اليمن: انقطاع الرواتب وتردي الخدمات يؤججان السخط ضد الانقلابيين

اتهامات لقادة «الجماعة الحوثية» بالفساد ونهب الموارد

يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية بعد توقف صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية بعد توقف صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
TT

اليمن: انقطاع الرواتب وتردي الخدمات يؤججان السخط ضد الانقلابيين

يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية بعد توقف صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية بعد توقف صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)

شنّ سياسيون وبرلمانيون وناشطون يمنيون حملات انتقاد، استهجنت استمرار تجاهل الجماعة الحوثية لمطالب الموظفين العموميين بصرف الرواتب وتوفير الخدمات، والقضاء على الفساد والعبث ونهب الأموال.

ويتهم اليمنيون قادة الجماعة بمواصلة نهب ومصادرة عائدات كثير من المؤسسات التي تخضع لسيطرتهم، والتي تصل إلى ملايين الدولارات، ما يجعلها قادرة في أي وقت على صرف الرواتب.

 

عائلة يمنية بلا مأوى تتناول وجبتها في الشارع (رويترز)

وكان اليمنيون والناشطون اتهموا الجماعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بانتهاج سياسة تتيح لقادتها ومشرفيها المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي إذلال السكان الخاضعين لها، حتى وإن كانوا من الموالين لها، من دون أن تطالهم أي عقوبة، وذلك ضمن سعيها لإرهاب السكان.

ويبدي الناشط اليمني نائف عوض استغرابه من كون «سلطة الجماعة أصبحت الممثل الشرعي للجبايات، وفي الوقت نفسه تتنصل من مسؤولياتها تجاه من تحكمهم... وهذا الأمر لم يكن ليحدث على مر العصور».

ويقترح عوض على الجماعة، من باب السخرية، «أن تطلق على وزارة المالية الخاضعة لسيطرتها اسم (وزارة الجبايات الإيمانية)، كون اسم المالية معناه أن أموال الشعب اليمني أخذ وعطاء».

بدوره، طالب الناشط اليمني محمد عودين، سلطة الحوثيين بـ«الخجل والرحيل لأنها سلطة عاجزة، ترى أن صرف الرواتب ليس من واجباتها ومسؤولياتها»، مضيفاً أن الشعب اليمني لم يعد اليوم بمقدوره الصبر أكثر.

وتأتي هذه الانتقادات للجماعة، بالتوازي مع استمرار تصاعد الغليان في مناطق سيطرتها، جراء غياب أبسط الخدمات واتساع رقعة الجوع والفقر والبطالة وغلاء الأسعار، وظهور مزيد من الأزمات مع عدم صرف الرواتب، وتنصل الجماعة من مسؤوليتها رغم الإيرادات الضخمة التي تجبيها.

يمنيون يصطفون على رصيف شارع بصنعاء بحثاً عن عمل (الشرق الأوسط)

في السياق نفسه، شنّ النائب في البرلمان الخاضع للحوثيين بصنعاء، أحمد سيف حاشد، هجوماً شديد اللهجة على سلطة الانقلاب، متهماً إياها بـ«ممارسة الانتهازية السياسية على نحو دؤوب، تحديداً ما يخص قضايا الأوطان والشعوب، حيث لا توجد مصيبة وقعت على رؤوس الشعب اليمني أو الشعوب الأخرى، إلا واستفادت منها خدمة لمشروعها الخاص، وعلى حساب وطن يجري تفكيكه وتمزيقه على نحو ممنهج وحثيث لصالح أنانيات مفرطة»؛ على حد تعبيره.

ومن خلال سلسلة تغريدات حديثة له بمنصة «إكس»، عدّ حاشد، «أن الثقة الزائدة لدى سلطة الجماعة بممارسة انتهاكاتها وتعاليها ضد المواطنين اليمنيين، قد تعجل بسقوطها الوشيك».

استخفاف بالمظالم

في حين أشار النائب اليمني حاشد، إلى «أن على جماعة الحوثي أن تعي جيداً أن الاستخفاف بالمظالم التي تكبر وتتسع، والاستهتار بالعدالة والسخرية منها، حتماً سيؤدي كل ذلك إلى أن يقول التاريخ كلمته ضدها»، يؤكد أكاديمي يمني «أن الشعب اليمني بات اليوم بحاجة ماسة إلى رئيس يتولى مسؤوليته بكل جدارة».

وأضاف الأكاديمي في «جامعة عمران» عبد السلام الكبسي في تغريدة على منصة «إكس»، أن الشعب اليمني «يريد رئيساً أو مسؤولاً، يقول لهم: لن أشبع حتى يشبع الشعب، ولن آمن حتى يأمن الشعب، ولن ترى عيني النوم حتى تُرفع كل المظالم».

من جهته، يؤكد السفير والبرلماني اليمني السابق فيصل أمين أن «العقلية السائدة التي تحكم سلطة صنعاء هي عقلية الغزو، وذلك نتيجة لغياب الدستور والنظام والقانون».

أسرة يمنية في الحديدة تجمع أوراق الشجر لتناولها بسبب شح الطعام (إكس)

ونشر تغريدة على منصة «إكس» قال فيها: «إنه لا فساد ولا جباية ولا إيمان إلا في ظل مؤسسات تحاسب وتنظم المجتمع، ودولة يحكمها دستور ونظام وقانون، وهذا غائب».

وسبق أن اتهمت الحكومة اليمنية في وقت سابق الجماعة الحوثية، بأنها «تحاول مراراً إغراق وسائل الإعلام، وإلهاء الرأي العام بالحملات الإلكترونية والأكاذيب حول ملف المرتبات؛ للتغطية على حقيقة أن انقلابها الغاشم على الدولة هو ما أدى إلى وقف صرفها، وأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن إجهاض كل الحلول والمبادرات لإعادة انتظام صرفها».


مقالات ذات صلة

صاروخان حوثيان نحو إسرائيل غداة ضربات أميركية في صنعاء وريفها

العالم العربي الحوثيون أطلقوا عشرات الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل خلال العام الماضي دون تأثير عسكري (إعلام حوثي)

صاروخان حوثيان نحو إسرائيل غداة ضربات أميركية في صنعاء وريفها

تبنَّت الجماعة الحوثية في اليمن إطلاق صاروخين باليستيين باتجاه إسرائيل التي أعلنت اعتراضهما دون أضرار، وذلك غداة ضربات أميركية مكثفة استهدفت صنعاء ومحيطها.

علي ربيع (عدن)
عنصر حوثي خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة المدعومة من إيران (رويترز)

جواسيس وفرق قمع حوثية لإرهاب سكان صعدة وصنعاء

شكَّلت الجماعة الحوثية فرقاً قمعية لإرهاب سكان صعدة وصنعاء، وشن حملة اعتقالات بتهم تأييد الضربات الأميركية وجمع المعلومات عن قادة الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يمنعون العاملين في البنوك التجارية من مغادرة صنعاء

منع الحوثيون جميع العاملين في البنوك التجارية من مغادرة مناطق سيطرتهم، بعد أن أعلنت مجموعة من البنوك رغبتها في نقل مراكزها الإدارية إلى مدينة عدن

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أعلنت جماعة الحوثي، في وقت مبكر اليوم الخميس، سقوط أربعة قتلى وجرحى جراء قصف أميركي على محافظة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)

الجيش الأميركي يكثف ضرباته على معاقل الحوثيين في صعدة

كثف الجيش الأميركي ضرباته على مواقع الحوثيين ومخابئهم في صعدة شمالي اليمن حيث معقلهم الرئيس في الأسبوع الثاني من الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب.

علي ربيع (عدن)

«النيابة» الكويتية تعتقل 6 وتلاحق آخرين «دولياً» في «قضية السحوبات»

نسبت النيابة العامة للمتهمين في قضية «السحوبات» تهم التزوير وتقديم الرشاوى وتسهيل الاستيلاء على أموال الدولة وغسل الأموال (الشرق الأوسط)
نسبت النيابة العامة للمتهمين في قضية «السحوبات» تهم التزوير وتقديم الرشاوى وتسهيل الاستيلاء على أموال الدولة وغسل الأموال (الشرق الأوسط)
TT

«النيابة» الكويتية تعتقل 6 وتلاحق آخرين «دولياً» في «قضية السحوبات»

نسبت النيابة العامة للمتهمين في قضية «السحوبات» تهم التزوير وتقديم الرشاوى وتسهيل الاستيلاء على أموال الدولة وغسل الأموال (الشرق الأوسط)
نسبت النيابة العامة للمتهمين في قضية «السحوبات» تهم التزوير وتقديم الرشاوى وتسهيل الاستيلاء على أموال الدولة وغسل الأموال (الشرق الأوسط)

أمرت النيابة العامة في الكويت بحجز مواطن و5 مقيمين بعد تحقيقات مكثفة كشفت عن تورطهم في جرائم خطرة هزَّت الرأي العام في قضية «السحوبات» التي تمّ الكشف عنها، وأحدثت ضجةً كبيرةً في الرأي العام الكويتي.

ونسبت لهم النيابة تهم التزوير في المحررات الرسمية، وتقديم الرشاوى لموظف عام، وتسهيل الاستيلاء على أموال تحوزها الدولة، وغسل الأموال، وغيرها من الجرائم الكبرى التي ألحقت أضراراً جسيمة بالمصالح القومية للبلاد.

وأعلنت النيابة في بيان، الخميس، أن «هذه الإجراءات الحاسمة تأتي على خلفية ما تم تداوله مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول تورط موظف عام مختص في وزارة التجارة والصناعة الذي يشغل منصب المشرف على السحوبات الخاصة بمهرجان الكويت للتسوُّق (يا هلا)».

وأفادت بأن التحقيقات أظهرت أن موظف وزارة التجارة «استغل منصبه للقيام بعمليات تحايل وتلاعب ممنهجة في السحوبات الأسبوعية على الجوائز المُقدَّمة من الشركة الراعية للمهرجان - الذي يُقام تحت إشراف جهات الدولة المعنية كافة - بالتعاون مع عدد من المتهمين الآخرين، بعضهم غادر البلاد فور انكشاف أمره».

وأضافت: «وفي خطوة استثنائية وسريعة، أصدر النائب العام تعليماته بتشكيل فريق تحقيق متكامل باشر عمله منذ اللحظة الأولى من كشف القضية، وذلك بالتعاون الوثيق مع الجهات المعنية في وزارة الداخلية. وقد تمكَّنت النيابة العامة من استصدار أوامر قبض وتفتيش عدة شملت 6 متهمين، بالإضافة إلى إصدار 3 أوامر قبض دولية بحق متهمين آخرين فروا إلى خارج البلاد، وقد تم تعميم أسمائهم على قوائم المطلوبين دولياً لملاحقتهم وتسليمهم لدولة الكويت لاستكمال التحقيقات معهم».

وذكرت أنه «خلال عمليات التفتيش التي شملت مساكن ووسائل نقل المتهمين، تم ضبط كميات كبيرة من المقتنيات الثمينة، شملت أساور وعقوداً ذهبية وساعات وأقلاماً فاخرة ومبالغ نقدية يشتبه أن لها صلة بالجرائم المرتكبة. كما ضبطت مستندات وأجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف جوالة تحتوي على دلائل قاطعة على عمليات التلاعب والتزوير المرتبطة بالسحوبات المجانية بمهرجان الكويت للتسوق (يا هلا)، وسحوبات أخرى سابقة مرتبطة بشركات أخرى».

وأضافت أنه «على أثر هذه الأدلة الدامغة باشرت النيابة العامة استجواب المتهمين الذين اعترفوا بتفاصيل دقيقة عن أساليبهم الإجرامية والآليات التي استخدموها للتلاعب والتزوير والرشوة بالتنسيق المسبق فيما بينهم، وبمواجهتهم بالمضبوطات والأدلة المتوفرة، اعترفوا بارتكابهم هذه الجرائم بشكل مفصل ودقيق».

وأفادت بأنه «لضمان السيطرة الكاملة على أدلة القضية أصدرت النيابة العامة أوامرها بالتحفظ على أموال المتهمين كافة المودعة في البنوك المحلية والدولية، والاستعلام عن حساباتهم وتحويلاتهم المالية، مع الطلب من شركات الصرافة تزويدها بكشوف تفصيلية عن تعاملاتهم المالية. كما أرسلت النيابة العامة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الجوالة المضبوطة إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية، قسم مكافحة جرائم الحاسوب؛ لفحصها وتحليل بياناتها، وتقديم تقارير شاملة ودقيقة حول محتوياتها ودلالاتها».

وبيَّنت النيابة العامة أنها «تواصل إجراءاتها بشكل متسارع، حيث تم طلب الموظفين المختصين لدى جهات الدولة المختلفة لسؤالهم حول أبعاد هذه الواقعة. كما تمَّ طلب تحريات تكميلية حول وقائع أخرى اعترف بها المتهمون في أثناء التحقيقات، مما يفتح الباب أمام الكشف عن خيوط جديدة وتوسيع نطاق التحقيقات لتشمل متورطين محتملين آخرين».

وأشارت النيابة إلى أن «هذه القضية الضخمة التي هزَّت البلاد كشفت عن شبكة إجرامية معقدة حاولت استغلال الثغرات لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب أموال الدولة والمصالح القومية الاقتصادية، مما يدفع النيابة العامة لمتابعة التحقيقات بكل حزم ودقة لتحقيق العدالة وتقديم المتورطين إلى القضاء».

عدنان أبل رئيس لجنة تقصي الحقائق في مخالفات السحوبات بالكويت (كونا)

لجنة تقصي الحقائق

من جهة أخرى، أعلن رئيس لجنة تقصي الحقائق بشأن المخالفات التي شابت السحوبات التابعة لوزارة التجارة والصناعة، عدنان أبل، آلية عمل اللجنة، إذ ستركز المرحلة الأولية على مراجعة عمليات السحوبات التي جرت كافة في المصارف والمجمعات التجارية بإشراف الوزارة منذ عام 2015 للتحقق من سلامة الإجراءات، وكشف أي تجاوزات محتملة.

وقال أبل، إن هناك إمكانية لتوسع المدة بحسب الأدلة والمستندات والوضع القانوني، وحصر حالات تكرار الأسماء الفائزة وحالات تعارض المصالح والتنازل عن الجوائز لآخرين، وتحويل المركبات أو غيرها من الجوائز وتتبع الإجراءات اللاحقة كافة.

وكشف عن تخصيص منصة إلكترونية لاستقبال جميع البلاغات والشكاوى والمعلومات المدعمة بأدلة من الجمهور، ونشر ما يستجد من إجراءات ونتائج عبر المنصة الرسمية للوزارة، انطلاقاً من أسس النزاهة والشفافية، داعياً الجميع إلى إرسال ملاحظاتهم عبر المنصة.

وأوضح أن المراجعة ستشمل جميع الملاحظات الواردة في تقارير ديوان المحاسبة للسنوات السابقة بشأن السحوبات، والمعلومات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن المخالفات التي شابت السحوبات محل النظر، ودراسة اللجنة لاتخاذ الإجراءات القانونية.

وبيَّن أن اللجنة تقوم بحصر أسماء ومسميات المشرفين على عمليات السحب خلال تلك الفترة، وآلية اختيارهم، ومَن حصل منهم أو مِن أقربائهم على جوائز في أي من السحوبات خلال تلك الفترة.

وأكد إحالة كل مَن يشتبه في تورطه، وفق الأدلة بارتكاب أي غش أو تلاعب أو تدليس، إلى النيابة العامة دون تأخير أياً كان اسمه ومسماه، وتكليف قانونيي الوزارة متابعة البلاغات المقدمة، وتقديم الأدلة والمستندات كافة، والتعاون مع الجهات المختصة للوصول إلى الحقائق كاملة.

وكان وزير التجارة والصناعة خليفة العجيل أصدر، الاثنين الماضي، قراراً بتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن المخالفات التي شابت السحوبات خلال الفترة السابقة برئاسة رئيس جمعية المحامين الكويتية عدنان أبل، ومن أعضائها ممثل عن إدارة الفتوى والتشريع، وممثل عن وزارة الداخلية - الإدارة العامة للمباحث الجنائية - وممثل عن وحدة التحريات المالية. وتُحدَّد مدة عمل اللجنة بشهرين اعتباراً من تاريخ صدور القرار مع إمكانية تمديدها لمدة إضافية.