قد تحمل فترة التوقف الدولي بعض الارتياح النسبي لفرق الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنها في الوقت نفسه تحمل إنذاراً واضحاً لكريستال بالاس، فمع حصول 12 لاعباً من الفريق على استدعاءات دولية خلال هذا التوقف، تبدو الفرحة بهذا التمثيل المرتفع مفهومة، باعتبارها انعكاساً لمكانة النادي المتصاعدة، وجودة انتداباته، وثمرة العمل الفني الذي يقوده المدرب أوليفر غلاسنر، وذلك وفقاً لشبكة» «The Athletic.
ثمانية من لاعبي التشكيلة الأساسية في مباراة الفريق الأخيرة أمام برايتون، والتي انتهت بالتعادل السلبي، التحقوا بمنتخباتهم خلال توقف نوفمبر (تشرين الثاني). أما الثلاثة الذين بقوا في لندن فهم كريس ريتشاردز، وماكسنس لاكروا، وتيريك ميتشل.
ومن مقاعد البدلاء، تلقى ثلاثة آخرون استدعاءات دولية: الحارس والتر بينيتيس (الأرجنتين)، ويريمي بينو (إسبانيا)، وجاستن ديفيني (آيرلندا الشمالية). وفي الوقت نفسه، التحق مارك غيهي بمنتخب إنجلترا قبل انسحابه بسبب إصابة في القدم تعرض لها قبل مباراة برايتون. أما كريس ريتشاردز، فكان مرشحاً للانضمام لمنتخب الولايات المتحدة، لكن إصابة في ربلة الساق حالت دون ذلك.
بالنسبة لكريستال بالاس، هذا المشهد محل فخر، إذ يخوض لاعبو الفريق تجارب على أعلى مستوى، سواء في الدوري الإنجليزي، أو على الساحة الدولية. لكن هذا الوجه المشرق له وجه آخر أكثر تعقيداً، إذ يعاني الفريق من ضعف النتائج عقب العودة من فترات التوقف الدولي منذ تولي غلاسنر مهامه في فبراير (شباط) الماضي.
ففي الدوري، لم يحقق بالاس أي انتصار بعد أي توقف دولي خلال ست محاولات، إذ تعادل في خمس مباريات، وخسر مرة واحدة بنتيجة 1-0 أمام نوتنغهام فورست في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الانتصار الوحيد جاء في كأس الاتحاد الإنجليزي عندما تفوق على فولهام بثلاثية نظيفة في ربع النهائي.
وجاءت هذه النتائج في مباريات كان من المتوقع أن يخرج فيها الفريق بنتائج أفضل. فبعد التوقف الأول تحت قيادة غلاسنر، تعادل مع نوتنغهام فورست 1-1، ثم تعادل 2-2 مع ليستر سيتي في سبتمبر (أيلول)، وخسر أمام فورست في الشهر التالي، ثم تعادل 2-2 مع أستون فيلا في نوفمبر، قبل الفوز على فولهام في مارس (آذار). وفي الموسم الحالي، خرج بتعادلين سلبي أمام سندرلاند في سبتمبر، و3-3 أمام بورنموث في أكتوبر.
ويعتمد كريستال بالاس بصورة كبيرة على الإيقاع، والثبات الفني، وهما عنصران تحدث عنهما غلاسنر مراراً. فلسفته تعتمد على نظام واضح، وتحركات محسوبة، واستمرارية في الأداء من مباراة لأخرى. ورغم ازدحام جدول المباريات، فإن هذا الإيقاع هو ما يمنح الفريق قوته.
لكن قَطع هذا الإيقاع ينعكس مباشرة على أداء الفريق. فغلاسنر معروف بأن فرقته تبدأ المواسم ببطء، كما حدث في الموسم الماضي الذي شهد أطول سلسلة من دون انتصار في تاريخ النادي بالدوري. ومع الوقت، يكتسب اللاعبون فهماً أعمق لأسلوبه، لكن ذلك يتطلب استمرارية... وهو ما تفسده فترات التوقف.
إضافة إلى ذلك، فإن كثافة التدريبات البدنية، والاعتماد على أسلوب قائم على التحولات السريعة، يرهقان اللاعبين، ويفرضان عليهم إعادة تهيئة نفسية وجسدية بعد كل توقف. وكون عدد كبير من لاعبي بالاس يسافرون لمسافات بعيدة يزيد التعقيد؛ فالنادي لم يعتد عبر تاريخه على هذا الكم من المشاركات الخارجية.
أربعة من لاعبيه يسافرون بشكل متكرر إلى كولومبيا (دانيال مونيوز، وجيفرسون ليرما)، واليابان (دايشي كامادا)، والولايات المتحدة (ريتشاردرز). وهذا ما لم يكن جزءاً من التحديات التقليدية للفريق في المواسم السابقة.
صيف 2024 شكل مثالاً واضحاً على ذلك، إذ شارك ثمانية لاعبين من الفريق في بطولات دولية حتى أدوار متقدمة، وعادوا متأخرين إلى التحضيرات، ما تسبب ببداية موسم بطيئة، فضلاً عن تغييرات كبيرة داخل الفريق تزامنت مع أول فترة إعداد لغلاسنر.
وفي التوقف الحالي، تكررت الظاهرة، مع انضمام ليرما ومونيوز لمنتخب كولومبيا، وكامادا لليابان، وماتيتا لفرنسا، وثلاثي إنجلترا دين هندرسون، وآدم وورتون، وغايهي. أما بينو، فانضم لإسبانيا، بينما شارك جادي كانفو مع منتخب فرنسا تحت 21 عاماً.
ومع ذلك، هناك جانب إيجابي. فاللاعبون الذين لم يغادروا حصلوا على راحة مطلوبة في الأسبوع الأول من التوقف، إذ يحرص غلاسنر على منح لاعبيه وقتاً للراحة، واستعادة التوازن الذهني، وهو أمر يصفه بأنه «ضروري بقدر أهمية الحمل البدني».
وبعد نهاية هذا التوقف، سيخوض بالاس سلسلة من المباريات المحلية المتواصلة حتى مارس، وهو ما يمنح الفريق الوقت لبناء الإيقاع من جديد.
وتنتظر الفريق مباراة ضد ولفرهامبتون واندررز يوم السبت، وهو فريق لم يحقق أي انتصار هذا الموسم، لكنه دخل مرحلة جديدة بعد تعيين روب إدواردز مديراً فنياً. وعلى الورق، تبدو مباراة قابلة للفوز، لكن تاريخ بالاس بعد التوقفات يوحي بأن التوقعات يجب أن تبقى محسوبة.

