حبست هايتي أنفاسها لما يقرب من ساعتين، وحاولت نسيان مشاكلها - ولو بصورة مؤقتة - في انتظار تأهلها لكأس العالم لكرة القدم لأول مرة منذ عام 1974.
وتنفس شعب هايتي الصعداء وتناسى لفترة وجيزة أحداث العنف والجوع والتشرد، بعد أن سجّل لويسيوس ديدسون هدفاً بعد 9 دقائق من بداية مباراة الفريق ضد نيكاراغوا، أعقبه زميله روبن بروفيدنس بهدف آخر بضربة رأس قبل نهاية الشوط الأول مباشرة، لينتهي اللقاء بفوز أصحاب الأرض 2 - صفر.
وامتلأت شوارع البلاد ومنازلها وملاجئها المؤقتة بهتافات «جرينادي، أيضاً!» باللغة الكريولية الهايتية، حيث طالب المشجعون فريقهم، بالهجوم خلال المباراة.
لم تكن هايتي بحاجة للفوز على نيكاراغوا فحسب، بل أرادت أن تثبت أنها رغم الأزمات المتعددة التي تثقل كاهل البلاد، لا تزال قادرة على تجاوزها ورفع رأسها عالياً كما فعلت طوال تاريخها المضطرب.
وقال بيير جان جاك، ميكانيكي يبلغ من العمر 25 عاماً، الذي شاهد المباراة من منزله: «هذا الفوز يعني أكثر من مجرد انتصار. إنه أمل، إنه وحدة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات جمّة. كنت في كامل تركيزي. كان قلبي ينبض بقوة».
بعد المباراة، انضم جان جاك إلى آلاف المشجعين الذين تدفقوا حتى وقت متأخر من الليل عبر الشوارع الخالية عادة في تلك الساعة خوفاً من القتل أو الاختطاف، حيث قال: «هذا الفوز يضفي لحظة فرح. أنا فخور. أعتقد أننا نستطيع النهوض معاً».

وتزامن الفوز ليلة الثلاثاء مع الذكرى السنوية الـ222 لمعركة فيرتيير التاريخية، التي ساعدت هايتي على أن تصبح أول جمهورية سوداء في العالم.
وخاض الفريق جميع مبارياته التي استضاف خلالها منافسيه في جزيرة كوراساو الهولندية الصغيرة الواقعة في البحر الكاريبي، نظراً لخطورة اللعب في هايتي، حيث تسيطر العصابات المسلحة على ما يصل إلى 90 في المائة من عاصمتها بورت أو برنس.
وصرّح الفرنسي سيباستيان مينييه، مدرب هايتي، لمجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، أنه أدار عن بعد بعض اللاعبين الموجودين في هايتي، ولم يستطع السفر إلى البلد الذي أغلق فيه عنف العصابات المطار الدولي الرئيسي عدة مرات.
وعقب صعود هايتي للمونديال بوقت قصير، سار حشد مبتهج في الشوارع الضيقة لأحد الأحياء تحت المطر، يعزفون الموسيقى ويهتفون: «هايتي تأهلت... ليست لدينا دولة»، في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي العميقة التي تهزّ البلاد.
ورقص آلاف المشجعين الآخرين في شوارع بيتيونفيل حتى وقت متأخر من الليل.
وعندما اندلع إطلاق نار لفترة وجيزة خلال الاحتفال، رفعت الجماهير أيديها وهتفت، حيث إنه عادة ما يشتت هذا الضجيج الناس في بلد قتل فيه أكثر من 4300 شخص خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
وقال داكينز نازون، مهاجم هايتي، عقب المباراة، في فيديو نشر على الإنترنت: «أتمنى أن تستمتعوا بالتأهل. الأمر لم ينتهِ بعد. إنها مجرد البداية. هناك كثير لم يثقوا بنا، لكننا نثق بأنفسنا».

