بدا الأمر وكأنه نفحة من القدر، عندما بلغت الصينية تشنغ كينوين نهائي بطولة أستراليا المفتوحة للتنس العام الماضي، بعد عقد من الزمن من فوز مواطنتها الرائدة لي نا بلقب فردي السيدات.
وخسرت تشنغ في النهائي أمام منافستها أرينا سابالينكا، لكنها تأمل هذا العام في تحقيق نتيجة أفضل والانضمام إلى لي باعتبارها ثاني لاعبة صينية تفوز بلقب الفردي في إحدى البطولات الأربع الكبرى.
ورفعت إنجازات لي مستوى التوقعات بالتفوق الصيني في تنس السيدات، والتي غذاها جيل من الفتيات الصغيرات اللاتي أصبحن متحمسات لحمل المضارب.
وبعد عشر سنوات من اعتزال الحائزة على لقبين في البطولات الأربع الكبرى، لم يتحقق الحلم بعد، لكن الصين ممثلة بشكل جيد على أعلى المستويات بوجود أربع لاعبات بين أفضل مائة مصنفة في العالم.
وتُعد تشنغ، المصنفة الخامسة عالميا والخامسة في ملبورن بارك، الأبرز بينهن.
وبعد فوزها بالميدالية الذهبية في فردي السيدات في أولمبياد باريس، وهو اللقب الذي لم تحققه لي، أظهرت تشنغ أنها تتمتع بالقدرة العقلية التي تؤهلها للفوز بأبرز البطولات.
ولا شك أن خلفيتها وأسلوب لعبها يثيران مقارنات مع لي المتوجة بلقبين كبيرين.
وقد ولدت تشنغ في مقاطعة هوبي، مسقط رأس لي، وتدربت في مدينتها ووهان.
ومثل لي، التحقت بمدرسة رياضية في سن مبكرة لتدريب الأطفال الصينيين من الموهوبين رياضيا.
وفي وقت لاحق، صقلت مهاراتها في أكاديمية للتنس في بكين تحت قيادة المدرب كارلوس رودريغيز الذي قاد لي للفوز بلقب بطولة أستراليا المفتوحة والوصول إلى قمة تصنيفها العالمي في المركز الثاني.
إنها أطول من لي ببضع بوصات، وتتمتع بضربات أمامية قوية مماثلة.
والتقى الثنائي لأول مرة بشكل مباشر خلال بطولة أستراليا المفتوحة الأخيرة عندما تسللت لي إلى تشنغ خلال مقابلة مصورة في ملبورن بارك وصفعتها على مؤخرتها بشكل مفاجئ.
وقالت تشنغ: «لقد شعرت بسعادة غامرة عندما التقيت بها وحصلت على فرصة التحدث معها. أشعر أنها أكثر جمالا بكثير مما كانت عليه عندما رأيتها على شاشة التلفزيون من قبل».
كانت لي، التي تأخرت في التألق، يبلغ عمرها 28 عاما عندما وصلت إلى نهائي بطولة كبرى لأول مرة في بطولة أستراليا المفتوحة عام 2011 عندما خسرت أمام كيم كلايسترز.
واحتاج الأمر منها مباراتين نهائيتين أخريين قبل أن تنجح في تحقيق الفوز بلقبها الأول عندما تغلبت على السلوفاكية دومينيكا تسيبولكوفا عام 2014.
ومع مرور الوقت، أصبحت بين معشوقات الجماهير، واحتوتها جماهير ملبورن بارك لجرأتها وحسها الفكاهي.
وتحظى تشنغ بإشادة مماثلة، فهي تسير على مسار أسرع كثيرا من لي.
وكانت تشنغ في 21 من عمرها عندما بلغت نهائي العام الماضي، ومسيرتها المهنية أمامها بالكامل.
وكانت الهزيمة أمام سابالينكا بمثابة اختبار واقعي للاعبة الصاعدة التي تجنبت مواجهة لاعبة مصنفة واحدة في طريقها إلى المباراة النهائية.
وتعرضت قوتها الذهنية للتشكيك بعد خروجها من الدور الأول في بطولة ويمبلدون، بعد هزيمة مفاجئة أمام النيوزيلندية المتأهلة من التصفيات لولو صن، وعقب خروجها من الدور الثالث في بطولة فرنسا المفتوحة.
لكن النصف الثاني من الموسم كان بمثابة حلم لها، بعدما تجاهلت خروجها من ويمبلدون وحققت 12 انتصارا متتاليا على الملاعب الرملية لتضمن الفوز بالميدالية الذهبية في باريس بعد فوزها باللقب في باليرمو.
وكان أداؤها على الملاعب الصلبة مثيرا للإعجاب أيضا، بما في ذلك الوصول إلى دور الثمانية لبطولة أميركا المفتوحة ولقب آخر في طوكيو، قبل أن تختتم الموسم باحتلال المركز الثاني في البطولة الختامية بالسعودية.
وأسكتت التساؤلات بشأن سجلها ضد اللاعبات العشر الأوائل بفوزها على إيغا شفونتيك الحائزة على خمسة ألقاب في البطولات الأربع الكبرى في الألعاب الأولمبية والنجمة الإيطالية جاسمين باوليني في البطولة الختامية.
لكن سابالينكا لا تزال تمثل مشكلة بالنسبة لها، إذ تتمتع المصنفة الأولى عالميا بسجل رائع أمام تشنغ، إذ تغلبت عليها خمس مرات دون أي هزيمة وأطاحت بها من بطولة أميركا المفتوحة ونهائي بطولتها المحلية على أرضها في ووهان.
وتعهدت تشنغ بالعودة بشكل أقوى إلى ملبورن بارك بعد هزيمتها في نهائي العام الماضي أمام سابالينكا، وهو ما فعلته بالفعل.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت قوية بما يكفي للتغلب على البطلة القادمة من روسيا البيضاء التي ستدافع لقبها في آخر عامين في أستراليا.
وألقت تشنغ باللوم على ليلة بلا نوم تسببت في خسارتها أمام سابالينكا في «فلاشينغ ميدوز» وارتفاع درجة حرارتها في ووهان.
وفي المقابل كشفت سابالينكا عن هيمنتها بعبارات أكثر بساطة.
وقالت سابالينكا بعد فوزها على تشنغ في البطولة الختامية للموسم العام الماضي: «أعتقد أن الأمر يتعلق بقوتي الذهنية. هذه هي الميزة التي أتفوق بها عليها حتى الآن».