السعودية تُعزز تعاونها مع أميركا لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط

من خلال توسيع شراكاتها الاستثمارية والتجارية

الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)
TT

السعودية تُعزز تعاونها مع أميركا لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط

الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)

في أول اتصال من زعيم عربي، تلقّى الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالاً هاتفياً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مساء الأربعاء، ناقشا خلاله سُبل تعزيز التعاون لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، إضافة إلى الشأن الاقتصادي بين البلدين.

وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الأميركي دونالد ترمب، رغبة السعودية في توسيع الشراكة الاستثمارية مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى تخطيط السعودية لاستثمارات تبلغ 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، مع إمكانية زيادتها حال توفرت فرص إضافية.

وتناول الجانبان تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وأعرب ولي العهد السعودي عن ثقته بقدرة إدارة ترمب على تحقيق إصلاحات اقتصادية غير مسبوقة في الولايات المتحدة.

ونقلت وكالات أنباء عن البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي تحدثا عن «الطموحات الاقتصادية الدولية» للمملكة بالإضافة إلى التجارة وفرص أخرى خلال الاتصال.
وذكر البيت الأبيض في بيان أن الزعيمين بحثا أيضا جهود تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب

اتصال من وزير الخارجية

تلقّى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (الخميس) اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، واستعرضا خلال الاتصال العلاقات الثنائية بين البلدين، ومجالات التعاون المشترك وسُبل تطويرها، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، كما جرت مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأعرب الوزير روبيو عن تطلعه إلى تعزيز المصالح المشتركة في سوريا ولبنان وغزة وغيرها من المناطق، كما أكد التهديدات التي تُشكلها إيران ووكلاؤها، وفق ما نقلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس.

وقالت تامي بروس: «إن وزير الخارجية ماركو روبيو تحدّث (الخميس) مع ولي العهد السعودي، لمناقشة متانة الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية في هذه المرحلة من التغييرات المهمة، وتطرق المتحدثان إلى الفوائد التي تحققها الشراكة الاقتصادية بين البلدين، والفرص المتاحة لتطوير اقتصاديهما في مجالات مختلفة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي».

استكمال الشراكة

قال محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الاستثمارات التي تُخطط السعودية لتوسيعها داخل أميركا، تأتي استكمالاً للشراكات الاستراتيجية الاقتصادية والتجارية بين البلدين، التي شملت عدداً من الفرص الواعدة، وتأكيداً لأهمية العمل الثنائي بين الدولتين في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.

وقال الدكتور فواز العلمي، الخبير في التجارة الدولية، إن علاقات التحالف الاستراتيجية التي تربط بين السعودية وأميركا منذ 8 عقود، ستشهد توسعاً مع نية السعودية استكمال هذه الشراكات في الفرص والمجالات الواعدة، لا سيما نقل وتوطين التقنية وقطاعات الصناعات العسكرية، واستكشاف الفضاء، وتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي، وتطوير الطاقة النووية وغيرها.

وأكد العلمي -في حديث مع «الشرق الأوسط»- أن السعودية ترغب في الاستفادة من القفزة التنموية التي تشهدها المملكة، بوصفها الاقتصاد الأسرع نموّاً بين دول مجموعة الـ20، وتحقيق الشراكة والاستثمار في الازدهار الاقتصادي غير المسبوق الذي سيتحقق من خلال توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية في الولايات المُتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار.

وأشار العلمي إلى أن العلاقات التجارية بين السعودية وأميركا، هي حجر الأساس في المشاركة الاقتصادية بين البلدين، ما يعكس المصالح الاستراتيجية المشتركة والديناميكيات العالمية المتطورة.

ولفت العلمي إلى أن السعودية تعمل على تنويع اقتصادها بما يتجاوز النفط، وأن أميركا تتمتع بمكانة جيدة لدعم هذا التحول، من خلال الاستثمار في القطاعات غير النفطية، مثل التصنيع والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، وهي مجالات حاسمة لأهداف «رؤية السعودية 2030».

وأضاف: «من خلال تعزيز الابتكار، وتعزيز رأس المال البشري، والتوسع في صناعات جديدة، يمكن لكلا البلدين ضمان مستقبل مرن ومزدهر، مبني على أساس من النمو المتبادل والتعاون».

تنويع الشراكات

قال الدكتور سعود العتيبي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز، إن المصالح المشتركة أحد العناصر التي تربط بين السعودية وأميركا، وليست مصلحة بلد دون آخر، مؤكداً أن السعودية من موقعها بصفتها دولة مؤثرة في محيطها، تستثمر من خلال علاقتها الإيجابية مع دولة مهمة مثل أميركا لتحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة.

وأضاف: «السعودية دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، وتمتلك قوة ناعمة للتأثير في محيطها، وتسعى دائماً إلى تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، من خلال تبني سياسات خارجية موجهة للصالح العام، ولا تضرّ بأي من الأطراف، وتشهد الأحداث التاريخية بهذا خلال سنوات طويلة».

وقال العتيبي إن تعزيز السعودية شراكاتها الاقتصادية مع الدول الكبرى، يسهم في بناء عامل مؤثر، يبرز وجهة نظر دول المنطقة، ويساعد دول العالم العربي والإسلامي على تحقيق تطلعاتها، لافتاً إلى أن الرياض اختارت مبكراً ألا تحصر شراكاتها وعلاقاتها مع دولة دون غيرها، ومن ذلك تطوير علاقاتها مع روسيا والصين التي بنيت على أسس تحقيق الأمن والسلام الدوليين، وأن العلاقات السعودية مع أميركا جزء من جهود التنوع في بناء العلاقات لتحقيق تلك الأهداف.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن العلاقات السعودية مع أميركا علاقات مهمة مع دولة مؤثرة، وقد أثبتت الأحداث في كل مرحلة تاريخية صواب وجهة نظر السعودية الواقعية في معالجة ملفات المنطقة، وهذا ما يُشجع للتطلع إلى تعزيز هذه العلاقات بين البلدين.


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء كندا: سأتحدث قريباً مع ترمب للمرة الأولى

الولايات المتحدة​ رئيس وزراء كندا مارك كارني (أ.ب)

رئيس وزراء كندا: سأتحدث قريباً مع ترمب للمرة الأولى

قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، اليوم (الخميس)، إنه سيتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غضون الأيام المقبلة.

الولايات المتحدة​ نواب ديمقراطيون استعرضوا لقطات شاشة لمحادثة «سيغنال» خلال جلسة استماع في المجلس أمس (أ.ف.ب) play-circle

قاضٍ أميركي يأمر إدارة ترمب بالاحتفاظ برسائل «سيغنال» بشأن الهجوم على اليمن

أمر قاضٍ أميركي إدارة الرئيس دونالد ترمب بالحفاظ على الرسائل المرسلة على تطبيق «سيغنال» للتراسل، التي تناقش خطط الهجوم ضد جماعة «الحوثي» في اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك من نيويورك تدلي بشهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بشأن ترشيحها لمنصب سفيرة لدى الأمم المتحدة في مبنى الكابيتول في واشنطن 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض يسحب ترشيح الجمهورية إليز ستيفانيك سفيرةً لأميركا في «الأمم المتحدة»

سحب البيت الأبيض ترشيح النائبة الجمهورية، إليز ستيفانيك، لشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى «الأمم المتحدة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مكتبه بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

استطلاع: مقترح ترمب لتهجير سكان غزة لا يحظى بشعبية بين الأميركيين

أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة ميريلاند أن غالبية الأميركيين لا يؤيدون خطة الرئيس دونالد ترمب للسيطرة على قطاع غزة.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا انتهى اللقاء بين ترمب وزيلينسكي دون توقيع اتفاق المعادن في 28 فبراير 2025 (أ.ب) play-circle

صحيفة: أميركا تقدم مقترحاً جديداً للسيطرة الشاملة على موارد أوكرانيا

تسعى الولايات المتحدة إلى إبرام صفقة جديدة شاملة للسيطرة على المعادن وأصول الطاقة الحيوية في أوكرانيا، بينما لا تقدم لكييف أي ضمانات أمنية في المقابل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وفاة وزير الدولة السعودي مطلب النفيسة عن 88 عاماً

الراحل الدكتور مطلب النفيسة تقلّد مناصب حكومية عدة (وزارة الإعلام)
الراحل الدكتور مطلب النفيسة تقلّد مناصب حكومية عدة (وزارة الإعلام)
TT

وفاة وزير الدولة السعودي مطلب النفيسة عن 88 عاماً

الراحل الدكتور مطلب النفيسة تقلّد مناصب حكومية عدة (وزارة الإعلام)
الراحل الدكتور مطلب النفيسة تقلّد مناصب حكومية عدة (وزارة الإعلام)

نعى الديوان الملكي السعودي، الدكتور مطلب النفيسة وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء، الذي وافته المنية، الخميس، عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد أكثر من 6 عقود في العمل الحكومي.

ووصف الديوان الملكي الفقيد، في بيان، بأنه «من رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفانٍ وإخلاص»، مشيراً إلى أن الصلاة عليه ستكون عصر الجمعة، في جامع الملك خالد بمدينة الرياض.

الراحل النفيسة وُلِد عام 1937م في محافظة رياض الخبراء بمنطقة القصيم (وسط السعودية)، وأنهى تعليمه الجامعي بشهادة البكالوريوس في القانون من جامعة القاهرة المصرية عام 1962، ابتُعث بعدها إلى جامعة هارفارد بولاية ماساتشوستس الأميركية، وحصل على الماجستير والدكتوراه في القانون عامي 1971 و1975.

وتقلّد الفقيد مناصب حكومية عدة، حيث بدأ ممارسة عمله في تخصصه عام 1962 بتعيينه مستشاراً قانونياً في مجلس الوزراء، ثم نائباً للمدير العام لمعهد الإدارة العامة. وفي تلك الأثناء، بدأ مزاولة مهنة المحاماة بمكتبه الخاص، قبل أن يُعيّن بعد عودته من الولايات المتحدة عام 1975 رئيساً لشعبة الخبراء بالمجلس (هيئة الخبراء بمجلس الوزراء حالياً) إلى 1995.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الراحل مطلب النفيسة خلال جلسة سابقة لمجلس الوزراء

كما عُيّن النفيسة وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء عام 1995، وأصبح أميناً عاماً وعضواً للمجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن من 1999 حتى 2015. وفي 27 سبتمبر (أيلول) 2022، صدر أمر ملكي بإعادة تشكيل مجلس الوزراء وتجديد تعيينه وزير دولة وعضواً فيه.

وشغل الراحل عضوية كلٍّ من المجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلسي الخدمة «المدنية، والعسكرية»، وكان عضواً للجنتَيْن الوزاريتَيْن لـ«نظام الضمان الصحي التعاوني، وللتنظيم الإداري»، واللجان العليا لإعداد النظام الأساسي للحكم، ونظامي «المناطق، ومجلس الشورى».

بدوره، عَدّ محمد العجاجي رئيس «هيئة الخبراء»، الراحل «رجل القانون الأول في المملكة»، وقال: «تشرفت بداية عملي في الهيئة أن يكون قامة مثله رئيس شعبة الخبراء (الهيئة حالياً) في ذلك الوقت وعملت معه حتى ما بعد الفترة التي ترك فيها الهيئة عندما تعيّن وزيراً للدولة»، واصفاً إياه بأنه (الرجل القانوني الأول في المملكة)، «ولم أجد أو أقابل أو أسمع من يخالفني الرأي، وهو المرجع في القانون، والأول أيضاً في القانون الدستوري، وهذا من ناحية العلم وتخصصه».

وأضاف العجاجي خلال مقابلة تلفزيونية مع برنامج «في الصورة» على «روتانا خليجية» أواخر 2023: «النفيسة أستاذ في كل شيء. أستاذ في علمه ومهنيته وشخصه وتعامله، وهو أكثر شخص كانت له بصمات في التأسيس للعمل القانوني بالهيئة، سواء من ناحية بناء شخصية المستشار ومكونات وصول الاستشارة القانونية فيها»، مؤكداً أن «بصمته باقية سواء في عمله بها، أو في أذهان كل من عملوا معه فيها، وخصوصاً المستشارين الذين لم يعملوا معه لا يزالوا يذكرون له هذا الأمر».