شرّع تأهل الأردن التاريخي إلى نهائي كأس آسيا لكرة القدم باب التساؤلات عن انعكاس الإنجاز غير المسبوق على منظومة لعبة تعاني من تواضع مستوى الدوري المحلي، وأزمة ديون ما انفكت تتفاقم على الأندية بسبب انحسار عائداتها، فضلاً عن افتقاد المنشآت الرياضية لأبسط مقوّمات التحديث.
في مشاركته الخامسة، بلغ «النشامى»، بقيادة مدربه المغربي الحسين عموتة ونجوم يتصدّرهم موسى التعمري لاعب مونبلييه الفرنسي، ويزن النعيمات لاعب الأهلي القطري، نهائي بطولة كانت أفضل إنجازاته فيها دور الثمانية في 2004 و2011.
تمني الأمينة العامة للاتحاد الأردني سمر نصّار النفس بأن يحرّك هذا الإنجاز المياه الراكدة «بدأ القطاع الخاص يتحرّك، وتحرّكت مشاعر الشعب».
تتابع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتمنّى أن يدعموا المسيرة ككل، وألا يقتصر الدعم على إنجاز المنتخب».
وقدّمت بعض المؤسسات والمصارف مكافآت مالية للاعبين بعد التأهل إلى النهائي، حيث سيواجهون السبت منتخب قطر حامل اللقب بعد بلوغه النهائي للمرة الثانية توالياً بالفوز على إيران 3-2.
تقرّ سمر نصار، السباحة الأولمبية السابقة، بوجود تحديات كثيرة تواجه الكرة الأردنية: «نحن بحاجة الى البنى التحتية وأن يلتف القطاع الخاص حول المنتخب».
وفيما يؤكّد المراقب الدولي والمحاضر الآسيوي منعم فاخوري، أن الإصلاح يبدأ بتشكيل رابطة لدوري المحترفين لإدارة البطولات المحلية وشؤون التسويق، تشير سمر نصار إلى إن «الأندية أيضاً هي ركيزة ومنجم الأبطال. نحن بحاجة إلى دعم للمنظومة ككل وإعادة الدراسة في كثير من الأمور».
يرى فاخوري أن الأندية تحتاج أيضاً إلى تعديل التشريع «كل الأندية الأردنية تعمل تحت مظلة وزارة الشباب».
لكن سمر نصّار تلفت إلى أن التأهل لكأس العالم للمرة الأولى سينعش اللعبة «كأس آسيا هي محطة والتأهل إلى كأس العالم هو الهدف الأسمى».
تضيف سمر نصار (46 عاماً): «نحن استثمرنا في هذا المنتخب لأننا رأينا الطاقات الكامنة فيه، وكنا واثقين أنه سيصل إلى أبعد نقطة، وأهدافنا أبعد من كأس آسيا».
لكن الأردن حصد حتى الآن نقطة يتيمة من مباراتيه في بداية التصفيات المشتركة لمونديال 2026 وآسيا 2027، بتعادله بشق النفس في طاجيكستان وخسارته على أرضه أمام السعودية.
وباستثناء التأهل العتيد، لم تشهد الكرة الأردنية على مدى تاريخها إنجازات كروية نوعية، إذ اقتصرت على التتويج بذهبية الدورة العربية في بيروت 97 وعمّان 99، فضلاً عن بلوغ الملحق النهائي المؤهل إلى مونديال 2014، حين خرج «النشامى» أمام أوروغواي مع المدرب المصري حسام حسن. فيما اقتصرت إنجازات الأندية على ثلاثة ألقاب في كأس الاتحاد الآسيوي، بواقع بطولتين للفيصلي وواحدة لشباب الأردن.
كما تقتصر المشاركة في دوري أبطال آسيا على مقعد واحد يمنح لبطل الدوري شريطة إكمال متطلبات الترخيص، فيما يُمنح المقعد الآخر في كأس الاتحاد.
لكن فاخوري، الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام في نادي الجزيرة، يشير إلى «ضرورة استثمار النجاح في كأس آسيا يجب إقناع أصحاب الشركات بأن تتبنى الأندية».
يؤكد على ضرورة أن يعقد الاتحاد لقاءات دائمة مع الأندية لأن كل التركيز ينصبّ على المنتخبات «كل الدعم الذي نحصل عليه من الاتحادين الدولي والقاري يذهب إلى المصاريف الإدارية والتشغيلية كما يُنفق على الأندية والمنتخبات النسوية».
يضيف: «الوضع المالي للأندية معدوم، وبطل الدوري لا يحصل سوى على 60 ألف دينار كمكافأة (85 ألف دولار أميركي)»، فيما «المصروف الشهري لأحد الأندية، على سبيل المثال، يعادل 80 ألف دينار».
يتابع: «لا يمكن قياس وضع (القطبين) الفيصلي أو الوحدات مع البقية خصوصاً أنهما يعتمدان على موارد ثابتة مثل ملكيتهما لمجمعات تجارية وجماهيريتهما الكبيرة، إذ إن بعض الأندية تتعثر في دفع الرواتب لـ4 أو 5 أشهر».
ويحترف 16 لاعباً من تشكيلة المنتخب الحالية في الدوري المحلي، معظمهم مع الفيصلي.
يؤكد فاخوري أيضاً أن اللاعبين في الأردن يضطرون إلى العمل في أكثر من مهنة غير كرة القدم لأن الرواتب متدنية جداً «إما يعملون في جهة أمنية أو في أمانة عمّان، وهذا الأمر غير سليم للاعب المحترف».
وفيما أكد الحارس التاريخي للمنتخب عامر شفيع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن وجود الأردن في هذا الموقع «أشبه بالمعجزة» نظراً لتواضع مستوى الدوري والحالة المادية المتردية للأندية، فيما يرى مساعد عموتة، المدرّب عبد الله أبو زمع أن «ما تحقق يؤكد أن الأسلوب في المنتخب تغيّر، وسوف نستمرّ على هذا النسق».
وأشارت صحيفة الغد إلى أن «المطالبات تزداد حول ضرورة أن ترى الحكومة (الأردنية) هذا الإنجاز والبناء عليه في دعم الرياضة والرياضيين في الفترة المقبلة».
وتحت عنوان «إنجاز من رحم المعاناة للكرة الأردنية. هل تلتفت له الحكومة؟» أضافت الصحيفة أن «مناشدات إدارات الأندية واتحاد الكرة ارتكزت في أوقات سابقة، على ضرورة أن يكون للحكومة دور في دعم الرياضة نظراً لأهميتها المجتمعية وقدرتها على رفع اسم الوطن في المحافل المختلفة».