واشنطن تطالب بالضغط دولياً على إيران لردع الحوثيين

غروندبرغ يحذر من تباطؤ جهود السلام اليمنية بسبب توترات المنطقة

جلسة مجلس الأمن حول اليمن (صور الأمم المتحدة)
جلسة مجلس الأمن حول اليمن (صور الأمم المتحدة)
TT

واشنطن تطالب بالضغط دولياً على إيران لردع الحوثيين

جلسة مجلس الأمن حول اليمن (صور الأمم المتحدة)
جلسة مجلس الأمن حول اليمن (صور الأمم المتحدة)

طالبت الولايات المتحدة دول العالم بـ«الضغط على قادة إيران» من أجل «كبح جماح» الحوثيين المدعومين من طهران لوقف هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر. بينما حذّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من تباطؤ جهود السلام في هذا البلد العربي بسبب التصعيد في المنطقة.

وخلال إحاطة أمام أعضاء مجلس الأمن، قال غروندبرغ إن الوقت الراهن «مليء بالتحديات» بشكل خاص بالنسبة لليمن والمنطقة. وإذ أشار إلى التقدم الذي أحرز في وساطته الأممية، بما في ذلك الهدوء النسبي لنحو عامين على طول الخطوط الأمامية، والتزام الأطراف في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بوقف النار على مستوى البلاد، عبر عن امتنانه لدوري المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في دعم وساطة الأمم المتحدة. ولاحظ أن تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة، خصوصاً التصعيد العسكري في البحر الأحمر «أدى إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن»، مستنتجاً أن «ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن، وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة».

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ (أ.ف.ب)

حماية الفضاء السياسي

وعرض المبعوث الأممي لهجمات الحوثيين المتكررة على السفن في البحر الأحمر، وما تبعها من ضربات شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد منشآت تخزين الأسلحة وأنظمة الصواريخ وأهداف أخرى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين أعادت إدارة الرئيس جو بايدن إدراجهم على قائمة «الجماعات الإرهابية»، واصفاً هذه التطورات بأنها «مثيرة للقلق». لكنه قال إنه «رغم التعقيدات المحتملة، فإن عملي سيستمر مهما حدث. ولذلك فمن الضروري أن نحمي الفضاء السياسي، وأن تظل قنوات الاتصال مفتوحة، وأن تظل كل الجهات الفاعلة منخرطة بنشاط في جهودي».

تطورات «مقلقة»

وبالإضافة إلى البحر الأحمر، لفت غروندبرغ إلى «التطورات المثيرة للقلق داخل اليمن»، مشيراً إلى «شعور بالقلق على طول العديد من الخطوط الأمامية، مع تقارير عن اشتباكات وحشد جماهيري وسقوط ضحايا، بما في ذلك في شبوة والجوف ومأرب وصعدة وتعز»؛ حيث يصدر «ضجيج متزايد» في شأن العودة إلى القتال. وأضاف أن «حجم التحديات الاقتصادية في كل أنحاء البلاد مذهل»، مع عدم دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بينما «يواجه الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار نتيجة لانخفاض قيمة العملة».

وتحدث عن جولته الأخيرة التي شملت إيران وعمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قائلاً إنه «وسط رمال اليوم المتحركة، أرى أن هناك 3 أمور يجب أن تحدث على المدى القريب لإيجاد مخرَج لهذه الدورة التصعيدية الخطيرة»، وأولها «رؤية تراجع التصعيد الإقليمي»، انطلاقاً من تلبية نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لـ«وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وصولاً إلى «دعم وقف التصعيد في البحر الأحمر لحماية مساحة الوساطة في اليمن». وأضاف ثانياً أنه «يجب على الأطراف اليمنية وقف الاستفزازات العلنية والامتناع عن الانتهازية العسكرية داخل اليمن في هذه المرحلة الدقيقة». وثالثاً أنه «يتعين على الأطراف إعادة التركيز على حماية التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن نحو التوصل إلى اتفاق». وقال إن «السلام هو مشروع سياسي. لذا، فإن العمود الفقري لكل هذا يجب أن يكون عملية سياسية يمنية ذات صدقية ومدعومة دولياً».

وكذلك استمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إيديم وسورنو، التي قالت إن النداء الذي وجهته الأمم المتحدة وشركاؤها هذا العام للحصول على 2.7 مليار دولار لدعم المتضررين في اليمن «يرسم صورة من الاحتياجات الإنسانية الهائلة والمستمرة»؛ حيث يوجد أكثر من 18 مليون شخص - يمثلون أكثر من نصف السكان - سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية خلال عام 2024، بينما يتوقع أن يعاني 17.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد.

الموقف الأميركي

المندوب الأميركي البديل روبرت وود متحدثاً في مجلس الأمن (إ.ب.أ)

وعلق الممثل البديل للشؤون السياسية للبعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة روبرت وود بأن بلاده «اتخذت التدابير اللازمة والمناسبة في ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس» في مواجهة هجمات الحوثيين ضد السفن الأميركية والملاحة الدولية، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لا ترغب في مزيد من الصراع في المنطقة». وطالب الحوثيين بإطلاق طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بعد مضي ثلاثة أشهر على احتجاز الحوثيين الطاقم المكون من 25 فرداً وسفينتهم على أنهم رهائن. ولاحظ أنه «منذ عام 2014، زوّد الحرس الثوري الإيراني الحوثيين بترسانة متزايدة من الأسلحة المتقدمة التي استخدموها لمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر»، مؤكداً أن «توفير هذه المواد ينتهك قراري مجلس الأمن 2140 و2216». وكشف عن أنه «بين عامي 2015 و2023، اعترضت الولايات المتحدة وشركاؤها ما لا يقل عن 18 سفينة تقوم بتهريب الأسلحة بشكل غير قانوني إلى الحوثيين، وصادرت مكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز وصواريخ مضادة للسفن، وطائرات دون طيار، وأسلحة أخرى». وطالب بـ«الضغط على قادة إيران لكبح جماح الحوثيين ووقف هذه الهجمات غير القانونية والالتزام بالتزاماتهم بموجب قرارات مجلس الأمن».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».