زيارة رئيسي إلى دمشق... الاقتصاد سيقود السياسة

الرئيس الإيراني زار «السيدة زينب» والتقى فصائل فلسطينية

صورة وزّعتها الرئاسة الإيرانية للقاء رئيسي بممثلي الفصائل الفلسطينية في دمشق (رويترز)
صورة وزّعتها الرئاسة الإيرانية للقاء رئيسي بممثلي الفصائل الفلسطينية في دمشق (رويترز)
TT

زيارة رئيسي إلى دمشق... الاقتصاد سيقود السياسة

صورة وزّعتها الرئاسة الإيرانية للقاء رئيسي بممثلي الفصائل الفلسطينية في دمشق (رويترز)
صورة وزّعتها الرئاسة الإيرانية للقاء رئيسي بممثلي الفصائل الفلسطينية في دمشق (رويترز)

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، ركزت مصادر النظام السوري على البُعد الاقتصادي للزيارة، إذ دعت صحيفة «تشرين» الرسمية، في افتتاحية، الخميس، إلى «معاينة المشهد من جديد»، واصفة زيارة رئيسي لدمشق بـ«الحدث». وأفادت بأن معطياتها المكثفة «تلخّصُ الرؤية المتكاملة للتوجّه نحو خلق موازين قوّة تفرضُ نفسَها، وأن سوريا ثمَّ العراق فإيران، هي المرتكزُ المتينُ لتكتّل إقليميّ يكمّل البعدَ الأشمل للقطب الجديد الصّاعد بهويته الاقتصاديّة، القائمة على توافقات سياسيّة في نهج السلام والوئام، من حيث إن التكتلات الاقتصادية الإقليمية ستكون هي الخيار الاستراتيجي الحقيقي»، لافتة إلى أن الواقعية، اليوم، «تُملي التسليمَ بأن الاقتصادَ يقود السياسةَ».
واعتبرت «تشرين»، الناطقة باسم النظام في دمشق، أن اجتماعات اللجنة العليا السوريّة العراقيّة في دمشق، التي انعقدت قبل يومين، واجتماعات اللجنة السورية الإيرانية «بداياتٌ مطمئنةٌ لولادة إقليم اقتصاديّ متماسكٍ متكاملٍ مترابطٍ بشرايين دفّاقة للحياة الاقتصاديّة».
ووصل رئيسي إلى دمشق، الأربعاء، على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى؛ تلبيةً لدعوة رسمية من نظيره السوري بشار الأسد، في زيارة أولى لرئيس إيراني إلى سوريا بعد 13 عاماً. وأجرى الرئيسان مباحثات سياسية واقتصادية موسّعة، ووقّع الرئيسان مذكّرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل طويل الأمد بين البلدين، إضافة إلى اتفاقيات أخرى جرى توقيعها، خلال الزيارة، بلغت 15 اتفاقية، وفقاً لوسائل إعلام إيرانية وسورية. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنه جرى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي بين البلدين، ومحضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية بين سوريا وإيران، ومذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية بين البلدين، ومحضر اجتماع للطيران المدني بين سوريا وإيران، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة بين سوريا وإيران، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط بين سوريا وإيران.
من جانبها نقلت صحيفة «الوطن»، المحلية المقرَّبة من النظام، عن رئيس «الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة» فهد درويش، قوله إن «سوريا وإيران تقفان، اليوم، على عتبة مهمة وغير مسبوقة على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والثنائي». وكشف درويش أن «إقامة محطات كبرى لتوليد الكهرباء في سوريا تُعدّ النقطة الأهم التي جرى التركيز عليها»، لافتاً إلى وجود اتفاقيات أخرى عدة لـ«إقامة مشروعات ومصانع كبرى في سوريا، مثل الأسمدة والأعلاف والمبيدات»، وأنه سيجري التركيز فيها على «المواد الأولية الموجودة في سوريا كالفوسفات». والأهم، وفقاً لدرويش، هو تأسيس شركات مشتركة تستطيع سوريا، من خلالها، «تسديد ديونها المترتبة عليها، لإيران، من خطوط الائتمان عن طريق أرباحها المتأتية بصفتها شريكاً في المشروعات الكبرى المقرر إقامتها».

الاقتصاد دون مستوى السياسة

ويرى اقتصاديون في دمشق أن حجم التبادل التجاري السوري الإيراني، قبل عام 2011 كان دون مستوى العلاقات السياسية والأمنية بين البلدين، فالتصدير بلغ أقل من مليار ليرة سورية، بينما الاستيراد بلغ 16 مليار ليرة سورية. وحصل تطور في الميزان التجاري، بعد اندلاع النزاع في سوريا، وجرى تفعيل منطقة التجارة الحرة السورية الإيرانية عام 2011، حيث فتحت إيران خط ائتمان عام 2013 لدعم النظام، وفي عام 2017 ركزت إيران في علاقتها مع سوريا على توقيع اتفاقيات اقتصادية كبرى، منها مناجم الفوسفات في خنيفيس، وإنشاء مصفاة كبيرة قرب حمص، و5 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية، كما كان هناك مشروع إيراني لمدّ الأنبوب الإسلامي بصفته ممراً للطاقة من إيران إلى العراق، ثم سوريا، وتتجه آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين نحو البحث في آلية تفعيل العلاقات الاقتصادية ومتطلباتها، وتفعيل الربط السككي بين البلدين.
وبينما يُظهر الإعلام المحلي الرسمي كثيراً من التفاؤل بأن تثمر الاتفاقيات الموقَّعة مع إيران عن تحسن اقتصادي في سوريا، تُواصل الليرة السورية تدهورها على نحو غير مفهوم أدى إلى شلل الأسواق، فمنذ أسبوعين خرج سعر صرف الدولار من حالة شبه مستقر دامت لشهور، ليسجل ارتفاعات يومية متسارعة، ليصل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد إلى نحو 8400 ليرة، ترتفع إلى 8600، ثم تهبط إلى 8150، لتعود وترتفع إلى 8400، وهكذا، بينما استقر السعر الرسمي عند 7500 ليرة، في وقت كانت فيه كل التوقعات تشير لتحسن في قيمة الليرة، بعد شهر رمضان الذي يشهد دخول حوالات بأكثر من 12 مليون دولار يومياً، والذي شهد أيضاً انفتاحاً عربياً.
وجاءت زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا، والبلاد في حالة ذهول من تدهور الوضع المعيشي، ولم يمنع ذلك من تحضير استقبال شعبي عند المطار، وفي بعض الشوارع التي يَعبرها الرئيس الإيراني، وفوجئ السوريون بفيديوهات تداولها ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي لعشرات الأشخاص يحملون العَلَمين السوري والإيراني، ويهتفون بعبارات دينية لدى استقبالهم الرئيس الإيراني.

لقاء الفصائل الفلسطينية

وفي اليوم الثاني للزيارة، التقى الرئيس الإيراني، صباح الخميس، وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن اللقاء جرى، في القصر الرئاسي السوري، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وأكد رئيسي، خلاله، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». واعتبر أن إبرام اتفاقيات مثل كامب ديفيد وشرم الشيخ وأوسلو، والمقترحات التي قُدّمت لتطبيع العلاقات مع الدول الإسلامية، تأتي في «إطار بقاء الكيان الصهيوني». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيدة لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة». وقال: «نرى زوال الكيان الصهيوني قريباً جداً، والذي تظهر آثار أفوله».
وزار رئيسي، مساء الأربعاء، مقام السيدة زينب، في ريف دمشق، برفقة وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد، ورئيس جمعية أهل البيت (ع) في سوريا عبد الله نظام، وقبل زيارة الرئيس الإيراني للمقام، التقى مجموعة من أُسر قتلى الميليشيات الشيعية من دول سوريا ولبنان وأفغانستان وإيران وغيرها، وألقى رئيسي خطاباً في صحن مقام السيدة زينب، في حفل شعبي ورسمي حاشد.



رئيس الأركان الإسرائيلي: المهمة لم تنته في غزة

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال اجتماع مع قواته في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي - أرشيفية)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال اجتماع مع قواته في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي - أرشيفية)
TT

رئيس الأركان الإسرائيلي: المهمة لم تنته في غزة

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال اجتماع مع قواته في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي - أرشيفية)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال اجتماع مع قواته في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي - أرشيفية)

أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، السبت، تقييماً ركز على استعدادات القيادة الجنوبية والقيادة المركزية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة واستقبال الرهائن المفرج عنهم.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن هاليفي أصدر توجيهات لتعزيز القوات في القيادة المركزية مع التركيز على «جهود مكافحة الإرهاب»، وكذلك تعزيز التدابير الدفاعية على الطرق الرئيسية، وخصوصاً فيما يتعلق بالإفراج عن الرهائن.

وأضاف الجيش أن هاليفي «وافق على الخطط الدفاعية للقيادة الجنوبية وفقاً للاتفاقيات التي حددتها القيادة السياسية».

وتعهد رئيس الأركان الإسرائيلي بأن الجيش الإسرائيلي لن يوقف عملياته حتى يعيد جميع «الرهائن» إلى ديارهم وذويهم.

وقال هاليفي، بعد أن تفقّد تمركزات للقوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة: «لقد خلقت عمليات الجيش الظروف اللازمة لتحقيق الهدف الحاسم الذي نحققه اليوم، وهو إعادة الرهائن إلى وطنهم وعائلاتهم».

وأضاف هاليفي أن الجيش الإسرائيلي، الذي قاتل حركة «حماس» منذ أكثر من عام وثلاثة أشهر، «حقق إنجازات مهمة ونجح في هزيمة الجناح العسكري لحماس والقضاء على الهيكل القيادي للحركة وزعيمها يحيى السنوار».

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي عقب تفقد قواته على حدود قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

وشدد رئيس الأركان على أن المهمة لم تنته في غزة، وقال: «لا يزال لدينا الكثير للقيام به، وسنفعل ذلك بقوة وإصرار».

وحذر الجيش سكان غزة من الاقتراب من مناطق انتشار قواته في القطاع عند دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح غدٍ الأحد.

وجاء في بيان منفصل للجيش الإسرائيلي: «بناءً على الاتفاق، تبقى قوات الجيش منتشرة في مناطق محددة في قطاع غزة. يجب عدم الاقتراب من القوات حتى إشعار آخر. الاقتراب من القوات يعرضكم للخطر».

وأضاف: «لا يزال التحرك من جنوب إلى شمال قطاع غزة أو نحو طريق نتساريم خطيراً في ضوء أنشطة الجيش الإسرائيلي في المنطقة. لحظة السماح بهذا التحرك سيتم إصدار بيان وتعليمات عن طرق الانتقال الآمنة. نحذر السكان من مغبة الاقتراب من القوات بشكل عام، وفي منطقة محور نتساريم على وجه الخصوص».

وأكد البيان ضرورة عدم الاقتراب من منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا، وأي موضع تمركز لقوات إسرائيلية في جنوب قطاع غزة، كما حظَر صيد الأسماك والسباحة والغوص في المنطقة البحرية.

وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، إن الجيش «يستعد هجومياً ودفاعياً بصورة قوية جداً» تمهيداً لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد.

وأضافت المتحدثة كابتن إيلا، في بيان، أن المدارس ستعود للعمل في مناطق غلاف غزة ابتداء من صباح الأحد.

وتابعت، في منشور على منصة «إكس»: «نظراً لطلب رؤساء السلطات المحلية في منطقة الغلاف، وبموافقة وزير الدفاع ورئيس الأركان، تقرر أن يبدأ الدوام المدرسي في المنطقة في الساعة العاشرة للسماح ببدء الدوام بشعور أكبر بالأمان».

إحدى المناطق المخصصة لاستقبال الرهائن لدى الإفراج عنهم من غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

وبحسب البيان سيبدأ الدوام المدرسي في باقي أنحاء البلاد كالمعتاد «مع الحفاظ على تعليمات الجبهة الداخلية».

وأعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية في بيان ثلاثي مشترك، يوم الأربعاء الماضي، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس»، من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الساعة 8:30 صباحاً (6:30 ت.غ) يوم الأحد.

جندية من الجيش الإسرائيلي تشارك في إعداد منطقة مخصصة لاستقبال الرهائن لدى الإفراج عنهم من غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

وينهي الاتفاق أكثر من 15 شهراً من القتال بين الطرفين المتنازعين. ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، حيث سيتم الإفراج في المرحلة الأولى التي تمتد لمدة 42 يوماً عن 33 رهينة إسرائيلية مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين.

ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تشن إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد «حماس»، أسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف فلسطيني في غزة، ودمرت البنية التحتية بشكل غير مسبوق.

وجاءت هذه الحرب رداً على هجوم مفاجئ شنته «حماس» على بلدات ومواقع عسكرية في جنوب إسرائيل، مما أدى إلى مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن.