مع ختام بطولة أوروبا لكرة القدم للسيدات، ووسط صيف استثنائي للرياضة النسائية، تدور خلف الكواليس ثورة علمية صامتة تهدف إلى فهم أعمق لتأثير الرياضة على أجساد النساء؛ بدءاً من دور الثديين في الركض، مروراً بتأثير الدورة الشهرية على الأداء، وصولاً إلى سبب شيوع إصابات، مثل الرباط الصليبي الأمامي.
وبحسب «هيئة الإذاعة البريطانية»، فإنه من اللحظات الخالدة في «يورو 2022»، مشهد فرحة كلوي كيلي بعدما سجلت هدف الفوز لإنجلترا ضد ألمانيا واحتفلت بخلع قميصها، لتكشف عن حمالة صدر رياضية صُمِّمت خصيصاً لها.
الدكتورة جوانا ويكفيلد - سكير، المعروفة بـ«أستاذة حمالات الصدر» من جامعة بورتسموث، تؤكد أن الثديين ليسا مجرد قضية شكل أو راحة، بل جزء حيوي من أداء اللاعبة: الثدي قد يهتز بمعدل 11000 مرة في مباراة كرة قدم.
إذا لم يكن هناك دعم كافٍ، فقد يتحرك بمقدار 8 سم في كل قفزة.
قوة الحركة قد تصل إلى خمس مرات قوة الجاذبية – مثل سائقي «فورمولا 1»! تقول جوانا: «لو فقدتِ 4 سم في كل خطوة خلال ماراثون، فستخسرين في المجمل ما يعادل ميلاً كاملاً. الدعم الجيد ليس رفاهية، بل ضرورة لتحسين الأداء».
العدَّاءة البريطانية كالي هاوغر - ثاكري تصف الدورة الشهرية بأنها «موضوع محظور رغم أنها تؤثر علينا يومياً». وتشير إلى أنها تشعر دائماً بـ«تعب في الساقين وكأنها تجري في الطين» قبل الدورة.
وتقول: «أعيش حسب تطبيق تتبع الدورة الشهرية. أحياناً أكون مرعوبة من أن تأتي الدورة خلال سباق كبير، مثل (ماراثون بوسطن)». ورغم حلول الدورة، أنهت السباق في المركز السادس، لكنها لا تزال تتساءل: «ماذا لو لم تكن دورتي وقتها؟ هل كنت سأؤدي بطريقة أفضل؟».
البروفسورة كيرستي إليوت - سيل، خبيرة الهرمونات النسائية في جامعة مانشستر متروبوليتان، تؤكد أن «الهرمونات تؤثر فعلياً على الجسم – من العظام والعضلات إلى القلب – لكننا لا نعرف بعد مدى التأثير على الأداء الرياضي».
وتضيف: «لا توجد مرحلة في الدورة يمكن الجزم بأنكِ ستكونين أضعف أو أقوى فيها. ما يؤثر فعلاً هو الأعراض المصاحبة والقلق والتوتر».
قائدة منتخب إنجلترا السابقة للرغبي كاتي ديلي - ماكلين تعمل مع فريق «سيل شاركس وومن» لرفع وعي اللاعبات، حيث يتحدثن علناً عن الأعراض والتخطيط للتعامل معها.
تقول كاتي: «صرنا نستخدم المعرفة لوضع خطط وتغيير السلوك، بما يجعلنا لاعبات أفضل».
الرباط الصليبي الأمامي صار كابوساً شائعاً في الرياضة النسائية. دراسات تشير إلى أن احتمال إصابة النساء به أكبر بـ3 إلى 8 مرات من الرجال.
الدكتور توماس دوس سانتوس، باحث في ميكانيكا الحركة الرياضية، يوضح أن «النساء لديهن حوض أوسع؛ ما يؤثر على زاوية التقاء الفخذ بالساق. الرباط لدى النساء أنحف نسبياً، ما يجعله أكثر هشاشة. هرمون الإستروجين قد يجعل الأربطة أكثر مرونة في بعض مراحل الدورة، ما يزيد احتمال التمزق». لكنه يضيف: «السبب ليس تشريح الجسم فقط. الرجال يحصلون على تدريب عضلي أفضل بكثير. في الباليه مثلاً، حيث يتساوى التدريب، تنخفض الفروق في الإصابات بين الجنسين».
الحل؟ «تدريب النساء ليصبحن أقوى وقادرات على تحمّل الضغط»، لكن «لا يمكننا منع الإصابات 100في المائة»، يقول دوس سانتوس: «بل يجب أن نؤهل الأجسام لتحمّل متطلبات اللعبة».
كاتي ديلي-ماكلين، لاعبة خط الوسط السابقة للمنتخب الإنجليزي، تتذكر بداياتها في 2007، وتقول: «كان يُفترض أننا مجرد رجال بحجم أصغر. كل برامج التدريب كانت مبنية على بيانات ذكورية».
اليوم، الفتيات والنساء يجدن الدعم، وحمَّالات صدر مناسبة، وحديثاً صريحاً عن الدورة الشهرية. تقول: «هذا ما نحتاج إليه لنحافظ على الفتيات في الرياضة».

