كواليس حكام «البريميرليغ»: قوانين جديدة واختبارات قاسية... ودعم لمواجهة الضغط

حكام الدوري الإنجليزي الممتاز ينتظرهم موسم صعب (وسائل إعلام بريطانية)
حكام الدوري الإنجليزي الممتاز ينتظرهم موسم صعب (وسائل إعلام بريطانية)
TT

كواليس حكام «البريميرليغ»: قوانين جديدة واختبارات قاسية... ودعم لمواجهة الضغط

حكام الدوري الإنجليزي الممتاز ينتظرهم موسم صعب (وسائل إعلام بريطانية)
حكام الدوري الإنجليزي الممتاز ينتظرهم موسم صعب (وسائل إعلام بريطانية)

في أجواء مشمسة بمدينة أليكانتي الإسبانية، اجتمعت نخبة حكام الدوري الإنجليزي الممتاز في معسكر مغلق؛ استعداداً لانطلاق موسم جديد في أشد الدوريات تنافسية بالعالم. الهدف واضح: تجهيز الحكام بدنياً، وذهنياً، وتقنياً؛ لمواجهة ضغوط المباريات والقرارات الحاسمة تحت أنظار الملايين.

هاورد ويب، الحكم الدولي السابق رئيس لجنة الحكام المحترفين، يلخص الفلسفة الجديدة قائلاً: «لا نريد أن نحول الحكام إلى نجوم على حساب اللعبة، لكننا نسعى لإظهار الجانب الإنساني لهم. واحد من أهم معايير الأداء لدينا هو القدرة البدنية على مجاراة وتيرة المباريات، التي تتطور بسرعة غير مسبوقة».

ويب يعترف بأن التحكيم اليوم يعيش حالة غير مسبوقة من التدقيق، لكن ما يقلقه هو أمر مختلف: «أصبحنا نسمع مزيداً من التشكيك في دوافع القرارات، وكأن هناك نية مبيتة أو مصلحة خفية، بدلاً من النظر إليها على أنها أحكام بشرية تُتخذ في لحظتها من أشخاص يسعون لتقديم أفضل ما لديهم. هذه النظرة غير صحيحة».

ووفق شبكة «The Athletic»، فإن «تقنية الفيديو المساعد (فار)» لا تزال المحك الأبرز لتقييم أداء الحكام. ويب يؤكد أن موسم 2024 - 2025 شهد تقدماً ملحوظاً، حيث انخفضت الأخطاء التي رصدتها لجنة مستقلة، من 31 خطأ في الموسم الذي سبقه إلى 18 فقط، مع وصول نسبة دقة القرارات إلى 97.5 في المائة.

لكن ويب يعترف: «رغم هذه النسبة، فإن كل خطأ يمكن أن يكون مؤثراً بشكل كبير على نتيجة مباراة أو موسم كامل، ولهذا نسعى دائماً لتقليلها قدر المستطاع».

الموسم الجديد سيشهد خطوة غير مسبوقة في «البريميرليغ»، وهي إعلان قرارات الفيديو عبر الميكروفون للجماهير في الملعب، بعد نجاح التجربة في البطولات الكأسية. خلال المعسكر، تدرب الحكام على هذه الخطوة في محاكاة حقيقية داخل محطة «فار» على أرض الملعب. الحكم بيتر بانكس يقول: «ربما كنا متوترين قليلاً؛ لأن هذا الأمر لم يكن في النص الأصلي لعملنا، لكننا نستعد جيداً، وسنكون جاهزين لتطبيقه منذ الجولة الأولى».

لمزيد من تطوير الأداء، عيّنت اللجنة الحكم الهولندي السابق كيفن بلوم مدرب أداء مختصاً بتقنية الفيديو، للإشراف على برنامج تدريبي مطوّر بدأ العمل به العام الماضي.

إلى جانب التقنيات، يشهد الموسم الجديد تعديلات في قوانين اللعب، أبرزها قاعدة الثواني الـ8 لحراس المرمى، للحد من إضاعة الوقت. بانكس يشرح: «كنت أرى أن هذه القاعدة ضرورية منذ سنوات؛ لأن معاقبة حارس على إضاعة الوقت كانت صعبة التنفيذ. الآن سأبدأ العد التنازلي من آخر 5 ثوانٍ وأنا أرفع يدي، وأتأكد أن أصبعي في الاتجاه الصحيح!».

الحكم آندي مادلي يضيف أن هناك تجارب لتحسين تفاعل الجماهير في المدرجات الكبيرة مع هذه القاعدة: «حتى إننا نفكر في إشارة يد صغيرة عند كل ثانية، ليعرف الجمهور أن الحارس اقترب من انتهاء المدة».

داخل المعسكر، يخضع الحكام لاختبارات بدنية صارمة، تشمل قياس السرعة القصوى، والقدرة الهوائية القصوى، وهو اختبار يصفه المساعد أكيل هاوسون بـ«الجحيم». الهدف هو ضمان قدرة الحكام على مجاراة لاعبين تصل سرعاتهم إلى 37 كيلومتراً مثل أنطوني إلانغا. هاوسون يوضح: «نحن نعمل بسرعة قصوى بين 32 و33 كيلومتراً، أي قريبون جداً من معدلات اللاعبين الأسرع في الدوري».

مات ويلموت، المدرب البدني الرئيسي، يصف الاختبار بأنه مقياس لمعرفة «من هو مستعد لوضع نفسه في منطقة مظلمة من التعب والضغط».

جانب آخر من حياة الحكام لا يقل قسوة عن الجانب البدني، وهو الضغط النفسي الناتج عن ردود الفعل الجماهيرية والإعلامية. مادلي يعترف: «هناك قرارات اتخذتها في مباراة، جعلتني أتساءل خلال الأسبوع التالي عما إذا كنت في الحالة الذهنية المناسبة لإدارة مباراة أخرى».

قصص المواجهات مع الجمهور ليست نادرة، الحكم الرابع جون بوسبي يروي حادثة: «انتظرني أحد المشجعين في موقف السيارات بعد مباراة... لم يكن الأمر مريحاً أبداً».

قضية الحكم ديفيد كوت في الموسم الماضي كانت صادمة، بعد تسريب فيديوهات له تضمنت تصريحات ضد يورغن كلوب، وأخرى تزعم تعاطيه مادة بيضاء. كوت خرج بعدها ليعلن مثليته الجنسية، مؤكداً أنه كان يخفي الأمر لتجنب الإساءة من الجمهور.

هاورد ويب شدد على أن الدعم النفسي للحكام أصبح أولوية: «نسأل الحكام عن حياتهم الشخصية، ليس فقط عملهم، حتى لا نتوقع منهم أن يتحملوا كل شيء بصمت. طلب المساعدة ليس ضعفاً ولن يؤثر على تعييناتهم».

التحضير النفسي والبدني يترافق مع روتين غذائي دقيق يشمل العلكة بالكافيين، والعصائر المصممة علمياً، وحتى الطقوس الشخصية قبل انطلاق المباراة.

فيكي سميث، اختصاصية التغذية، تقول: «الأبحاث تثبت أنه كلما كان جسم الحكم في حالة أفضل، زادت سرعة وكفاءة اتخاذ القرار؛ لأن الطاقة ستكون متاحة للعقل بدلاً من استهلاكها في التعافي البدني».

في النهاية، يظهر أن حياة الحكم في «البريميرليغ» أبعد ما تكون عن مجرد إطلاق صافرة أو رفع راية. إنها مزيج من العمل الشاق، والضغط النفسي، والتطوير المستمر... كل ذلك في سبيل اتخاذ القرار الصحيح في اللحظة التي يراقبها العالم كله.


مقالات ذات صلة

«أمم أفريقيا»: التعادل السلبي يخيم على مواجهة مصر وأنغولا... وجنوب أفريقيا تتأهل

رياضة عربية التعادل السلبي حسم مواجهة أنغولا ومصر (أ.ف.ب)

«أمم أفريقيا»: التعادل السلبي يخيم على مواجهة مصر وأنغولا... وجنوب أفريقيا تتأهل

خيّم التعادل السلبي على مواجهة مصر وأنغولا، الاثنين، ضمن منافسات الجولة الثالثة بالمجموعة الثانية في كأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقامة في المغرب.

«الشرق الأوسط» (أغادير)
رياضة عالمية نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش (أ.ب)

ديوكوفيتش يكشف عن سر تألقه

قال نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش، إنه لا يزال متحمساً لمواصلة مسيرته الرياضية والإسهام في تطوير اللعبة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عالمية أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو (رويترز)

باكياو: الفقر الشديد كان دافعي الأول في مشواري

استعرض أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو ملامح رحلته الاستثنائية من قاع الفقر إلى قمة المجد الرياضي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (د.ب.أ)

ماريسكا: تشيلسي يسعى لإنهاء العام بأفضل طريقة

قال إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي قبل استضافة بورنموث، ​الثلاثاء، إن فريقه عازم على إنهاء العام بشكل جيد بعد فقدان نقاط في آخر مباراتين بالدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية جوائز «الأفضل» (فيفا)

دبي تستضيف حفل «الأفضل» للاتحاد الدولي لكرة القدم في 2026

ستستضيف دبي حفل جوائز «الأفضل» في 2026، وفقاً لما أعلنه، الاثنين، رئيس «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» جياني إنفانتينو.

«الشرق الأوسط» (دبي)

ديوكوفيتش يكشف عن سر تألقه

نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش (أ.ب)
نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش (أ.ب)
TT

ديوكوفيتش يكشف عن سر تألقه

نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش (أ.ب)
نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش (أ.ب)

قال نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش، إنه لا يزال متحمساً لمواصلة مسيرته الرياضية والإسهام في تطوير اللعبة، مؤكداً شعوره بالقدرة على العطاء في ظل الشغف الذي يدفعه إلى مواصلة مسيرته.

وأضاف ديوكوفيتش، في حديثه بحفل جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للإبداع الرياضي في دبي، الذي تُوّج خلاله بجائزة «الإنجاز العالمي مدى الحياة»، أن التطور الكبير في مجالات الطب الرياضي والتكنولوجي كان له الأثر الأكبر في بقائه طويلاً بالملاعب.

وكشف النجم الصربي عن اتباعه نهجاً متكاملاً للعناية بالذات بفضل مدربته الأولى، التي قال عنها إنها هي من غرست في داخله مبادئ الانضباط والوعي الذهني، وهي الدافع الحقيقي للاستمرار، حسب وصفه.

واستعاد ديوكوفيتش شريط ذكرياته، موضحاً أن التنس منحه أجمل تجارب حياته المهنية والإنسانية، رغم أن بدايته مع اللعبة جاءت بمحض الصدفة في طفولته، داخل بلد كان يمر بظروف صعبة وتحديات كبيرة، ودون أن يمارس اللعبة أي من أفراد عائلته.

وأشار إلى أن تلك التحديات أسهمت في صقل إرادته لتحقيق حلمه الأكبر بالفوز ببطولة «ويمبلدون»، مختتماً حديثه بتأكيد أنه مدين بكل ما حققه لوالديه، وأنه لا يلعب لنفسه فقط، بل لوالديه ولشعبه الذي يمنحه الدعم والدافع الدائمَين للاستمرار.

وفي عمر الـ38 يُعدّ ديوكوفيتش اللاعب الأكثر تتويجاً بالبطولات الأربع الكبرى (غراند سلام) حيث حصل على 24 لقباً؛ منها: عشرة ألقاب في «بطولة أستراليا»، وسبع بطولات «ويمبلدون»، وأربع بطولات «أميركا المفتوحة»، وثلاث مرات بطولة فرنسا المفتوحة (رولان غاروس).


باكياو: الفقر الشديد كان دافعي الأول في مشواري

أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو (رويترز)
أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو (رويترز)
TT

باكياو: الفقر الشديد كان دافعي الأول في مشواري

أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو (رويترز)
أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو (رويترز)

استعرض أسطورة الملاكمة العالمي ماني باكياو، المتوج الوحيد تاريخياً بلقب بطل العالم في ثماني فئات وزنية مختلفة، ملامح رحلته الاستثنائية من قاع الفقر إلى قمة المجد الرياضي.

قال باكياو، خلال جلسة حوارية بعنوان «من البدايات إلى الأمجاد» ضمن فعاليات القمة العالمية للرياضة المقامة حالياً في دبي، إن الفقر الشديد كان دافعه الأول، حيث عاش مشتتاً ينام في الشوارع ويكتفي بشرب الماء للبقاء على قيد الحياة، ويخوض نزالات لا تتجاوز جائزتها دولارين.

أضاف الملاكم الفلبيني أن هذه البدايات القاسية التي انطلقت من كرة السلة ثم تحولت للملاكمة، قادته إلى تحقيق إنجازات عالمية لم يتخيلها يوماً، معتبراً أن تلك الصعوبات هي التي صقلت شخصيته وكانت المدرسة الأهم في حياته.

وواصل: «النجاح في حصد الألقاب عبر ثماني فئات وزنية لم يكن وليد القوة البدنية فحسب، بل نتاج انضباط صارم وتخطيط تكتيكي عميق، فالانتقال بين الأوزان يتطلب دراسة دقيقة، حيث كان يخصص أشهراً لدراسة أسلوب كل خصم والاستعداد له ذهنياً وبدنياً، لأن التدريب المكثف وحده لا يكفي دون الفهم العميق للتفاصيل».

واختتم باكياو حديثه: «الإيمان والعمل الجاد والتركيز هي العناصر الكفيلة بتحويل المستحيل إلى واقع ملموس، وهو ما مكنه من كتابة التاريخ في عالم الملاكمة».


ماريسكا: تشيلسي يسعى لإنهاء العام بأفضل طريقة

إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (د.ب.أ)
إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (د.ب.أ)
TT

ماريسكا: تشيلسي يسعى لإنهاء العام بأفضل طريقة

إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (د.ب.أ)
إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (د.ب.أ)

قال إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي قبل استضافة بورنموث، ​الثلاثاء، إن فريقه عازم على إنهاء العام بشكل جيد بعد فقدان نقاط في آخر مباراتين بالدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وأهدر تشيلسي صاحب المركز الخامس تقدمه ليخسر 1 - 2 أمام أستون فيلا، يوم السبت ‌الماضي، ليبتعد ‌بفارق 13 نقطة ‌عن ⁠المتصدر ​آرسنال.

وقال ‌ماريسكا للصحافيين، الاثنين: «أصبح من المهم للغاية أن ننهي العام بأفضل طريقة ممكنة. بالتأكيد ستكون مباراة صعبة أخرى، فجميع المباريات كذلك، لكننا بحاجة إلى تحقيق الانتصارات في أسرع وقت».

وقال المدرب، ⁠الذي قاد تشيلسي للتتويج بكأس العالم ‌للأندية هذا العام، إنه كان ‍راضياً عن أداء ‍الفريق في الشوط الأول؛ إذ ‍فرض سيطرته الكاملة على الكرة، ولم يمنح أستون فيلا أي فرصة للتسديد على المرمى.

وأضاف ماريسكا: «علينا أن نتحلى بالثقة، ونفكر ​في إمكانية الاقتراب مجدداً من الفرق التي تتقدم علينا».

وانتفض فيلا صاحب ⁠المركز الثالث في الشوط الثاني، وسجل أولي واتكينز هدفين ليحقق انتصاره 11 على التوالي في جميع المسابقات.

وتابع ماريسكا: «لا أعتقد أن الأمر يحدث مصادفة عندما يتكرر باستمرار. علينا أن نفهم السبب، سواء كنا فائزين أو متعادلين أو خاسرين، فعندما نستقبل هدفاً نفقد السيطرة قليلاً؛ لذا ‌علينا أن نفهم السبب وراء ذلك».