مع تنامي التهديدات التي تشكلها الأسلحة الواصلة إلى جماعة الحوثيين في اليمن على الملاحة والأمن الإقليمي، أكد تقرير أعده «البرنامج العالمي لمكافحة الشبكات الإجرامية»، و«برنامج مكافحة الجريمة البحرية» التابع للأمم المتحدة، أن السفن الشراعية والقوارب الصغيرة هي أشهر وسيلة لتهريب الأسلحة إلى هذه الجماعة.
وذكر التقرير الذي تَتَبَّعَ طرق تهريب الأسلحة أن هذه العملية تحدُث عبر مسارات بحرية وبرية رئيسية، حيث تستخدم شبكات التهريب التقليدية سفناً خشبية صغيرة وُصفت بأنها الوسيلة الأساسية لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية التي تشمل الأسلحة الصغيرة والخفيفة، وصولاً إلى الصواريخ الباليستية والتكنولوجيا المتطورة، حيث يجري تهريب هذه الأسلحة في أجزاء منفصلة لتُجمع لاحقاً داخل اليمن؛ ما يزيد من تعقيد جهود المكافحة.
وفي حين يؤكد التقرير أن الحوثيين يستفيدون من المواد المهربة لتصنيع الأسلحة محلياً، مثل الطائرات المسيّرة والقوارب المفخخة، وهو ما يعزز قدراتهم العسكرية، ويمكّنهم من الاستمرار في الصراع، نبّه إلى استخدام شبكات التهريب تقنيات متنوعة للتخفي، بما في ذلك استخدام قوارب صغيرة وسرية؛ ما يجعل من الصعب تعقُّبها أو مراقبتها.
وفي مقابل نقص التنسيق بين القوات الدولية والمحلية، وافتقار كثير من الأطراف إلى آليات فعالة لتبادل المعلومات، أشار التقرير إلى أن القوات الحكومية في اليمن تعاني من نقص حاد في التجهيزات، حيث فقدت قوات خفر السواحل معظم معداتها منذ بداية النزاع، وتشمل سفن الدوريات ونظم الرادار؛ ما يُضْعِف قدرتها على المواجهة، ويُبْرز حاجتها إلى دعم أكبر في مجال التجهيزات والتدريب.
دعم محدود
ذكر التقرير الأممي أن الدعم الدولي محدود، رغم إظهار المجتمع الدولي بعض الالتزام بدعم اليمن. وقال إن جهود إعادة بناء القدرات الأمنية لم تحظَ بالدعم الكافي، وإن الدعم المتاح يأتي غالباً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن بمستويات لا تلبي الاحتياجات المتنامية للقوات الحكومية.
واستعرض التقرير مشكلة الرواتب المنخفضة وغير المنتظمة لموظفي الحكومة اليمنية وقوات الأمن، وتأثير ذلك في جهود مكافحة التهريب. وقال إن الرواتب التي تتراوح بين ما يعادل 45 و85 دولاراً، تُدفع بشكل غير منتظم؛ ما يؤدي إلى تدهور الروح المعنوية في صفوف القوات؛ ولهذا فإنه في مثل هذه الظروف، قد يتعرض الضباط للضغط لغضّ النظر عن عمليات التهريب؛ ما يزيد من تعقيد جهود المكافحة.
وحذر التقرير من استمرار تهريب الأسلحة إلى اليمن، على أساس أن ذلك «يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي»، ونبّه إلى أن الأسلحة المهربة قد تُستخدم في هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ ما يهدد الملاحة الدولية، ورأى أن القلق يزداد مع تصاعُد الهجمات الحوثية على السفن والموانئ؛ ما يثير مخاوف من عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي.
توصيات
أوصى المكتب الأممي بزيادة التعاون الدولي لتحسين تبادُل المعلومات بين القوات البحرية الدولية والقوات اليمنية، وتنسيق الجهود بين مختلف الأطراف لتعزيز مكافحة التهريب البحري، وإنشاء آليات رسمية لتبادل المعلومات، وتنسيق العمليات، وأكد ضرورة تقديم دعم فني ومادي للقوات الحكومية في اليمن، بما في ذلك تجهيزات عسكرية متقدمة، وتدريبات لتعزيز قدرتها على مراقبة السواحل، ومنع التهريب.
واقترح المكتب، وضع آليات قانونية لملاحقة المهربين الذين يجري توقيفهم، وتعزيز التعاون مع النظام القضائي اليمني لتمكينه من ملاحقة المهربين بشكل فعال.
وأوصى بضرورة اتخاذ خطوات أكثر حزماً لتعزيز العقوبات المفروضة على الحوثيين منذ عام 2015؛ لمنع وصول الأسلحة، على أن يشمل ذلك التعاون مع المجتمع الدولي لمراقبة تطبيق هذه العقوبات.
وطالب معدُّو التقرير بتكاتف الجهود الدولية والمحلية لمواجهة تهريب الأسلحة غير القانونية إلى اليمن، وذَكَروا أن أي حل سياسي للأزمة في هذا البلد لن يكون مستداماً من دون معالجة هذا التهديد المستمر الذي يفاقم من معاناة الشعب اليمني، ويطيل أمد الصراع.