أكد البيان الختامي لأعمال الدورة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي ـ العراقي عزم الجانبين على تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، وخلص إلى مجموعة من الملفات المشتركة التي بحثها الجانبان، خاصة الجوانب السياسية والأمنية، حيث اتفقا على استمرار التعاون المشترك في مواجهة خطر التطرف والإرهاب، بوصفهما تهديداً وجودياً لدول المنطقة والعالم، ودعم جهود العراق بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي للإرهاب والتطرف، مؤكدين على أهمية التعاون في تأمين الحدود بين البلدين.
ويأتي اجتماع مجلس التنسيق المشترك، في جدة، الخميس، تنفيذاً لتوجيهات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ولأهمية العمل الثنائي في توثيق هذه الروابط.
رأس الجانب السعودي الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، فيما ترأس الجانب العراقي وزير التخطيط الدكتور محمد علي تميم، واعتمد الجانبان نتائج أعمال المجلس في دورته الخامسة، وما توصلت إليه اللجان الفرعية (الطاقة والصناعات التحويلية، اللجنة السياسية والأمنية والعسكرية، اللجنة الثقافية والإعلامية والشؤون الإسلامية، اللجنة الزراعية، اللجنة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنموية والإغاثية، لجنة التعليم والشباب والرياضة، لجنة النقل والمنافذ الحدودية والموانئ، اللجنة المالية والمصرفية)، التي تضمنت التأكيد على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي، وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين في المجالات المختلفة، ولا سيما السياسية والأمنية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتعليمية والسياحية، والطاقة، والبناء على ما تحقق من نتائج إيجابية في الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال الفترة الماضية.
وأشاد البلدان بالجهود الناجحة لدول مجموعة «أوبك بلس»، في تعزيز استقرار سوق البترول العالمية، مؤكدين على أهمية استمرار هذا التعاون وضرورة التزام جميع الدول المشاركة باتفاقية «أوبك بلس»، بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين لدعم نمو الاقتصاد العالمي.
وثمّن الجانبان التقدم في عمل الفريق المشترك لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي السعودي ـ العراقي، بقدرة 1000 ميغاوات، وفق مبادئ الاتفاق الموقعة بين الجانبين، مؤكدين حرصهما وتطلعهما إلى سرعة إنجاز إجراءات الطرح والترسية لتنفيذ المشروع، بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين وشعبيهما، فيما شدد الجانبان على أهمية توفير المتطلبات اللازمة لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، بقدرة 1000 ميغاوات، واستمرار المشاورات واللقاءات لتنفيذ مشروع نبراس الشرق للبتروكيماويات.
وأكّدا عزمهما على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي والاستثماري للرقي بالعلاقات الاستثمارية لمستوى ما يمتلكه البلدان من فرص ومشروعات استثمارية واعدة، وذلك من خلال تضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة وتهيئة الظروف الاستثمارية المناسبة، وتكثيف زيارات الوفود المتبادلة، وعقد فعاليات استثمارية مشتركة بشكل دوري لبحث واستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة وتحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية، بما تحقّق من طموحات الشعبين، عبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة ودعم الشركات للدخول في المنافسات الحكومية، كما جدد العراق دعوته الشركات السعودية للاستثمار في الفرص الواعدة بالعراق في مختلف المجالات.
وشهد الاجتماع مناقشة تأسيس الشركة السعودية العراقية للاستثمار، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وفرص بناء شراكات استثمارية في العراق، إلى جانب استعراض مختلف الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات.
وأشاد الجانبان بنمو حجم التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 1.5 مليار دولار لعام 2022 بنسبة ارتفاع (50 في المائة) مقارنةً بالعام 2021، ما يعكس عمق واستدامة العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق، واتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التبادل التجاري بين البلدين والاستفادة من افتتاح منفذ جديدة عرعر والإسراع بافتتاح منفذ جميمة الحدودي.
وأشادت السعودية بالإصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة العراقية، وأكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك، الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار والرخاء الاقتصادي للشعبين، ما يعزز من قدرتهما على تجاوز التحديات التي فرضتها الأزمات الدولية الأخيرة.
وأشاد الجانبان بدور الملحقية التجارية السعودية، ومركز الشركات السعودية في بغداد، اللذين ساهما في تنمية التجارة البينية بين البلدين والاستثمارات، من خلال تمكين الشركات السعودية لفتح فروع لها في جمهورية العراق وتسهيل الوصول لفرص ومشروعات استثمارية.
كما تمت الإشادة بما تم إنجازه في القطاع المالي، حيث سيسهم فرع المصرف الأهلي العراقي في تسهيل عملية التجارة البينية بين البلدين، وكذلك فرع المصرف العراقي للتجارة حين بدء أعماله، وإعلان البنك العربي الوطني في السعودية مع الشريك الاستراتيجي (البنك العربي) لتأسيس «بنك العربي - العراق»، لدعم تعزيز الاستثمارات بين الجانبين، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، التي من المتوقع أن تدخل حيز النفاذ قريباً، فيما تجدر الإشارة إلى أن التعاون بين البنكين المركزيين في البلدين يشمل تقديم الدورات التدريبية لمنسوبي البنك المركزي العراقي في عدد من المجالات المصرفية، وتم الاتفاق على التعاون بين البنكين المركزيين في مجال التقنيات المالية، بالإضافة إلى التنسيق القائم بين الجهات المالية الأخرى، كوزارتي المالية وهيئات الأسواق المالية.
وأكد الجانبان على أهمية بحث آفاق التعاون وفرص التكامل والسعي إلى بناء شراكات استراتيجية في المناطق الاقتصادية الخاصة بين المملكة والعراق، من خلال العمل على إنشاء منطقة اقتصادية خاصة على حدود البلدين.
وثمّنت العراق إعلان السعودية مبلغ 1.5 مليار دولار لإعادة إعمار العراق، في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق، الذي عقد خلال المدة، من 12 إلى 14 فبراير (شباط) 2018 وتعهداتها ومساهمتها فيه.
كما بحث الجانبان المشروعات التنموية القائمة والمقدمة من قِبل حكومة المملكة العربية السعودية عبر الصندوق السعودي للتنمية، التي تهدف إلى المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة بجمهورية العراق، فيما ناقشا التحديات التي تواجه سير العمل التنموي، وكيفية تجاوزها لتحقيق أهداف التنمية في النمو والازدهار، مشيدين بما تم إطلاقه من مشروعات تنموية بتمويل من قبل الصندوق السعودي للتنمية.
واستعرض الجانبان ما يقوم به مجلس الأعمال السعودي ـ العراقي من دور فاعل في تنمية العلاقات الاقتصادية والتعاون بين قطاعي الأعمال بالجانبين، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشددين على أهمية مواصلة تلك الجهود بالتنسيق مع الجهات الحكومية في الجانبين، لتذليل أي تحديات تواجه مجتمع الأعمال.
كما أكدا على استمرار التعاون في مجال النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين، وتسهيل حركة المنافذ البرية والجوية والبحرية وإجراءات السفر ونقل البضائع بين البلدين، حيث تم استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين عبر الناقلات الجوية السعودية الوطنية.
وشددا على تكثيف التعاون وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، بما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وضرورة إبعاد المنطقة عن التوترات، والسعي لإرساء الأمن المستدام.
واتفق الجانبان على استمرار التواصل والزيارات المتبادلة استكمالاً للمشاورات الثنائية على أعلى المستويات، لتوسيع ومتابعة مجالات التعاون المشترك، وبما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، إلى جانب تعزيز التنسيق في مجال الدعم والتأييد المتبادل في إطار الدبلوماسية المتعددة الأطراف، ولا سيما المناصب والوظائف في المنظمات الدولية.
وطالب الجانبان بتكثيف التعاون العلمي والمعرفي والتعليمي بين البلدين وتعظيم الاستفادة من البرامج والمبادرات السابقة، وإقامة الشراكات الأكاديمية والبحثية بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في البلدين، وبناء (20) مبنى تعليمياً في جمهورية العراق مع استعداد الجانب العراقي لتذليل كل العقبات المباشرة بتنفيذ المشروع، وتم تكليف أمانة المجلس من الجانبين بمتابعة التنفيذ، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وثمّن العراق هدية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للشعب العراقي الخاصة بإنشاء ملعب رياضي، ودعم السعودية للقطاع الرياضي العراقي، حيث اتفق الطرفان على تعزيز التعاون في المجال الرياضي من خلال إقامة فعاليات رياضية متنوعة بين البلدين، فيما أشاد الجانب السعودي باستضافة العراق لـ«خليجي 25»، وما تمخض عنها من زيادة التلاحم بين شعوب المنطقة.
واتفق الطرفان على وضع تصور وآلية للتعاون وتشجيع الاستثمار في مجال السياحة بين البلدين، فيما اتفق الجانبان على خطة العمل المشتركة لعامي 2023 - 2024م وبدء العمل بها من خلال اللجان الفرعية المنبثقة عن المجلس ومتابعتها بشكل مباشر من قبل أمانتي المجلس.
كما أكد الجانبان على أهمية متابعة أمانتي المجلس تنفيذ نتائج اجتماعات الدورات السابقة للمجلس واللجان الفرعية، والاتفاقيات الناتجة عنها، واستكمال الإجراءات النظامية للمصادقة على تلك الاتفاقيات ودخولها حيز النفاذ، حيث ستساهم في توسيع نطاق التعاون وتعزيزه في عدد من المجالات، فيما تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الجانبين في مجالات السياحة، والثقافة، والإعلام، والأخبار.
وفي ختام اللقاء، أكد رئيسا المجلس من الجانبين السعودي والعراقي على أهمية تعزيز العلاقات التي تربط الشعبين الشقيقين في المجالات كافة، والمضي بها قدماً لتتناسب مع طموحات ورؤى قيادتي البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة، ويعزز أمن واستقرار المنطقة، ويدفع بعجلة التنمية لما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين ويحقق رفاهيتهما.