تخوض الملاكمة الجزائرية إيمان خليف نزالها الأخير في أولمبياد باريس 2024، الجمعة في نهائي وزن 66 كلغم أمام الصينية ليو يوانغ في ملاعب رولان غاروس، آملة في طي صفحة الشكوك حول هويتها الجنسية وإحراز ميدالية ذهبية.
أصبحت خليف واحدة من نجوم الألعاب الحالية في العاصمة الفرنسية، لكن لسبب لم تكن تشتهيه على الأرجح.
سمحت لها اللجنة الأولمبية الدولية بالمشاركة بعد إيقافها من قبل الاتحاد الدولي مع الملاكمة التايوانية لين يو-تينغ في بطولة العالم العام الماضي، لعدم تجاوزهما اختبارات الأهلية الجنسية.
حُرمت خليف في حينها من خوض نهائي بطولة العالم في نيودلهي بسبب عدم استيفاء معايير أهلية الجنس و«مستويات هرمون التستوستيرون»، بحسب موقع الألعاب الأولمبية الذي حذف لاحقاً التفسير.
نفى الاتحاد الدولي إجراء اختبارات لقياس مستوى التستوستيرون، لكنه لم يحدّد طبيعة التحليلات التي أجريت لاتخاذ قرار باستبعاد خليف ولين من بطولة العالم، في ظل نزاع حاد بين الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي الموقوف أولمبياً والذي يرأسه الروسي عمر كريمليف المرتبط بالكرملين.
عن تعاطيها مع الحملة التي واجهتها في الأيام الأخيرة، قالت في تصريح تلفزيوني: «هناك فريق خاص من طرف اللجنة الأولمبية الدولية يتتبعني ويقوم بالواجب كي أتفادى هذه الصدمة. أركّز على المنافسة والأشياء الأخرى ليست هامة. المهم أني في النهائي الآن».
خاضت خليف ثلاثة نزالات حتى الآن، أوّلها أمام الإيطالية أنجيلا كاريني التي انسحبت بعد 46 ثانية فقط إثر لكمتين قويتين على رأسها من الجزائرية. تغلّبت بعدها بالنقاط على المجرية آنا لوتسا هاموري والتايلاندية جانجام سوانافنيغ لتبلغ النهائي، علماً أنها حلّت خامسة في أولمبياد طوكيو صيف 2021.
تعرّضت لانتقادات بعد نزالها الأول، فقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني: «أعتقد أنه يجب عدم السماح للرياضيات اللواتي يملكن خصائص وراثية ذكورية بالمشاركة في المسابقات النسائية».
ووصلت الانتقادات إلى ما وراء الأطلسي، فقال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترمب بعد فوزها على كاريني: «سأبقي الرجال خارج مسابقات السيدات».
أما الروائية جيه كيه رولينغ مؤلفة سلسلة روايات «هاري بوتر»، فكتبت على منصة «إكس» أن ألعاب باريس ستبقى «دوماً ملطخة بسبب الظلم القاسي الذي لحق بكاريني».
في المقابل، تدعمها اللجنة الأولمبية الدولية، ويحتفل مواطنوها في الجزائر بانتصاراتها.
تجمهر الناس في قريتها بيبان مصباح بولاية تيارت (جنوب غرب) لمتابعة نزالها الأخير وصدرت الهتافات بعد إعلان فوزها.
هنأها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على منصة «إكس»: «شكراً إيمان خليف على إسعادكِ كل الجزائريين، بهذا التأهل القوي والرائع للنهائي.. الأهم قد تحقق، وبحول الله التتويج بالذهب.. كل الجزائريات والجزائريين معكِ».
قال والدها عمر خليف (49 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية وهو يظهر صورها وهي صغيرة: «ابنتي فتاة مؤدّبة وقوية، ربّيتها على العمل والشجاعة، وعندها تلك الإرادة القوية في العمل والتدريب».
بعد بلوغها نصف النهائي وضمانها ميدالية، ردّت باكية على منتقدين وصفوها بـ«الرجل»، وقالت لقناة «بي إن سبورتس»: «هذه قضية كرامة وشرف كل امرأة أو أنثى. الشعب العربي كله يعرفني منذ سنوات. منذ سنوات وأنا ألاكم في مسابقات الاتحاد الدولي الذي ظلمني. لكن أنا عندي الله».
وتشرف الاتحادات الرياضية الدولية على معظم الرياضات الأولمبية. ولكن بسبب استبعاد اللجنة الأولمبية الدولية للاتحاد الدولي للملاكمة لأسباب مرتبطة بالحوكمة والفساد المالي والتلاعب بالنتائج، كان عليها تنظيم المسابقة بنفسها في طوكيو في عام 2021، ثم مرة أخرى في باريس 2024.
وللاتحاد الدولي واللجنة الأولمبية معايير أهلية مختلفة لمنافسات السيدات.
أبلغ الاتحاد الدولي اللجنة الأولمبية الدولية عن طريق رسالة بالاختبارات، قائلاً إن خليف لديها كروموسوم ذكري «إكس واي»، وفقاً لتقارير إعلامية أكدتها اللجنة الأولمبية الدولية.
لكن الهيئة الأولمبية رفضت مراراً وتكراراً الاختبارات هذا الأسبوع ووصفتها بأنها «تعسّفية» و«مُركّبة معاً»، وجادلت ضد ما يسمّى باختبارات الجنس، الاختبارات الجينية باستخدام المسحات أو الدم والتي ألغتها في عام 1999.
سمحت لخليف ولين بالمنافسة في باريس لأن أي شخص يتم التعرف عليه كامرأة في جواز سفره مؤهل للنزال.
في المقابل، ألقى كريمليف خطابات هجومية عدة ضد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ على وسائل التواصل الاجتماعي وقال إن الألعاب الأولمبية نظمتها «ضباع» تستحق أن تؤخذ إلى «مزرعة خنازير».