السعودية وسنغافورة للارتقاء بمستوى العلاقة إلى «شراكة استراتيجية»

ولي العهد السعودي مصافحاً رئيس وزراء سنغافورة (الشرق الأوسط)
ولي العهد السعودي مصافحاً رئيس وزراء سنغافورة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية وسنغافورة للارتقاء بمستوى العلاقة إلى «شراكة استراتيجية»

ولي العهد السعودي مصافحاً رئيس وزراء سنغافورة (الشرق الأوسط)
ولي العهد السعودي مصافحاً رئيس وزراء سنغافورة (الشرق الأوسط)

اتفقت السعودية وسنغافورة على الارتقاء بمستوى العلاقة بينهما إلى مستوى «شراكة استراتيجية»، وعبّرتا عن تطلعهما إلى تعميق وتوسيع الشراكة بين البلدين في جميع المجالات، بما يخدم مصالحهما المشتركة، وذلك انطلاقاً من رغبة قيادتي البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الثنائي.

جاء ذلك في البيان المشترك في ختام الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء السنغافوري إلى المملكة، حيث ثمّن رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار، مشيداً بمستوى التنسيق العالي بين البلدين لتحقيق راحة الحجاج والمعتمرين والزوار من سنغافورة. وأعرب الجانب السنغافوري عن دعم وتأييد حكومة سنغافورة لترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034.

ورحّب الجانبان بالتقدم المحرز في أعمال اللجنة السعودية - السنغافورية المشتركة، التي عقدت اجتماعها «الثالث» بالرياض، وتم خلاله بحث سبل تعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات. بما في ذلك الطاقة، والصناعة، والاقتصاد الرقمي، والابتكار، والربط في قطاع النقل والخدمات اللوجستية.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية التي أقيمت لرئيس وزراء سنغافورة (الشرق الأوسط)

وفي المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، استعرض الجانبان أبرز تحديات الاقتصاد العالمي، ونوّها بالمصالح المشتركة واسعة النطاق في كثير من الجوانب الاقتصادية المهمة في البلدين. وأشاد الجانبان بنمو حجم التجارة البينية في عام 2022 بمعدل «51 في المائة»، مقارنة بعام 2021، وأكدا على أهمية استمرار العمل المشترك لتعزيز وتنويع التجارة بينهما، من خلال الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية سنغافورة، وتكثيف التواصل بين القطاع الخاص في البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة، والاقتصاد الرقمي، والخدمات المالية، والزراعة والصناعات الغذائية، والنقل والخدمات اللوجستية. كما أكدا على أهمية عقد الشراكات الاستثمارية التي تتيحها برامج ومشاريع «رؤية المملكة 2030» في مختلف القطاعات، والاستفادة من خبرات وقدرات الشركات السنغافورية المميزة، وعقد الفعاليات التجارية والاستثمارية المشتركة، بما يعود بالمنفعة على اقتصادي البلدين.

جانب من مراسم توقيع خريطة الطريق للتعاون بمجال الطاقة بين السعودية وسنغافورة (واس)

وفي مجال الطاقة، أكد الجانبان ضرورة ضمان أمن إمدادات الطاقة في الأسواق العالمية من خلال تشجيع الحوار والتعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة، وأكدا أهمية التعاون بين البلدين في مجالات حلول الكربون المنخفض وتقنياته، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والنظيف، واستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، والكهرباء، والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها والابتكارات المتعلقة بها، ومتابعة ذلك في إطار «خريطة الطريق للتعاون في مجال الطاقة» كخطة تنفيذية لمذكرة التفاهم في مجال الطاقة الموقعة بين وزارة الطاقة في المملكة العربية السعودية ووزارة التجارة والصناعة في جمهورية سنغافورة.

واتفق الجانبان على أهمية تعزيز التعاون في مجالات البترول، والمنتجات المكررة، والبتروكيماويات، وتطوير التقنيات المبتكرة لاستخدامات المصادر الهيدروكربونية وكفاءة الطاقة.

وفيما يتعلق بالتغير المناخي، رحّب الجانب السنغافوري بإطلاق المملكة لمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، وعبّر عن دعمه لجهود المملكة في مجال التغير المناخي، من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته المملكة، وأقره قادة دول مجموعة العشرين في عام 2020. وأكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي، واتفاقية باريس، وضرورة تطوير الاتفاقيات المناخية وتنفيذها بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر.

واتفق الجانبان على أهمية تعزيز التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية والتنسيق حيال الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك مكافحة الجرائم بأشكالها كافة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين الصديقين.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في المحافل الدولية والمنظمات المالية الدولية بما يعزز الجهود الرامية إلى معالجة التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، وعبّرا عن رغبتهما في تعزيز التعاون وتبادل المعلومات في مجالات الابتكار والتقنية المالية بين البنك المركزي السعودي وسلطة النقد السنغافورية.

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات البيئة والمياه والزراعة والأمن الغذائي، والاقتصاد الرقمي والابتكار، والنقل البري والجوي والسككي والموانئ والربط اللوجستي، والسياحة والثقافة والشباب، والتعليم، والصحة والتنسيق بينهما في دعم المبادرات العالمية لمواجهة الجوائح والمخاطر والتحديات الصحية الحالية والمستقبلية.

وفي الشأن الدولي، جدّد الجانبان عزمهما على مواصلة التنسيق وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين. وتبادلا وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكدا عزمهما على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك تجاهها، وتعزيز التعاون في مجال محاربة التطرف والغلو وخطاب الكراهية والإرهاب، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح، ومنع الإساءة للأديان والمقدسات.



دعوة إماراتية أردنية لتكثيف العمل لمنع اتساع الصراع في المنطقة

الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني بن الحسين خلال حضور توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني بن الحسين خلال حضور توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
TT

دعوة إماراتية أردنية لتكثيف العمل لمنع اتساع الصراع في المنطقة

الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني بن الحسين خلال حضور توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني بن الحسين خلال حضور توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين العلاقات الثنائية ومختلف جوانب التعاون والعمل المشترك، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية... وغيرها من المجالات الحيوية التي تسهم في تحقيق رؤية البلدين، وأولويات التنمية والازدهار المستدام اللذين يتطلعان إليهما.

وجاء ذلك خلال استقبال ملك الأردن، في قصر بسمان بعمَّان، رئيس دولة الإمارات والوفد المرافق له الذي يقوم بزيارة عمل إلى الأردن، حيث استعرض الجانبان، خلال اللقاء، مسارات التعاون الإماراتي ـ الأردني في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة المتجددة... وغيرها، مؤكدين في هذا السياق اهتمامهما المشترك ببناء شراكات اقتصادية استراتيجية تلبِّي تطلعات شعبي البلدين إلى التنمية والتقدم، وتعزز آفاق تعاونهما على مختلف المستويات، وذلك انطلاقاً من رؤية مشتركة طموحة لبناء اقتصاد مزدهر ومستدام يقوم على مواصلة استكشاف مزيد من فرص التعاون المثمر بين البلدين.

وأكد الطرفان أهمية توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي يوقِّعها البلدان خلال الزيارة، وهي تأتي نتيجة مسار طويل من العلاقات الاقتصادية المثمرة، وقاعدة واسعة من الفرص لتنميتها في المستقبل.

واستعرض الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني، خلال اللقاء، عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والمستجدات في قطاع غزة ولبنان، مؤكدين أهمية تعزيز الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في القطاع، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، بجانب دفع الجهود المشتركة للاستجابة للأوضاع الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.

كما شدد الجانبان على موقف البلدين الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووقوفهما مع الشعب اللبناني، إضافة إلى ضرورة التحرك الدولي لوقف إطلاق النار في لبنان، وتوفير الحماية للمدنيين فيه.

وأكد الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني بن الحسين ضرورة تكثيف العمل من أجل منع اتساع الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتجنيب المنطقة تبعات أزمات جديدة تهدد أمنها واستقرارها، إضافة إلى العمل على إيجاد مسار للسلام العادل والشامل والدائم الذي يقوم على أساس «حل الدولتين»، ويضمن تحقيق الاستقرار والأمن للجميع. وأكد الجانبان أهمية تعزيز العمل العربي المشترك سواء على المستوى الثنائي أم الجماعي، وذلك في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها المنطقة.

إضافة إلى ذلك، وقَّعت الإمارات والأردن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي تهدف لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إلى مستويات جديدة من النمو المتبادل، بجانب توفير مزيد من فرص العمل في الجانبين، وتحسين سلاسل التوريد، وتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية.

وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والأردن، حيث وقَّع الاتفاقية ــ خلال المراسم التي جرت في قصر بسمان ــ الدكتور ثاني الزيودي وزير الدولة للتجارة الخارجية، والمهندس يعرب القضاة وزير الصناعة والتجارة والتموين في الأردن، كما شهد الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني توقيع اتفاقية التعاون الإداري في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات والأردن.

وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن توقيع الاتفاقية ـ التي تعد الأولى لدولة الإمارات مع دولة عربية ــ يعد تطوراً طبيعياً للعلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تجمع دولتي الإمارات والأردن، وأكد أن الاتفاقية تشكل قاعدة مهمة لتعزيز التعاون المشترك والتكامل الاقتصادي بين البلدين بجانب بناء مزيد من الشراكات المثمرة، وإطلاق حقبة جديدة من التعاون التجاري والاستثماري طويل الأجل بما يحقق النمو الاقتصادي المستدام في البلدين الشقيقين والازدهار في المنطقة بشكل عام.

من جانبه، أعرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن تطلُّعه إلى أن تسهم الاتفاقية في تحقيق رؤية البلدين المشتركة تجاه التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام، وفتح آفاق جديدة للتكامل الاقتصادي بين البلدين، مثمناً دعم دولة الإمارات الجهود التنموية في الأردن.

ووفق وكالة أنباء الإمارات (وام)، فإن توقيع الاتفاقية التاريخية ينطلق من قاعدة صلبة من العلاقات الاقتصادية المزدهرة بين دولتي الإمارات والأردن، بعد أن تخطت التجارة الثنائية غير النفطية 4.2 مليار دولار، بينما تواصل مسارها الصاعد بعدما سجلت 2.7 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024 بنمو أكثر من 36.8 في المائة مقارنةً مع الفترة نفسها من 2023.

ووفقاً لدراسات الجدوى، ستسهم الاتفاقية في تحفيز التدفقات التجارية المتبادلة عبر إزالة أو تخفيض القيود التجارية والتدابير غير التعريفية على المنتجات السلعية والخدمية. ويعد الأردن حالياً ثالث أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات خارج دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تعد الإمارات أكبر مستثمر في الأردن، حيث تشير التقديرات إلى بلوغ الاستثمارات المتبادلة بين البلدين نحو 22.5 مليار دولار، ولدى دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يُتوقع إسهامها في زيادة تلك الأرقام إلى مستويات أعلى ما يحفز نمو الفرص عبر قطاعات متعددة تشمل الطاقة المتجددة والمشاريع الصناعية والتصنيع والنقل والأدوية وتصنيع الأغذية.