بعد خيبة نهاية أغسطس (آب)، كان من الممكن أن يتحول سبتمبر (أيلول) إلى أزمة حقيقية لمانشستر سيتي ومدربه بيب غوارديولا. الفريق دخل فترة التوقف الدولي مثقلاً بهزيمتين متتاليتين في الدوري أمام توتنهام وبرايتون، وسط علامات قلق حول انطلاقة الموسم. لكنّ الرد حسب تحليل شبكة «بي بي سي البريطانية»، جاء سريعاً وحاسماً: أربعة انتصارات في خمس مباريات أعادت الحياة إلى مشروع غوارديولا وأعادت الثقة إلى غرفة الملابس.

عودة قوية رغم العثرات
آخر الانتصارات كان على بيرنلي بخماسية مقابل هدف، في مباراة قال مدرب الخصم سكوت باركر، إن نتيجتها «قاسية»، بعدما تضمنت هدفين عكسيين من ماكسيم إيستيف، وثنائية متأخرة لإيرلينغ هالاند. الانتصار لم يكن مثالياً، بل جاء بعد معاناة في الشوط الأول، لكنَّ سيتي أظهر شخصية البطل الذي يعرف كيف يستغل تعثر منافسيه، خصوصاً بعد سقوط ليفربول في اللحظة الأخيرة أمام كريستال بالاس، وهو ما قلّص الفارق في الصدارة إلى خمس نقاط فقط.
غوارديولا لم يُخفِ ارتياحه عقب المباراة، بابتسامة عريضة وتصريحات تؤكد أن فريقه «يصنع روحاً جديدة بين اللاعبين والجهاز الفني»، مشيراً إلى أن الفريق تحسّن كثيراً في الدقائق العشرين الأخيرة وحسم المواجهة بأهداف متأخرة.

ثقافة الانتصار وصبر غوارديولا
المدرب الإسباني شدد على أن فلسفته لم تتغير، وأن السر يكمن في «ثقافة الفوز» التي ترسخت في النادي خلال العقد الأخير. قال غوارديولا: «اللاعبون الجدد يجب أن يعرفوا أن هذا النادي يملك ثقافة الفوز. لولا ذلك لما حققنا كل هذه الإنجازات في آخر عشر سنوات. كل تدريب يجب أن يكون بأقصى تركيز، هذه هي العقلية».
ورغم غياب أسماء كبيرة مثل برناردو سيلفا وناثان آكي وجون ستونز عن التشكيلة الأساسية، أظهر الفريق وجهاً شاباً وحيوياً، مدعوماً بقيادة هالاند في الخط الأمامي، وبأداء متجدد من فيل فودن الذي يبدو أنه تحرر أكثر بعد رحيل كيفن دي بروين، ليستعيد مستواه الذي منحه لقب لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي عام 2024. كذلك يواصل الجناح البلجيكي جيريمي دوكو، إثبات نفسه، بصناعة ثلاث تمريرات حاسمة في آخر ثلاث مباريات.

هالاند... ماكينة لا تتوقف
حتى اللحظة الأخيرة أمام بيرنلي، بدا أن النرويجي هالاند سيخرج من المباراة بصمت، لكنه ظهر في الوقت المناسب. في الدقيقة 90 سجل هدفاً بلمسة قوية، ثم أضاف هدفاً آخر بعد ثلاث دقائق بتسديدة رائعة، ليصل رصيده إلى 15 هدفاً في 9 مباريات فقط هذا الموسم.
غوارديولا علّق بابتسامة: «هذا عمله»، مقلداً نبرة روي كين الشهيرة. وأضاف: «سجل هدفين وصنع هدفاً لماثيوس نونيز. إنه شخصية لا غنى عنها لنا. دائماً لديه إحساس بأنه سيهز الشباك».

شكّل الفوز الكبير على مانشستر يونايتد في الديربي نقطة تحول، حيث شعر النادي من الداخل بأن الفريق استعاد توازنه. تلا ذلك انتصارات على نابولي وهدرسفيلد وبيرنلي، مع تعادل وحيد في الدقائق الأخيرة أمام آرسنال. سلسلة المباريات هذه لم تكن لتحدد مصير الموسم بأكمله، لكنها شكلت اختباراً عملياً لمدى جاهزية الفريق للمنافسة على كل الجبهات.

غوارديولا أشار إلى أن «لغة الجسد» للاعبين تغيّرت منذ لقاء يونايتد، حتى في المباراة الصعبة أمام آرسنال التي لم يظهروا فيها بأفضل مستوى، دافعوا وساعد بعضهم بعضاً. وأضاف: «هذا هو المفتاح لكل شيء».

مانشستر سيتي يدخل الآن فترة مزدحمة بمواجهات أوروبية ومحلية، منها رحلته إلى موناكو في دوري الأبطال، ثم مواجهة برينتفورد في الدوري. بالنسبة إلى غوارديولا، المهم أن فريقه بات يسير في الاتجاه الصحيح، مستعيداً «ثقافة الفوز» التي حوّلت النادي إلى القوة المهيمنة على كرة القدم الإنجليزية خلال العقد الأخير.
