الأسد ورئيسي يشددان على «العلاقة الاستراتيجية»

بيان مشترك في ختام زيارة الرئيس الإيراني لدمشق

الرئيس السوري مستقبلاً نظيره الإيراني في دمشق الأربعاء (سانا - إ.ب.أ)
الرئيس السوري مستقبلاً نظيره الإيراني في دمشق الأربعاء (سانا - إ.ب.أ)
TT

الأسد ورئيسي يشددان على «العلاقة الاستراتيجية»

الرئيس السوري مستقبلاً نظيره الإيراني في دمشق الأربعاء (سانا - إ.ب.أ)
الرئيس السوري مستقبلاً نظيره الإيراني في دمشق الأربعاء (سانا - إ.ب.أ)

اختتم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، زيارته لدمشق بجلسة محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، ناقشت «الخطوات الاقتصادية التي سيتم العمل عليها خلال المرحلة المقبلة»، بحسب ما ذكرت «وكالة الأنباء السورية (سانا)» الرسمية، اليوم الجمعة. وأوضحت الوكالة أن هذه الخطوات تتعلق بـ«محطات الكهرباء والطاقة، والسياحة، والمشروعات الاستثمارية المشتركة، وتسريع الإجراءات الثنائية المطلوبة لتأسيس مصرف مشترك بهدف تسهيل التبادل التجاري».

الأسد ورئيسي في دمشق الأربعاء (سانا - إ.ب.أ)

وذكرت «سانا» أن زيارة رئيسي، التي دامت يومين، اختُتمت ببيان مشترك ركّز على «أهمية تعزيز العلاقات الثنائية على أساس العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين، وضرورة احترام السيادة الوطنية والاستقلال، والحفاظ على وحدة أراضي الدولتين، وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة».

وعبّرت الدولتان في بيانهما عن «ارتياحهما للتعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف»، وشددتا على «استمرار التعاون المشترك من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية جميعها بشكل نهائي». ويشير البيان بذلك، كما يبدو، إلى رغبة إيران في مواصلة دعمها نظام الحكم في دمشق ضد معارضيه الذين يطلق عليهم الإعلام الرسمي صفة «إرهابيين». وتنشط في سوريا بالفعل جماعات إرهابية، منها تنظيما «داعش» و«القاعدة»، لكن الحكم السوري يوسع هذا التصنيف ليشمل كثيراً من معارضيه المسلحين.

صورة وزعتها وكالة «سانا» للرئيس الإيراني مع رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس الخميس (سانا - أ.ف.ب)

وفي إشارة إلى استمرار الضربات الإسرائيلية على مواقع في سوريا، تشمل على وجه الخصوص ميليشيات شيعية مرتبطة بإيران وتقاتل إلى جانب نظام الرئيس الأسد، قال البيان المشترك إن «هذه الضربات تمثّل عاملاً مزعزعاً للاستقرار في المنطقة»، وأكد «حق سوريا المشروع في الرد على هذه الاعتداءات بالطريقة المناسبة».

وأدان الجانبان «كل أشكال الوجود غير الشرعي للقوات العسكرية على أراضي الجمهورية العربية السورية، التي تشكل احتلالاً»، في إشارة إلى وجود القوات التركية في شمال البلاد، والأميركية في شرقها.

الرئيس الإيراني مع شخصيات فلسطينية في دمشق الخميس (الرئاسة الإيرانية - رويترز)

واستمرت زيارة رئيسي لدمشق يومين، وكانت الأولى لرئيس إيراني للعاصة السورية منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وقابل رئيسي في اليوم الثاني من زيارته قادة فصائل فلسطينية قبل أن يغادر ليل الخميس - الجمعة عائداً إلى بلاده.



«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)

حياة مأساوية مريرة تعيشها عائلات سورية في دمشق، بعد أن اضطرت للهرب من جحيم الحرب في لبنان، وفي حين لم يحُدّ قطع طريق بيروت - دمشق، بسبب استهدافه من قبل إسرائيل، من تدفق الوافدين سيراً على الأقدام، وانتقل الضغط إلى معبر العريضة في محافظة طرطوس الساحلية، وارتفعت أجور النقل عبره بشكل خيالي.

في حديقة منطقة ساحة المرجة، وسط دمشق، تفترش عدة عائلات عائدة من لبنان، الأرض، مع أمتعتها المحيطة بها منذ أيام، وقد بدا التعب والبؤس واضحاً على وجوه أفرادها، رغم أن الحكومة السورية وضعت خطة استجابة سريعة للتعامل مع أي احتياجات محتملة للوافدين من لبنان.

يروي شاب في العقد الثاني من العمر، بعد شربه الماء براحتي كفيه من صنبور ماء في الحديقة، أن عائلته التي تضم 7 أفراد عانت الأمرين حتى استطاعت مغادرة جنوب لبنان بسبب الغارات الإسرائيلية العنيفة.

يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم لسوريا عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية قطعت الطريق بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع (إ.ب)

يوضح الشاب: «في كل لحظة كنا نعتقد أننا سنموت، حتى وصلنا إلى (منطقة) المصنع قبل يوم فقط من قصف إسرائيل له، وعبرنا إلى سوريا، وهنا، كما ترى، نعاني كثيراً، فمنذ وصولنا لم يكترث بنا أحد. نقيم وننام ونأكل ونشرب في هذه الحديقة».

ويؤكد الشاب أن عائلته التي تنحدر من ريف محافظة حماة وسط سوريا، لا تستطيع العودة إلى قريتها؛ لأن الحرب دمرت أغلب منازلها، كما لا يوجد لهم في دمشق أقارب كي تلجأ إليهم، مشدداً بألم: «استنفدنا معظم ما نملكه من مال في رحلة الهروب من جحيم الحرب في لبنان».

هل يصمدون طويلاً في ساحة المرجة بعد هروبهم من جحيم الحرب بلبنان (الشرق الأوسط)

عجوز يقول بغضب، وهو ممدد على أرض الحديقة، وأفراد أسرته يحيطون به: «الناس تقول إن الحكومة فتحت مراكز إيواء، لماذا لا يأتون ويأخذوننا إليها؟ هي فقط للمدللين (النازحين اللبنانيين) الذين لديهم دولارات». يضيف العجوز بمرارة وعيناه مغرورقتان بالدموع، وكذلك عينا فتاة تجلس إلى جانبه: «إلنا الله. ننتظر الفرج منه».

نازحون سوريون مع أمتعتهم في ساحة المرجة لعدم وجود مأوى آخر (الشرق الأوسط)

وفي مشهد يدل على شدة معاناة تلك العائلات، وحالة العوز والفقر التي وصلت إليها، لا يتردد أغلب أفرادها بالطلب من المارة السماح لهم بإجراء اتصالات من هواتفهم الجوالة مع معارف وأقارب لهم لمساعدتهم، في حين تبدو الحسرة واضحة في وجوه كثير منهم وهم ينظرون إلى بسطات بيع الشاي والقهوة والسجائر المنتشرة على أرصفة الحديقة، لكونهم لا يستطيعون شراء حتى كوب من الشاي.

ومع زيادة توافد اللبنانيين والعائدين السوريين منذ 24 سبتمبر (أيلول)، وضعت الحكومة السورية خطة استجابة سريعة للتعامل مع أي احتياجات محتملة للوافدين من لبنان، تضمنت رفع حالة الجاهزية في كل المنشآت الصحية والنقاط الطبية على المعابر الحدودية مع لبنان؛ لاستقبال جميع الحالات الوافدة، وتقديم الخدمات الصحية اللازمة لهم.

كما جهّزت كثيراً من مراكز الإيواء التي تتسع لعشرات آلاف الأشخاص في محافظات حمص ودمشق وريف دمشق وطرطوس وحماة.

سوريون نازحون من لبنان عند معبر جوسية الأربعاء (رويترز)

ويواصل وزراء في الحكومة القيام بزيارات لمراكز الإيواء للاطلاع على أحوال الوافدين، وكذلك المعابر الحدودية للحض على «تبسيط الإجراءات، وانسياب حركة القدوم والمغادرة، وإنجاز المعاملات بالسرعة المطلوبة».

ولم تحدّ الغارات الإسرائيلية على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان منذ بدء الضربات الإسرائيلية لـ«حزب الله» في لبنان، من تدفق الوافدين اليومي من لبنان إلى سوريا، ليتجاوز العدد الإجمالي للوافدين اللبنانيين منذ 24 سبتمبر (أيلول) حتى السبت الماضي، أكثر 82 ألف وافد، وأكثر من 226 ألف عائد سوري، وفق أرقام إدارة الهجرة والجوازات السورية.

توافد الأسر اللبنانية والسورية النازحة عبر معبر العريضة بطرطوس (إكس)

ووفق سائق تاكسي كان يعمل على خط دمشق - بيروت قبل استهداف طيران الاحتلال الإسرائيلي للطريق الدولي قرب معبر المصنع، فجر الجمعة، وخروج الطريق عن الخدمة؛ فإن دخول الوافدين من لبنان عبر معبر جديدة يابوس المقابل لمعبر المصنع استمر سيراً على الأقدام، ولكن بأعداد أقل بكثير من السابق.

وكشف السائق لـ«الشرق الأوسط»، أن حركة العبور إلى الأراضي السورية بعد خروج طريق بيروت - دمشق عن الخدمة؛ تكثفت في معبر العريضة بمحافظة طرطوس على الساحل السوري والحدودي مع لبنان والمقابل لمعبر العريضة في الجانب اللبناني.

وذكر السائق أن أغلبية من كانوا يعملون على خط دمشق - بيروت انتقلوا للعمل على خط العريضة، وتحدّث السائق عن أجور خيالية لطلبات نقل الركاب من دمشق إلى طرطوس ومنها إلى لبنان عبر معبر العريضة، لافتاً إلى أن أجرة الطلب من دمشق تصل إلى ما بين 3 – 4 ملايين ليرة سورية، في حين كانت من معبر جديدة يابوس ما بين مليون ومليون ومائتي ألف.