنات ومساحات أراضٍ واسعة، وطرق خاصة بالمستوطنين تؤدي إلى القدس المعزولة عن بقية الضفة الغربية.
قبل ذلك كان قد تفجر خلاف إسرائيلي أوروبي حول المنطقة، بعدما قرر الاتحاد الأوروبي تجاهل اتفاق سابق مع إسرائيل بضرورة الحصول على تصاريح لأي بناء في المنطقة «ج»، بسبب تجاهل إسرائيل في الأساس الرد على طلبات الاتحاد الأوروبي والسلطة لإقامة مشاريع في المنطقة.
وعادة يمول الاتحاد الأوروبي مشاريع في المنطقة «ج»، مثل بناء مدارس، وتعبيد طرق، وإقامة بنية تحتية جديدة لشبكات المياه والكهرباء، وأمور أخرى ضمن رزمة دعم كبيرة بهدف إقامة «بنية تحتية»، لكنها تتعرض عادة للعرقلة أو الهدم من قبل إسرائيل التي تقوم على تعزيز الوجود اليهودي هناك.
والشهر الماضي خصّصت الحكومة الإسرائيلية مليارات الشواكل الإضافية لتطوير الطرق والبنية التحتية للمستوطنات في الضفة الغربية، بعد قليل من قرار آخر بمضاعفة ميزانيات مجالس المستوطنات، لغرض مراقبة وتوثيق البناء للفلسطينيين في المناطق «ج».
وترفض إسرائيل منح الفلسطينيين رخص بناء في المنطقة، فيلجأون للبناء دون تراخيص، قبل أن يجري الهدم لاحقاً، وهكذا في حلقة مفرغة.
والعام الماضي هدمت إسرائيل حسب الاتحاد الأوروبي 953 منزلاً فلسطينياً بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، في أعلى رقم منذ 2016.
وكان أكثر «من 80 بالمائة من المباني التي هُدمت تقع في المنطقة المصنفة (ج)، وجرى تهجير وتضرر 28 ألفاً و446 نسمة نتيجة عمليات الهدم».
ووفق الاتحاد، فإن من بين المباني المهدمة، هناك 101 ممولة من الاتحاد أو أعضائه بقيمة 337 ألفاً و19 يورو، ما يمثل ثالث أكبر ضرر مالي (للاتحاد) منذ عام 2016.