كان إيدي هاو «خائفاً» الصيف الماضي، فقد كان نيوكاسل يونايتد يبحث عن قلب دفاع، ولم تكن هناك قائمة طويلة من الأسماء الواقعية التي يعتقد المدير الفني أنها قادرة على إحداث الفارق. كان هاو يضع نصب عينيه التعاقد مع مالك ثياو، ولكن كانت هناك تساؤلات بشأن قدرة نيوكاسل على إقناع ميلان بالتخلي عن خدمات اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً. وحتى لو تمكن نيوكاسل من ذلك، فهل سيأتي نادٍ آخر ويتفوق على نيوكاسل مرة أخرى على غرار ما حدث مع هوغو إيكيتيكي، وبنجامين سيسكو، وجواو بيدرو، وجيمس ترافورد، الذين فضلوا الانتقال إلى أندية أخرى خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية؟
ولكن الأمور لم تسر على هذا النحو هذه المرة؛ حيث نجح نيوكاسل في إتمام صفقة انتقال ثياو مقابل 35 مليون جنيه استرليني في أغسطس (آب) الماضي. ولم تحظَ هذه الصفقة باهتمام إعلامي كبير، نظراً -حسب سياران كيلي على موقع «بي بي سي»- لنجاح نيوكاسل في تحطيم رقمه القياسي في سوق الانتقالات، بضمِّ لاعب ألماني آخر، وهو نيك فولتمايد، وإنفاقه مبالغ مالية أكبر للتعاقد مع يوان ويسا، وأنتوني إيلانغا، وجاكوب رامسي.
ولكن ثياو يظلُّ دائماً «صفقة مهمة» لنيوكاسل، وفقاً لهاو الذي قال خلال هذا الأسبوع: «مالك موهبة استثنائية، ويمتلك كل المقومات التي تجعله لاعباً كبيراً. لقد سعدت حقاً ببدايته الجيدة مع الفريق». وبالفعل، أثبت ثياو أنه يمتلك إمكانات وقدرات هائلة، فإلى جانب براعته الدفاعية المعروفة، أظهر اللاعب الألماني براعته الهجومية في المباراة التي فاز فيها نيوكاسل على إيفرتون بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد يوم السبت الماضي.
ولقد كان أفضل موسمٍ تهديفي له هو موسم 2021- 2022، حين سجَّل هدفين مع شالكه، ولكنه عادل هذا الرقم في 90 دقيقة على ملعب «هيل ديكينسون» معقل فريق إيفرتون؛ حيث بدأ مسيرته بشكل رائع، محرزاً أسرع هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، بعد 52 ثانية فقط برأسية قوية، قبل أن يضيف هدفه الثاني برأسية أخرى عند القائم البعيد، قبل مرور ساعة من زمن المباراة، ليحقق نيوكاسل أول فوز له خارج ملعبه في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم.
وقال ثياو بعد المباراة: «أنا ممتن للغاية، إنها لحظة رائعة بالنسبة لي. لقد رحَّب بي مشجعو نيوكاسل وجعلوني أشعر وكأنني في بيتي الجديد. قالوا لي إنه أسرع هدف هذا الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز. إنه شعور رائع، ومن المذهل حقاً أن أسجل هدفين. وآمل أن أسجل مزيداً من الأهداف».

التألق تحت الضغط
لا عجب أن نيوكاسل كان يتابع ثياو من كثب في ميلان منذ فترة طويلة، فقد كان هناك اعتقاد داخل النادي الإنجليزي بأنه سيكون من الصعب العثور على مدافع آخر بالمواصفات نفسها بهذا السعر؛ خصوصاً أنه يتميز بالقوة البدنية الهائلة، واللياقة، والقدرة على التعامل مع الكرة بشكل جيد. والأهم من ذلك أن ثياو كان حريصاً على الانضمام إلى نيوكاسل، بعد أن رفض سابقاً الانتقال إلى كومو.
وقد أجرى المدافع الألماني الشاب محادثة مثمرة مع هاو، ويُعتقد أنه رأى أن نيوكاسل يلبي طموحاته، ثم أعرب عن فخره واعتزازه بالانضمام إلى نيوكاسل، واللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
يقول بول وينسبر، مستشار الأداء العالي الذي عمل سابقاً في نيوكاسل، إنه تمكن من إقناع ثياو بالانضمام إلى نيوكاسل خلال معسكر تدريبي في منتجع «البحيرة» الشهير بإنجلترا. ودائماً ما كان وينسبر الذي عمل أيضاً مع ملاكم الوزن الثقيل أنتوني جوشوا، وقائد منتخب إنجلترا للرغبي مارو إيتوجي، ومدافع ريال مدريد أنطونيو روديغر، يشجع اللاعب الألماني على «الاستمتاع» بالحياة في ملعب «سانت جيمس بارك».
وقال وينسبر: «إن ميلان -لا شك- نادٍ كبير؛ لكن الأجواء في نيوكاسل مختلفة تماماً، وهو يتمتع بشخصية مميزة. عقليته تذكرني كثيراً بروديغر. فعندما يتعرض للضغط يتألق».
حصل ثياو على الفرصة بعد إصابة فابيان شير بارتجاج في المخ، في سبتمبر (أيلول) الماضي، واستغل الفرصة جيداً، وأظهر قدراته الكبيرة للجميع. كان شير يقدم مستويات قوية وثابتة في مركز قلب الدفاع الأيمن، لدرجة أن ثياو اضطر في البداية إلى التحلي بالصبر للحصول على فرصته والمشاركة في المباريات، بعد انضمامه قبل أيام قليلة من بدء الموسم. ولكن ثياو استغل فترة جلوسه على مقاعد البدلاء لدراسة المباريات -حيث شهد بنفسه «قوة» وسرعة الدوري الإنجليزي الممتاز، على حد تعبير هاو- وأثار إعجاب الجهاز الفني بأدائه القوي في التدريبات. لذا عندما حان وقت ظهوره الأول مع الفريق الأول، ضد بورنموث، كان ثياو مستعداً لاغتنام الفرصة التي أتيحت له. ومنذ ذلك الحين، حافظ ثياو الذي يبلغ طوله 194 سنتيمتراً على مكانه في التشكيلة الأساسية. ولم يكن ذلك مفاجئاً لصديقه المقرب إرديم كانبولات الذي تم تصعيده إلى صفوف الفريق الأول لشالكه مع ثياو. وقال كانبولات: «مالك لا يتردد أبداً في خوض التحديات الصعبة، ويريد دائماً أن يكون قائداً من الصفوف الأمامية. إنه حقاً لاعب يتمتع بعقلية قوية».
«نيوكاسل سيستمتع كثيراً بوجوده»
لا يزال الوقت مبكراً، ولكن ثياو أصبح معشوقاً لجماهير نيوكاسل الذين ألَّفوا له أغنية على نمط أغنية «بيلا تشاو» الشهيرة، بعد أدائه القوي في المباريات.
ومنذ ظهوره الأول مع الفريق الأول لنيوكاسل، شكَّل ثياو شراكة قوية مع سفين بوتمان في مركز قلب الدفاع. وقال هاو: «إنه يلعب بطبيعته من دون أي تكلف».
لم يلعب ثياو في كثير من المباريات مع نيوكاسل، ولا يزال في بداية مسيرته مع الفريق، ولكنه من بين مدافعي الدوري الإنجليزي الممتاز الذين لعبوا 400 دقيقة على الأقل في المسابقة.
ووفقاً لموقع «أوبتا» للإحصائيات، يحتل ثياو المركز العاشر في الفوز بالكرات الهوائية (3.8) والمركز الثالث في الفوز بالمواجهات الثنائية (71.6 في المائة).
أما في فريق نيوكاسل نفسه، فإن 3 لاعبين فقط تفوقوا على ثياو فيما يتعلق بنسبة التمريرات الصحيحة: لاعب خط الوسط جاكوب رامسي (90 في المائة)، ولويس مايلي (89 في المائة)، وتينو ليفرامينتو (87.2 في المائة). وقال عنه زميله السابق في شالكه، كان بوزدوغان: «إنه مدافع يحاول إيجاد حلول بدلاً من مجرد تمرير الكرات الطولية. إنه قلب دفاع يمتلك مهارات فنية ممتازة؛ حيث يستطيع بناء الهجمات، ولكنه في المقابل يتمتع بلياقة بدنية عالية. إنه سريع وقوي وقادر على قراءة اللعب، ومن المؤكد أن نيوكاسل سيستمتع كثيراً بوجوده».

