عبد الله آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «قمة البحرين» أمام استحقاق تاريخي... والشارع العربي يترقب ما سيتمخض عنها

وكيل الخارجية البحرينية: التشرذم يمثل تحدياً حقيقياً أمام الأمن القومي العربي... ولم يعد مقبولاً استمراره

الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية (بنا)
الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية (بنا)
TT

عبد الله آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «قمة البحرين» أمام استحقاق تاريخي... والشارع العربي يترقب ما سيتمخض عنها

الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية (بنا)
الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية (بنا)

أكد وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، أن القمة العربية التي تستضيف البحرين أعمال دورتها الثالثة والثلاثين، هي «قمة استثنائية بامتياز، في مكانها وتوقيتها وموضوعها».

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، إن العنوان الأبرز لقمة البحرين هو «تدشين مرحلة جديدة في العمل العربي المشترك، تتألف من مسارين متوازيين؛ أولهما القدرة على إيجاد حلول جذرية لما تشهده المنطقة من أزمات وتحديات، والآخر هو التعاون في مجال التنمية المستدامة بمختلف روافدها للحاق بركب التقدم العالمي».

وأضاف: «نحن بالفعل أمام استحقاق تاريخي يترقب الشارع العربي ما سيتمخض عنه من نتائج وقرارات».

وأردف قائلاً إن انعقاد القمة العربية في البحرين للمرة الأولى «يشكِّل حدثاً بالغ الأهمية يكتسب أهميته بالنظر إلى تحديات غير مسبوقة، في مقدمتها: استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتأزم الأوضاع في السودان وليبيا واليمن، بالإضافة إلى قضايا أمنية واقتصادية تحتاج إلى معالجة سريعة، إذ سيكون جدول أعمال القمة مثقلاً بملفات شائكة وصعبة».

 

قمة التضامن

ورأى الشيخ عبد الله بن أحمد أن هناك اهتماماً خاصاً بموضوع التضامن العربي، «بوصفه الحصن المنيع لمواجهة الأزمات والصعوبات كافة، والحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل قناعة بأن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي الذي لا بديل عنه، لتأسيس نظام إقليمي متجدد ومتوازن».

كما أشار إلى أن قمة البحرين «هي أيضاً قمة استراتيجية، بوصفها تمثل امتداداً لنجاح (قمة جدة)، ونهجها الرائد في تفعيل القرارات التي تعبّر عن تطلعات الشعوب العربية».

وأشاد وكيل وزارة الخارجية البحرينية برئاسة السعودية «الناجحة والموفَّقة للدورة السابقة». معتبراً أن المملكة والبحرين «تمثلان صوتاً عربياً مؤثراً ومعتدلاً في إطار وحدة الهدف والمصير، والعمل معاً في منظومة واحدة، وفقاً لما ورد في ميثاق جامعة الدول العربية من مقاصد ومبادئ».

وأكد أن البحرين «قادرة على أن تقود القمة العربية إلى تحقيق مكتسبات ملموسة تُضاف إلى مسيرة العمل العربي المشترك».

وأضاف: «نحن لا ننظر إلى التحديات على أنها أمور مسلَّم بها، بل نبحث عن حلول مبتكرة، وكيف يمكن إنجاز الملفات المطروحة بشكل أفضل».

معرباً عن الأمل في «أن تخرج القمة بقرارات وتوصيات فاعلة لتعزيز أمن ونماء الدول العربية، وإيجاد حلول دبلوماسية لتسوية النزاعات، وتحقيق تنمية مستدامة شاملة».

وقال الشيخ عبد الله بن أحمد، إن البحرين «تعوّل على مخرجات إعلان المنامة نظراً إلى حجم وأهمية وحيوية الملفات والقضايا المثارة، علاوة على رغبة واضحة من الجميع في تطوير التعاون العربي المشترك».

وفيما يتعلق بالاستعدادات، قال الشيخ عبد الله بن أحمد: «لقد جرى تسخير كل الجهود من إمكانات وطاقات، استعداداً لهذا الحدث المهم».

وقال: «خلال ترؤسي وفد بلادي في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية (...) لاعتماد مشروع جدول أعمال القمة، لمستُ مدى التفاؤل والتقدير من رؤساء الوفود بأن قمة البحرين سوف تكون قمة (التوافق والتضامن)».

 

التشرذم ليس مقبولاً

ورداً على سؤال، قال وكيل وزارة الخارجية البحرينية: «تمثل حالة التشرذم تحدياً حقيقياً أمام الأمن القومي العربي، ولم يعد مقبولاً استمرار هذا الوضع في ظل الأوضاع الحرجة والمعقَّدة التي تمر بها المنطقة».

وأضاف: «من المؤسف أن تنتقل هذه الحالة إلى داخل بعض الدول العربية، وباتت تشكل تهديداً خطيراً أمام الدولة الوطنية، وتقويض سيادتها ومؤسساتها».

ومضى يقول: «على الرغم من تصاعد النزاعات في منطقة الشرق الأوسط؛ وتداعي المشهد الأمني العالمي، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى للحفاظ على معادلة التوازن الإقليمي، من خلال سياسات أكثر تماسكاً، وبناء الشراكات مع التكتلات الاقتصادية لتبادل المنافع، وتأمين الأمن البحري».

وأكد أن وحدة الصف والكلمة «هي صمام الأمان وركيزة الاستقرار»، مضيفاً: «هناك قناعة خليجية بضرورة مواصلة الجهود لمواجهة التحديات بآليات مستدامة تشمل تطوير القدرات الذاتية، واعتماد الدبلوماسية الفاعلة، وبناء التحالفات الخارجية».

 

الرؤية الخليجية للأمن الإقليمي

ورداً على سؤال بشأن تدشين «رؤية مجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي»، وهي الرؤية التي دُشنت نهاية مارس (آذار) الماضي، في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون، بالعاصمة الرياض، قال الشيخ عبد الله بن أحمد، إنّ تدشين هذه الرؤية يأتي «إدراكاً لأهمية تحصين أمننا المشترك لمواجهة التحديات كافة».

وأضاف: «في هذا الصدد، أثمِّن بمزيد من الاعتزاز والتقدير، دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لاستكمال المنظومة الدفاعية والأمنية المشتركة، التي أقرَّها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر (كانون الأول) 2015».

وتعالج هذه الرؤية التحديات الأمنية التي تواجه دول المنطقة، وتأثيرها على الأمن والسلم الدوليين، مع توثيق العمل المشترك من أجل إيجاد نظام إقليمي أكثر سلماً واستقراراً وازدهاراً.

وقال الشيخ عبد الله آل خليفة: «إن مملكة البحرين تؤمن بضرورة الاتحاد بين دول الخليج بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ونأمل أن تسهم رئاسة المملكة للقمة في اتخاذ خطوات أكثر سرعة وإنجازاً، والخروج بقرارات وتوصيات تصون الأمة العربية، وتعزز مصالحها المشتركة، وتخدم قضاياها العادلة».

وبشأن القضية الفلسطينية، قال وكيل وزارة الخارجية البحرينية إن «موقع القضية الفلسطينية في جوهر النزاع في منطقة الشرق الأوسط، وهي القضية المركزية الأولى، والموضوع الأبرز الذي سيتصدر أجندة قمة البحرين العربية».

ومضى يقول: «نتطلع إلى أن تنتهي المأساة الإنسانية المؤلمة في قطاع غزة في أقرب وقت، وأن تنعم جميع شعوب المنطقة بالأمن والسلام».

وأوضح أن موقف البحرين من القضية الفلسطينية «ثابت وواضح، ونحن نؤيِّد مبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وفقاً لمبدأ حل الدولتين».

وشدد على أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن، بمسؤولياته «في تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار في القطاع، بما يحفظ أرواح المدنيين، ويوفّر لهم المساعدات الإنسانية والإغاثية دون عوائق». وكذلك «بلورة موقف عربي موحَّد خلال القمة، يسهم في وقف العدوان فوراً، وإنهاء هذه المحنة المأساوية المستمرة».


مقالات ذات صلة

اجتماع عربي في الرياض يبحث التعامل مع الإعلام العالمي

إعلام التوجه الاستراتيجي يجسّد إرادة جماعية واضحة لحماية المصالح الرقمية العربية (واس)

اجتماع عربي في الرياض يبحث التعامل مع الإعلام العالمي

ناقش فريق التفاوض العربي الخطة التنفيذية للتفاوض مع شركات الإعلام الدولية وفق إطار زمني، وصياغة التوجه الاستراتيجي للتعامل معها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا جانب من اجتماع سابق لمجلس الجامعة العربية (الشرق الأوسط)

​مساعٍ عربية لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة

طالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين الخميس المجتمع الدولي بـ«تدخل حقيقي وحاسم وفوري» يستهدف وقف جريمة «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)

«الجيش الوطني الليبي» يتجاهل دعوة «الوحدة» للمشاركة في ضبط الحدود الجنوبية

تجاهل «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، مقترح مصطفى الطرابلسي وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، لتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية.

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)

الجامعة العربية: إلغاء وصف «حزب الله» بـ«الإرهابي» لا يزيل «التحفظات بشأنه»

لا تزال تداعيات إعلان جامعة الدول العربية عدولها عن تسمية «حزب الله» منظمة إرهابية مستمرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي اجتماع سابق برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (الجامعة العربية)

ما دلالات عدول الجامعة العربية عن تسمية «حزب الله» منظمةً إرهابيةً؟

عدلت جامعة الدول العربية عن تسمية «حزب الله» اللبناني «منظمةً إرهابية»، عقب زيارة مبعوثها لبيروت، في توقيت يشهد تهديدات إسرائيلية رسمية بشن حرب شاملة ضد الجنوب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.