أدى أكثر من 1.8 مليون حاج، السبت الموافق للتاسع من شهر ذي الحجة، ركن الحج الأعظم على صعيد عرفات الطاهر، مفعمين بأجواء إيمانية، يغمرها الخشوع والسكينة والأمان، ملبين، متضرعين، داعين الله أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
وشهد ضيوف خطبة يوم عرفة التي ألقاها بمسجد نمرة، الشيخ ماهر المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، ونقلت لهم عبر أنظمة مرئية وشاشات ضخمة في مقارهم، قبل أن يؤدوا صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وسط أجواء من الطمأنينة والسكينة والخدمات المتكاملة.
ومع غروب شمس السبت، نفرت جموع الحجيج إلى مزدلفة، وأدوا صلاتي المغرب والعشاء، وباتوا في المشعر؛ تأسياً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، على أن يعودوا إلى منى فجر الأحد، العاشر من ذي الحجة، لرمي جمرة العقبة، صباح يوم عيد الأضحى المبارك، استعداداً للحلق أو التقصير، والتحلل الأول، قبل طواف الإفاضة، والسعي، اللذين يكتمل بهما التحلل الأكبر، وتحقيق جميع أركان الحج غير طواف الوداع.
وشهدت عملية انتقال ضيوف الرحمن بين المشاعر المقدسة انسيابية، وسط متابعة مباشرة من أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج، في لحظات إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة.
1.8 مليون حاج
أعلنت السعودية، أنه بلغ إجمالي حجاج هذا العام 1.833.164 مليون حاج، منهم 1.611.310 مليون حاج قدموا ممّا يزيد على 200 دولة، عبر المنافذ المختلفة، و221.854 ألف حاج من المواطنين والمقيمين، مبينة أن عدد الذكور من الإجمالي العام بلغ 958.137 ألف حاج، مقابل 875.027 ألف حاجّة.
وأوضحت هيئة الإحصاء أن نسبة الحجاج القادمين من الدول العربية بلغت 22.3 في المائة، والدول الآسيوية غير العربية 63.3 في المائة، والدول الأفريقية عدا العربية 11.3 في المائة، في حين بلغت نسبة حجاج دول أوروبا وأميركا وأستراليا والأخرى غير المصنفة 3.2 في المائة، مشيرة إلى أنه وصل إلى 1.546.345 مليون حاج، عن طريق المنافذ الجوية، ووصل عن طريق المنافذ البرية 60251 حاجاً، ووصل عن طريق المنافذ البحرية 4714 حاجّاً.
ربط المشاعر بالحرم
قامت «الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة» بتحسين كفاءة ربط مشعر منى بالمسجد الحرام، عبر 4 مسارات للنقل العام خدمة للحجاج، وهي مسار (2، 3، 4، 5)؛ بهدف زيادة معدلات الإركاب، وتحسين جودة الخدمات المقدمة. وتنقسم المسارات إلى مسار ترددي، ومسار مرمز، ومسار عادي، وتقع المحطات في باب علي، وباب الملك والمصافي.
من جهتها، خصصت «هيئة النقل»، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، 11 مساراً ترددياً لنقل الحجاج بالحافلات بين مشعر منى والمسجد الحرام خلال يومي العاشر والحادي عشر، وذلك عبر 2460 حافلة، ما سيسهم في تسهيل تنقلهم، واستكمال أدائهم لمناسكهم خلال رحلتهم في موسم الحج بكل يسر وطمأنينة وسكينة.
621 مليون مستمع للخطبة
ترجمت «هيئة العناية بشؤون الحرمين»، خطبة عرفة إلى 37 لغة عالمية، ببث مباشر بـ20 لغة، وترجمة غير متزامنة بـ17 لغة أخرى، ما مكّن المسلمين من متابعة الخطبة عبر منصة «منارة الحرمين»، وقناة «يوتيوب»، وتطبيق «نسك»، وترددات «إف إم» بالمشاعر المقدسة.
وأكد الدكتور عبد الرحمن السديس، رئيس الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين، نجاح مشروع الترجمة الفورية للخطبة، والوصول إلى 621 مليون مستفيد ومستمع في رقم قياسي جديد؛ وهو العدد الأكبر من نوعه تحققه الرئاسة في تاريخها، مؤكداً أن المشروع يهدف إلى إيصال رسالة الحرمين الوسطية، ومضامين الخطب المنبرية المترجمة، وهداياتها الإنسانية والأخلاقية، وأسس التعايش والتقارب، وإذكاء الحوار والمحبة والإخاء والتعاون إلى العالم.
خدمات صحية
استفاد أكثر من 112 ألف حاج من الخدمات المتنوعة والرعاية المتكاملة التي تقدمها المنظومة الصحية لضيوف الرحمن، منذ اليوم الأول من شهر ذي القعدة حتى يوم عرفة، إذ تنوعت الخدمات بين عيادات طبية وتخصصية، وصيدليات، ومراكز غسيل الكلى، وغرف العناية المركزة، ووحدات العزل، كما أجريت 20 عملية قلب مفتوح، و230 قسطرة قلبية، و819 عملية غسيل كلوي، إضافة إلى دخول 2491 من الحجاج للمستشفيات والمراكز الطبية لتلقي الرعاية اللازمة.
طلعات جوية
سخرت القيادة العامة لطيران الأمن برئاسة أمن الدولة، جميع إمكاناتها من طائرات وكوادر بشرية وفنية، ورفعت جاهزيتها لأعلى درجة لمتابعة حركة الحجيج بالمشاعر المقدسة، إذ جدولت طلعات جوية بصفة متواصلة، تجوب من خلالها سماء مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لرصد الحالة الأمنية والحركة المرورية للحجاج خلال عملية التصعيد إلى مشعري منى وعرفات، والاستقرار في المشعر، ومن ثم النفرة إلى مزدلفة وبقية المواقع بالمشاعر. وركزت على متابعة كثافة الحجاج، مستفيدة في ذلك من الخبرات والقدرات المتوافرة لدى الأطقم الجوية التي تمكنها من متابعة الحالة الأمنية لموسم الحج عن كثب، وملاحظة كل ما من شأنه الإخلال بذلك.
دورية ذكية
عملت «مديرية الدفاع المدني» بتقنية «الدورية الذكية» لتسهيل وتيسير عمل مفتشي السلامة للتحقق من حصول شركات الحجاج على التراخيص، ورفع مستوى التزامها بالمتطلبات والاشتراطات، وتتمثل هذه التقنية في مسح رمز الاستجابة السريع (QR Code) المُثبت على مداخل إسكان الحجاج عن بُعد بواسطة كاميرات مجهزة، عند مرورها أمام المخيمات لتقرأ جميع البيانات، وتعرضها على جهاز محمول داخل المركبة.
258 مليون سلعة تموينية
أشرفت وزارة التجارة على تصعيد أكثر من 258 مليون سلعة تموينية للحجاج في المشاعر المقدسة من اليوم الأول وحتى الثامن من ذي الحجة، كما نفذت خلال الفترة نفسها 15.162 زيارة رقابية، شملت أكثر من 33 ألف منشأة تجارية ومنفذ بيع بمنطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة والطرق المؤدية إليها. كما تواصل فرقها الميدانية تغطية الحالة التموينية لضيوف الرحمن، والوقوف على منافذ البيع للتحقق من وفرة السلع والمنتجات الضرورية، ومراقبة المنشآت والمنافذ والمباسط للتحقق من امتثالها بأنظمة حماية المستهلك، وضبط المخالفات.
إرشاد التائهين
يواصل الكشافة المشاركون في معسكرات الخدمة العامة التي تُقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، أعمالهم التطوعية في إرشاد الحجاج التائهين، إذ تقوم فرقها بالتعاون مع منسوبي وزارة الحج والعمرة بالمهمة من خلال مراكز «نسك وعناية» من بينها عربات متنقلة وأكشاك، بإرشاد الحجاج التائهين إلى مقار إقامتهم، عن طريق تحديد جهة الحاج التائه بعد التعرف على جنسيته ورقم مكتبه، عقب قراءة المعلومات المسجلة عبر الباركود في بطاقة «نسك»، ومن ثم التعرف على مقره، إذ يحدد القائد الكشفي أقصر الطرق للوصول بالحاج التائه إلى مقر سكنه.
40 نيابة قضائية
هيأت «النيابة العامة» 40 نيابة قضائية - منها اثنتان متنقلتان - ويعمل بها أعضاء ومعاونوهم من المتخصصين للوقائع النوعية التي قد ترتكب في الموسم، ويباشرون عملهم وفق النظام، ومراعاة التدابير المقررة في شأن مصالح الحج والحجاج. وتعمل هذه النيابات على مدار الساعة في مقار مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتؤدي دورها في خدمة ضيوف الرحمن بمشاركة الجهات العدلية والأمنية الأخرى، ليعود الحجاج إلى أهلهم سالمين غانمين. ويعدّ مؤشر العمل الميداني لهذه القضايا أن يجري إنهاؤها فوراً، لضمان تحقيق أعلى معايير الكفاءة في العمل الإجرائي والوصول للعدالة الناجزة.