هل انتهت حكاية أنشيلوتي مع البرازيل قبل أن تبدأ؟

تسريبات البرازيليين عن المفاوضات شكَّلت طعنة في صورة المدرب الإيطالي

أنشيلوتي في حيرة من أمره (أ.ب)
أنشيلوتي في حيرة من أمره (أ.ب)
TT

هل انتهت حكاية أنشيلوتي مع البرازيل قبل أن تبدأ؟

أنشيلوتي في حيرة من أمره (أ.ب)
أنشيلوتي في حيرة من أمره (أ.ب)

ضجة هائلة، ثم لا شيء. المفاوضات بين كارلو أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي لكرة القدم، التي قيل بالأمس إنها انتهت باتفاق، تُعلن اليوم كما لو أنها دُفنت. عمرها لم يتجاوز أربع وعشرين ساعة: بين إعلان اتفاق لم يُبرم أبداً، وإعلان نهاية لم تحدث فعلاً.

بحسب صحيفة «لاغازيتا ديلو سبورت» الإيطالية، أنشيلوتي أراد، ولا يزال، تدريب منتخب البرازيل، حلماً بإحراز «الهيكسا»، حيث اللقب السادس في كأس العالم. كان يتحرك بحذر واحترام، مستكشفاً إمكانية ذلك في ظل عقده القائم مع ريال مدريد حتى عام 2026. لكن ما لم يحسب حسابه هو أن تتهافت «النسور» — السماسرة والمروجون والمتسلقون — على هذه الاتصالات الأولية، ليبدأوا في تسريب المعلومات ونشر الإشاعات، وإثارة جلبة هددت بحرق سمعة أنشيلوتي، تلك السمعة التي بناها بعناية وهدوء طوال عقود.

أنشيلوتي لم يكن غامضاً مع الاتحاد البرازيلي أبداً. كان واضحاً: نعم للبرازيل، لكن ليس في يونيو (حزيران). لأسباب عدّة. أولها استحالة بناء فريق جاهز لمواجهة الإكوادور وباراغواي. ثانيها، خشيته من بداية كارثية تقضي على الحلم من أول مباراة. وثالثها، رغبته في الخروج من ريال مدريد بأناقة، على أمل العودة لاحقاً بمنصب آخر داخل النادي.

إلا أن موقفه هذا أرعب الطرف الآخر. فالبرازيليون، على ما يبدو، لم يعرفوا من هو كارلو أنشيلوتي. لم يحتملوا صمته، فبدأوا بالضغط: تسريبات هنا، تصريحات هناك، ومعلومات وهمية تُنشر على نطاق واسع كلها طعنات علنية في صورة المدرب الإيطالي.

بيريز رئيس ريال مدريد (د.ب.أ)

ثم ظهر في مدريد شخص يُدعى دييغو فرنانديز، يقدّم نفسه بصفته «موفداً» من الاتحاد البرازيلي. شوهد في ملعب سانتياغو برنابيو خلال خسارة ريال مدريد أمام آرسنال، ثم في ملعب لا كارتوخا في إشبيلية خلال مباراة الكلاسيكو أمام برشلونة. لم يعرفه أحد، فأخبر الصحافيين بنفسه بأنه حضر، مدّعياً أنه تناول الغداء في منزل أنشيلوتي. كل ذلك في تناقض تام مع أسلوب الحذر الذي يتبعه المدرب منذ بداية مسيرته.

أنشيلوتي، الذي لطالما كرر عبارته الشهيرة: «سأغادر مدريد فقط عندما يُقال لي ذلك، وعندها سأشكر النادي وأخلع قبعتي احتراماً له»، وجد نفسه محاطاً بأشخاص يخبرون الصحافيين والمؤثرين بأنه يُعدّ قوائم استدعاء منتخب البرازيل. لم يكن الأمر مجرد ضغط إعلامي... بل حصار.

وفي لحظة ما، انقطع الحبل. سواء خائفاً أو مصدوماً، قرر أنشيلوتي إنهاء التواصل مع ريو دي جانيرو. ليرد الطرف البرازيلي باتهامه بأنه تراجع لأسباب مالية، واصفين إياه بـ«البسيطري»، أي من يلهث خلف المال.

هذا الاتهام، بالمناسبة، تبنته الصحافة المدريدية أيضاً. صحيفة «ماركا»، التي نشرت الأحد الماضي أن توقيعه للبرازيل «مسألة ساعات»، عادت الآن لتقول إن كارلو تلقى عرضاً مغرياً من السعودية، وتحديداً من نادي الهلال الذي يبحث عن بديل للمدرب خورخي خيسوس، المرشح السابق لتدريب البرازيل، والذي استُبعد بسبب رفض عائلة نيمار. رغم كل ذلك، لم تصل أي عروض رسمية من السعودية إلى أنشيلوتي.

وفي خضم هذا العبث، نشرت الصحافة الإسبانية أن أنشيلوتي أصبح موكلاً لشخص يُدعى ألفارو كوستا، نجل بيبي كوستا، المرافق التاريخي لليونيل ميسي، وهو شاب لا يعرفه كارلو تقريباً، لا سيما وأنه لم يكن له وكيل أعمال في مسيرته كلها. عائلة كوستا مقرّبة من عائلة نيمار، التي تمارس تأثيراً ملحوظاً داخل الاتحاد البرازيلي.

تضيف «لاغازيتا» في قصتها: بعد ذلك، خرج حساب برنامج «الشيرينغيتو» على مواقع التواصل بمقطع مصوّر لسيارة «فان» سوداء ذات نوافذ مظللة، كُتب عليه: «أنشيلوتي يعود من لندن إلى منزله برفقة وفد من الاتحاد البرازيلي». وكان هذا القشّة التي كسرت ظهر المنطق.

أنشيلوتي، الرجل الذي قضى حياته المهنية يتحرك بهدوء واحترام، والذي لم يتفوَّه بكلمة سوء بحق أي نادٍ درّبه، أصبح فجأة في نظر الصحافة والإعلام، شخصاً يجول مع وفد رسمي، ويستعد لقيادة منتخب البرازيل علناً. بل إن بعض الحسابات المؤثرة على منصة «إكس» بدأت تنشر منذ يوم الأحد منشورات تؤكد أن كارلو سيكون على دكة بدلاء البرازيل يوم 4 يونيو في مباراة حاسمة ضد الإكوادور ضمن تصفيات كأس العالم، وكأن الأمر واقع لا جدال فيه. كل ذلك، في حين لا يزال الدوري الإسباني قائماً، وريال مدريد ينافس على اللقب، ويستعد لمواجهة كلاسيكو حاسمة في 11 مايو (أيار) أمام برشلونة.

مدرب ريال مدريد بعيداً عن الفريق يفكّر (د.ب.أ)

فهل من المعقول أن يمر كل هذا من دون أن يكون لرئيس النادي، فلورنتينو بيريز، رأي في هذه الفوضى؟

في الأثناء، لا يزال كارلو أنشيلوتي في فالديبيباس، يُشرف على تدريبات فريقه تحضيراً لمباراة الأحد أمام سيلتا فيغو.

ومن المقرر أن يظهر السبت المقبل في مؤتمر صحافي، سيكشف فيه، كما يُتوقع، عن روايته الخاصة لهذه القصة العبثية التي كادت أن تحرق سمعته، وتركته بطعم مرّ في الحلق. الحلم الجميل بقيادة منتخب البرازيل إلى كأس العالم تحول، فجأة، إلى كابوس يسكنه «شخصيات مشبوهة» وثرثرة مضللة.

أنشيلوتي، الذي لطالما أكد أن مستقبله سيُحسم بعد نهاية الدوري الإسباني، لم يتراجع عن مبدئه. وهو يعتزم اتخاذ قراره بعد اجتماع مرتقب مع فلورنتينو بيريز.

كلا الطرفين، أنشيلوتي وبيريز، مقتنع بأن وقت الفراق قد حان. ولكن كما كانت البداية راقية، يريدان أن تكون النهاية راقية أيضاً.

من جهته، حاول الجانب البرازيلي نسف هذا التوازن، وإحداث شرخ داخل ريال مدريد. لكن المهمة الآن باتت واضحة: إعادة الهدوء إلى «كازا بلانكا»، حيث معقل ريال مدريد.

رئيس النادي فلورنتينو بيريز يُفضّل التعاقد مع تشابي ألونسو، إلا أن القرار النهائي ليس محسوماً بعد، فمع بيريز، كل الاحتمالات تبقى مطروحة حتى اللحظة الأخيرة.

أما أنشيلوتي، فكان يطمح إلى قيادة منتخب البرازيل، لكن وفق شروطه الخاصة. والآن، بعد كل ما جرى، لا يُمانع أن يختار التقاعد بهدوء، إذا كانت تلك هي النهاية التي تُبقي على العلاقة الطيبة التي تجمعه برئيس ريال مدريد.

بالنسبة له، الحفاظ على الاحترام المتبادل مع بيريز والخروج من هذا الملف دون صدام — هو الأولوية القصوى.

البرازيل كانت تبحث عن مدرب يبدأ مهامه في يونيو. لكنها، كما يبدو، لم تفهم أبداً أن هذا المدرب... لم يكن كارلو أنشيلوتي.

وفي الأيام المقبلة، سيجلس الرجلان وجهاً لوجه؛ لمراجعة تفاصيل العقد الممدد حتى 2026، الذي وقَّعه أنشيلوتي في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد أن أدار ظهره في المرة الأولى للعرض البرازيلي.

والآن... ها هو يفعلها مجدداً.


مقالات ذات صلة

فينيسيوس وفاسكيز ينضمان لقائمة مصابي ريال مدريد

رياضة عالمية فينيسيوس جونيور أصيب بالكاحل في مواجهة الكلاسيكو (إ.ب.أ)

فينيسيوس وفاسكيز ينضمان لقائمة مصابي ريال مدريد

سيفتقد ريال مدريد ثاني الدوري الإسباني لكرة القدم جهود مهاجمه البرازيلي فينيسيوس جونيور ومدافعه لوكاس فاسكيز خلال مبارياته الأخيرة لهذا الموسم.

رياضة عالمية تشابي ألونسو (رويترز)

ألونسو يستعد لتولي تدريب ريال مدريد

ذكرت وسائل إعلام إسبانية، الاثنين، أن لاعب خط الوسط السابق تشابي ألونسو سيُصبح المدرب القادم لريال مدريد المنافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية الألماني هانزي فليك المدير الفني لفريق برشلونة الإسباني (إ.ب.أ)

فليك يقترب من تمديد عقده مع برشلونة

قالت قناة «سكاي تي في» إن الألماني هانزي فليك، المدير الفني لفريق برشلونة الإسباني، سيمدد عقده حتى عام 2027 وذلك خلال الأسابيع المقبلة.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية ميتشل سانشيز (إ.ب.أ)

جيرونا يستعيد مدربه ميتشل بعد تعافيه من المرض

استعاد جيرونا الذي يقاتل من أجل تجنب الهبوط إلى الدرجة الثانية بعدما حل ثالثاً الموسم الماضي في الدوري الإسباني لكرة القدم، خدمات مدربه ميتشل سانشيز بعد شفائه.

«الشرق الأوسط» (جيرونا)
رياضة عالمية سجل مبابي ثلاثية في موقعة الأحد لكن الفريق الكاتالوني قلب تأخره بهدفين إلى فوز 4-3 (أ.ب)

مبابي النجمة المضيئة في سماء ريال مدريد المعتمة

في ظل توجهه لإنهاء الموسم من دون ألقاب كبرى لأول مرة منذ 2020 - 2021، يبقى الوافد الجديد الفرنسي كيليان مبابي النجمة المضيئة الوحيدة في السماء المُعتِمة لريال.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)

كيف غيّر نيوكاسل نظامه لتفكيك تشيلسي... وتحقيق انتصار ذكي؟

جماهير نيوكاسل تحتفل بتسجيل الهدف الثاني بين فريقها وتشيلسي (إ.ب.أ)
جماهير نيوكاسل تحتفل بتسجيل الهدف الثاني بين فريقها وتشيلسي (إ.ب.أ)
TT

كيف غيّر نيوكاسل نظامه لتفكيك تشيلسي... وتحقيق انتصار ذكي؟

جماهير نيوكاسل تحتفل بتسجيل الهدف الثاني بين فريقها وتشيلسي (إ.ب.أ)
جماهير نيوكاسل تحتفل بتسجيل الهدف الثاني بين فريقها وتشيلسي (إ.ب.أ)

إذا كان هناك سؤال واحد لا بد أن يُطرح قبل المواجهة الحاسمة أمام تشيلسي، فهو: إلى أي مدى يمكن لفريق نيوكاسل يونايتد أن يتكيّف؟

وفق شبكة «The Athletic» أُعلن التشكيل الرسمي لمباراة الأحد، وبدا أن نيوكاسل سيخوض اللقاء بخطة تعتمد على ثلاثة مدافعين في الخط الخلفي. غياب كيران تريبيير وجو ويلوك بداعي الإصابة لعب دوراً في ذلك، لكن كان هناك بعدٌ آخر للقرار أيضاً.

إيدي هاو، مدرب نيوكاسل، قال بعد الفوز 2-0 في حديثه لقناة «تي إن تي سبورت»: «نحن ندرس خصمنا دائماً ونقيّم ما هو النظام الأنسب للمواجهة. خسرنا تريبيير وويلوك خلال الأسبوع، لذا كان علينا التفكير في التوازن الأفضل للفريق. ووجدنا أن الاعتماد على خمسة مدافعين في الخط الخلفي سيوفر لنا الحل الأفضل».

برونو غيماريش (رويترز)

في هذا الشكل الجديد 3-4-3، بدأ جاكوب ميرفي وتينو ليفرامينتو كظهيرين جناحين متقدمين أمام ثلاثة مدافعين، بينما تمركز برونو غيماريش وساندرو تونالي في وسط الملعب.

لكن المثير أن ليفرامينتو لم يلتزم بدوره التقليدي كظهير، بل كثيراً ما تبادل المراكز مع أنتوني غوردون، متوغلاً إلى العمق لمهاجمة المساحات خلف خط وسط تشيلسي، الذي ركّز رقابته على غيماريش وتونالي.

في إحدى اللقطات، كان ليفرامينتو في مركز يتيح له التقدم داخل الملعب، بينما كان ميرفي يعيد الكرة إلى فابيان شار. هذا التمرير استدرج إنزو فرنانديز وروميو لافيا للضغط على غيماريش وتونالي، مما فتح مساحة خلف خط وسط تشيلسي.

ونظراً لأن ليفرامينتو تمركز منذ البداية داخل الملعب، وعلى الجانب الداخلي من بيدرو نيتو، كان مستعداً تماماً لمهاجمة تلك المساحة.

حين حاول شار تمرير الكرة إلى ألكسندر إيساك الذي تراجع قليلاً لتسلمها، كان ليفرامينتو في موقع مثالي لخطف الكرة والانطلاق للهجوم، حيث مرر لاحقاً إلى هارفي بارنز في الجهة اليمنى، ثم تقدّم ليوفّر له خياراً إضافياً بالتمرير، لكن تسديدة بارنز اصطدمت بليفايس كولويل.

إيدي هاو: ندرس خصمنا دائماً ونقيّم ما هو النظام الأنسب للمواجهة (إ.ب.أ)

ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي هدد فيها ليفرامينتو من مركزه كظهير جناح. ففي لقطة أخرى خلال هجمة مرتدة، كان ملاصقاً لنيتو حين افتكّ ميرفي الكرة وبدأ الهجمة، ومع تمرير الكرة إلى بارنز، ثم إلى غوردون على الجهة اليسرى، اندفع ليفرامينتو ليُساند الهجمة.

أعاد غوردون الكرة إلى بارنز مجدداً، بينما كان دفاع تشيلسي يركز على المهاجمين، لكن بارنز تجاهل انطلاقة ليفرامينتو ومرَّر محاولة غير دقيقة إلى إيساك خرجت خارج الملعب.

في جانب آخر، أسهم غيماريش وتونالي أيضاً في زيادة الضغط على دفاع تشيلسي، من خلال تحركاتهم الهجومية داخل الفراغات التي خلقتها التمريرات العرضية وتغييرات المراكز.

في لقطة مميزة، تمركز إيساك بين كولويل ومارك كوكوريّا، بينما كان بارنز خلفه ليجذب المدافعين، مفسحاً المجال أمام ميرفي في الجهة اليمنى.

في الوقت ذاته، كان ليفرامينتو وغوردون يتمركزان في مواقع تمنع دفاع تشيلسي من التحرك الجماعي بسهولة. حين مرر شار الكرة إلى ميرفي، اندفع غيماريش نحو المساحة بين تريفو تشالوباه وكولويل، بينما كان الأخير منشغلاً بتغطية إيساك.

وهكذا وجد نيوكاسل نفسه فجأة في موقف 3 ضد 2 على الجهة اليمنى، مما أتاح الفرصة لبارنز للهجوم أيضاً نحو الفراغ بين تشالوباه وكولويل.

استغل ميرفي الفرصة ومرر إلى غيماريش، الذي هيأ الكرة إلى بارنز، لكن تسديدته اصطدمت بتشالوباه.

وفي مشهد آخر، تبادل إيساك وبارنز المواقع خلال هجمة، مما أدى إلى ارتباك دفاع تشيلسي. مرر ميرفي إلى إيساك، بينما ركّز كوكوريّا ولافيا على مراقبة المهاجم وغيماريش، مما أدى إلى تمزق الخط الخلفي لتشيلسي.

رأى تونالي الفجوة، فانطلق بين كولويل وكوكوريّا، وتسلم تمريرة من إيساك، ثم أعادها للمهاجم السويدي الذي لم يُحسن تسلمها، لتضيع زاوية التسديد.

كانت تحركات الأطراف والضغط المتواصل من غيماريش وتونالي في الشوط الأول سمة أساسية من سِمات نيوكاسل الهجومية، وأسفرت عن الهدف الأول.

ففي إحدى اللقطات، ضغط تونالي وغيماريش سريعاً بعد فقدان الكرة واستعادوها، ليمرر الأخير إلى ميرفي الذي وجد وقتاً ومساحة بسبب تمركز كوكوريّا الضيق لمراقبة بارنز.

وخلال ذلك، اندفع تونالي مجدداً نحو المساحة بين مويسيس كايسيدو وتشالوباه، الذي كان بدوره منشغلاً بتحركات غيماريش. هذا منح ميرفي وقتاً لرفع الكرة بدقة نحو القائم البعيد، حيث استقبلها تونالي وسددها بطريقة ارتدت من الأرض لتسكن شباك روبرت سانشيز... هدف التقدم 1-0.

وفي مواجهة خطة تشيلسي (3-2-4-1) حين يمتلكون الكرة، كان من المنطقي أن يعتمد نيوكاسل على خمسة مدافعين، لأن ذلك سمح لهم بمجاراة عدد مهاجمي الخصم ومنع حالات التفوق العددي.

ساندرو تونالي (د.ب.أ)

وفوق ذلك، ساعد هذا التمركز على تنظيم الضغط الفردي، لأن التشكيلة الدفاعية لنيوكاسل كانت تعكس تماماً التشكيلة الهجومية لتشيلسي. فعندما يضغط إيساك أو غوردون على سانشيز، يُغلقان معه زاوية التمرير، مما يُجبر الحارس على التمرير تحت الضغط.

لكنَّ الأمور تغيّرت في الشوط الثاني، حتى مع طرد نيكولاس جاكسون من تشيلسي؛ إذ أجرى إنزو ماريسكا تعديلاً على الخطة، ليتحوّل فريقه إلى 3-3-3 في أثناء الهجوم، مع تولي كوكوريّا دوراً هجومياً أوسع على الجهة اليسرى، مما سبَّب متاعب لنيوكاسل، خصوصاً مع تمركز كايسيدو، وكول بالمر، وفيرنانديز، بعيداً عن قلبي الدفاع، وتحركهم بين الخطوط لخلق مساحات.

عانى نيوكاسل في الشوط الثاني، ليس فقط بسبب تعديل ماريسكا، بل أيضاً بسبب التحول النفسي للفريق. فقد قام هاو باستبدال سفين بوتمان وأدخل لويس مايلي، لتحويل الخطة إلى 4-3-3 وتعزيز الوسط، لكن ذلك لم يحدّ كثيراً من تهديدات تشيلسي.

في واقع الأمر، بدا أن لاعبي نيوكاسل أصبحوا أكثر حذراً، يلعبون لحماية التقدم بدلاً من محاولة السيطرة الكاملة على المباراة، قبل أن يأتي هدف غيماريش في الدقيقة 90 ليؤكد الانتصار بهدف ثانٍ ويحسم الأمور.

في النهاية، الأداء في الشوط الأول والمرونة التكتيكية التي ظهر بها الفريق كانت العامل الحاسم الذي وضع نيوكاسل على طريق المراكز الخمسة الأولى، ومنحهم فرصة حقيقية للمشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.

إيدي هاو لخّص ذلك بقوله: «علينا أن نكون مرنين. اللعبة تتغير باستمرار. اللاعبون يجب أن يكونوا قادرين على التأقلم، حتى في طريقة الجري داخل الملعب. أعتقد أننا فعلنا ذلك اليوم، وهو ما ساعدنا على الفوز.