في خطوة تُظهر عمق العلاقة المتنامية بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعلن رئيس «فيفا»، جياني إنفانتينو، افتتاح مكتب جديد للاتحاد في «برج ترمب» بمدينة نيويورك، ليصبح الرئيس الأميركي فعلياً مالك العقار الذي يستأجره الاتحاد، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
ويأتي افتتاح المكتب الجديد في وقت تزداد فيه الروابط بين إنفانتينو وترمب؛ إذ زار رئيس «فيفا» البيت الأبيض ومنتجع «مارالاغو» في فلوريدا عدة مرات خلال العام الماضي، الأمر الذي أثار انتقادات حادة من قيادات كروية أوروبية.
لكن إنفانتينو، السويسري البالغ من العمر 55 عاماً، يرى أن بناء علاقة جيدة مع رئيس الدولة التي تستضيف النسخة الحالية من كأس العالم للأندية ومعظم مباريات كأس العالم 2026، بالإضافة إلى كونها السوق الأسرع نمواً للعبة، هو أمر ضروري.
ويشير إنفانتينو إلى إدراج 625 مليون دولار من مخصصات الأمن لكأس العالم في مشروع الميزانية الذي وصفه ترمب بأنه «ضخم وجميل» بوصفه دليلاً على نجاح هذا التوجه.
وخلال فعالية أُقيمت، يوم الاثنين، في «برج ترمب» لإطلاق معرض يمتد لخمسة أيام لكأس بطولة العالم للأندية، أعلن إنفانتينو رسمياً افتتاح المكتب الجديد، وكان إلى جانبه إريك ترمب، نجل الرئيس.
وقال إنفانتينو: «(فيفا) منظمة عالمية، ولكي تكون عالمية، يجب أن تكون محلية أيضاً، وأن تكون حاضرة في كل مكان. نيويورك ليست مجرد مدينة تستضيف كأس العالم للأندية هذا العام وكأس العالم العام المقبل، بل يجب أن تكون أيضاً مقراً لنا».
وأضاف: «نفتتح اليوم مكتباً في نيويورك، هنا في (برج ترمب). شكراً لك إريك، وشكراً للجميع، وبالطبع شكراً للرئيس ترمب، الذي يُعد من كبار مشجعي كرة القدم».
وعلى الرغم من أن البعض قد لا يرى بأساً في اختيار «برج ترمب» موقعاً لمقر تابع لـ«فيفا» في مدينة تستضيف أحداثاً كروية كبرى، فإن آخرين يرون في هذه الخطوة بعداً سياسياً وتسويقيّاً غير محايد.
ويشير منتقدو إنفانتينو إلى أن «فيفا» افتتح مؤخراً مكتباً ضخماً في ميامي، نُقلت إليه معظم الإدارة القانونية. كما يملك الاتحاد مكتباً كبيراً في تورونتو يعمل على تنظيم كأس العالم المقبلة. وعلى الرغم من أن مقر «فيفا» ظل لعقود في زيوريخ، فإن إنفانتينو كثّف من افتتاح المكاتب العالمية، بما فيها مكتب مكلف في باريس بدأت عمليات تقليصه حالياً.
ومن المفارقات التي أثارت الجدل أيضاً أن «برج ترمب» ارتبط سابقاً بواحدة من أكثر الفصول فساداً في تاريخ «فيفا»؛ إذ أقام فيه الراحل تشاك بليزر، الإداري الأميركي الذي عمل مخبراً لدى السلطات، وأسهم في الإطاحة بالرئيس السابق جوزيف بلاتر، وكشف فضائح مالية هزّت أركان الاتحاد.
وكان بليزر يمتلك شقتَيْن في البرج ذاته، واحدة له وأخرى لقططه. كما أقام فيه البرازيلي جوزيه ماريا مارين، أحد المتهمين في فضيحة الفساد الكبرى، الذي خضع للإقامة الجبرية في إحدى الشقق.
لكن المسألة الأعمق والأكثر إثارة للجدل تتعلق بتداخل الأدوار بين ترمب رئيساً ورجل أعمال؛ إذ يرى مراقبون أن عائلة ترمب تواصل الاستفادة من الموقع السياسي للأب لتعزيز مصالحها التجارية، ويعدّ البعض أن هذه الصفقة تمثل نموذجاً جديداً لهذا النمط من الاستغلال.
حتى وإن كان المكتب قد مُنح لـ«فيفا» بسعر مخفّض أو دون مقابل، فإن مجرد وجود اسم «فيفا» مستأجراً في البرج يُعدّ مكسباً دعائياً مهماً لعائلة ترمب.
