مشاورات في جدة حول تثبيت الهدنة وفتح ممرات إنسانية في السودان

أميركا وبريطانيا بصدد طلب جلسة طارئة بمجلس حقوق الإنسان

الدخان يتصاعد فوق أحد أحياء الخرطوم جراء الاشتباكات (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق أحد أحياء الخرطوم جراء الاشتباكات (أ.ف.ب)
TT

مشاورات في جدة حول تثبيت الهدنة وفتح ممرات إنسانية في السودان

الدخان يتصاعد فوق أحد أحياء الخرطوم جراء الاشتباكات (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد فوق أحد أحياء الخرطوم جراء الاشتباكات (أ.ف.ب)

أعلن مبعوث رئيس مجلس السيادة السوداني، السفير دفع الله الحاج، أن وفداً من الجيش السوداني سيشارك في مشاورات مقررة في جدة حول تثبيت الهدنة وفتح ممرات إنسانية، مع ممثلين من قوات «الدعم السريع». لكن الحاج شدد على أن المشاورات لن تتضمن أي حديث عن حل سياسي.

من جانبها، لم تؤكد قوات الدعم السريع المشاركة في هذه المشاورات، رغم أنها أشارت إلى وجودها، فيما قالت مصادر إن «الدعم السريع» حدد 3 ممثلين للمشاركة في المشاورات.

وقال الحاج في مقابلات صحافية: «بالنسبة لنا ما يحصل هو تمرد ونحن ماضون لوضع حد له حسب الإجراءات المعروفة في كل الدول»، مضيفاً أن «الأمر داخلي لا يتطلب وساطة، ونحن لا نؤيد أي أفكار قد تقود إلى تدويل الأزمة الداخلية في السودان».

في غضون ذلك، قال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) أمس الجمعة إن وزير الخارجية المصري أبدى له خلال اتصال هاتفي استعداد القاهرة لتقديم المساعدة لبلاده وبحث معه وقف إطلاق النار. وأوضح حميدتي عبر حسابه الرسمي على «تويتر» أن شكري اتصل به هاتفياً وبحث معه «الموضوعات المتعلقة بالأزمة الراهنة... والمبادرات المحلية والإقليمية والدولية الرامية لإيجاد حل شامل». وأضاف أن شكري أعرب خلال الاتصال عن «تضامن مصر الشقيقة مع الشعب السوداني ودعم خياراته، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم كل المساعدات لتجاوز هذه الظروف».

وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد قال أمس عبر «تويتر» إن شكري اتصل هاتفياً برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع حميدتي، وطالبهما بالوقف الفوري لإطلاق النار. وقال بيان للخارجية المصرية إن شكري عبر للطرفين السودانيين المتناحرين عن قلق مصر البالغ نتيجة استمرار المواجهات العسكرية وتعريض أمن واستقرار السودان لخطر بالغ، وأكد لهما موقف مصر الثابت الداعي لاحترام سيادة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، مشدداً على ضرورة التزام جميع الأطراف بالهدنة.

اجتماع عاجل

أظهرت وثيقة أمس الجمعة أن مجموعة من الدول تستعد لطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الأزمة السودانية الأسبوع المقبل، وذلك في خطوة يأمل نشطاء حقوق الإنسان أن تزيد التدقيق في تجاوزات الطرفين المتحاربين. وأظهر الخطاب الذي يحمل تاريخ الخامس من مايو (أيار) أن بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج من المنتظر أن تطلب من رئيس المجلس عقد اجتماع لبحث اندلاع العنف في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) .

وأبلغ دبلوماسيون «رويترز» أنهم حصلوا على تأييد ما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 دولة وفقاً لقواعد المجلس. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن المنظمة لم تتسلم الخطاب بعد. ولم ترد البعثة الدبلوماسية السودانية على طلب للتعليق حتى الآن. ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو الجهة الوحيدة المكونة من حكومات لحماية حقوق الإنسان حول العالم، ورغم أنه لا يملك صلاحيات ملزمة قانوناً، فإن مناقشاته يمكن أن تؤدي إلى تحقيقات تعزز الأدلة في المحاكم الوطنية والدولية. وفي الأسبوع الماضي كتبت مجموعة تضم أكثر من 90 منظمة غير حكومية خطاباً مفتوحاً تدعو فيه إلى الجلسة الخاصة. ولم يتحدد بعد ما إذا كان الأعضاء سيطلبون فتح تحقيق رسمي في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في السودان، التي تشمل قتل مئات المدنيين ومهاجمة المستشفيات.

تجدد الاشتباكات

تواصلت المعارك في السودان أمس رغم الهدنة التي تعهد الجانبان العسكريان المتصارعان على السلطة الالتزام بها، ورغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات. ولليوم الـ21 على التوالي، استيقظ سكّان الخرطوم على وقع الضربات الجوية ونيران المدافع الرشاشّة رغم وعود بهدنة. ومنذ 15 أبريل، أسفر القتال بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح.

دمار في وسط العاصمة السودانية (رويترز)

ومن بين القتلى أطفال «بأعداد كبيرة مرعبة»، بحسب الأمم المتّحدة، في بلد يقلّ فيه عمر 49 في المائة من السكّان عن 18 عاماً. وأشارت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسف) أمنس الجمعة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح. وأضافت المنظمّة الأممية أنّها تلّقت تقارير من شريك موثوق به - لم تتحقّق منها الأمم المتّحدة بشكل مستقلّ بعد - تفيد بأنّ 190 طفلاً قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا بجروح خلال أول 11 يوماً فقط من القتال. والخميس، أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ «المأساة... يجب أن تنتهي»، ملوّحاً بفرض عقوبات على «الأفراد الذين يهدّدون السلام»، لكن من دون أن يسمّي أحداً.

والسودان الدولة التي يبلغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في عام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فُرضت على الديكتاتورية العسكرية الإسلامية للرئيس المعزول عمر البشير، الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في عام 2019. بعد بقائه ثلاثين عاماً في السلطة. وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معاً في انقلاب شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدّتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش. ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أنّ شيئاً قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.

حرب طويلة

وأعلنت قوات الدعم السريع الجمعة أنّها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام فقط تمت مناقشتها في إطار وساطة أميركية - سعودية. لكنّ رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز تتوقّع معارك «طويلة الأمد» لأنّ «الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكرياً، وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات».

وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفاً آخرين على النزوح، وفقاً للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ واحدة من أفقر دول العالم. وأوضحت الأمم المتحدة أنّ «أكثر من 56 ألف شخص عبروا في الثالث من مايو» إلى مصر، مضيفة أنّ «أكثر من 12 ألف شخص» عبروا إلى إثيوبيا و«30 ألف شخص إلى تشاد».

وفي هذا الإقليم الذي شهد حرباً دامية بدأت عام 2003 بين نظام البشير ومتمرّدين ينتمون إلى أقليّات إثنية، لفت المجلس النرويجي للاجئين إلى سقوط «191 قتيلاً على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف»، فضلاً عن تعرّض مكاتبه للنهب. وأفاد شهود عيان عن اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة.


مقالات ذات صلة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)

المبعوث الأميركي للخرطوم: هناك حاجة إلى ممرات إنسانية وهدن في السودان

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، الثلاثاء، إن هناك حاجة إلى مزيد من المساعدات في البلاد فضلاً عن تسريع وصولها من خلال تنفيذ ممرات إنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سحب الجنسية الكويتية من رجل الأعمال معن الصانع

معن الصانع
معن الصانع
TT

سحب الجنسية الكويتية من رجل الأعمال معن الصانع

معن الصانع
معن الصانع

أصدرت الحكومة الكويتية، اليوم، مرسوماً بفقدان الجنسية الكويتية من خمسة أشخاص بينهم الملياردير معن عبد الواحد الصانع، وذلك وفقاً لنص (المادة 11) من قانون الجنسية الكويتية.

كما ترأس رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع ووزير الداخلية الشيخ فهد يوسف الصباح، اليوم (الخميس)، اجتماع اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، إذ قررت اللجنة سحب وفقدان الجنسية الكويتية من عدد (1647) حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

وشرعت السلطات الكويتية منذ مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، من خلال اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، في حملة إسقاط جنسيات وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها التزوير، كما تشمل عمليات سحب الجنسية، الأشخاص والتابعين الذين حصلوا عليها من دون استيفاء الشروط القانونية، ومن بينها «صدور مرسوم» بمنح الجنسية، حيث دأب أعضاء في الحكومات السابقة على تخطي هذا القانون ومنح الموافقات على طلبات الحصول على الجنسية دون انتظار صدور مرسوم بذلك.

ومعن الصانع هو رجل كان يحمل الجنسيتين السعودية والكويتية، اشتهر بكونه مؤسس «مجموعة سعد»، التي تضم مجموعة شركات كبيرة تعمل في قطاعات مثل البنوك، والعقارات، والإنشاءات، والرعاية الصحية.

ومع مطلع الألفية الثانية أصبح أحد أغنى رجال الأعمال في السعودية والخليج، وكان على قائمة «فوربس» لأغنى مائة رجل في العالم عام 2007، لكنَّ أعماله تعرضت للانهيار بعد خلافات اتُّهم خلالها بالاحتيال، لينتهي الخلاف مع عائلة القصيبي وآخرين في أروقة المحاكم، وتعثرت «مجموعة سعد»، إلى جانب شركة أخرى هي «أحمد حمد القصيبي وإخوانه»، في عام 2009، مما وصل بحجم الديون غير المسددة للبنوك إلى نحو 22 مليار دولار.

وفي مارس (آذار) 2019 وافقت محكمة سعودية على طلب رجل الأعمال المحتجز والمثقل بالديون وشركته لحل قضيتهما من خلال قانون الإفلاس الجديد في المملكة.

وقبيل نهاية عام 2018 طُرحت عقارات مملوكة لمعن الصانع للبيع في مزاد علني، من أجل سداد أموال الدائنين التي تقدَّر بمليارات الريالات، حيث كلَّفت المحكمة شركة متخصصة بالمزادات ببيع الأصول على مدار خمسة أشهر في مزادات في المنطقة الشرقية وجدة والرياض.