عاش ملعب فريولي في أوديني، الأربعاء، ليلة استثنائية، شهدت تتويج باريس سان جيرمان بأول سوبر أوروبي في تاريخه، ليصبح بذلك أول نادٍ فرنسي يرفع هذا الكأس المرموق.
الفريق الباريسي قلب الطاولة على توتنهام في مواجهة بدت محسومة للإنجليز حتى الدقيقة 85، قبل أن ينتفض ويعادل النتيجة 2-2، ثم يحسم اللقاء 4-3 بركلات الترجيح. الفوز أضاف خامس لقب للفريق في عام 2025، بعد الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، دوري أبطال أوروبا، وكأس الأبطال، ليبقى على بعد خطوة من السداسية التاريخية، مع نهائي كأس الإنتركونتيننتال المقرر في 17 ديسمبر (كانون الأول).
ووصفت صحيفة «ليكيب» الفرنسية باريس بأنه لم يكن مستعداً بدنياً لخوض مباراة بهذا المستوى، بعد شهر من دون مباريات رسمية، لكنه كان جاهزاً للفوز. الفريق بدأ بوجه باهت، وعاجزاً هجومياً، ومتأثراً بالضغط والالتحامات الإنجليزية، فيما استغل توتنهام نقاط ضعف دفاعية واضحة في الكرات الثابتة. في الدقيقة 39، افتتح فين دي فين التسجيل برأسية بعد كرة ثابتة نفذها الحارس فيكاريو، ثم ضاعف روميرو النتيجة في الدقيقة 48 من كرة مماثلة، مستفيداً من خطأ في التعامل من الحارس الجديد لوكاس شيفالييه.
وأبرزت «ليكيب» أن شيفالييه عاش أمسية مليئة بالتقلبات، بين خطأ مؤثر في الهدف الثاني وتصديات حاسمة، وصولاً إلى إنقاذ ركلة الترجيح الثالثة لتوتنهام التي سددها فين دي فين. الحارس الشاب، القادم من ليل، وجد نفسه تحت مجهر المقارنة مع جيانلويجي دوناروما منذ لحظة وصوله، لكن رد فعله في أصعب لحظات المباراة أكدت، وفق الصحيفة، أنه يملك شخصية حارس المواعيد الكبرى. ماركينيوس قائد الفريق وصفه بعد المباراة بأنه حارس من طراز رفيع، ورحّب به في أجواء الضغط التي تميّز باريس سان جيرمان.
الصحيفة الفرنسية أعادت التذكير بأن باريس سبق له المشاركة في السوبر الأوروبي عام 1996، وخسر أمام يوفنتوس بنتيجة كبيرة ذهاباً وإياباً، بينما لم يتمكن مرسيليا من لعب نسخة 1993 بسبب قضية الفساد الشهيرة. ولذلك، كان هذا اللقب يحمل رمزية خاصة، كونه يكسر عقدة الأندية الفرنسية مع هذه البطولة.
ردود الفعل بعد اللقاء في أوساط الجماهير ووسائل الإعلام الفرنسية اتسمت بالفخر، ليس فقط للعودة التاريخية في النتيجة، بل أيضاً لرسوخ عقلية الانتصار لدى الفريق حتى في ظروف نقص الجاهزية. «ليكيب» اعتبرت أن هذا الفوز امتداد لروح دوري الأبطال التي ظهرت في نهائي ميونيخ ضد الإنتر قبل شهرين، لكنه جاء هذه المرة من مقاعد البدلاء لا من التشكيلة الأساسية، وهو ما يعكس عمق المجموعة، وتنوع حلولها.
ووصف موقع «فرنس 24» الفوز بأنه «إعلان عن القوة الذهنية لباريس»، مؤكداً أن الفريق أظهر فخره وشرفه الفني بقدرته على العودة في مباراة كان خصمه الطرف الأفضل فيها لفترات طويلة. أما موقع «يوروسبورت» الفرنسي، فرأى أن الدرس الأبرز من هذه الأمسية هو أن «باريس لا يمكن دفنه أبداً»، معتبراً أن الانتصار يعكس عمق الشخصية التي بنى عليها النادي مشروعه القاري.
وأشار موقع «لوموند» إلى أن هذا التتويج يضيف خامس ألقاب باريس في عام 2025 بعد الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، دوري أبطال أوروبا، وكأس الأبطال، وهو ما يؤكد أن الفريق يعيش فترة هيمنة محلية وقارية غير مسبوقة، رغم الظروف المعقدة التي رافقت تحضيراته للموسم. وأضاف أن النادي أصبح على بعد خطوة واحدة من تحقيق السداسية التاريخية، في حال فوزه بكأس الإنتركونتيننتال في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
هذا التتويج، كما علقت الصحف والمواقع الفرنسية، لم يكن مجرد فوز بكأس جديد، بل كان انعكاساً لهوية فريق نضج فنياً وذهنياً، وأصبح قادراً على التعامل مع الضغوط، وتحويل مسار المباريات الكبرى لصالحه. الانتصار على توتنهام، بهذه الطريقة وفي هذه الظروف، جعل من باريس سان جيرمان ليس فقط بطل السوبر الأوروبي، بل أصبح بطلاً لروح القتال حتى النهاية، ورسخ مكانته قوة كبرى في كرة القدم الأوروبية.
وأكدت «ليكيب» في النهاية أن ما حدث في أوديني ليس مجرد فوز بكأس، بل رسالة واضحة بأن باريس سان جيرمان أصبح يملك هوية راسخة، قوامها الإصرار، العمق الفني، والقدرة على قلب الطاولة، حتى أمام خصوم يظنون أنهم على أعتاب الانتصار. هذا اللقب، مع إنجازات العام، يشكّل لوحة شبه مكتملة لمسيرة فريق لا يكتفي بالهيمنة المحلية، بل يسعى لترسيخ اسمه بين كبار أوروبا والعالم.










