البرلمان الكويتي يوافق على إنشاء مفوضية الانتخابات وينهي مفاعيل «قانون المسيء»

الإسلاميون خسروا جولة وكسبوا قيوداً إضافية على المرأة

أعضاء في مجلس الأمة الكويتي أثناء التصويت على المداولة الثانية لمشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) (كونا)
أعضاء في مجلس الأمة الكويتي أثناء التصويت على المداولة الثانية لمشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) (كونا)
TT

البرلمان الكويتي يوافق على إنشاء مفوضية الانتخابات وينهي مفاعيل «قانون المسيء»

أعضاء في مجلس الأمة الكويتي أثناء التصويت على المداولة الثانية لمشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) (كونا)
أعضاء في مجلس الأمة الكويتي أثناء التصويت على المداولة الثانية لمشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) (كونا)

وافق مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، في جلسة خاصة الثلاثاء، على مشروع قانون «إنشاء مفوضية عامة للانتخابات» في مداولته الثانية، وجاءت أهم بنود المشروع في المادة 17 التي أنهت فعلياً مفاعيل قانون المسيء، وهو القانون الذي حرم زعماء المعارضة السابقين من ممارسة العمل السياسي بعد إدانتهم بمس الذات الأميرية في قضية دخول مجلس الأمة عنوة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.

ويفتح القانون الجديد الباب أمام من أدينوا بقانون المسيء للترشح للانتخابات «بعد رد اعتبارهم».

وكان قانون المسيء ينصّ على «الحرمان الأبدي من حق التصويت والانتخاب لكل من أدين بحكم بات بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة أو في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية».

لكن القانون الجديد أضاف قيوداً إضافية على ممارسة المرأة للعمل السياسي، مشترطاً في الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة تطبيقها للشريعة الإسلامية عند الترشح والترشيح، مما عدّ منافياً للدستور ومخالفاً لمدنية الدولة.

وجاءت موافقة مجلس الأمة في جلسته الخاصة على المشروع بقانون بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة (المفوضية العامة للانتخابات) في المداولة الثانية، بتأييد 59 عضواً ورفض 3 أعضاء، من إجمالي الحضور وعددهم 62 عضواً، وتمت إحالة المشروع إلى الحكومة.

ويستهدف القانون الجديد، بحسب مقدميه، «الوصول إلى نظام ديمقراطي وقانوني أمثل يتوافر فيه مزيد من الشفافية والنزاهة الواجب توافرهما في إجراءات العملية الانتخابية».

خلافات

وشهد مشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة (المفوضية العامة للانتخابات)، خلال الجلسة كما في الأيام الماضية، مساجلات سياسية، حيث أصرّ نواب من التيار الديني على تضمين المادة 17 فيما يتعلق بقانون المسيء إضافة «الصحابة وأمهات المؤمنين»، لقائمة الحرمان من ممارسة العمل السياسي، وهو ما تمّ رفضه خلال الجلسة.

كذلك شهدت المادة 16، بشأن إلزام المرأة عند ممارسة العمل السياسي (ترشحاً وترشيحاً) الالتزام بتطبيق الشريعة الإسلامية، معارضة نواب أبرزهم النائبة جنان بوشهري. وتنص هذه المادة بعد تقديمها بعد التعديل، على أنه «ويشترط لممارسة حق الانتخاب والترشيح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية». وهو التعديل الذي رأى المعارضون لهذه المادة أنه «غامض» ويفتح الباب للتأويلات التي تهدد مدنية الدولة، ويمكن توظيفها ضد حرية العمل السياسي للمرأة.

ورفض المجلس التعديلات المقدمة من النائبة جنان بوشهري والنائب مرزوق الغانم، ووافق على تعديل المادة كما جاءت من اللجنة.

ورأت النائبة جنان بوشهري، أن اعتراضها على هذه المادة جاء «انتصاراً للدستور وحماية للشريعة الإسلامية من العبث السياسي»، وطالبت بإلغاء نص الفقرة الثانية من المادة 16، معتبرة أن إقرارها «مؤشر مبكر لخطورة إقحام نص ذي مدلول عام يحمل أكثر من تفسير ومعنى في قانون الانتخاب».

وقال النائب مرزوق الغانم: «تقدمت بتعديل الآن في الجلسة بحذف الفقرة الأخيرة، لأن الالتزام بالدستور والقانون والشريعة الإسلامية منصوص عليه أساساً في الدستور بالمادة 2... هذا أمر لا خلاف عليه ولا يفترض وجوده في القانون».

ولم يؤيد إلغاء الفقرة الثانية من المادة 16 إلا 9 نواب، هم: جنان بوشهري، ومرزوق الغانم، وسعود العصفور، ومهلهل المضف، وحمد المدلج، وداود معرفي، وحمد العليان، وبدر الملا، وعبد الوهاب العيسى.

من جانبه، قال رئيس اللجنة المشتركة خالد المونس، إن اللجنة تسلمت 25 تعديلاً من النواب تناولت أغلب نصوص القانون، وأبرزها المادة 2 من حيث تشكيل المفوضية وعدم اقتصار التشكيل على العنصر القضائي وبعض اختصاصات المفوضية في المادة 3، كذلك الفقرة الأولى من المادة 16 وذلك لتخفيض سن الناخب إلى 18 سنة.

وأعرب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عيسى الكندري، عن تطلعه لاستمرار التعاون المثمر بين الحكومة والمجلس، لتحقيق آمال وتطلعات الشعب الكويتي.

رئيس وأعضاء في الحكومة الكويتية أثناء التصويت على المداولة الثانية لمشروع قانون (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) (كونا)

قانون مفوضية الانتخابات

ويهدف القانون إلى القضاء على ظاهرة التلاعب في نقل الأصوات ومعالجة الاختلالات التي شابت النظام الانتخابي الحالي. ومن أبرز النقاط التي نص عليها القانون أن تنشأ المفوضية العامة للانتخابات وتتولى الإشراف على الانتخابات وتنظيم العملية الانتخابية وتلحق بوزير العدل.

ونصت إحدى مواد القانون على إنشاء المفوضية العامة للانتخابات التي تتولى الإشراف على الانتخابات وتنظيم العملية الانتخابية بالتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالانتخابات وتلحق بوزير العدل ويمثلها أمام القضاء وفي علاقتها بالغير، رئيسها.

وتتشكل المفوضية العامة للانتخابات من 5 قضاة كويتيين شاغلي درجة وكيل بمحكمة التمييز أو محكمة الاستئناف، أو ما يعادلها من أعضاء النيابة العامة برئاسة أقدمهم، ويصدر مرسوم بتعيينهم للعمل بالمفوضية لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد مقر عمل المفوضية ومكافآت أعضائها.

ويكون للمفوضية العامة للانتخابات أمانة عامة تتألف من أمين عام وأمين مساعد أو أكثر وعدد كافٍ من الموظفين ترشحهم المفوضية ويصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصاتها ولوائحها المالية والإدارية قرار من رئيس المفوضية بعد موافقة أعضائها.

ويقضي القانون أيضاً بأن يشمل جدول الانتخاب كل كويتي توافرت فيه الشروط اللازمة وموطنه الانتخابي محدد في البطاقة المدنية. ونص القانون على أنه لكل كويتي بلغ من العمر 21 سنة حق الانتخاب، ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم يمضِ على تجنسه 20 سنة.

ومن مهام المفوضية أيضاً تلقي طلبات الترشيح واستبعاد من لا يستوفي الشروط، ووضع القواعد المنظمة للدعاية والحملات الانتخابية ومصادر التمويل.

وتتولى المفوضية وضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني الكويتية والدولية المعنية بمتابعة الانتخابات، وكذلك تحديد مقار لجان الانتخاب، وتحديد مراكز الفرز ومقارها والقائمين عليها، والإشراف على سلامة تطبيق إجراءات الانتخابات.

وتقوم المفوضية بإبداء الرأي فيما تعرضه اللجان الانتخابية من مشكلات، كما تتلقى الشكاوى من الناخبين والمرشحين والمنظمات فيما يشوب العملية الانتخابية من مخالفات وفحصها وإزالة أسبابها. وألزم القانون المفوضية بإعلان النتيجة النهائية للانتخابات خلال 10 أيام، وإعداد تقرير نهائي عن سير العملية الانتخابية.



تحذير سعودي من تقويض جرائم إسرائيل السلامَ في المنطقة

TT

تحذير سعودي من تقويض جرائم إسرائيل السلامَ في المنطقة

جانب من أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين (واس)
جانب من أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين (واس)

جددت السعودية، الاثنين، إدانتها ورفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وراح ضحيتها أكثر من مائة وخمسين ألفًا من القتلى والمصابين والمفقودين، معظمهم من النساء والأطفال.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، لدى افتتاحه أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية في الرياض، أن استمرار إسرائيل في جرائمها بحق الأبرياء والإمعان في انتهاك قدسية المسجد الأقصى، والانتقاص من الدور المحوري للسلطة الوطنية الفلسطينية على كل الأراضي الفلسطينية من شأنه تقويض الجهود الهادفة لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإحلال السلام في المنطقة.

وأشار إلى أن السعودية تشجب منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الأعمال الإغاثية في الأراضي الفلسطينية، وإعاقة عمل المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق.

وأكد الأمير محمد بن سلمان وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل، داعياً المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته لحفظ الأمن والسلم الدوليين بالوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان.

وقال الدكتور هشام الغنام، الخبير غير المقيم بمركز «مالكوم كير - كارنيغي»، إن البيانات الرسمية السعودية وصفت عدوان إسرائيل بـ«الإبادة الجماعية» ضد الفلسطينيين في غزة «وهذه أعلى مستويات الإدانة لانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان».

تمثيل فلسطين

«السعودية تنظر إلى السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها كياناً رئيسياً يمثل الفلسطينيين في التفاوض على السلام وتمثيل المصالح الفلسطينية دولياً»، وفقاً للغنام الذي أضاف أن السلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بدور محوري في أي عملية سلام تهدف إلى حل الدولتين.

ومن خلال إشارة السعودية إلى أن إسرائيل تنتقص من دور السلطة الوطنية الفلسطينية، يرى الباحث السعودي أن الرياض تشير إلى أن الأفعال العدوانية الإسرائيلية تضعف قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على الحكم بشكل فعّال، أو قدرتها على الحفاظ على النظام والاستقرار داخل الأراضي الفلسطينية.

وتابع: «من أبرز الأفعال الإسرائيلية، إضافة إلى عدوانها المستمر العسكري على الشعب الفلسطيني الأعزل، هو توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، التي تعدُّ غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتقلل من الأراضي المتاحة للدولة الفلسطينية المستقبلية».

يضيف الغنام أن السعودية تشير إلى الحقوق الفلسطينية الأساسية، كما هو موضح في القرارات الدولية المختلفة، مثل الحق في تقرير المصير، وحق العودة للاجئين، وإقامة دولة مستقلة. ووفقاً للمملكة، فإن إسرائيل تعوق هذه الحقوق بشكل ممنهج.

وقال الدكتور علي دبكل العنزي، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، إن «الموقف السعودي الذي تمثل في كلمة المملكة تتشكل حوله مواقف عربية وإسلامية ودولية داعمة، ومنددة بما تفعله إسرائيل بالشعبين الفلسطيني واللبناني؛ فمن شجب وإدانة العدوان على غزة ولبنان إلى استنكار الاعتداء على إيران».

موقف ورسائل

أشار العنزي إلى أن رسائل الرياض تفيد بأن «المملكة ستقود كل الجهود لإيقاف الاعتداءات على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وستسعى للضغط على الدول المؤثرة لتنفيذ حل الدولتين».

ويرى أن تسمية السعودية ما تقوم به إسرائيل بـ«الجرائم» دلالة على موقف سعودي قوي تجاه دعم القضية الفلسطينية، والضغط على داعمي سلطات الاحتلال لأهمية إحياء عملية السلام، وقبول إسرائيل بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

ونوّه أستاذ الإعلام بأن «السعودية استبقت أي مواقف سوف تصدر عن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بعقد هذه القمة؛ لحشد موقف عربي إسلامي ضاغط على إدارته، وأيضاً توحيد الرؤى والمواقف العربية والإسلامية».

وأكد أن السعودية لن تقبل بالحلول الجزئية أو الهدنة المؤقتة، بل تسعى جاهدة للوصول إلى عدة أمور، تتمثل في وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية، ووقف التهجير القسري في غزة، كذلك وقف الاعتداء على لبنان، وحل القضية حلاً عادلاً بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

وأوضح العنزي أن الجهود الدبلوماسية والسياسية التي قادتها السعودية منذ القمة الماضية أدت إلى اعتراف 149 دولة بدولة فلسطين، وكذلك تشكيل تحالف دولي لتنفيذ حل الدولتين، وعقد اجتماعه الأول في الرياض بمشاركة 90 دولة ومنظمة أممية.

بدوره، أكد الدكتور مطلق المطيري، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، على أن الرياض تعاملت منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية العام الفائت مع أهداف تلك العملية المتمثلة بتصفية القضية الفلسطينية أرضاً وإنساناً وموضوعاً، وعلى هذا كثفت المملكة الجهود الدبلوماسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبولها عضواً في الأمم المتحدة.

وقال المطيري إن دعوة المملكة لتحالف دولي للاعتراف بدولة فلسطين، بغض النظر عن موقف إسرائيل أو قبولها، حققت انتصاراً سياسياً بآلية دولية تجعل من تصفية القضية الفلسطينية أمراً مستحيلاً، مضيفاً أن موقف المملكة ينطلق من مبدأ ثابت في السياسة السعودية، وهو أن فلسطين دولة عربية ووجودها مسؤولية عربية.

أما فيما يخص الجانب الإنساني، فيقول أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود إن السعودية عملت على تقديم المساعدات الإنسانية، سواء لغزة أو لبنان، وفق آلية توصيل المساعدات وضمان استمرارها، وإبعاد المساعدات الإنسانية عن أي اعتبار عسكري أو سياسي أو حتى تفاوضي، وقال: «لعل دعم المملكة لوكالة (الأونروا) يعزز التأكيد على الموقف السعودي الذي يعمل على سلامة الإنسان في فلسطين أو لبنان، وتقديم ما يضمن سلامته وصحته... الظرف صعب وقاسٍ ولكن الإصرار على تقديم المساعدات فعل مطلوب ولا خيار يعوضه أياً كان».