الجزائر: جدل متواصل بشأن «تأجيل محتمل» لانتخابات الرئاسة

رئيس حزب مشارك بالحكومة قال إن حديثه عن الإرجاء جرى تأويله

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر: جدل متواصل بشأن «تأجيل محتمل» لانتخابات الرئاسة

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)

تَواصل الجدل بشأن «تأجيل محتمل» لانتخاب الرئاسة الجزائرية، المقرَّر إقامتها نهاية العام الحالي، بعدما احتجّ رئيس حزب «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، الأحد، على ما قال إنه «تأويل» لتصريحات صدرت عنه، ورأى مُعلّقون أنها تشير إلى إرجاء الاستحقاق المحدد دستورياً.

وكان بن قرينة، الذي يتحالف حزبه مع الحكومة، ويشارك بوزيرين في تشكيلتها، يتحدث، الأربعاء الماضي، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، بشأن الانتخابات عندما استشهد بتأجيل الانتخابات في السنغال، في إطار ما قال إنه «فرضيات»، دون أن يجزم بتأجيل الانتخابات الرئاسية الجزائرية. لكن السياسي الجزائري عاد، بعد تفاعل سياسي واسع مع تصريحاته التي رأى البعض أنها تمهيد للتأجيل، وأصدر بياناً، الأحد، قال فيه إن «حركتنا تظل يقِظة لكيد الأعداء، ومستمرة في ردّها دون هوادة، ولا تُبالي بمن يسعى لتشويهها أو النيل منها، أو سوء تأويل نياتها الصادقة والمخلصة للوطن». ولم يذكر بن قرينة صراحةً أن بيانه يتعلق بتصريحات بشأن الانتخابات الرئاسية، التي لم يحدد تاريخها الدقيق بعد.

وكان بن قرينة قد قال، الأربعاء، في معرض حديثه عن الظروف المحلية والإقليمية المحيطة بالاستحقاق الرئاسي: «انتخابات 2019 كانت لاسترجاع الجمهورية، أما المقبلة فهي أول انتخابات حقيقية. وإذا لم يحدث أي طارئ خارق وكبير...»، وقطع كلامه تاركاً انطباعاً بأنه يتوقع عدم إجرائها في موعدها المحدد دستورياً (مرة كل خمس سنوات)، ثم استدرك: «ليس في ذهني شيء معين، ولا أعتبر الأمر وارداً، لكن أرى أن السنغال أجَّل انتخاباته... نحن نتحدث عن الفرضيات فقط».

عبد القادر بن قرينة رئيس حزب «حركة البناء الوطني» (حساب الحزب على فيسبوك)

وكان لحديث بن قرينة وقعٌ كبير في الساحة السياسية، خصوصاً أن حزبه مشارك في الحكومة بوزيرين، ما يجعل البعض ينظر إليه باعتباره مطّلعاً، أكثر من غيره، على تدبير الشأن العام، بينما عام 2024 هو عام الانتخابات في البلاد. يُشار إلى أن بن قرينة كان وزيراً للسياحة في عهد الرئيس الجنرال اليمين زروال (1995 – 1999)، وكان في تلك الفترة قيادياً في الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» (في المعارضة حالياً). وترشّح بن قرينة لانتخابات الرئاسة عام 2019، التي شهدت وصول عبد المجيد تبون إلى الحكم. وتُعدّ الكتلة البرلمانية، التي يقودها «حركة البناء الوطني»، مؤيدة لسياسات الحكومة التي تنفذ برنامج الرئيس.

ومما جاء في تصريحات الوزير السابق، المثيرة للجدل، أن الموعد السياسي المنتظَر «سيكون أول انتخابات تُنظَّم في جو من الطمأنينة والهدوء، ويفترض أن تشهد احتداماً للبرامج والأفكار (بين المترشحين المحتملين)... وأعتقد أن الاستقطاب سيغيب عنها، ففي العادة تكون الانتخابات أكثر سخونة عندما يسودها الاستقطاب». كما زاد، في تصريحاته، أن «الأشخاص الذين يتوقع أن يشاركوا في المعترك الانتخابي لن يحظى أحد منهم بدعم أي مسؤول نافذ في السلطة»، في إشارة إلى السردية السياسية الجزائرية الرائجة بأن رئيس أركان الجيش، الراحل الفريق أحمد قايد صالح، هو من كان يقف وراء ترشح الرئيس تبون، في حين كان مدير المخابرات السابق والمسجون حالياً الجنرال واسيني بوعزة، عراب ترشح وزير الثقافة سابقاً عز الدين ميهوبي. كما أكد بن قرينة أن الانتخابات الماضية «شهدت انتقالاً سلساً للحكم، من جيل الثورة إلى الجيل المخضرم (صاحب التجربة الكبيرة في تسيير العمل داخل الدولة).

وكان الرئيس تبون قد أطلق تصريحات، نهاية العام الماضي، تُوحي برغبته في تمديد حكمه، بينما نشرت «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، الشهر الماضي، «حصيلة إيجابية» عن ولايته الأولى، ورأت استمراره في السلطة. ومنذ أسبوع، أطلقت خمسة أحزاب معارضة تكتلاً سياسياً بحث، في أول اجتماعاته، اختيار مرشح واحد عنها لخوض الانتخابات.


مقالات ذات صلة

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

شمال افريقيا الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبّون: «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».