هل تشيلسي هو المنافس الحقيقي لآرسنال على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم؟ لم يكن هذا السؤال مطروحاً في بداية هذا الشهر، لكننا سنعرف الإجابة عنه بحلول مساء اليوم (الأحد)، وقد تكون الإجابة «نعم»! فبعد إنفاق نحو 1.5 مليار جنيه إسترليني (1.98 مليار دولار) على التعاقد مع لاعبين جدد منذ استحواذ تود بويلي ومجموعة «كليرليك» على النادي في مايو (أيار) 2022، يبدو أن تشيلسي كان يجب أن ينافس على لقب الدوري حتى قبل هذا الموسم، وكان من المفترض أن تكون هذه هي النتيجة الطبيعية لهذا الإنفاق السخيّ لتدعيم صفوف الفريق. لكن هل كان أحد يصدق حقاً أن هذا الفريق الشاب للبلوز، بقيادة المدير الفني الإيطالي إنزو ماريسكا -سواءً فاز بكأس العالم للأندية أم لا- كان مستعداً لمنافسة آرسنال وليفربول ومانشستر سيتي على اللقب هذا الموسم؟
إذا فاز تشيلسي على آرسنال على ملعب «ستامفورد بريدج» اليوم، فمن المؤكد أنه سيكون أحد أقوى المرشحين للفوز باللقب. وعلى الرغم من هيمنة آرسنال على الموسم حتى الآن، مع تصدّر الفريق بقيادة ميكيل أرتيتا جدول الترتيب في كل من الدوري الإنجليزي الممتاز ومرحلة الدوري في دوري أبطال أوروبا، فإن تقدم آرسنال في صدارة جدول الدوري المحلي بفارق ست نقاط قد يتقلص إلى ثلاث نقاط فقط هذا الأسبوع إذا خسر أمام تشيلسي. ومن المرجح أيضاً -حسب مارك أوغدن على موقع «إي إس بي إن»- أن يُقلص مانشستر سيتي، صاحب المركز الثالث، فارق النقاط بعدما استعاد الكثير من توازنه خلال الفترة الأخيرة. سيظل مانشستر سيتي منافساً قوياً، على الرغم من عدم ثبات مستواه هذا الموسم. وإذا حافظ المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند على لياقته البدنية العالية واستمر في تسجيل الأهداف، فإن مانشستر سيتي سيكون قادراً على المنافسة على اللقب الخامس في ستة مواسم. ويدرك المدير الفني للمدفعجية، ميكيل أرتيتا، ولاعبوه من تجاربهم المريرة في المواسم الأخيرة أن مانشستر سيتي لديه القدرة على الاستمرار في سباق المنافسة حتى الرمق الأخير.
أما تشيلسي فيبدو أكثر غموضاً تحت قيادة ماريسكا، على الرغم من أنه أثبت عندما هزم باريس سان جيرمان، الفائز بدوري أبطال أوروبا، في نهائي كأس العالم للأندية أنه قادر على تحدي الصعاب والتغلب على أفضل الفرق. كما كشر عن أنيابه، يوم الثلاثاء، بتخطي برشلونة بثلاثية في دوري الأبطال. لكن تشيلسي فريق غير متوقع ولا يقدم مستويات ثابتة، ويمتلك كوكبة من اللاعبين الشباب الموهوبين لكنهم لا يمتلكون خبرات كبيرة، مثل استيفاو وأليخاندرو غارناتشو. ومع ذلك، يقدم تشيلسي مستويات جيدة في الفترة الأخيرة، وهو ما يجعله منافساً خطيراً لآرسنال (الأحد). من الواضح للجميع أن آرسنال فريق قوي للغاية هذا الموسم، ولا تقتصر قوته على إجادة الكرات الثابتة والركلات الركنية. وبالتالي، فإن نتيجة هذه المواجهة القوية بين الفريقين ستعطينا لمحة عن الفريق الذي يمكنه الفوز باللقب.
وبعد خسارة تشيلسي على ملعبه أمام سندرلاند بهدفين مقابل هدف وحيد في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، تراجع الفريق إلى المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. كانت هذه هي الهزيمة الثالثة لتشيلسي في تسع مباريات بالدوري، وبعد خسارة تشيلسي على ملعبه أمام سندرلاند بهدفين مقابل هدف وحيد في 25 أكتوبر، تراجع الفريق إلى المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. كانت هذه هي الهزيمة الثالثة لتشيلسي في تسع مباريات بالدوري. لكن الهزيمة أمام سندرلاند تبدو الآن كأنها مجرد تعثر عابر ضمن سلسلة من النتائج المثيرة للإعجاب والتي شهدت خسارة وحيدة فقط في 11 مباراة في جميع المسابقات -وهي سلسلة المباريات التي لعبها الفريق من دون نجمه المصاب كول بالمر... والتي سجل فيها تشيلسي 27 هدفاً وخرج فيها بشباك نظيفة ست مرات. وقد تضمنت هذه السلسلة من المباريات أيضاً الفوز على ليفربول وبرشلونة.
لقد تبددت المخاوف المبكرة هذا الموسم بشأن دفاع تشيلسي وحارس مرماه، ويُشكل مويسيس كايسيدو وإنزو فرنانديز الآن أحد أقوى خطوط الوسط في أوروبا -كما أصبح بيدرو نيتو لاعباً محورياً في خط الوسط- ويقدم النجم البرازيلي استيفاو، البالغ من العمر 18 عاماً، مستويات تشير إلى أنه قد يصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم قريباً. وبصرف النظر عن قلة خبرة الفوز بالألقاب في فريق يُعد أكبر لاعبيه سناً حارس المرمى روبرت سانشيز والمدافع توسين أدارابيويو (كلاهما 28 عاماً)، فإن تشيلسي أصبح يبدو قادراً على المنافسة على البطولات الآن. ومع ذلك، من الواضح أن تشيلسي بحاجة إلى التحسن فيما يتعلق بعدد الأهداف التي يسجلها مهاجمو الفريق، حيث يتعادل المهاجم جواو بيدرو مع فرنانديز ونيتو بأربعة أهداف، كأفضل هدافي الفريق في الدوري. من النادر أن يفوز أي فريق بلقب الدوري دون أن يكون لديه مهاجم يسجل 20 هدفاً في الدوري في موسم واحد، لكنّ تشيلسي ليس لديه لاعب يقترب من هذا المعدل في هذه المرحلة من الموسم.
لكنَّ هناك جانباً إيجابياً في هذا الأمر، وهو أن الأهداف تُسجَّل من جميع اللاعبين وجميع المراكز، كما أن إجمالي أهداف تشيلسي البالغ 23 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن هذا الموسم لا يتفوق عليه سوى آرسنال ومانشستر سيتي (24 هدفاً لكل منهما). ومن الناحية الدفاعية، فإن آرسنال (استقبل ستة أهداف) ومانشستر سيتي (10 أهداف) هما الوحيدان اللذان يملكان دفاعات أقوى من تشيلسي (11 هدفاً) حتى الآن، لذا فإن تشيلسي يدخل مباراة آرسنال كمنافس حقيقي على اللقب.
مع ذلك، فإن مباراة اليوم لا تتعلق بالنتيجة النهائية فحسب، بل ستحدد عقلية كلا الفريقين خلال ما تبقى من سباق اللقب. فإذا فاز آرسنال فسيغرد منفرداً في صدارة جدول الترتيب بفارق تسع نقاط عن تشيلسي ويؤكد نيّاته الحقيقية للفوز باللقب. لكن فوز تشيلسي سيفتح سباق اللقب على مصراعيه ويغرس في هذا الفريق الشاب الإيمان والثقة بقدرته على المضي قدماً، في الوقت الذي سيبث فيه الشك والخوف في نفوس لاعبي آرسنال.
وبينما سيظل آرسنال ينظر دائماً إلى جاره توتنهام على أنه منافسه المحلي التقليدي، فقد أصبح تشيلسي الفريق اللندني الذي تفوق عليه في كل منعطف، وأظهر عقلية الفوز الشرسة التي افتقر إليها آرسنال في السنوات الأخيرة. فمنذ فوز آرسنال الأخير باللقب في موسم 2003-2004، فاز تشيلسي بخمسة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز وبلقبين لدوري أبطال أوروبا. وإذا فاز تشيلسي مجدداً، فسيثبت أنه منافس شرس على الفوز باللقب، وسيتعين على آرسنال حينها أن يحافظ على هدوئه ورباطة جأشه حتى النهاية!

