«أزمة ثقة واتهامات بالنفوذ» تهدد نزاهة «الدوري المصري» تحكيمياً

إقالة «اللجنة» نتيجة المخالفات والتسريبات رسمت بداية مقلقة للبطولة

احتكاك مثير للجدل في مباراة الأهلي وزد (قناة أون تايم سبورت)
احتكاك مثير للجدل في مباراة الأهلي وزد (قناة أون تايم سبورت)
TT

«أزمة ثقة واتهامات بالنفوذ» تهدد نزاهة «الدوري المصري» تحكيمياً

احتكاك مثير للجدل في مباراة الأهلي وزد (قناة أون تايم سبورت)
احتكاك مثير للجدل في مباراة الأهلي وزد (قناة أون تايم سبورت)

لم يكد يمر الأسبوع الأول من مسابقة الدوري المصري لكرة القدم، حتى تفجرت أزمات عدة، على نحو جعل البطولة على صفيح ساخن وسط حالة من الجدل بين مختلف الأطراف.

وأعلن الاتحاد المصري لكرة القدم، الخميس، إقالة لجنة الحكام بكامل تشكيلها، بعد أزمة تسريب محادثات غرفة تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار)، خلال مباراة الزمالك والبنك الأهلي، في الجولة الأولى من البطولة، وتعيين لجنة جديدة برئاسة ياسر عبد الرؤوف.

وتحدثت التسريبات، بحسب مراقبين، عن «احتساب هدف الفوز للفريق الأبيض دون وجه حق في المباراة التي انتهت بفوزه 3 - 2»، في الوقت الذي أكد فيه خبراء تحكيميون أن «حكم المباراة محمد عادل تغاضى عن ضربة جزاء صحيحة للزمالك، كما احتسب ضد الفريق ضربة جزاء خاطئة».

ووصف الناقد الرياضي أشرف محمود أزمة التحكيم المصري بـ«القديمة المتجددة نتيجة عدم إصلاح الظواهر الكارثية السابقة التي شابت تلك المنظومة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «كثيراً ما يجري اختيار الحكام نتيجة صلات القرابة بين الحكم واللجنة، فضلاً عن أن انتماءات بعض الحكام إلى هذا النادي أو ذاك قد تحكم قراراتهم داخل الملعب، كما يجب أن نعترف بأن نفوذ الأندية أقوى من لجنة الحكام»، بحسب قوله.

رئيس لجنة الحكام ياسر عبد الرؤوف (متداولة على إكس)

وفي السياق نفسه، شهدت المباراة التي أقيمت، الخميس، بين فريقي الأهلي وزد على استاد «المقاولون العرب» ضمن منافسات الجولة الثانية من الدوري جدلاً واسع النطاق بسبب تدخُّل بالقدم في الدقيقة 88 من جانب أحمد نبيل كوكا، لاعب الأحمر، على قدم لاعب زد، رشيد أحمد، داخل منطقة الجزاء.

وقال الخبير التحكيمي أحمد الشناوي في تصريحات تلفزيوينة عبر قناة «أون تايم سبورتس» إن "اللقطة أظهرت أن لاعب زد ركل الكرة قبل أن يصل إليها لاعب الأهلي، وهي ضربة جزاء صحيحة لم تُحتسب»، مشيراً إلى أن «زد يستحق ضربة جزاء وهي واضحة جداً»، على حد تعبيره.

وهناك آراء أخرى تخالف الرأي السابق ومنها تأكيد الحكم الدولي السوري السابق جمال الشريف أن «ضربة الجزاء غير صحيحة»، مشيراً عبر تصريحات تلفزيونية إلى أن «لاعب زد مدّ قدمه لأقصى مدى لها وهو الذي توجه إلى قدم لاعب الأهلي، وليس العكس».

وكشف المدير الفني لفريق زد مجدي عبد العاطي عن أنه «لم يكن يستحق أن يشهر له حكم المباراة البطاقة الحمراء؛ حيث إن كل ما فعله هو أنه طالبه بالعودة إلى غرفة تقنية الفيديو»، مشيراً في تصريحات إعلامية إلى أن «الأهلي فريق كبير، وليس بحاجة إلى مجاملات»، على حد تعبيره.

وفجّر وليد صلاح الدين، نجم الأهلي السابق، مفاجأة من العيار الثقيل حين أقر بصحة ضربة الجزاء المثيرة للجدل ضد النادي الأهلي، مؤكداً في تصريحات تلفزيونية أنه «كان ينبغي لحكم تقنية الفيديو استدعاء حكم الساحة محمود ناجي لإطلاعه على المخالفة التي ارتكبها لاعب الأحمر».

وشدد الناقد الرياضي المصري محمد البرمي على أنه «لا صلاح لمنظومة التحكيم المصري في الوقت الحالي إلا باستقدام خبير أجنبي يترأس لجنة الحكام بصلاحيات كاملة غير منقوصة»، مشيراً إلى أن «كثيراً من الحكام يصدرون قرارتهم حالياً أثناء المباريات الحاسمة في تحديد بطل المسابقة بناءً على الخوف من نفوذ الأندية، أو الرغبة في نيل رضاها».

وأعرب نجم الزمالك السابق والإعلامي الرياضي، أحمد حسام ميدو، عن خشيته من «ألا ينتهي الموسم الكروي الحالي على خير ما لم يتدخل الكبار» على حد تعبيره، مشيراً في تغريدة على منصة «إكس»، إلى أنه «ليس من المقبول السماح بنهش الحكام بهذا الشكل الذي ربما يؤدي إلى عدم قبول بعضهم التصدي لمباريات كبرى مستقبلاً».

الحكم محمد عادل (يوتيوب)

وتبادل جمهور قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك، الاتهامات عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالاستفادة مما سماه كثيرون «مجاملات الحكام» التي تعد برأيهم «دليلاً على غياب العدالة الكروية وعدم نزاهة المسابقة».

وعدّ الناقد الرياضي أيمن بدرة الجيل الحالي من الحكام المصريين «ضحية حملات ترهيب ممنهجة تقودها منصات التواصل الاجتماعي بحقهم حين لا يروق هذا القرار التحكيمي أو ذاك جمهور أحد القطبين الكبيرين، الأهلي والزمالك»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكم في مصر يتعرض لجميع أنواع الهجوم بما في ذلك الاعتداء البدني واللفظي، دون توفير غطاء حماية له؛ ما يجعله مرتعش اليد حين يفترض أن يتخذ قراراً تحكيمياً صعباً».


مقالات ذات صلة

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

رياضة عالمية روبن أموريم المدرب الجديد لمانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

قال المدرب البرتغالي روبن أموريم إنه الرجل المناسب لإعادة مانشستر يونايتد أخيراً إلى مجده السابق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة سعودية عشاق الفروسية على موعد مع نهائي البطولة السبت في الرياض (الشرق الأوسط)

بعد 266 يوماً... الرياض تتوج أبطال «قفز الحواجز»

يسدل الستار، غداً السبت، على منافسات دوري الأبطال العالمي لقفز الحواجز في الرياض، بعد 266 يوماً من الصراع في 15 مدينة حول العالم.

لولوة العنقري (الرياض ) منيرة السعيدان (الرياض )
رياضة عالمية النيجيري الدولي فيكتور بونيفاس مهاجم باير ليفركوزن (أ.ف.ب)

ليفركوزن يخسر بونيفاس «مباريات عدة»

خسر باير ليفركوزن بطل ألمانيا جهود مهاجمه النيجيري الدولي فيكتور بونيفاس «مباريات عدة» بعد عودته من النافذة الدولية الأخيرة مصاباً.

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني سيخوض مباراته رقم 700 مدرباً لأتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني ممتن للوصول إلى 700 مباراة مع أتلتيكو

سيخوض دييغو سيميوني مباراته رقم 700 مدرباً لأتلتيكو مدريد عندما يستضيف ألافيس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم، السبت.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ف.ب)

فونسيكا: نحترم يوفنتوس لكننا لا نخشاه

قال باولو فونسيكا مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه لا يهاب مواجهة يوفنتوس.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.